Unconfigured Ad Widget

Collapse

على مائدة الإفطار ( الشيخ على الطنطاوي )

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • مجرد احساس
    عضو نشيط
    • Dec 2004
    • 688

    على مائدة الإفطار ( الشيخ على الطنطاوي )


    من منا لايعرف الوجه المضيئ والمشرق وصاحب الكلمات العذبة التي تدخل القلوب

    بدون استئذان ..

    الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله الذي منذ فتحت عيناي على التلفزيون وأنا أشاهد هذا

    الرجل الكبير .

    في هذه الصفحة بإذن الله سوف نرى كل يوم درسا من دروسه جمعت من كتبه ..

    قرأت الدروس وأحببت نقلها لكم عسى أن تنال إعجابكم وسوف أحاول جاهدا متابعة

    الحلقات حتى نهاية رمضان بإذن الله .. وللأمانه فهذا جهد كاتب بالساحات العربية اسمه

    ابو ريناد الشهري وليس لي الا المقدمة فقط

    وأعتذر على تأخري في وضعها في المنتدى

    لا تنسوا الدعاء للشيخ ولأخوكم كاتب المقدمة وصاحب الفكره ابو ريناد .

    بسم الله نبدأ

    الخميس

    1 / 9 / 1428 هـ



    رمضان
    قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله :

    في رمضان يغدو الناس كأنهم إخوة في أسرة واحدة، أو رفاق في مدرسة داخلية، يفطرون جمعياً في لحظة واحدة، فتراهم المساء مسرعين إلى بيوتهم، أو قائمين على مشارف دورهم، أو على أبواب منازلهم، ينظرون في ساعاتهم ويتطلعون إلى المآذن بعيونهم، وإلى المدافع بآذانهم، فإذا سمعوا ضربة المدفع، أو أبصروا ضوء المنارة، أو رنّ في أسماعهم صوت المؤذن، عمّت الفرحة الكبار والصغار، فانطلقت وجوه الكبار، وصاح الصغار بنغمة موزونة ( أذّنْ، أذّنْ، أذّنْ ) وطاروا إلى دورهم كعصافير الروض، يرضى كلٌّ بما قسم له، ويحمد الله عليه، وقد راضهم الجوع على أن يتقبلوا كل طعام، فكل طعام هو في أذواقهم تلك الساعة أطيب طعام.
    فإذا فرغوا من طعامهم أمّوا المساجد فقاموا بين يدَي ربهم وخالقهم صفاً واحداً، متراصَّة أقدامهم، ملتحمة أكتافهم، وجباههم جميعاً على الأرض، الغني والفقير، والكبير والصغير، والصعلوك والأمير، يُذلُّون لله، يضعون له وجوههم عند مواطئ الأقدام، فيعطيهم الله بهذه الذلّة له عزّة على الناس كلهم، فتنخفض لهم رؤوس الملوك والجبارين حتى تقع على أقدامهم، ومن ذلّ لله أعزّه الله، ومن كان لله عبداً جعله الله في الدنيا سيداً، ومن كان مع الله باتباع شرعه والوقوف عند أمره ونهيه، وإتيان فرائضه واجتناب محرّماته كان الله معه بالنصر والتوفيق والغفران، وبذلك ساد أجدادنا الناس وفتحوا الأرض من مشرقها إلى مغربها، وحازوا المجد من أطرافه، وأقاموا دولة ما عرف التاريخ أنبل منها ولا أفضل، ولا أكرم ولا أعدل.
    رمضان الذي يجمع للصائم صحة الجسم وصحة الروح، وعظمة النفس، ورضا الله.


    ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
    لأننا نتقن الصمت ..
    ...
    حمّلونا وزر النوايا!!
  • مجرد احساس
    عضو نشيط
    • Dec 2004
    • 688

    #2
    الجمعة

    2 / 9 / 1428 هـ



    الإيمان سبيل الاطمئنان



    يُحدثنا الشيخ علي الطنطاوي هنا عن الاطمئنان وحلاوة الإيمان فيقول رحمه الله :


    لما كنت في رحلة المشرق، وامتدت بي تسعة أشهر تباعاً، كنت أفكر في بناتي هل عرّاهن شيء؟ هل أصابتهن مصيبة؟ ثم أقول لنفسي : يا نفس ويحك، هل كنتِ تخافين لو كان معهنّ أخٌ يحنو عليهنّ أو جدٌّ يحفظهنّ، فكيف تخافين والحافظ هو الله، ولو كنت أنا معهن هل أملك لهن شيئاً إن قدّر الله الضرّ عليهن؟ فلا ألبث أن أشعر بالاطمئنان.


