السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما هو حزب البعث؟ وما حكم الإسلام فيه؟ ومن أتباعه؟ وأين يوجد؟ وشكراً.
الجواب
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
حزب البعث هو الوجه الآخر للقومية العربية التي برزت في الستينات الميلادية على يد جمال عبد الناصر، وهو حزب قومي علماني يقوم على ثلاثة مبادئ هي الوحدة، الحرية، الاشتراكية، وشعار هذا الحزب هو (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة)، وقد أسس هذا الحزب رجل نصراني اسمه (ميشيل يوسف عفلق) ولد في سنة 1910م في دمشق، وقد نشأ في بيت نصراني يتبع الكنيسة الشرقية، ثم انتقل بعد دراسته الثانوية إلى فرنسا، حيث حصل على شهادة جامعة السربون في التاريخ، وهناك انضم إلى جمعيتين قوميتين هما الجمعية العربية السورية، وجمعية الثقافة العربية، وقد تأثر أثناء وجوده بالفكر الفلسفي الأوربي، وأعجب به ودعا إليه، وفي أثناء وجوده دعا الشباب العربي إلى القومية العربية فاستجاب له مجموعات منهم، ومنهم صلاح الدين البيطار، وهو سوري سني فتعاهدا – هو وصلاح – على العمل معاً، وعادا إلى سوريا سنة 1933م؛ وبدآ يبثان أفكارهما بين الشباب في مدرسة التجهيز الأولى، وهي أكبر مدارس دمشق وأهمها، حتى استطاعا بعد سنوات أن يؤسسا هذا الحزب المعروف بحزب البعث العربي، وذلك في عام 1947م.
أما حكم الإسلام فيه، فمن المعروف أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولا يمكن تصور حزب البعث إلا بالاطلاع على تراثه الفكري، وأهم تراث فكري عند البعثيين هي كتب ميشيل عفلق "مؤسس الحزب"؛ ككتاب (في سبيل البعث) الذي نشرته دار الطليعة في بيروت سنة 1959م، وكتاب (معركة المصير الواحد) الذي نشرته دار الآداب في بيروت عام 1959م، وميشيل عفلق في كتبه يرى أن القومية العربية أهم من الدين، فيقول أنجعل قوميتنا وهي أساس حياتنا نظرية من النظريات، فنتركها عرضة لتقلبات المنطق والذوق والهوى، فننادي بها اليوم، ونؤثر عليها الأممية والشيوعية غداً، ونعتنق الدعوة الدينية بعد غد) في سبيل البعث ص 24، وفي صفحة 49 وفي الكتاب نفسه يسخر عفلق من الدين وشعائره التعبدية، فيقول فالإسلام الأممي الذي يقتصر على العبادة السطحية والمعاني العامة الباهتة أخذ في التفرنج اليوم بالفكر، وغداً بالفكر والاسم معاً)، وفي صفحة 30 يسوي عفلق بين القومية والدين فيقوللا خوف أن تصطدم القومية بالدين، فهي مثله تنبع من معين القلب، وتصدر عن إرادة الله، وهما يسيران متآزرين متعانقين، خاصة إذا كان الدين يمثل عبقرية القومية وينسجم مع طبيعتها) أ.هـ، وإذا تجاوزنا فكر مؤسس الحزب إلى فكر الحزب نفسه فإننا نجد أن من أهم توصيات المؤتمر القومي الرابع للحزب الوصية الرابعة التي تقول يعتبر المؤتمر القومي الرابع الرجعية الدينية إحدى المخاطر الأساسية التي تهدد الانطلاقة التقدمية في المرحلة الحاضرة، ولذلك يوصي القيادة القومية بالتركيز في النشاط الثقافي، والعمل على علمانية الحزب، خاصة في الأقطار التي تشوه فيها الطائفية العمل السياسي) والمتأمل لتوصيات الحزب وقراراته من خلال مؤتمراته يجد أن كلمة الدين لم ترد مطلقاً في دستوره إلا على سبيل الازدراء والسخرية، مما يؤكد علمانيته، وهذا يكفي في الحكم عليه وقد قال الله تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران: 85]، أما دعاته فمنهم بالإضافة إلى مؤسسي الحزب: سامي الجندي وحمود الشوقي ومنيف الرزاز، ومصطفى طلاس وشبلي العيسمي، بالإضافة إلى قادة الحزب السياسيين مثل صدام حسين وحافظ الأسد، أما أماكن تواجده فأكبر وجود له في العراق وسوريا، حيث كان الحزب هو الحاكم في العراق قبل عدة أسابيع، وهو الحزب الحاكم الآن في سوريا، وله امتدادات تطول وتقصر وتكثر في دول الخليج العربي واليمن والسودان والأردن ودول المغرب العربي كالمغرب وموريتانيا.
