يجلس محتبئاً بين قومه ، متصدراً المجلس.
تبدو عليه هيبة الوقار ، لا يستأثر بحديث ، وجل جلوسه للاستماع .
تخرج منه كلمات تُعد .
عندما تتحرك شفتاه ينصت الجميع مصغين لحديثه القليل .
فكلامه متصف بالإيجاز ، مع أنه مليء بالحكم والمعاني.
يستشيره هذا ، ويسترشده ذاك .
إنه حكيم يجلس بين قومه.
في أقصى المجلس رجل تضطرم في جوفه ناران ( نار الحقد ، ونار الحسد ).
يحاول أن يلفت الأنظار إليه ، يرفع صوته ، فيشيح عنه الناس ولسان حالهم يقول : ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ).
تساءل الحقود : ما سبب إقبال الناس عليه ، وإدبارهم عني ؟
انطلق إلى بيته ، ومن زوجته طلب ( بشته ) ، وبسرعة البرق ارتداه .
عاد إلى مجلس القوم متبتختراً في مشيته ، ظاناً أن ( بشته) قد كساه هيبة ووقارا.
فأشاح عنه الناس أخرى مستحضرين : ( ولا تمش في الأرض مرحا).
لم يثنه ما رآه من عدم الرضا على وجوههم في المرتين ، بل جعل متكأ الحكيم الغاية
والهدف ، وهنا تتنحى الحكمة وأبوها في زاوية قصية ، فالمحافظة على لحمة المجلس
وترابطه أولى من ( متكأ ) .
بصوت جهوري مبحوح ، ينادي ( السفيه ) الحكيمَ قائلاً : يا أبا عبيد : هل تعلم أن بك
صفة من صفات الكلب ؟
وجه السؤال وهو يريد أن يخرج الحكيم عن طوره ، ليجاريه في سفاهته ، فيكون سفيهاً
مثله ، وقد صدق القائل : ( ودت الزانية لو أن كل النساء زانيات ).
رد الحكيم : بـ ( نعم ) أعلم ذلك .
بهت الناس ، أيكون حكيمهم مثل الكلب .
ضحك السفيه ، بل وقهقه ، فمن صفاته ( القهقهة ) الممقوتة .
ثم قال : وهل تعلم أن من الحمار فيك صفة ؟
ومرة ثانية تبتسم الحكمة وترد : نعم ورب الكعبة .
ضاق القوم بأسئلة السفيه ذرعا، ومن إجابة حكيمهم ذهولا.
عندها قال الحكيم : من لم يكن فيه صفة من صفات الكلب فليس برجل ، يعني ( الوفاء ) .
ومن لم يكن فيه صفة من صفات الحمار فليس برجل أيضـًا ، يقصد (الصبر).
فلو لم تكن هذه الصفة متجذرة في طبعي ، لما صبرت على سفاهة السفيه .
قامت السفاهة تجر ( بشتها ) ومعها أذيال الخيبة.
لا تسألوني عن مناسبة هذه القصة ، فجار (أبي علي) أحق مني بالسؤال ، فمن مواقفه
وحكمته تعلمت الكثير ، وقبل كتابة ما تقرؤونه الآن بساعة رأيت ما جعلني في عجب ..!
تبدو عليه هيبة الوقار ، لا يستأثر بحديث ، وجل جلوسه للاستماع .
تخرج منه كلمات تُعد .
عندما تتحرك شفتاه ينصت الجميع مصغين لحديثه القليل .
فكلامه متصف بالإيجاز ، مع أنه مليء بالحكم والمعاني.
يستشيره هذا ، ويسترشده ذاك .
إنه حكيم يجلس بين قومه.
في أقصى المجلس رجل تضطرم في جوفه ناران ( نار الحقد ، ونار الحسد ).
يحاول أن يلفت الأنظار إليه ، يرفع صوته ، فيشيح عنه الناس ولسان حالهم يقول : ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ).
تساءل الحقود : ما سبب إقبال الناس عليه ، وإدبارهم عني ؟
انطلق إلى بيته ، ومن زوجته طلب ( بشته ) ، وبسرعة البرق ارتداه .
عاد إلى مجلس القوم متبتختراً في مشيته ، ظاناً أن ( بشته) قد كساه هيبة ووقارا.
فأشاح عنه الناس أخرى مستحضرين : ( ولا تمش في الأرض مرحا).
لم يثنه ما رآه من عدم الرضا على وجوههم في المرتين ، بل جعل متكأ الحكيم الغاية
والهدف ، وهنا تتنحى الحكمة وأبوها في زاوية قصية ، فالمحافظة على لحمة المجلس
وترابطه أولى من ( متكأ ) .
بصوت جهوري مبحوح ، ينادي ( السفيه ) الحكيمَ قائلاً : يا أبا عبيد : هل تعلم أن بك
صفة من صفات الكلب ؟
وجه السؤال وهو يريد أن يخرج الحكيم عن طوره ، ليجاريه في سفاهته ، فيكون سفيهاً
مثله ، وقد صدق القائل : ( ودت الزانية لو أن كل النساء زانيات ).
رد الحكيم : بـ ( نعم ) أعلم ذلك .
بهت الناس ، أيكون حكيمهم مثل الكلب .
ضحك السفيه ، بل وقهقه ، فمن صفاته ( القهقهة ) الممقوتة .
ثم قال : وهل تعلم أن من الحمار فيك صفة ؟
ومرة ثانية تبتسم الحكمة وترد : نعم ورب الكعبة .
ضاق القوم بأسئلة السفيه ذرعا، ومن إجابة حكيمهم ذهولا.
عندها قال الحكيم : من لم يكن فيه صفة من صفات الكلب فليس برجل ، يعني ( الوفاء ) .
ومن لم يكن فيه صفة من صفات الحمار فليس برجل أيضـًا ، يقصد (الصبر).
فلو لم تكن هذه الصفة متجذرة في طبعي ، لما صبرت على سفاهة السفيه .
قامت السفاهة تجر ( بشتها ) ومعها أذيال الخيبة.
لا تسألوني عن مناسبة هذه القصة ، فجار (أبي علي) أحق مني بالسؤال ، فمن مواقفه
وحكمته تعلمت الكثير ، وقبل كتابة ما تقرؤونه الآن بساعة رأيت ما جعلني في عجب ..!
تعليق