الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
تعلمون أيها السادة والسيدات أني فيما مضى كتبت عن لقاء دام بضع دقائق مع الحزن تناولت معه بعض الأمور التي تحدث لنا إذ يقوم هو وأعوانه بزياراتنا عنوة دون استئذان إلا أنهم يصرون دائما أنهم لا يقومون بالزيارة دون دعوة ! وتلك التي نهتم منها وننصب, إذ نشعر بالإحساس ونقسم أنا ما دعوناه لنكتشف في النهاية أنا مخطئون , وما دام أنا كذلك باعترافنا فلم تعد تنفعني المدافعة فلا أكتب , حيث يظل ذلك الصوت الصارخ يتردد في عقلي حتى يهدني فأتوجه إلى لوحة المفاتيح وأنشغل باللاشيء حتى أهرب من البوح , لا أعرف لم وربما أني أعرف ولكني لا أعترف , ففي الخريف الماضي كنت أتأمل تساقط أوراق الشجر في مزرعة قريبة من مسكني حيث استوقفني ذلك التساقط الذي يظهر من خلفه أصل الشجرة وفروعها على حقيقته مجردا, وعلى الفور حملني خيالي لأرى تساقط الأيام واحدا تلو آخر حتى يظهر خلفها وجه الدنيا, إذ تنكشف الحقيقة الكاملة بعد تساقط كل الأيام وانتهاء العمر, في مثل هذه الأيام قبل ستة أعوام تمنيت أمنيات هذه الأعوام مع صديق حميم ويا لله قبل أن تنتهي تلك الأعوام افترقنا.
أحبائي : لا تزال لغتنا هي أقوى ما يعبر عن حقيقة مشاعرنا.. لا تعرف هل إحساسك نابع من ألمك أم من فصاحتك؟! وجع يتوغل داخلنا .. يمزقنا كأشد ما يكون التمزق وننزف أدمعاً ونظرات زائغة وقد هانت الدنيا علينا .
كل ما كنت أريد أن أزفه إليكم بهذا الهذر هو أخو الحزن ورفيق دربه إنه الفقد .. بكل ما تحوي الكلمة من مرارة ولوعة , بكل ما تحمل من قسوة وغضب, بكل ما تخفيه من توسل ودموع ..بكل شيء , فليس منا من لم يزره الفقد .. يمكنك أن تفقد شخصاً ما , شيئا , إحساساً, ذكرى .. حتى الذكرى نفقدها , مشاعرنا حين نتركها تموت أمامنا ونحن في غاية الرضى, أشياؤنا عندما لا نجدها فجأة ثم نمل السؤال عنها وننساها, وأحباباً على اختلاف أسباب فقدهم لا نفتأ نذكرهم حتى نقضي كمدا.. ولا يعودون .
ما زلت أعتقد أن أرحم سبب للفقد هو الموت, لا تشعر بالنقمة على الله بتصرفات هوجاء ظاهرها التأثر وباطنها الاعتراض والنار فهو أرحم منك بك وبمن تحب, وكيف لا تطمئن وقد ذهب عنك إلى آمن مكان يمكن أن يذهب إليه حي ؛ إلى الله, ولكنا بالرغم عنا نبكي الاشتياق وندعو بصفاء قلب أن يكونوا بخير وأن يجمعنا الله بهم .
وهناك من نفقدهم عنوة..! , من ينتزعون منا نزعا؛ من يظنون أن بعدهم عنا سوف يجعل حياتنا أفضل؛ يقتربون منا حتى إذا اطمأنت قلوبنا لجوارهم رحلوا فجأة تاركين خلفهم ذهولا ومواتا وجراحا ..! .
كثيرا ما يرد على خاطري الشخص الذي يكتشف فجأة أن لديه مرضاً خطيراً فيقرر أن يبتعد عن كل أحبائه كي يقضي أيامه الأخيرة وحيداً .. وحتى لا يراهم وهم يتعذبون لأجله , وقد رأيت ذلك في مواقف مشابهة ـ نسأل الله لهم المغفرة والرحمة ـ إلا أن ألماً خفيا يزورني كلما تذكرت تلك القسوة, تحرقني الدموع التي تذرف لفراقه قبل أن يموت, وشحنات من الغضب الممزوج بالمرارة, إنه شخص يقرر عن غيره اختياراتهم فيقتل نفسه ويقتلهم .
بعد اللذين أحبهم والوجد يذكيه البعاد
ويل الجياد فقد نأت بأحبتي ويل الجياد
بعثوا خيالهم وكيف به لمن حرم الرقاد
أتراهم علموا بمن أصفاهم صدق الوداد
ويل الجياد فقد نأت بأحبتي ويل الجياد
بعثوا خيالهم وكيف به لمن حرم الرقاد
أتراهم علموا بمن أصفاهم صدق الوداد
تعلمون أيها السادة والسيدات أني فيما مضى كتبت عن لقاء دام بضع دقائق مع الحزن تناولت معه بعض الأمور التي تحدث لنا إذ يقوم هو وأعوانه بزياراتنا عنوة دون استئذان إلا أنهم يصرون دائما أنهم لا يقومون بالزيارة دون دعوة ! وتلك التي نهتم منها وننصب, إذ نشعر بالإحساس ونقسم أنا ما دعوناه لنكتشف في النهاية أنا مخطئون , وما دام أنا كذلك باعترافنا فلم تعد تنفعني المدافعة فلا أكتب , حيث يظل ذلك الصوت الصارخ يتردد في عقلي حتى يهدني فأتوجه إلى لوحة المفاتيح وأنشغل باللاشيء حتى أهرب من البوح , لا أعرف لم وربما أني أعرف ولكني لا أعترف , ففي الخريف الماضي كنت أتأمل تساقط أوراق الشجر في مزرعة قريبة من مسكني حيث استوقفني ذلك التساقط الذي يظهر من خلفه أصل الشجرة وفروعها على حقيقته مجردا, وعلى الفور حملني خيالي لأرى تساقط الأيام واحدا تلو آخر حتى يظهر خلفها وجه الدنيا, إذ تنكشف الحقيقة الكاملة بعد تساقط كل الأيام وانتهاء العمر, في مثل هذه الأيام قبل ستة أعوام تمنيت أمنيات هذه الأعوام مع صديق حميم ويا لله قبل أن تنتهي تلك الأعوام افترقنا.
أحبائي : لا تزال لغتنا هي أقوى ما يعبر عن حقيقة مشاعرنا.. لا تعرف هل إحساسك نابع من ألمك أم من فصاحتك؟! وجع يتوغل داخلنا .. يمزقنا كأشد ما يكون التمزق وننزف أدمعاً ونظرات زائغة وقد هانت الدنيا علينا .
كل ما كنت أريد أن أزفه إليكم بهذا الهذر هو أخو الحزن ورفيق دربه إنه الفقد .. بكل ما تحوي الكلمة من مرارة ولوعة , بكل ما تحمل من قسوة وغضب, بكل ما تخفيه من توسل ودموع ..بكل شيء , فليس منا من لم يزره الفقد .. يمكنك أن تفقد شخصاً ما , شيئا , إحساساً, ذكرى .. حتى الذكرى نفقدها , مشاعرنا حين نتركها تموت أمامنا ونحن في غاية الرضى, أشياؤنا عندما لا نجدها فجأة ثم نمل السؤال عنها وننساها, وأحباباً على اختلاف أسباب فقدهم لا نفتأ نذكرهم حتى نقضي كمدا.. ولا يعودون .
ما زلت أعتقد أن أرحم سبب للفقد هو الموت, لا تشعر بالنقمة على الله بتصرفات هوجاء ظاهرها التأثر وباطنها الاعتراض والنار فهو أرحم منك بك وبمن تحب, وكيف لا تطمئن وقد ذهب عنك إلى آمن مكان يمكن أن يذهب إليه حي ؛ إلى الله, ولكنا بالرغم عنا نبكي الاشتياق وندعو بصفاء قلب أن يكونوا بخير وأن يجمعنا الله بهم .
وهناك من نفقدهم عنوة..! , من ينتزعون منا نزعا؛ من يظنون أن بعدهم عنا سوف يجعل حياتنا أفضل؛ يقتربون منا حتى إذا اطمأنت قلوبنا لجوارهم رحلوا فجأة تاركين خلفهم ذهولا ومواتا وجراحا ..! .
كثيرا ما يرد على خاطري الشخص الذي يكتشف فجأة أن لديه مرضاً خطيراً فيقرر أن يبتعد عن كل أحبائه كي يقضي أيامه الأخيرة وحيداً .. وحتى لا يراهم وهم يتعذبون لأجله , وقد رأيت ذلك في مواقف مشابهة ـ نسأل الله لهم المغفرة والرحمة ـ إلا أن ألماً خفيا يزورني كلما تذكرت تلك القسوة, تحرقني الدموع التي تذرف لفراقه قبل أن يموت, وشحنات من الغضب الممزوج بالمرارة, إنه شخص يقرر عن غيره اختياراتهم فيقتل نفسه ويقتلهم .
أشياء أفقدها لبرهات من الزمن وأخرى حزنت عليها حتى مللت تذكرها وأشياء جديدة أتعلمها في التعامل مع الحزن وأخوته في هذه الدنيا ..
وأشياء أبقى على تأمل منها .
أناس أحبهم جدا وأرحل .
وآخرون أحبهم ..وأحبهم
ويرحلون ..!!
وأشياء أبقى على تأمل منها .
أناس أحبهم جدا وأرحل .
وآخرون أحبهم ..وأحبهم
ويرحلون ..!!
تعليق