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أفتح مقهى إنترنت في إحدى المدن ، علماً أن المحل سيحتوي على بعض الألعاب الترفيهية، مثل: (البلياردو) والأشياء الأخرى، وسيحتوي على قسم للقهوة وسيتضمن الكمبيوتر والإنترنت، أي: أن المقهى سيكون ضمن الأشياء المباحة، أما بخصوص المواقع الإباحية فسأنزل برنامج يقوم بإغلاق هذه المواقع، لكن سؤالي: هل يجب عليّ منع الزوار من التدخين؟ وهل يجب عليّ وضع لافتة مثلممنوع التدخين) أم أنه لا ذنب عليّ إن دخنوا في محلي؟ علماً أني إذا منعتهم سيذهبون للمقاهي الأخرى التي لا تبعد عنا الكثير، وبذلك سيفر الزبائن، وستترتب عليّ خسائر في الأموال.
أتمنى أن تعطوني الجواب الكافي الشافي -بإذن الله-.
الجواب
إذا كان المقصود ما يعرف بمقاهي الإنترنت فالذي يظهر لي -والله أعلم- هو جواز ذلك إذا تحققت فيه الضوابط التالية: وهي استخدام المرشحات القوية للمنع من تصفح المواقع المحظورة، مع ضرورة قطع الاتصال بالشبكة متى ما تعطلت هذه المرشحات.
وأنْ تكون الأجهزة مكشوفة حتى يسهل مراقبتها، فكم وجد من الطوام والفظائع في الغرف المغلقة.
وتفقّد الأجهزة كل حين؛ لتنظيفها من كل ما قد يُحفظ فيها من الصور أو المواقع المحرَّمة ونحو ذلك مما يستعان به للوصول إليها.
هذا مع ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومسؤولية صاحب المقهى أو من يقوم مقامه في ذلك أعظم من غيره، فله في محله سلطان كسلطان الأب في بيته.
وبعد، فإنَّ الأخذَ بهذه الضوابط واجبٌ على كلِّ من أراد الاستثمار في هذا المجال، ولكن المأمول من الأخ السائل فوق ذلك بكثير، وليس يقنعنا منه مجرد تطهير محله من أن يكون وكراً للفساد، بل إننا ننتظر منه أن تكون له سابقةٌ في استثمار المقهى في دعوة الشباب وشغل أوقاتهم بالنافع المفيد.
إنَّ في جملة الشباب المترددين على هذه المقاهي من المهارات والطاقات ما يحتم علينا استثمارها وتوظيفها في سبل الخير، ونجاح هذا مرهونٌ بقوة التأثير والاجتذاب التي لا تتحقق غالباً إلا من خلال التجديد والابتكار واستغلال تقنيات هذا العصر.
إنني أدعو هذا السائل وغيره من الأخيار الصالحين الذين يرغبون الاستثمار في هذا المجال إلى الأخذ بهذه الوسائل والاجتهاد في استغلالها، حتى يجعلوا من هذه المقاهي موطناً للهداية والإفادة، وحتى يعلم الناس أن المقاهي ما هي إلاَّ أداةٌ تصلح أن تكون نواة للخير، وليست حكراً على الفساد.
وأرى أن تطرح هذا المشروع في منتديات الإنترنت، علّك أن تحظى ببعض الأفكار في هذا، ولن يعدَمَ المجتهد وسيلةً مؤثِّرة في دعوة الشباب وإفادتهم.
جعلنا الله وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا لمرضاته ويستعملنا في طاعته.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
ما رأي فضيلتكم بما بدأ يظهر على السطح من الدعوة إلى التقارب بين السنة والشيعة؟ وما أثر ذلك على الأمة؟ وجزاكم الله كل خير.
الجواب
هذه المسألة تحتاج إلى تفصيل:
(1) دعوة التقريب القائمة والتي بدأت منذ زمن غير مجدية، ويقصد بها تنازل أهل السنة عن المسلمات وأصول الحق الثابتة بالقرآن والسنة لصالح بدع الشيعة، وهذا باطل.
(2) قد يقصد البعض بالتقريب دعوة الشيعة وتقريبهم إلى الحق، وهذا مقصد مشروع، بل مطلوب بالحوار الجاد والمجادلة بالحسنى.
(3) يجب ألا يتصدى للحوار مع الشيعة إلا العلماء وطلاب العلم المتمكنون من ذوي الخبرة بمذهب الشيعة وأصولهم العقدية وشبهاتهم واستدلالاتهم المنحرفة.
وعلى هذا فلا يجوز ما يفعله بعض الشباب من الدخول في هذه المهاترات دون جدارة وعلم، بل بمجرد العاطفة والحماس، وهم بهذا يظهر عجزهم ويخذلون السنة، ويحسب عجزهم على الحق وأهله، والله حسبنا ونعم الوكيل.
السؤال
رأيت أنا وبعض الإخوة أن نتعاون في صيام الست من شوال، فقررنا أن نصوم كل اثنين وخميس على أن نفطر كل مرة في بيت أحدنا بالتناوب، فلما سمع هذا الأمر بعض الإخوة أنكر هذا الأمر واعتبره بدعة، وأنه لم يرد عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة فعلوا هذا الأمر –صيام الست من شوال والإفطار جماعة-، وطالبنا بالدليل على جواز هذا الأمر.
أرجو أن توضح لنا الصحيح في هذه المسألة، ولكم منا جزيل الشكر، ومن الله الأجر والثواب.
الجواب
أخي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهنيئاً لكم توفيق الله لكم لهذه النوافل العظيمة التي وعد النبي –صلى الله عليه وسلم- عليها بالثواب العظيم، ومنها صيام الست من شوال، خاصة وأنتم في بلاد الكفر، فتقبل الله منا ومنكم، وثبتنا وإياكم على دينه.
يا محب: أما قول من يذكر –ممن ينتمي كما يدعي إلى التيار السلفي- من بدعية صيام ست من شوال فأين هو من قوله –صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي أيوب –رضي الله عنه- الذي رواه مسلم (1164) في صحيحه:"من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر"؟ وجمهور أهل العلم على استحباب صيامها، ولم ينكره إلا مالك –رحمه الله- وتبعه على ذلك أتباعه، والسنة –إذا صحت عن المعصوم –صلى الله عليه وسلم- مقدمة على قول كل أحد مهما كانت منزلته في العلم.
وصوم الست من شوال ثبت من سنة النبي –صلى الله عليه وسلم- القولية لا العملية، ويكفي –عند أهل العلم- لثبوت السنة أن يصح بها القول أو العمل أو الإقرار منه –صلى الله عليه وسلم-.
أما كون الاجتماع على ذلك بدعة، فإن الواجب عليكم دائماً –في هذه المسألة وغيرها- أن تسألوا من يبدع عن دليله على أن ما ذكره بدعة.
ومع هذا يقال إن في السنة ما يدل على جواز الاجتماع في العبادة، فقد روى الترمذي (807) وصححه من حديث زيد بن خالد –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:"من فطر صائماً فله مثل أجره"، ومعلوم أن تفطير هذا الصائم سيترتب عليه الاجتماع به، فدل هذا على مشروعية التفطير للصائمين، وما ترتب على المشروع فهو مشروع.
وسبحان الله كم هي الفوائد التي تترتب على الاجتماع مع الإخوة في الله وعلى طاعة من الطاعات، وخصوصاً في بلاد الكفر، التي يحتاج -بل يضطر- الإنسان إلى من يكون عوناً له على الطاعة؟!
ثم يقال لهذا الأخ –هداه الله ووفقه للصواب- إن التبديع ليس بالأمر الهين، والحكم على الشيء بأنه بدعة أمر يجب التأني فيه، والتحقق منه وعدم العجلة، فكم زلت في هذا الباب أقدام، وكم ترتب على ذلك من تمزيق لصفوف المسلمين بعد أن كانت مجتمعة.
وبخصوص مسألتنا هذه، فإنه يمكن مطالبة هذا الأخ (المبدع) بالدليل على أن الصحابة –رضي الله عنهم- أو بعض السلف ما كانوا يجتمعون على أمثال هذه المناسبات، ويقال له: هل استوعبت كتب السنن والآثار؟! واطلعت على ما فيها لتجزم بهذا الحكم الشديد؟!.
السؤال
السلام عليكم.
يتهم بعض الملاحدة القرآن الكريم بأنه جاء فيه بعض الكلمات التي فيها أخطاء –بزعمهم- إملائية مثل كلمة (القرءان) وكلمة (يس) وغير ذلك، فما هو الرد المناسب لهم؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
رسم المصحف من الأمور الاصطلاحية التي لم تتلق بوحي من الله تعالى، وإنما كتبت على نحو ما اصطلح الناس عليه في ذلك الوقت واتفقوا –والأمور التي يتفق عليها الناس لا مشاحة فيها ولا منازعة ولا ينكر فيها على أحد إذا حصل بها المقصود-، ومن ذلك الرسم الإملائي، إذ هو أمر اصطلاحي جرى عليه الناس بقصد أن يكون وسيلة تساعدهم في تناقل العلم وغيره من أوجه النشاط الحضاري، والرسم الإملائي لما كان أمراً اصطلاحياً يجوز أن يقع فيه اختلاف وتغير، على مر العصور، ومن تتبع المراحل التي مر بها الرسم الإملائي العربي أدرك ذلك، بل حتى في عصرنا هذا يوجد اختلاف بين المدارس المعاصرة في رسم عدد غير قليل من الكلمات، ومثل هذا الاختلاف غير مؤثر ولا إشكال فيه، وكذلك الحال فيما يتعلق بالقرآن الكريم، فكونه قد كتب بالرسم الموجود في ذلك الوقت مما اصطلح على تسميته بعد ذلك بالرسم العثماني مما يخالف الرسم الإملائي المعاصر لا يعد ذلك نقصاً في القرآن الكريم، لخروجه عن حقيقته، لأنه لم ينزل مكتوباً، وإنما نزل متلواً، فلا يضره أن يكتب خطأ على فرض أن ذلك قد وقع، كما لو أنه كتب –مثلاً- على ألواح وقراطيس رديئة ونحو ذلك، لم يكن ذلك مما يعاب به القرآن الكريم، على أن أهل العلم كالإمام أبي عمر المدني قد كتبوا قديماً في بيان سبب رسم بعض الكلمات في القرآن على نحو يخالف الرسم القياسي مما يطول ذكره هنا، والله أعلم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما هو حزب البعث؟ وما حكم الإسلام فيه؟ ومن أتباعه؟ وأين يوجد؟ وشكراً.
الجواب
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
حزب البعث هو الوجه الآخر للقومية العربية التي برزت في الستينات الميلادية على يد جمال عبد الناصر، وهو حزب قومي علماني يقوم على ثلاثة مبادئ هي الوحدة، الحرية، الاشتراكية، وشعار هذا الحزب هو (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة)، وقد أسس هذا الحزب رجل نصراني اسمه (ميشيل يوسف عفلق) ولد في سنة 1910م في دمشق، وقد نشأ في بيت نصراني يتبع الكنيسة الشرقية، ثم انتقل بعد دراسته الثانوية إلى فرنسا، حيث حصل على شهادة جامعة السربون في التاريخ، وهناك انضم إلى جمعيتين قوميتين هما الجمعية العربية السورية، وجمعية الثقافة العربية، وقد تأثر أثناء وجوده بالفكر الفلسفي الأوربي، وأعجب به ودعا إليه، وفي أثناء وجوده دعا الشباب العربي إلى القومية العربية فاستجاب له مجموعات منهم، ومنهم صلاح الدين البيطار، وهو سوري سني فتعاهدا – هو وصلاح – على العمل معاً، وعادا إلى سوريا سنة 1933م؛ وبدآ يبثان أفكارهما بين الشباب في مدرسة التجهيز الأولى، وهي أكبر مدارس دمشق وأهمها، حتى استطاعا بعد سنوات أن يؤسسا هذا الحزب المعروف بحزب البعث العربي، وذلك في عام 1947م.