    ودهمني مرة همّ مقيم مقعد، وجعلت أفكر في طريق الخلاص، وأضرب الأخماس بالأسداس، ولا أزال مع ذلك مشفقاً مما يأتي به الغد، ثم قلت: ما أجهلني إذ أحسب أني أنا المدبر لأمري وأحمل همّ غدي على ظهري، ومنْ كان يدبر أمري لمّا كنت طفلاً رضيعاً ملقى على الأرض كالوسادة لا أعي ولا أنطق ولا أستطيع أن أحمي نفسي من العقرب إن دبّت إليّ، والنار إن شبّت إلى جنبي، أو البعوضة إن طنّت حولي؟ ومَنْ رعاني قبل ذلك جنيناً، وبعد ذلك صبياً؟ أفيتخلى الله الآن عني؟


    ورأيت كأن الهمّ ثقلٌ، كان على كتفي وأُلقي عني، ونمت مطمئناً.


    وباب الاطمئنان، والطريق إلى بلوغ حلاوة الإيمان هو الدعاء، ادع الله دائماً، واسأله ما جلّ ودقّ من حاجاتك، فإن الدعاء في ذاته عبادة، وليس المدار فيه على اللفظ البليغ، والعبارات الجامعة، بل المدار على حضور القلب، واضطرار الداعي، وتحقق الإخلاص، ورُبّ كلمة عامية خافتة مع الإخلاص والاضطرار أقرب إلى الإجابة من كل الأدعية المأثورة تُلقى من طرف اللسان.


    ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
    لأننا نتقن الصمت ..
    ...
    حمّلونا وزر النوايا!!

    تعليق

    • مجرد احساس
      عضو نشيط
      • Dec 2004
      • 688

      #3
      السبت

      3 / 9 / 1428 هـ


      أبناؤنا وتاريخنا
      موقف طريف حدث للشيخ الطنطاوي رحمه الله مع ابنة إحدى قريباته، وما لفت انتباهي أن وزارتهم في ما مضى كانت تسمي مدارس البنات على مشاهير النساء في الإسلام، وأما نحن فلا نعرف مدارس بناتنا إلا بالأرقام 134 و 194 و 230 وغيرها من الأرقام، حتى إني أحيانا أنسى رقم مدرسة ابنتي وأسألها دائما عن اسم بل رقم مدرستها لكي أحفظه .. ! لماذا لا تفعل وزارة بناتنا الموقرة وتستن سنة حسنة وتسمي مدارسها بأسماء زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وصحابيات جليلات، وغيرهن من النساء، ليتعلم بناتنا تاريخهن. أتمنى ذلك ! والآن أيها الأحبة إلى حديث الشيخ الطنطاوي رحمه الله :


      قالت لي بُنيَّةُ قريباتٍ لنا جئن يَزُرننا : أي شيء هي الخنساء؟
      قلت : هي امرأة. فما يدريك أنت بالخنساء؟
      فقهقهت ضاحكة، وقالت: وما يدريني ؟ أنا من مدرسة الخنساء !
      قلت : ويحك يا بنية، لا أكاد أفهم عنكِ، فما هي مدرسة الخنساء ؟
      فزادها سؤالي ضحكاً، وانطلقت تثب وتقفز، وتشير بيديها وهي تقول : أنت لا تفهم ! هي مدرستنا، مدرستنا، صار اسمها مدرسة الخنساء.
      ثم عادت إليّ فسألتني : والآن ، هل فهمت؟ قل لي ، لماذا سمّوا المدرسة باسم الخنساء؟
      قلت : لأنها كانت عظيمة.
      قالت : يعني ماذا ؟
      قلت : إنها كانت شاعرة؛ تنظم الشعر.
      قالت : مثل المحفوظات؟
      قلت : نعم، ثم إنها كانت امرأة عاقلة، مسلمة، جريئة ..
      قالت : أريد أن أكون مثل هذه الخنساء!
      قلت : إذن فكوني من اليوم عاقلةً مسلمة جريئة ..
      قالت : وأعمل محفوظات !
      قلت : لا . ليس الآن!

      وجلست أفكر في هذه السنّة الحسنة التي استنّتها وزارتنا الجليلة، وأفكر في أن كل تلميذة في هذه المدرسة ستسأل عن الخنساء، وستتعلم كثيراً من الفضائل، وكثيراً من السجايا، وأن كل تلميذ في مدرسة الصديق والفاروق وخالد بن الوليد ( رضي الله عنهم ) سيسأل عن خالد والفاروق والصديق، حتى يعلموا جميعاً أن هؤلاء الأبطال الذين ملكوا زمام الدهر، وكانوا سادة الدنيا وأساتذة العالم، والذين هم فخر الإنسانية وخلاصتها، إنما هم أجدادهم وأسلافهم، الذين يجب عليهم أن يفخروا بهم، ويسيروا على سننهم، ويبعثوا مجدهم بعثاً جديداً.



      ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
      لأننا نتقن الصمت ..
      ...
      حمّلونا وزر النوايا!!

      تعليق

      • مجرد احساس
        عضو نشيط
        • Dec 2004
        • 688

        #4

        الأحد

        4 / 9 / 1428 هـ



        وصفة لعلاج الخصام

        هذه الوصفة تناسب كل الأعمار.. المتزوجون في الأرض وغير المتزوجين .. !! يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله :


        أعرف رجلاً دائم الخصام لزوجته، لا تمر ساعة عليهما في صفاء، إن قالت : نعم . قال : لا، وإن قالت : لا ، قال : نعم، وإن رأت الشيء أسود رآه أبيض، وإن رأته أبيض رآه أسود، يختلفان على الطبخ والكنس، وفرش الغرفة، ووضع المائدة وتربية الولد، ولا تراهما إلا في معركة، وقد تحفز كل منهما واستعد وشمر، وقعد لصاحبه بالمرصاد، لا يصبح عليهما صباح إلا ظنا أنه آخر يوم لهما، وأنه يوم الطلاق، ولا يمسي مساء إلا حسبا أنهما آخر ليلة، وأنه ليلة الفراق.


        وكان صديقي، فقلت له : اتسمع مني إن قلت لك ؟
        قال : ماذا ؟
        قلت : عندي دواء لكما، أن أنت جربته، حل السلام بينكما محل الخصام، والحب مكان الحرب.
        قال : ماهو ؟


        قلت : أنكما مثل الجنديين المتعاديين في المعركة، يتمنى كل منهما الأمان، ويبتغي السلم، ولكنه يخاف أن يترك سلاحه أو نام أن يضربه الآخر، فلا يزال سهران مستعداً للقتال، ولو أن واحداً منهما أعطى الآخر الأمان، لنام الاثنان، فهل لك أن تذهب إلى زوجتك فتقول لها : إنني عزمت على ألا أغضب ابداً مدة اربع وعشرين ساعة، ولا أؤنبك على شيء عملته أبداً، ولا امنعك من شيء تريدين عمله.
        قال : إنها إذن تقلب المنزل رأساً على ذنب، وتفسد كل شيء.


        قلت : لا بل تصلح كل شيء، وسترى ؟


        وجادلته حتى قبل، وعاهدني علي أن يظل مبتسماً اليوم كله.


        وكانت أول النهار حذرة، تحسبها إحدى مكايده، فلما رأته هادئاً طلق الوجه، حسن العشرة، امنته فألقت سلاحها، ولبست له أحسن حالاتها، ومر اليوم كأنه من أيام الجنة، حيث لا صخب ولا نصب ولا عناء، وأغراهما ذلك بإعادة التجربة مرة ثانية.
        ولقد مضى عليهما الآن أكثر من عام، ما اختصما فيه، ولا اختلفا، ولا فارق دارهما السلام.


        فهل في القراء، من يجرب هذه التجربة ؟





        ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
        لأننا نتقن الصمت ..
        ...
        حمّلونا وزر النوايا!!

        تعليق

        • مجرد احساس
          عضو نشيط
          • Dec 2004
          • 688

          #5

          الاثنين

          5 / 9 / 1428 هـ



          خبر من السيرة ما انتبهت له إلا اليوم !!


          تُرى ما الخبر الذي لم ينتبه له الشيخ الطنطاوي في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟.. لنقرأ حديثه الممتع رحمه الله حول هذا الموضوع :


          في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرٌ قرأتُه ألف مرة، ولكني ما انتبهت له إلا اليوم، هو أنه لما أراد الهجرة إلى المدينة خلّف عليّ بن أبي طالب ليردّ الودائع التي كانت عنده إلى أصحابها !!

          الودائع ... ؟!

          كيف كان رجال قريش يستودعونه أموالهم وتحفهم، مع ما كان بينه وبينهم؟


          لقد كان بين محمد وبين قريش لون من ألوان العداء، قلّ أن يكون له في شدته مثيل، هو يسفّه دينهم، ويسبّ آلهتهم، ويدعوهم إلى ترك ما ألِفُوه، وما كان عليه آباؤهم، وهم يؤذونه في جسده وفي أهله وأصحابه، شرّدوهم إلى الحبشة أولاً، وإلى يثرب ثانياً، وقاطعوهم مقاطعة شاملة، وحبسوهم في الشعب ثلاث سنين ..


          فكيف كانوا مع هذا كله يستودعونه أموالهم ؟!
          وكيف كان يحفظها لهم ؟!


          هل يمكن أن يستودع حزب الشعب مثلاً رجلاً من الحزب الوطني؟ هل يأتمن الحزب الديمقراطي في أمريكا مثلاً عضواً في الحزب الجمهوري على وثائقه ؟!
          هل في الدنيا حزبان متنافران متناحران يُودِع أحدهما الآخر ما يخاف عليه من الضياع؟!


          هل في تواريخ الأمم كلها رجل واحد كانت له مثل هذه المنقبة؟ رجل يبقى شريفاً أميناً في سِلمه وفي حربه، وفي بغضه وفي حبّه، ويكون مع أعداء حزبه مثله في شيعته وصحبه؟ وتكون الأمانة عنده فوق العواطف والمنافع والأغراض، وتكون الثقة به حقيقة ثابتة، يؤمن بها القريب والبعيد، والعدو والصديق؟!


          إنها حادثة غريبة جداً! تدل على أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان في أخلاقه الشخصية طبقةً وحدهُ في تاريخ الجنس البشري، وأنه لو لم يكن بالوحي أعظم الأنبياء، لكان بهذه الأخلاق أعظم العظماء.


          ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
          لأننا نتقن الصمت ..
          ...
          حمّلونا وزر النوايا!!

          تعليق

          • مجرد احساس
            عضو نشيط
            • Dec 2004
            • 688

            #6
            الثلاثاء

            6 / 9 / 1428 هـ



            القاضي المعزول


            يحدثنا الشيخ علي الطنطاوي عن وظيفة القاضي وصفاته وعمله وكيفية معاملته للناس فيقول رحمه الله :



            حدثنا مرة الشيخ زين العابدين التونسي : أن القاضي في تونس لا يخرج من داره إلا إلى المسجد أو إلى المحكمة، يمشي أمامه حاجب، ووراءه حاجب، يمنعان الناس أن يكلمه أحد منهم أو أن يدنو منه.


            وعجب السامعون وضحكوا ..


            أما أنا فلم أعجب ولم أضحك، بل رأيت أن كل قاض في الدنيا ينبغي له أن يكون كقاضي تونس، لا يختلط بالناس ولا يعاشرهم، ولا يدخلهم بيته ولا يدخل بيوتهم، وأن يمنعه منهم حزمه وجده وصرامته، إن لم يسر معه حاجبان يمنعانه!


            وإلا فكيف يصحب القاضي الناس ويخالطهم، ويدعوهم، ويقبل الدعوات منهم، ويكون معهم في محافلهم ومجالسهم وقهواتهم ونزهاتهم، ويسقط ستار الكلفة بينه وبين الكثير منهم، ثم يستطيع أن يقضي بينهم؟


            وكيف بالله يقدر أن يعدل بين الخصمين، ويسوي بينهم في وجهه ومجلسه وحكمه، ان كان احدهما صفيه وسميره وموضع سره، ورفيق نهاره وليله وجده وهزله؟ والآخر غريباً لا يعرفه، وكيف ينظر إليهما بعين واحدة؟ ويخاطبهما بلسان واحد؟ ويكون موقعهما من قلبه واحدا؟


            فلا يطالب الناس القاضي بأن يكون اجتماعياً يستقبل كل قادم، ولو كان الأمير أو الوزير، ويودع كل راحل. ويهنئ بكل نعمة، ويعزي بكل مصيبة، ويعود المرضى، ويشيع الجنائز، ويغشى كل مكان ينافق للرؤساء، ويلاطف النساء، ويجامل الأصدقاء، ويدخل أماكن الريب، ويشرب محرم الشراب، ويأتي منكر الأعمال، فإنه إن فعل ذلك لم يكن قاضياً، ولم يجز له أن يعلو قوساً، أو يتصدر مجلس حكم.


            ولا يرقبوا من القاضي أن يكون لطيفاً ظريفاً رقيقاً ناعماً، فإن هذه كلها من صفات المدح ما لم يوصف بها القاضي.


            فإن وصف بها القاضي لم تكن له إلا نعوت ذم !


            وليس يضر القاضي إن أرضى الله أن يغضب عليه الناس كلهم !



            ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
            لأننا نتقن الصمت ..
            ...
            حمّلونا وزر النوايا!!

            تعليق

            • مجرد احساس
              عضو نشيط
              • Dec 2004
              • 688

              #7
              الأربعاء

              7 / 9 / 1428 هـ



              دروس من رمضان


              يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عن رمضان :


              رمضان الذي نجتلي فيه أجمل صفحات الوجود، وما كنا لنجتليها قبل رمضان، لأن الحياة سفر في الزمان، يحملنا قطار الأعمار، فإذا قطع بنا أجمل مراحل الطريق، حيث يولد النور، وتصفو الدنيا، ويسكن الكون، مرحلة السحر، قطعها بنا ونحن نيام لا نفتح عليها عيوننا ولا نبصر فتونها.


              رمضان الذي تتحقق فيه معاني الإنسانية وتكون المساواة بين الناس، فلا يجوع واحد ويتخم الآخر، بل يشترك الناس كلهم في الجوع وفي الشبع، غنيّهم وفقيرهم.



              فيحس الغني بألم الجوع، ليذكره من بعد إذا جاءه من يقول له : أنا جوعان، ويعرف الفقير قيمة نعمة الله عليه، حين يعلم أن الغني يشتهي على غناه رغيفاً من الخبز أو كأساً من الماء.



              ويعلم الجميع حين يجلسون إلى مائدة الإفطار أن الجوع يسوّي بين المطاعم كلها: القوزي والنمورة، وصحن الفول المدمّس وقطعة الجرادق ، وليس الذي يطيب الطعام غلاء ثمنه، ولا جودة صنعه، ولا حُسن مائدته، ولكن الجوع الذي يشهِّيه، والصحة التي تهضمه، وأرخص طعام مع الصحة والجوع ألذّ من موائد الملوك لمن كان مريضاً أو شبعان.





              ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
              لأننا نتقن الصمت ..
              ...
              حمّلونا وزر النوايا!!

              تعليق

              • مجرد احساس
                عضو نشيط
                • Dec 2004
                • 688

                #8
                الخميس

                8 / 9 / 1428 هـ



                مزاحمة المصلين ومضايقتهم


                حديث الشيخ الطنطاوي اليوم عن تصرفات بعض الناس ومزاحمتهم لإخوانهم المصلين ومضايقتهم، بل وعدم الحرص على النظافة والأدب في أطهر بقعة على وجه الأرض فيقول رحمه الله :


                دخلت الحرم مرة في رمضان، فلم أجد مكاناً. لا أعني أنه كان ممتلأً بالمصلين، ولكن كانت الأمكنة محجوزة بالمصليات، وكل من وضع سجادة أو خرقة في موضع ظن أنه امتلكه، ومن الناس من راقبته من بعيد، فإذا هو يبسط سجادتين أو ثلاثاً، ويقعد على واحدة منها، فإذا جاء من يريد الصلاة في المكان، أفهمه أن له أصحاباً.

                ثم وجدتُ مكاناً فارغاً في الصف، فوقفت فيه، وأقيمت الصلاة فإذا أنا برجل يخترق الصفوف، يمر أمام المصلين، وعليه ثوب يبدو أنه كان يوماً من الأيام أبيض، ثم تبدل لونه على توالي الشهور، وركبته الأوساخ على الأوساخ، حتى لم يعد له لون يُعرف، ولم يكفه ذلك حتى توضأ من زمزم، ونضح الماء على ثوبه فابتل، وصار ... تصوروا ماذا صار!


                ثم لم يرق له إلا أن يزاحم المصلين، وأن يحشر نفسه بيني وبين جاري، وكنت ألبس ثوباً أبيض، أخذته من دار التنظيف قبل ساعة، فجعلت أضم ثوبي، وكلما رآني ضممته ظن أني أوسع له، فازداد التصاقاً بي، حتى صرنا كما قال العباس بن الأحنف.

                ولكن لا مكان هنا لأروي ما قال العباس بن الأحنف، وكان كلما ركع باعد بين رجليه، لأنه سمع أن صف المصلين يكون متماسكاً متداني الأكتاف والأقدام، حتى كاد ينفسخ وهو يدوس بإحدى قدميه على قدمي، وبالأخرى على قدم جاري.

                ودخلنا في الصلاة، فكان في حركة مستمرة، يسوي عقاله، ويدخل إصبعه في أنفه، ويصنع فيها ما لا يحسن ذكره ووصفه، وسواكه في يده يديره في فمه، ويتجشأ بصوت منكر، وينظف أذنه بإصبعه. أي أنه لم يهدأ لحظة واحدة، وأنا أقول لكم الحق : إني لم أعرف كيف صليت، فلما قضيت الصلاة حاولت أن أفهمه بلطف، إن النظافة من آداب المسجد، وأن الخشوع من لوازم الصلاة، فلم يفهم وقدرت أنه لا يحسن العربية، وظن أني أترفع عنه لأنه كما يقول فقير ويردد كلمة فقير فتركته.




                ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
                لأننا نتقن الصمت ..
                ...
                حمّلونا وزر النوايا!!

                تعليق

                • مجرد احساس
                  عضو نشيط
                  • Dec 2004
                  • 688

                  #9
                  الجمعة

                  9 / 9 / 1428 هـ



                  المجد الأدبي .. سراب !



                  يحدثنا الشيخ علي الطنطاوي عن نفسه ويسأل : ما المجد الأدبي ؟ فيجيب رحمه الله :




                  هو أن ترد عليك كتب المعجبين، وأن تقام لك حفلات التكريم، وأن تكتب عنك الصحف؟ لقد رأيت هذا كله من أكثر من عشرين سنة، فصدقوني حين أقول لكم أنه سراب.

                  إن الحقيقة الوحيدة من ثمار الأدب، هي أجور المقالات وما نرجو من ثواب الله، ولقد أخذت على مقالاتي أكبر أجر أخذه كاتب عربي، قبضت غير مرة ثلاثمئة ليرة على المقالة الواحدة، وقبضت ألف ليرة على المحاضرة الواحدة، والمال حقيقة ليس سراباً ولكن ماذا أصنع بهذا المال؟

                  إن راتبي يكفيني، وقد كنت أتمنى أن يكون لي بيت، فصار لي بحمد الله بيت، وأنا لا أدّخر مالاً ولا أريد أن أكون من كبار المثرين فلماذا الحرص على المال؟

                  وهل يعدل المال الذي آخذه الراحة التي أفقدها والنوم الذي أشتهيه فلا أجده؟

                  أما ثواب الله، فأرجو أن يكون لي من الإخلاص ما أستحقه به أولاً، وأرجو ثانياً أن لا يحرمني الله الثواب، إن استرحت حيناً لأجمّ النفس وأجدّد العمل.

                  لا، إن ثواب الله هو الحقيقة الواحدة الباقية وما عداه متاع الغرور، خدع نخدع بها أنفسنا وأوهام، قبض ريح، اقبض على الريح تجد يدك فارغة لا شيء فيها، وكذلك الدنيا، ما الذي نحمله معنا إن ذهبنا إلاّ العمل الصالح؟ كله سراب إلاّ ما تقدمه بين يديك لآخرتك.

                  وبعد فانكم يا سادتي تسمعون حديث المحدث، أو تقرؤون مقالة الكاتب فلا تتصورون ماذا أنفق في ذلك من جهد وما حمل من تعب حتى وصل ذلك إليكم ؟

                  إنه كرغيف من الخبز، تأكلونه بلا فكر فيه أو بحث عن حاله، ولو فكرتم لعلمتم ماذا عملت فيه من يد، وما صب فيه من جهد من يوم حرث الأرض الزارع، إلى أن عجن العاجن وخبز الخباز.


                  بل إن عمل الأديب في المقالة أشق، وبلاء الأديب بالأدب أكبر، فسامحوني إذا نفست اليوم عن نفسي بهذا الحديث، فإنها شكوى، ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة يواسيك أو يسليك أو يتوجع.




                  ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
                  لأننا نتقن الصمت ..
                  ...
                  حمّلونا وزر النوايا!!

                  تعليق

                  • مجرد احساس
                    عضو نشيط
                    • Dec 2004
                    • 688

                    #10

                    السبت

                    10 / 9 / 1428 هـ



                    رجعية !


                    أنت رجعي !



                    إذا قيل لك ذلك فماذا تقول ؟ .. لنرى ماذا قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عندما قيل له بأنه رجعي ! :



                    قال لي صديق : يقول التقدميون إنك رجعي.

                    قلت : نعم، أنا رجعي.

                    قال : استغفر الله، ما هذا ما أردت.

                    قلت : استغفر الله على كل حال، ولكن هي الحقيقة، فهل تحب أن تفهم أنت ما الرجعية؟

                    قال : وما الرجعية؟

                    قلت : أن ترجع هذه الأمة إلى سلائقها: سلائق الفطنة والعقل، والعزة والنبل. وأن تعود إلى خلائقها: خلائق الجهاد، والبذل، والصدق في القول، والصدق في الفعل، وإلى ما صنع أجدادنا، فترفض كل جديد ( لا حاجة إليه ) يفسد علينا لساننا أو يخمد فينا إيماننا، ونأخذ كل جديد نافع في العلم والسياسة والأدب وفي طرائق الفكر وفي أسلوب العيش، كما أخذنا – من قبل – الخير كله من تفكير اليونان وتأمل الهند وحياة فارس، وقبسنا من كل أمة أحسن ما لديها، ولكنا بقينا عرباً في لساننا، مسلمين في عقائدنا وأفعالنا.

                    الرجعية أن نرجع إلى ديننا لترجع لنا أمجادنا، ولتعود راياتنا خفاقة على الدنيا، وحضارتنا باسقة على الأرض.

                    إنها رجعية، ولكنها رجعية الذي مرض إلى الصحة، والذي افتقر إلى الغنى، والذي ذل إلى العز، ورجعية الكون إلى بياض نهار جديد، بعد ليل عاصف شديد الإظلام.

                    لا نريد أن نرجع إلى ركوب الخيل ونترك السيارة، ولا إلى القنديل ونهجر الكهرباء، ولا إلى السيف وندع القنبلة، ولا نكتفي بتذكرة داود الأنطاكي عن كتب الطب الحديث، ولا بالمعلقات العشر عن روائع الأدب الجديد، كلا، ولا نريد أن نرجع إلى جهل الماضي وخرافاته وأوهامه، فإن الحضارة قد تتقد وتخبو، وتتقدم وتتأخر، ولكن الفكر يتقدم أبداً، ونحن نعرف قيمة الفكر.

                    إنما نريد أن نرجع إلى عقولنا، وأسس ديننا، ومقومات عروبتنا، فنحكمها في كل جديد يعرض علينا؛ فنأخذ أخذ العاقل البصير، لا نقلد تقليد الطفل الغرير.

                    هذه رجعيتنا !



                    ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
                    لأننا نتقن الصمت ..
                    ...
                    حمّلونا وزر النوايا!!

