عندما زرت اليابان قبل أكثر من ربع قرن ، لم أُسَجّل أو أتكلم أو أكتب عمّا رأيته فيها ، وذلك لعدة أسباب منها :
* قد يشكّ البعض فيما أنقله إليهم ، فهناك أشياء لم تكن تخطر على بال مجتمعنا هنا.وقد لا يصدقها البعض . سيما أنّ وسائل الإعلام لم تكن كماهي اليوم !
* لم تكن لدي عقلية الأستاذ أحمد الشقيري حتى أفكر في استغلال ذلك أعلاميا أو ماديا !
* لم أكن مندهشا لما رأيته من حضارات مادية ، بقدر ما أدهشني التمسك بالقيم والمباديء والسلوك والمحافظة على التقاليد . ولم يدر بخلدي أن أنقل إلى مجتمعي شيئا من تلك الصور عن نظافة ( الحمامات ) أو ماشابهها ، في أي مناسبة ، ناهيك عن أن أتكلّم عنها أو أنقلها بالصوت والصورة في وقت الإفطار في رمضان المبارك . فبعض الكلمات كان في نظري و زال لا يجوز الكلام عنها أمام الناس ، حتى ولو كانت ستثير إهتمامهم أو تشدّ انتباههم . ذلك أنني لم أتعلمّ منذ الصغر من جدتي رحمها الله ومن هم في سنها إلا التحفظ الشدّيد ناحية تلك الكلمات ، فقد كنت أسمعها تقول عن قضاء الحاجة (التبرّر ، أو الخروج إلى الخلاء ) ، وقد كانت تشير إلى العورة بجملة ( ماخلَقَ الله لفلان أو لفلانة ) . وأحيانا كانت تعبّر عنها ( بالمحاشم ) ، فتقول إن فلانٌ يشكي من ( محاشمة ) !
تلك اللغة الراقية تثبّت في ذهني مع الأيام والذهاب إلى المدرسة ، حين وجدت القرآن الكريم يشير بكل أدب وبلاغة إلى إنتقاض الوضوء بالمرور من الأماكن المنخفضة التي تتجمع فيها النفايات والأشياء القذرة { أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ } ، ويستخدم التغشّيّ للتعبير عن قضاء حاجة الرجل من المرأة . { فَلَمَّا تَغَشَّاهَا } وهكذا دواليك ...!
* قد يشكّ البعض فيما أنقله إليهم ، فهناك أشياء لم تكن تخطر على بال مجتمعنا هنا.وقد لا يصدقها البعض . سيما أنّ وسائل الإعلام لم تكن كماهي اليوم !
* لم تكن لدي عقلية الأستاذ أحمد الشقيري حتى أفكر في استغلال ذلك أعلاميا أو ماديا !
* لم أكن مندهشا لما رأيته من حضارات مادية ، بقدر ما أدهشني التمسك بالقيم والمباديء والسلوك والمحافظة على التقاليد . ولم يدر بخلدي أن أنقل إلى مجتمعي شيئا من تلك الصور عن نظافة ( الحمامات ) أو ماشابهها ، في أي مناسبة ، ناهيك عن أن أتكلّم عنها أو أنقلها بالصوت والصورة في وقت الإفطار في رمضان المبارك . فبعض الكلمات كان في نظري و زال لا يجوز الكلام عنها أمام الناس ، حتى ولو كانت ستثير إهتمامهم أو تشدّ انتباههم . ذلك أنني لم أتعلمّ منذ الصغر من جدتي رحمها الله ومن هم في سنها إلا التحفظ الشدّيد ناحية تلك الكلمات ، فقد كنت أسمعها تقول عن قضاء الحاجة (التبرّر ، أو الخروج إلى الخلاء ) ، وقد كانت تشير إلى العورة بجملة ( ماخلَقَ الله لفلان أو لفلانة ) . وأحيانا كانت تعبّر عنها ( بالمحاشم ) ، فتقول إن فلانٌ يشكي من ( محاشمة ) !
تلك اللغة الراقية تثبّت في ذهني مع الأيام والذهاب إلى المدرسة ، حين وجدت القرآن الكريم يشير بكل أدب وبلاغة إلى إنتقاض الوضوء بالمرور من الأماكن المنخفضة التي تتجمع فيها النفايات والأشياء القذرة { أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ } ، ويستخدم التغشّيّ للتعبير عن قضاء حاجة الرجل من المرأة . { فَلَمَّا تَغَشَّاهَا } وهكذا دواليك ...!
قلت أنّ الذي أثار دهشتي وأيقظ غيرتي هو تمسّك الياباني بتراثه وقيمه ومبادئه ، إلا أنّ الذي أدهشني للغاية ومكننّي من معرفة سرّ تقدّمهم هو تمسّكهم باللغة اليابانية !
بعد هزيمتهم من الأمريكان في الحرب العالمية الثانية ،خضعوا لكل طلبات المنتصر ، فوقّع الأمبراطور الياباني على جميع الشروط التي أملاه عليها القائد الأمريكي (ماك آر ثر ) . لكنه عندما وصل الأمر إلى اللغة أستشاط غضباً ولم يقبل مجرد النقاش فيها وقال جملته الشهيرة : " كل شيء إلا اللغة " !
تذهب إلى أي بلد في العالم فتجده متمسكا بلغته ومفتخرا بها ، فحتى دول الإتحاد الأوربي متمسّكة بلغاتها المختلفة رغم إتحادها في كل مايصلح لها.
في تركيا مثلا: تجد كل شيء مكتوب عليه باللغة التركية ، وتجدهم يتخاطبون معك باللغة التركية في أي مكان رغم معرفتهم بأكثر من لغة ، وهكذا في أكثر من بلد ، بل أنّ لغة ميّتة ،لا يتكلمها إلا عدة ملايين من الناس ،مثل العبرية ، أصبحت لغة حيّة تكتب بها المعاهدات وتلقى بها الخطب والمحاضرات ، إلا نحن العرب فقد أصبحت لغتنا أرخص ماعندنا ، فحتى في المدارس يتعلمها التلاميذ كلغة ثانية ، ولا يتخاطبون بها في حياتهم العامة ، بعكس جميع الأمم !
أحزن والله من هذا السلوك ، حيث نتخلى بكل بساطة عن لغتنا العربية ؛ لغة القرآن الكريم ، فنخاطب العامل المتدني المستوى بلغته ، أو بلغة إنكليزية مكسّرة ، أو حتى بلغة عامية مفككة ومنحطة :" أنت فيه يروح ... أنت فيه يجي ..."! بل وصل بنا الأمر إلا أن نشترط للقبول في بعض الوظائف إجادة اللغة الأنكليزية ، نعم إجادتها . رغم أنه لا يجديها حتى من (يتكلنزون) بها !
إنّ اللغة هي وعاء الثقافة ، والتخلّي عنها كسرٌ لوعاءها ؛ أقصد كسر لقَدَحِها !
تعليق