أما حكم الإسلام فيه، فمن المعروف أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولا يمكن تصور حزب البعث إلا بالاطلاع على تراثه الفكري، وأهم تراث فكري عند البعثيين هي كتب ميشيل عفلق "مؤسس الحزب"؛ ككتاب (في سبيل البعث) الذي نشرته دار الطليعة في بيروت سنة 1959م، وكتاب (معركة المصير الواحد) الذي نشرته دار الآداب في بيروت عام 1959م، وميشيل عفلق في كتبه يرى أن القومية العربية أهم من الدين، فيقول أنجعل قوميتنا وهي أساس حياتنا نظرية من النظريات، فنتركها عرضة لتقلبات المنطق والذوق والهوى، فننادي بها اليوم، ونؤثر عليها الأممية والشيوعية غداً، ونعتنق الدعوة الدينية بعد غد) في سبيل البعث ص 24، وفي صفحة 49 وفي الكتاب نفسه يسخر عفلق من الدين وشعائره التعبدية، فيقول فالإسلام الأممي الذي يقتصر على العبادة السطحية والمعاني العامة الباهتة أخذ في التفرنج اليوم بالفكر، وغداً بالفكر والاسم معاً)، وفي صفحة 30 يسوي عفلق بين القومية والدين فيقوللا خوف أن تصطدم القومية بالدين، فهي مثله تنبع من معين القلب، وتصدر عن إرادة الله، وهما يسيران متآزرين متعانقين، خاصة إذا كان الدين يمثل عبقرية القومية وينسجم مع طبيعتها) أ.هـ، وإذا تجاوزنا فكر مؤسس الحزب إلى فكر الحزب نفسه فإننا نجد أن من أهم توصيات المؤتمر القومي الرابع للحزب الوصية الرابعة التي تقول يعتبر المؤتمر القومي الرابع الرجعية الدينية إحدى المخاطر الأساسية التي تهدد الانطلاقة التقدمية في المرحلة الحاضرة، ولذلك يوصي القيادة القومية بالتركيز في النشاط الثقافي، والعمل على علمانية الحزب، خاصة في الأقطار التي تشوه فيها الطائفية العمل السياسي) والمتأمل لتوصيات الحزب وقراراته من خلال مؤتمراته يجد أن كلمة الدين لم ترد مطلقاً في دستوره إلا على سبيل الازدراء والسخرية، مما يؤكد علمانيته، وهذا يكفي في الحكم عليه وقد قال الله تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران: 85]، أما دعاته فمنهم بالإضافة إلى مؤسسي الحزب: سامي الجندي وحمود الشوقي ومنيف الرزاز، ومصطفى طلاس وشبلي العيسمي، بالإضافة إلى قادة الحزب السياسيين مثل صدام حسين وحافظ الأسد، أما أماكن تواجده فأكبر وجود له في العراق وسوريا، حيث كان الحزب هو الحاكم في العراق قبل عدة أسابيع، وهو الحزب الحاكم الآن في سوريا، وله امتدادات تطول وتقصر وتكثر في دول الخليج العربي واليمن والسودان والأردن ودول المغرب العربي كالمغرب وموريتانيا.
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أفتح مقهى إنترنت في إحدى المدن ، علماً أن المحل سيحتوي على بعض الألعاب الترفيهية، مثل: (البلياردو) والأشياء الأخرى، وسيحتوي على قسم للقهوة وسيتضمن الكمبيوتر والإنترنت، أي: أن المقهى سيكون ضمن الأشياء المباحة، أما بخصوص المواقع الإباحية فسأنزل برنامج يقوم بإغلاق هذه المواقع، لكن سؤالي: هل يجب عليّ منع الزوار من التدخين؟ وهل يجب عليّ وضع لافتة مثلممنوع التدخين) أم أنه لا ذنب عليّ إن دخنوا في محلي؟ علماً أني إذا منعتهم سيذهبون للمقاهي الأخرى التي لا تبعد عنا الكثير، وبذلك سيفر الزبائن، وستترتب عليّ خسائر في الأموال.
أتمنى أن تعطوني الجواب الكافي الشافي -بإذن الله-.
الجواب
إذا كان المقصود ما يعرف بمقاهي الإنترنت فالذي يظهر لي -والله أعلم- هو جواز ذلك إذا تحققت فيه الضوابط التالية: وهي استخدام المرشحات القوية للمنع من تصفح المواقع المحظورة، مع ضرورة قطع الاتصال بالشبكة متى ما تعطلت هذه المرشحات.
وأنْ تكون الأجهزة مكشوفة حتى يسهل مراقبتها، فكم وجد من الطوام والفظائع في الغرف المغلقة.
وتفقّد الأجهزة كل حين؛ لتنظيفها من كل ما قد يُحفظ فيها من الصور أو المواقع المحرَّمة ونحو ذلك مما يستعان به للوصول إليها.
هذا مع ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومسؤولية صاحب المقهى أو من يقوم مقامه في ذلك أعظم من غيره، فله في محله سلطان كسلطان الأب في بيته.
وبعد، فإنَّ الأخذَ بهذه الضوابط واجبٌ على كلِّ من أراد الاستثمار في هذا المجال، ولكن المأمول من الأخ السائل فوق ذلك بكثير، وليس يقنعنا منه مجرد تطهير محله من أن يكون وكراً للفساد، بل إننا ننتظر منه أن تكون له سابقةٌ في استثمار المقهى في دعوة الشباب وشغل أوقاتهم بالنافع المفيد.
إنَّ في جملة الشباب المترددين على هذه المقاهي من المهارات والطاقات ما يحتم علينا استثمارها وتوظيفها في سبل الخير، ونجاح هذا مرهونٌ بقوة التأثير والاجتذاب التي لا تتحقق غالباً إلا من خلال التجديد والابتكار واستغلال تقنيات هذا العصر.
إنني أدعو هذا السائل وغيره من الأخيار الصالحين الذين يرغبون الاستثمار في هذا المجال إلى الأخذ بهذه الوسائل والاجتهاد في استغلالها، حتى يجعلوا من هذه المقاهي موطناً للهداية والإفادة، وحتى يعلم الناس أن المقاهي ما هي إلاَّ أداةٌ تصلح أن تكون نواة للخير، وليست حكراً على الفساد.
وأرى أن تطرح هذا المشروع في منتديات الإنترنت، علّك أن تحظى ببعض الأفكار في هذا، ولن يعدَمَ المجتهد وسيلةً مؤثِّرة في دعوة الشباب وإفادتهم.
جعلنا الله وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا لمرضاته ويستعملنا في طاعته.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
ما رأي فضيلتكم بما بدأ يظهر على السطح من الدعوة إلى التقارب بين السنة والشيعة؟ وما أثر ذلك على الأمة؟ وجزاكم الله كل خير.
الجواب
هذه المسألة تحتاج إلى تفصيل:
(1) دعوة التقريب القائمة والتي بدأت منذ زمن غير مجدية، ويقصد بها تنازل أهل السنة عن المسلمات وأصول الحق الثابتة بالقرآن والسنة لصالح بدع الشيعة، وهذا باطل.
(2) قد يقصد البعض بالتقريب دعوة الشيعة وتقريبهم إلى الحق، وهذا مقصد مشروع، بل مطلوب بالحوار الجاد والمجادلة بالحسنى.
(3) يجب ألا يتصدى للحوار مع الشيعة إلا العلماء وطلاب العلم المتمكنون من ذوي الخبرة بمذهب الشيعة وأصولهم العقدية وشبهاتهم واستدلالاتهم المنحرفة.
وعلى هذا فلا يجوز ما يفعله بعض الشباب من الدخول في هذه المهاترات دون جدارة وعلم، بل بمجرد العاطفة والحماس، وهم بهذا يظهر عجزهم ويخذلون السنة، ويحسب عجزهم على الحق وأهله، والله حسبنا ونعم الوكيل.
السؤال
رأيت أنا وبعض الإخوة أن نتعاون في صيام الست من شوال، فقررنا أن نصوم كل اثنين وخميس على أن نفطر كل مرة في بيت أحدنا بالتناوب، فلما سمع هذا الأمر بعض الإخوة أنكر هذا الأمر واعتبره بدعة، وأنه لم يرد عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة فعلوا هذا الأمر –صيام الست من شوال والإفطار جماعة-، وطالبنا بالدليل على جواز هذا الأمر.
أرجو أن توضح لنا الصحيح في هذه المسألة، ولكم منا جزيل الشكر، ومن الله الأجر والثواب.
الجواب
أخي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهنيئاً لكم توفيق الله لكم لهذه النوافل العظيمة التي وعد النبي –صلى الله عليه وسلم- عليها بالثواب العظيم، ومنها صيام الست من شوال، خاصة وأنتم في بلاد الكفر، فتقبل الله منا ومنكم، وثبتنا وإياكم على دينه.
يا محب: أما قول من يذكر –ممن ينتمي كما يدعي إلى التيار السلفي- من بدعية صيام ست من شوال فأين هو من قوله –صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي أيوب –رضي الله عنه- الذي رواه مسلم (1164) في صحيحه:"من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر"؟ وجمهور أهل العلم على استحباب صيامها، ولم ينكره إلا مالك –رحمه الله- وتبعه على ذلك أتباعه، والسنة –إذا صحت عن المعصوم –صلى الله عليه وسلم- مقدمة على قول كل أحد مهما كانت منزلته في العلم.
وصوم الست من شوال ثبت من سنة النبي –صلى الله عليه وسلم- القولية لا العملية، ويكفي –عند أهل العلم- لثبوت السنة أن يصح بها القول أو العمل أو الإقرار منه –صلى الله عليه وسلم-.
أما كون الاجتماع على ذلك بدعة، فإن الواجب عليكم دائماً –في هذه المسألة وغيرها- أن تسألوا من يبدع عن دليله على أن ما ذكره بدعة.
ومع هذا يقال إن في السنة ما يدل على جواز الاجتماع في العبادة، فقد روى الترمذي (807) وصححه من حديث زيد بن خالد –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:"من فطر صائماً فله مثل أجره"، ومعلوم أن تفطير هذا الصائم سيترتب عليه الاجتماع به، فدل هذا على مشروعية التفطير للصائمين، وما ترتب على المشروع فهو مشروع.
وسبحان الله كم هي الفوائد التي تترتب على الاجتماع مع الإخوة في الله وعلى طاعة من الطاعات، وخصوصاً في بلاد الكفر، التي يحتاج -بل يضطر- الإنسان إلى من يكون عوناً له على الطاعة؟!
ثم يقال لهذا الأخ –هداه الله ووفقه للصواب- إن التبديع ليس بالأمر الهين، والحكم على الشيء بأنه بدعة أمر يجب التأني فيه، والتحقق منه وعدم العجلة، فكم زلت في هذا الباب أقدام، وكم ترتب على ذلك من تمزيق لصفوف المسلمين بعد أن كانت مجتمعة.
وبخصوص مسألتنا هذه، فإنه يمكن مطالبة هذا الأخ (المبدع) بالدليل على أن الصحابة –رضي الله عنهم- أو بعض السلف ما كانوا يجتمعون على أمثال هذه المناسبات، ويقال له: هل استوعبت كتب السنن والآثار؟! واطلعت على ما فيها لتجزم بهذا الحكم الشديد؟!.
السؤال
السلام عليكم.
يتهم بعض الملاحدة القرآن الكريم بأنه جاء فيه بعض الكلمات التي فيها أخطاء –بزعمهم- إملائية مثل كلمة (القرءان) وكلمة (يس) وغير ذلك، فما هو الرد المناسب لهم؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
رسم المصحف من الأمور الاصطلاحية التي لم تتلق بوحي من الله تعالى، وإنما كتبت على نحو ما اصطلح الناس عليه في ذلك الوقت واتفقوا –والأمور التي يتفق عليها الناس لا مشاحة فيها ولا منازعة ولا ينكر فيها على أحد إذا حصل بها المقصود-، ومن ذلك الرسم الإملائي، إذ هو أمر اصطلاحي جرى عليه الناس بقصد أن يكون وسيلة تساعدهم في تناقل العلم وغيره من أوجه النشاط الحضاري، والرسم الإملائي لما كان أمراً اصطلاحياً يجوز أن يقع فيه اختلاف وتغير، على مر العصور، ومن تتبع المراحل التي مر بها الرسم الإملائي العربي أدرك ذلك، بل حتى في عصرنا هذا يوجد اختلاف بين المدارس المعاصرة في رسم عدد غير قليل من الكلمات، ومثل هذا الاختلاف غير مؤثر ولا إشكال فيه، وكذلك الحال فيما يتعلق بالقرآن الكريم، فكونه قد كتب بالرسم الموجود في ذلك الوقت مما اصطلح على تسميته بعد ذلك بالرسم العثماني مما يخالف الرسم الإملائي المعاصر لا يعد ذلك نقصاً في القرآن الكريم، لخروجه عن حقيقته، لأنه لم ينزل مكتوباً، وإنما نزل متلواً، فلا يضره أن يكتب خطأ على فرض أن ذلك قد وقع، كما لو أنه كتب –مثلاً- على ألواح وقراطيس رديئة ونحو ذلك، لم يكن ذلك مما يعاب به القرآن الكريم، على أن أهل العلم كالإمام أبي عمر المدني قد كتبوا قديماً في بيان سبب رسم بعض الكلمات في القرآن على نحو يخالف الرسم القياسي مما يطول ذكره هنا، والله أعلم.
تعليق