لو درسنا شخصية أي مغرور أو أيّة مغرورة ، لرأينا أنّ هناك خطأً في تقييم وتقدير كلّ منهما لنفسه .
فالمغرور ـ شاباً كان أو فتاة ، رجلاً كان أو امرأة ـ يرى نفسه مفخّمة وأكبر من حجمها ، بل وأكبر من غيرها أيضاً ، فيداخله العجب ويشعر بالزهو والخيلاء لخصلة يمتاز بها ، أو يتفوّق بها على غيره ، وقد لا تكون بالضرورة نتيجة جهد شخصي بذله لتحصيلها ، وإنّما قد تكون هبة أو منحة حباه اللهُ إيّاها .
وهذا يعني أن نظرة المغرور إلى نفسه غير متوازنة ، ففي الوقت الذي ينظر إلى نفسه باكبار ومغالاة ، تراه ينظر إلى غيره باستصغار وإجحاف ، فلا نظرته إلى نفسه صحيحة ولا نظرته إلى غيره سليمة .
ومنشأ هذا الاختلال في التقويم هو شعور داخلي بالنقص يحاول المغرور أو المتكبّر تغطيته برداء غروره وتكبّره ، وقد جاء في الحديث : «ما من رجل تكبّر أو تجبّر إلاّ لذلّة وجدها في نفسه» . فكيف يكون ذلك ؟
لو افترضنا أنّ هناك شاباً رياضياً حاز على البطولة في إحدى الألعاب المعروفة (الجري) أو (رفع الأثقال) أو (كرة الطاولة) فإنّ الذي أوصله إلى البطولة هو الجهود المبذولة والتدريب المتواصل الذي يرفع من مستوى أداء اللاعب ويