Unconfigured Ad Widget

Collapse

على مائدة الإفطار ( الشيخ على الطنطاوي )

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • مجرد احساس
    عضو نشيط
    • Dec 2004
    • 688

    #16
    الأخوه الفضلاء

    الشعفي
    بن بشيتي
    الغمر

    سعدت بمروركم العطر

    أتمنى لي ولكم الفائدة
    لأننا نتقن الصمت ..
    ...
    حمّلونا وزر النوايا!!

    تعليق

    • مجرد احساس
      عضو نشيط
      • Dec 2004
      • 688

      #17



      الاثنين

      12 / 9 / 1428

      رمضان شهر الحب والوئام



      يحدثنا الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عن مزايا رمضان وفضائله فيقول :

      وبعد يا أيها الصائمون، فإن رمضان شهر الحب والوئام، فكونوا فيه أوسع صدراً، وأندى لساناً، وأبعد عن المخاصمة والشرّ، وإذا رأيتم من نسائكم زلة في رمضان فاحتملوها، وإن وجدتم مساءة من إخوانكم فاصبروا عليها، وإن بادأكم أحد بالخصام فلا تقابلوه بمثله، بل ليقل أحدكم : إني صائم.

      وإذا جعتم هذا الجوع الاختياري، فاذكروا من يتجرع غصص الجوع الإجباري. واشكروا على نعمة ربّكم. وليس الشكر أن ترددوا ألف مرة باللسان وحده الحمدلله ، الحمدلله . ولكن شكر الغني بالبذل للفقراء، وشكر القوي إسعاد الضعفاء.

      وأعطوا من نفوسكم كما تعطون من أموالكم، فربّ بسمة مع العطاء تنعش السائل أكثر من العطاء، وكلمة خير لجار، تحيي الجار، وبش في وجه ذي الحاجة والاعتذار عنها، خير من قضائها مع الترفع عليه عند السؤال، والمنّ عليه بعد النوال .

      فجربوا هذه العطية في رمضان .

      وخذوا من الصحة لأجسامكم، والسمو لأرواحكم، والعظمة لنفوسكم، والقوة والنبل، والبذل والفضل، وخذوا منه ذخراً للعام كله، يكن لكم ذخراً.

      رمضان الذي تشيع فيه خلال الخير، ويعم الحب والوئام. فإذا أردتكم أن تصوموا حقاً فصوموا عن الأحقاد، واذكروا ما في أعدائكم من خلال الخير، فأحبوهم لأجلها، واغفروا لهم وادفعوا بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينكم وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وليس يخلو أحد من خلّة خير، وليس في الدنيا شر مطلق حتى الموت، فإنها تمر بنا ساعات نرتجي فيها الموت، حتى إبليس، فإن له مزيّة الثبات والذكاء، وما أمدح إبليس، لعنة الله على إبليس، ولكن أضرب للناس الأمثال.



      ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
      لأننا نتقن الصمت ..
      ...
      حمّلونا وزر النوايا!!

      تعليق

      • أبو ماجد
        المشرف العام
        • Sep 2001
        • 6289

        #18
        ياسلام عليك يافهد

        واصل واصل فأحاديث الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله لا تمل


        كم كان يأسر القلوب ، وينير العقول ، رحمه الله رحمة واسعة .

        تعليق

        • ابن خرمان
          عضو مميز
          • Mar 2003
          • 1797

          #19
          بسم الله الرحمن الرحيم


          جزاك الله خيرا أخي فهد 25 ,

          ورحم الله الشيخ علي الطنطاوي واسكنه فسيح جناته وجمعنا به مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ,

          كان الشيخ رحمه الله يأسرنا بحديثه ان حدث وبتشعب حديثه ان استرسل , ولاتزال كتاباته تأسرنا ببلاغتها وحسن صياغتها وجمال موضوعاتها .

          لم أكن ارغب الدخول في هذا الموضوع حتى لاأقطع عليك استرسال حديث الشيخ رحمه الله ولكن دخلت لإشعارك انني متابع لهذه السلسلة ومعجب بها.

          لك تحياتي اخي الكريم.
          أحرى بذي الصبر أن يظفر بحاجته ..... ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
          http://zahrani3li.blogspot.com/

          تعليق

          • مجرد احساس
            عضو نشيط
            • Dec 2004
            • 688

            #20
            الأستاذ أبو ماجد
            الأستاذ ابن خرمان

            أسعدني مروركما
            لاتنسونا من دعاءكم
            لأننا نتقن الصمت ..
            ...
            حمّلونا وزر النوايا!!

            تعليق

            • مجرد احساس
              عضو نشيط
              • Dec 2004
              • 688

              #21
              الثلاثاء

              13 / 9 / 1428



              تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال



              موقف طريف حصل للشيخ علي الطنطاوي عندما كان زائراً للبنان، حيث دخل فندقاً ولم يخطر بباله بأنه سيرى من يتشبه بالنساء وكذلك من يتشبهن بالرجال، والذين ازداد أعدادهم في هذا الزمن والله المستعان، فيحكي لنا رحمه الله :

              ولمّا دخلنا ( الأوتيل ) : عمامتان عاليتان على رأسي البهجتين، بهجة العراق وبهجة الشام، وعقال نجدي فخم على هامة سيّد من سادات نجد ونحن الاثنان ( المطربشان ) الأستاذ عز الدين وأنا، تعلّقت بنا الأنظار ودارت حولنا الأبصار، وحفّ بنا شباب يسلّمون علينا. فقلنا : وعليكم السلام يا إخواننا .. فما راعنا إلا أنهم ضحكوا وضحك الحاضرون .. !

              فقلت لأحدهم : من فضلك قل لي ، لماذا تضحك ؟ .. هل تجد في هيئتي ما يضحك يا سيدي ؟

              فازداد الخبيث ضحكاً، فهممت به فوثب الحاضرون وقالوا : يا للعجب ! أتضرب فتاة ؟

              وإذا هي ( فتاة ) بثياب الرجال .

              وفررنا ونحن مستحيون. نحاول ألاّ نعيدها كرّة أخرى.

              ولما خرجت في الليل لمحت في طريقي واحدة من هؤلاء النسوة فحيّتني، فقلت لها : مساء الخير يا مدموازيل ( يعني الآنسة ) .

              فقالت : مادموازيل إيه يا وقح ؟

              قلت في نفسي : إنها متزوجة وقد ساءها أن دعوتها بالمدموازيل ( الآنسة ) . وأسرعت فتداركت الخطأ وقلت : بردون مدام. ( متأسفاً )

              قالت : مدام في عينك قليل الأدب، بأي حق تمزح معي أنا ( فلان ) المحامي.

              قلت : بردون، بردون.

              وولّيت هارباً، فذهبت إلى صاحب الأوتيل فرجوته أن يعمل لنا طريقة للتفريق بين الرجل والمرأة، فدهش مني ووجم لحظة، ثم قدّر أني أمزح فانطلق ضاحكاً.

              قلت : إني لا أمزح، ولكني أقول الجدّ، وقصصت عليه القصة ..

              قال : وماذا نعمل ؟

              قلت : لوحات صغيرة مثلاً من النحاس، كالتي توضع على السيّارات لبيان رقمها، أو على الدرّاجات .. يكتب عليها ( رجل ) .. ( امرأة ) تعلّق في الصدر تحت الثدي الأيسر. أو تتخذ حلية من الذهب أو الفضة عليها صورة ديك مثلاً ودجاجة، أو .... أو شاة وخروف أو شيء آخر من علامات التذكير والتأنيث ..

              فراقه اقتراحي وقبله على أنه نكتة، ولكنه لم يفكّر بالعمل به لأنه لم يجد حاجة إلى هذا التفريق ما دام المذهب الجديد يقول بمساواة الجنسين !



              ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
              لأننا نتقن الصمت ..
              ...
              حمّلونا وزر النوايا!!

              تعليق

              • مجرد احساس
                عضو نشيط
                • Dec 2004
                • 688

                #22
                كما وعدتكم سأحاول جاهدا عدم الإنقطاع عنكم

                اليوم لم أجد مائدة أبو ريناد فقمت بالبحث بنفسي والإختيار وأتمنى الإختيار يعجبكم

                الموضوع طويل سأنقل منه وسأعود لأبو ريناد أتمنى لي ولكم الفائده

                ولنبدأ

                الأربعاء

                14/9/1428هـ

                شيخ يلوم الشيخ على الطنطاوي ولنرى لماذ

                قال لي شيخ من المشايخ المتزمتين، وقد سقط إليه عدد من الرسالة، فيه مقالة لي في الحب
                مالك والحب، وأنت شيخ وأنت قاض، وليس يليق بالشيوخ والقضاة أن يتكلموا في الحب، أو يعرضوا للغزل؟! إنما يليق ذلك بالشعراء، وقد نزه الله نبيّه عن الشعر، وترفع العلماء وهم ورثة الأنبياء عنه، وصرح الشافعي أنه يزري بهم، ولولا ذلك كان أشعر من لبيد
                فضحكت، وقلت له
                أما قمت مرة في السحر، فأحسست نسيم الليل الناعش، وسكونه الناطق... وجماله الفاتن، فشعرت بعاطفة لا عهد لك بمثلها، ولا طاقة لك على وصفها؟
                أما سمعت مرة في صفاء الليل نغمة عذبة، من مغنّ حاذق قد خرجت من قلبه، فهزّت منك وتر القلب، ومسّت حبّة الفؤاد؟
                أما خلوت مرة بنفسك تفكر في الماضي فتذكر أفراحه وأتراحه، وإخوانا كانوا زينة الحياة فطواهم الثرى، وعهدا كان ربيع العمر فتصرم الربيع، فوجدت فراغا في نفسك، فتلفت تفتش عن هذا الماضي الذي ذهب ولن يعود؟
                أما قرأت مرة قصة من قصص الحب، أو خبراً من أخبار البطولة فأحسست بمثل النار تمشي في أعصابك، وبمثل جناح الطير يخفق في صدرك؟
                أما رأيت في الحياة مشاهد البؤس؟ أما أبصرت في الكون روائع الجمال؟ فمن هو الذي يصور مشاعرك هذه؟ من الذي يصف لذائذك النفسية وآلامك، وبؤسك ونعماءك؟ لن يصورها اللغويون ولا الفقهاء ولا المحدثون، ولا الأطباء ولا المهندسون. كل أولئك يعيشون مع الجسد والعقل ، محبوسين في معقلهما، لا يسرحون في فضاء الأحلام، ولا يوغلون في أودية القلب، ولا يلجون عالم النفس... فمن هم أهل القلوب؟
                إنهم الشعراء يا سيدي، وذلك هو الشعر!ـ
                إن البشر يكدّون ويسعون، ويسيرون في صحراء الحياة، وقيد نواظرهم كواكب ثلاثة، هي هدفهم وإليها المسير، ومنها الهدي وهي السراج المنير، وهي الحقيقة والخير والجمال، وإن كوكب الجمال أزهاها وأبهاها، إن خفي صاحباه عن بعض الناس فما يخفى على أحد، وإن قصرت عن دركهما عيون فهو ملء كل عين، والجمال بعد أسّ الحقائق وأصل الفضائل، فلولا جمال الحقيقة ما طلبها العلماء، ولولا جمال الخير ما دعا إليه المصلحون. وهل ينازع في تفضيل الجمال إنسان؟ هل في الدنيا من يؤثر الدمنة المقفرة على الجنة المزهرة؟ والعجوز الشوهاء على الصبية الحسناء؟ والأسمال البالية على الحلل الغالية؟
                فكيف يكون فيها من يكره الشعر (أعني الشعر الحق، الذي يجمع سمو المعنى، وموسيقى اللفظ، لا هذا الهذيان الذي نقرؤه الآن -الذي يدعونه الشعر الحديث- شعر الحدأثة أي الحدث الأكبر الذي لا يتطهر منه صاحبه إلا بالغسل)، وهو جمال القول، وفتنة الكلام؟ وهو لغة القلب فمن لم يفهمه لم يكن من ذوي القلوب. وهو صورة النفس، فمن لم يجد فيه صورته لم يكن إلا جماداً. وهو حديث الذكريات والآمال، فمن لم يذكر ماضيا، ولم يرج مستقبلا، ولم يعرف من نفسه لذة ولا ألما، فليس بإنسان
                إنه شاعر" لأن الشاعر يأتيه الوحي من داخل نفسه، والنبي يجيئه من السماء، وهذا الذي لم تدركه العرب، فقالوا قولتهم التي ردها الله عليهم!.ـ
                وأين وجدت حرمة الشعر، أو مذمته من حيث هو كلام جميل، يصف شعورا نبيلا؟ إنما يقبح إذا اشتمل على الباطل، كما يقبح كل كلام يشتمل عليه.ـ
                ومن أين عرفت أن العلماء قد ترفعوا عنه، والكتب مملوءة بالجيد من أشعارهم، في الحب والغزل ووصف النساء؟

                يتبع
                لأننا نتقن الصمت ..
                ...
                حمّلونا وزر النوايا!!

                تعليق

                • مجرد احساس
                  عضو نشيط
                  • Dec 2004
                  • 688

                  #23
                  الخميس
                  15/9/1428هـ

                  تكملة

                  أو ما سمعت بأن النبي صلى الله عليه وسلم أصغى إلى كعب وهو يهدر في قصيدته التي يتغزل فيها بسعاد… ويصفها بما لو ألقي عليك مثله لتورّعت عن سماعه… وتصاممت عنه ، وحسبت أن التقى يمنعك منه وذهبت تلوم عليه، وتنصح بالإقلاع عن قائله...ـ
                  وما سعاد غدة البين إذ برزت * * * كأنها منهل بالـراح معلـول
                  هيفـاء مقبلة عجـزاء مدبرة * * * لا يشتكي قصر منها ولا طول
                  وأن عمر كان يتمثّل بما تكره أنت.. من الشعر، وأن ابن عباس كان يصغي إلى إمام الغزلين عمر بن أبي ربيعة، ويروي شعره؟ وأن الحسن البصري كان يستشهد في مجلس وعظه، بقول الشاعر:ـ
                  اليوم عندك دلها وحديثها * * * وغدا لغيرك كفها والمعصم
                  وأن سعيد بن المسيب سمع مغنيا يغني:ـ
                  تضوع مسكا بطن نعمان إن مشت * * * به زينب في نسوة خفرات
                  فضرب برجله وقال: هذا والله مما يلذ استماعه، ثم قال:ـ
                  وليست كأخرى أوسعت جيب درعها * * * وأبدت بنـان الكف للجمـرات
                  وعالت فتات المسد وخفـاً مرجّـلا * * * على مثل بدر لاح في الظلمات
                  وقامت تراءى يـوم جمـع فأفتنت * * * برؤيتها من راح من عرفـات
                  فكانوا يرون هذا الشعر لسعيد بن المسيب!.ـ
                  وما لي أدور وأسوق لك الأخبار، وعندنا شعراء كان شعرهم أرق من النسيم إذا أسرى، وأصفى من شعاع القمر، وأعذب من ماء الوصال، وهم كانوا أئمة الدين وأعلام الهدى.ـ
                  هذا عروة بن أذينة الفقيه المحدث شيخ الإمام مالك يقول:ـ
                  إن التي زعمـت فـؤادك ملها * * * خلقت هواك كما خلقت هوى لها
                  فبك الذي زعمـت بها وكلاكما * * * يبدي لصاحبه الصبـابـة كلها
                  ويبيت بين جوانحي حـبٌّ لهـا * * * لو كان تحـت فراشهـا لأقلها
                  ولعمرها لو كان حبـك فوقها * * * يوماً وقد ضحيـت إذن لأظلهـا
                  وإذا وجدت لها وساوس سلـوة * * * شفع الفؤاد إلى الضمير فسلها
                  بيضاء باكرها النعيـم فصاغها * * * بلبـاقـة فـأدقهـا وأجلهـا
                  منعـت تحيتها فقلـت لصاحبي * * * ما كان أكثـرها لنـا وأقلها
                  فدنا فقـال ، لعلهـا معـذورة * * * من أجل رقبتها، فقلت : لعلها
                  هذه الأبيات التي بلغ من إعجاب الناس بها أن أبا السائب المخزومي لما سمعها حلف أنه لا يأكل بها طعاما إلى الليل!.ـ
                  وهو القائل، وهذا من أروع الشعر وأحلاه، وهذا شعر شاعر لم ينطق بالشعر تقليدا، وإنما قال عن شعور، ونطق عن ححب، فما يخفى كلام المحبين:ـ
                  قالت ( وأبثثتها وجدي فبحت به ): * * * قد كنت عندي تحب السعر، فاستتر
                  ألست تبصر من حولي؟ فقلت لها: * * * غطى هواك وما ألقى على بصري
                  هذا الشاعر الفقيه الذي أوقد الحب في قلبه نارا لا يطفئها إلا الوصال:ـ
                  إذا وجدت أوار الحب في كبدي * * * عمدت نحو سقاء الماء أبترد
                  هبني بردت ببرد الماء ظاهره * * * فمن لحر على الأحشاء يتّقد!؟
                  لأننا نتقن الصمت ..
                  ...
                  حمّلونا وزر النوايا!!

                  تعليق

                  • مجرد احساس
                    عضو نشيط
                    • Dec 2004
                    • 688

                    #24
                    الجمعة

                    16/9/1421هـ


                    طبقات الأصدقاء



                    يحدثنا الشيخ علي الطنطاوي عن طبقات الأصدقاء، وأنواع الأصحاب فيقول رحمه الله :



                    الخلاصة أن الأصحاب خمسة : فصاحب كالهواء لا يُستغنى عنه، وصديق كالغذاء لا عيش إلا به، ولكن ربما ساء طعمه، أو صعب هضمه، وصاحب كالدواء مرٌّ كريه، ولكن لا بد منه أحياناً، وصاحب كالصهباء تلذ شاربها، ولكنها تودي بصحته وشرفه، وصاحب كالبلاء.



                    أما الذي هو كالهواء فهو الذي يفيدك في دينك، وينفعك في دنياك، وتلذك عشرته، وتمتعك صحبته.



                    وأما الذي هو كالغذاء فهو يفيدك في الدنيا والدين، لكنه يزعجك أحياناً بغلظته وثقل دمه وجفاء طبعه.



                    وأما الذي هو كالدواء فهو الذي تضطرك الحاجة إليه، وينالك النفع منه، ولا يرضيك دينه ولا تسلِّيك عشرته.



                    وأما الذي هو كالصهباء، فهو الذي يبلِّغك لذّتك ويُنيلك رغبتك ولكن يفسد خلقك، ويهلك آخرتك.



                    وأما الذي هو كالبلاء فهو الذي لا ينفعك في دنيا ولا دين، ولا يمتّعك بعِشرة ولا حديث، ولكن لا بد لك من صحبته.

                    وعليك أن تجعل الدين مقياساً، ورضا الله ميزاناً، فمن كان يفيدك في دينك فاستمسك به، إلا أن يكون ممن لا تقدر على عشرته، ومن كان يضرك فاطرحه واهجره، إلا أن تكون مضطراً إلى صحبته، فتكون هذه الصحبة ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، بشرط ألاّ تجاوز في هذه الصحبة حدّ الضرورة.

                    وأما الذي لا يضرك في دينك، ولا ينفعك في دنياك، ولكنه ظريف ممتع، اقتصرت منه على الاستمتاع بظرفه على ألاّ تمنعك هذه الصحبة من الواجب، ولا تمشي بك إلى عبث أو إثم.





                    ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
                    لأننا نتقن الصمت ..
                    ...
                    حمّلونا وزر النوايا!!

                    تعليق

                    • مجرد احساس
                      عضو نشيط
                      • Dec 2004
                      • 688

                      #25
                      السبت

                      17/9/1428هـ

                      الموضه

                      حديث شيخنا علي الطنطاوي وموضوعه هذه المرة عن الموضة وإسراف المال من أجلها فيقول رحمه الله :



                      كنت أعددت لهذا العدد كلمة غير هذه وحملتها إلى الجريدة، فلقيني عند باب العمارة صديق لي من الموظفين له مرتب جيد وزوجة متعلمة منت أكابر، وقال لي : استحلفك بالله أن تسمع ما أقول لك وتنشره غداً.



                      قلت : إني هيأت كلمة الغد، وهي معي، فانتظر يوماً آخر.



                      قال : لا والله. لا تكتب إلا عني.



                      قلت : أتريد أن أعدك من غير أن أعرف الموضوع ؟ لعله سخيف.



                      قال : إنك تكتب أشياء كثيرة لا تخلو من سخف .. احسب هذه منها.



                      قلت : طيب ... إنّا لله، تفضل.



                      قال : اشتريت لزوجتي الشتاء الماضي ثوباً للسهرة من الجوخ الغالي، غرمت في ثمنه وخياطته ثلث راتبي بالضبط، واضطرب ميزان مصروفي، وقاسيت الضيق أشهراً، حتى إذا أوشكت أن أسد النقص وأدفع العجز في الموازنة تغيرت " الموضة " وجاء زي التطويل والتعريض ، فقامت تطلب ثوباً جديداً، ودأبت تلح علي وتثقب أذني وتأخذ بخناقي حتى ذهبت فاشتريته لها، وغرمت هذه المرة نصف الراتب، فلم ينقص إلا زمن يسير حتى تغيرت " الموضة .. " وصار الزي أن يكون الثوب إلى نصف الساق لا يصعد إلى الركبة كما كان أولاً ولا ينزل إلى الكعب كما صار ثانياً، فعادت إلى الطلب، فماذا أصنع ؟



                      ومن أين أشتري لها ثوباً جديداً ؟ وإذا أنا استدنت واشتريته وأكلت الخبز والجبن شهرين لوفائي الدين، فمن يضمن لي ألا تتغير " الموضة " مرة رابعة وخامسة وعاشرة ما دامت الأزياء في باريس ونيويورك تعلب بنا كما تريد وتأخذ من أموالنا وتمتص دماءنا ؟



                      ومن يخلصني منها ومن امرأتي المحترمة التي حيرتني : إن رددت طلبها نغصت حياتي، وإن أجبتها خربت بيتي ؟



                      ماذا تعمل أنت ؟



                      قلت : أما أنا فقد عافاني الله مما ابتلاك به، ولكن أسأل لك القراء !



                      ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
                      لأننا نتقن الصمت ..
                      ...
                      حمّلونا وزر النوايا!!

                      تعليق

                      • مجرد احساس
                        عضو نشيط
                        • Dec 2004
                        • 688

                        #26
                        الأحد

                        18/9/1428هـ


                        أفلا يتدبرون القرآن .. !

                        يحكي لنا الشيخ في ذكرياته عندما كان في مصر زمن الملك فاروق فيقول رحمه الله :


                        أخذني ( الأستاذ الزيات ) إلى قصر عابدين، وقد ملئت ساحته بالكراسي وفتحت أبوابها للداخلين، وجاء الملك فاروق بالقراء، يقرؤون القرآن بالأنغام، ويعددون القراءات، فمن رواية حفص عن عاصم، إلى ورش عن نافع، إلى غيرهما، وكلما ازداد تعداد القراءات، والتنقل بين المقامات، والتفنن في النغمات، كان ذلك أدعى لإعجاب الناس، وقولهم : الله ، الله ، ما شاء الله ، الله أكبر ، ...

                        كأنهم يسمعون أحد المغنين أو إحدى المغنيات، في ملهى من الملهيات، والله يصف المؤمنين بأنهم ( إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً ).

                        فهل زادت هذه الآيات السامعين إيماناً، أو زادتهم طرباً ؟

                        لقد عدها الناس يومئذ مزية للملك فاروق، وتلاوة القرآن في مصر تعد قربة لذاتها، ومن عادة الوجهاء والكبراء أن يفعلوا مثل الذي فعل الملك فاروق، بل إنه أراد القربة إلى الله، والتحبب إلى الناس، بأن يفعل مثلما فعلوا.

                        حتى إن من التجار من يأتي بقارئ يتلو شيئاً من القرآن عندما يفتح محله صباحاً قبل أن يزاول عمله، وهذا حسن ولكنهم يخلطونه بآخر سيء، هو أنه لا يصغي أحد للقارئ، ولا يتدبر معنى ما يسمع منه، فكأن القرآن عندهم كلمات معدة للتلحين، لا يراد منها إلا التغني بها.

                        ولقد سمعت مرة قارئاً يتلو قوله تعالى ( خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه ) هذا الكلام الذي ترتجف له القلوب من الخوف ومن شدة الوعيد، كان يقرأه القارئ بنغمة السيكا، وهي نغمة مرقصة، وهم يتمايلون طرباً كأنهم لا يفكرون بمعنى ما يسمعون.

                        أفهؤلاء ممن يتدبر القرآن؟ هل فهم هؤلاء ما يقرأ القارئ ويسمعون؟ وإنك لتجد في رمضان في بيت الله الحرام خمسين ألف بأيديهم المصاحف يقرؤون القرآن، ولكنك لا تجد خمسين منهم يفهمون أو يفكرون في أن يفهموا معاني ما يقرؤون، فلو أن رجلاً أخذ الجريدة فقرأها من العنوان إلى آخر ما نُشر فيها من إعلان، ثم سألته عن الأخبار التي كُتبت بالعناوين الكبار، فقال لك : إني لا أدري؟
                        هل تراه قد قرأ؟ وهل القراءة أن نحرك الألسنة بالحروف أو أن نفهم المعاني التي تحملها الحروف ؟
                        على أني لا أنكر أن لقارئ القرآن أجراً على كل حال، له على كل حرف يقرؤه أجر، ولكن الله يقول ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) فمتى نكسر هذه الأقفال، حتى نفهم ما يُقال؟



                        ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
                        لأننا نتقن الصمت ..
                        ...
                        حمّلونا وزر النوايا!!

                        تعليق

                        • ابن مرضي
                          إداري
                          • Dec 2002
                          • 6171

                          #27
                          لم أكن أنوي قطع هذه السلسلة الممتعة ، لكنني فضلت تسجل حضوري قبل أن أنشغل . فالشكر لله ثم لهذا الشاب الفاضل فهد 25 فقد أمتعنا أيما متعة .

                          شخصيا للشيخ على الطنطاوي رحمه الله عندي أجمل الذكريات ، بل لا أبالغ إذا قلت أنه أجمل ذكرى في حياتي، فقد كنت أنقطع للأستماع إلى حديثه على مائدة الإفطار وأجلس لوحدي لكي لا ينغص علي أحد المتعة مع فضيلته رحمه الله ، أما هذا الشاب فهد 25 فهو أيضا من أعز الأعضاء وأحبهم إلى القلب ، وفقه الله وسدد على درب الخير خطاه .
                          كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى = وحنينه أبدا لأول منزل

                          تعليق

                          • مجرد احساس
                            عضو نشيط
                            • Dec 2004
                            • 688

                            #28

                            الاثنين

                            19/9/1428هـ


                            ولكن يبقى الأثر ..


                            تجوز الصحراء فلا ترى إلاّ أرضاً جرداء، لا ظل ولا ماء، ولا نبتة خضراء، فإذا نزل المطر اهتزّت وربت وكسيت ثوباً أخضر من العشب والزهر، وصارت مرعى للسوائم، ومتعة للنظر، فمن أين ترونه قد جاء هذا النبات؟

                            من بذور صغار قد لا تأخذها من دقّتها الأبصار، قد ركّب الله لبعضها ما يشبه الأجنحة القصار تحملها الرياح فتلقيها بين حبات الرمال، فلا ترى إلا تلالاً من الرمل تتلظّى تحت وهج الشمس.

                            فإذا أنزل الله الأمطار، وجمع الله لها ( الظروف ) التي سبب الإنبات كان منها هذا النبات .. وكان منه الزهر البارع، والثمر اليانع، أو كان منه الشوك الجارح، والسمّ الناقع.

                            وكذلك كل ما تسمعه لا سيما إن سمعته في الصغر، إنه بذرة خير أو بذرة شر، إذا جاءها ( الظرف المناسب ) وضعتك على طريق الجنة، أو على سبيل النار.

                            فانتبهوا – يا أيها القرّاء – لما تنظرون فيه من كتب ومجلاّت، وما تسمعونه من إذاعات ومحاضرات، وما تشاهدونه من مسلسلات ومسرحيات، ولا تظنوا أن أثر ذلك يذهب مع إكمال الكتاب، أو انتهاء المحاضرة، أو إسدال الستار على المسرحية، بل إن بعضه يبقى ما بقيت الحياة.


                            ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
                            لأننا نتقن الصمت ..
                            ...
                            حمّلونا وزر النوايا!!

                            تعليق

                            • مجرد احساس
                              عضو نشيط
                              • Dec 2004
                              • 688

                              #29
                              الثلاثاء

                              20/9/1428هـ


                              حقوق الضيافة


                              قد أكون على موعد يفوتني بفواته خير عظيم، ولا يبقى بيني وبينه إلا مقدار ما ألبس ثيابي وأمشي إليه، فيجيئني ضيف لا حاجة له عندي، ولا خير له في زيارتي، ولا يبتغي مني إلا أن يدفع الملل عن نفسه بالبقاء ساعتين أو ثلاثاً عندي، فيسقط في يدي، وأحار في أمري، إن استقبلته ضيّعت موعدي، وإن رددته أضعت ( حق الضيافة ) وتعرّضت لسوء الأحدوثة، ثم اختار أهون الشرّين فأرحب به وأدعوه، وآمل أن أُفهمه حقيقة حالي وأعجل له بالقهوة فينصرف..

                              وأجلس بين يديه متململاً متضايقاً، وأتلطف في إفهامه والاعتذار إليه، فلا يحفل بي ولا بموعدي، ولا ينظر إلا إلى نفسه ورغبته في قطع الوقت بهذه الزيارة، فيقعد آمناً مطمئناً، يحدثني حديث السياسة، ويسألني عن الروس واليابان، والصين وتركستان، ويعرض عليّ رأيه في الأنظمة التي ستعم بعد الحرب ..

                              ويفيض ويُسهب، وأنا أتقلب على النار، ويبقى على ذلك حتى لا يبقى لي منفعة من الذهاب، ولا يمكن تدارك ما فات، فينصرف ليتحدث عني بأني لقيته جفاء وخشونة وكلّمته باقتضاب وإيجاز، ولم أوَفّه ( حقوق الضيافة ) !



                              ولحديث الشيخ رحمه الله بقية
                              لأننا نتقن الصمت ..
                              ...
                              حمّلونا وزر النوايا!!

                              تعليق

                              • عبدالرحيم بن قسقس
                                مشرف المنتدى العام
                                • Nov 2004
                                • 2600

                                #30
                                .

                                *****

                                اخي العزيز فهد25

                                جزاك الله خير ورحم الله الشيخ علي الطنطاوي فقد كان عطر شهر رمضان

                                وكان له برنامج اسبوعي بعد صلاة الجمعه يتابعه كل محبي الشيخ الطنطاوي

                                *****

                                تعليق

                                Working...