                    تعليق

                    • الشعفي
                      مشرف المنتدى العام
                      • Dec 2004
                      • 3148

                      #11
                      جزاك الله خيرا أخي فهد25 على عرض هذه الدرر من مواضيع الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله

                      فكان رحمه الله ممتع الحديث ومازالت كتبه إلى اليوم يستفيد منها كل من يطلع عليها


                      من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة

                      تعليق

                      • بن بشيتي
                        عضو مميز
                        • Feb 2003
                        • 1335

                        #12
                        اسال الله العلي القدير ان يجعلها في موازين اعمالك ايه الاخ العزيز . جهد مشكور وماجور باذن الله . وفقة في تذكيرنا ببرنامج تربينا عليه منذ ان عرفنا التلفزيون كما اشرت . شكرا لك

                        تعليق

                        • اللفج
                          عضو
                          • Sep 2007
                          • 25

                          #13
                          رحمه الله تعالى

                          ومشكور اخوي على اطراء الماضي الجميل

                          تعليق

                          • مجرد احساس
                            عضو نشيط
                            • Dec 2004
                            • 688

                            #14




                            الأحد

                            11 / 9 / 1428 هـ



                            يا بنات .. !



                            نصيحة يوجهها الشيخ علي الطنطاوي لبنات المسلمين فيقول رحمه الله:



                            المجتمعات يا بنات ظالمات، تسامح الشباب، تقول " شابٌ أذنبَ وتابَ " ، ولا تسامح الفتيات.



                            إنها تغفر له زلته، وتنسى حوبته، ويبقى أثر الزلة في البنت : ثقلاً في بطنها، ووصمة على جبينها، لا تفارقها حتى تفارق حياتها.



                            إن الذين يزينون لكِ السفور والحسور، والعمل مع الرجال، وكشف الجسد بحجة الرياضة أو الفن أو للكشف الطبي بلا ضرورة، أو الخلوة بالأجنبي بلا داع، إنهم لا يريدون رياضة ولا فناً ولا شيئاً مما يدعونه، ما يريدون إلا أن تكشفي عن جسدك، ليستمتعوا بجمالك، ولو بالنظر أو باللمس، إن لم يقدروا على أكثر من ذلك، فلا تكوني عوناً لهم على نفسك، ولا تمتعيهم بشيء منه، إلا أن تربطي أحدهم من عنقه برباط الزواج، وإلا أخذ منك أعز ما لديك وهرب ! .



                            إن حب الشاب يا بنتي " خطفُ " لذة دقائق، يخطفُها ويهربُ خفيفاً، وحب الفتاة " بقاءُ " أثر هذه اللذة تسعة أشهر، ثم القيام عليها طول العمر.



                            يلبسُ لك جِلد الحَمَل، يلقي عليك مثل هديل الحمام، يذُلُّ لكِ، يُطعمُك ويعدُك، فإذا نالَ الذي يريده منك، نزعَ جِلد الحَمَل فبدا الذئب، وسكت هديل الحمام وسُمع فحيح الحية ونعيق الغراب، ثم أعرض عنك، وتعالى عليك، وأنكركِ وأنكر ولدهُ منك، ثم تركك مع ألمك وندمك وذهب يفتش عن حمقاء أخرى ! ، يعيد معها المسرحية من أولها.



                            إن أكثر من عرفنا من دعاة التكشف والاختلاط ما لهم زوجات ولا أولاد، وأنا رجل لي بنات ولي حفيدات، ولحفيداتي أولاد، فأنا أنصحكن وأدافع عنكن، كما أنصح بناتي وأدافع عن حفيداتي.



                            .... إنها تذكرة لمن شاءت من البنات أن تدَّكر.





                            ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
                            لأننا نتقن الصمت ..
                            ...
                            حمّلونا وزر النوايا!!

                            تعليق

                            • الغمر
                              مشرف منتدى شعبيات
                              • Feb 2002
                              • 2328

                              #15
                              بارك الله فيك اخي العزيز فهد وجعل ما تكتبه في موازين حسناتك لقد كان الشيخ الطنطاوي رحمه الله علامة مميزة لشهر رمضان وكان اسلوبه المشوّق وردوده القيّمة على رسائل المتابعين تأسر الفكر وتحبب الناس في متابعته ولاسيما وقد كان وقت ظهوره على مائدة الافطار
                              لعيونك

                              تعليق

                              Working...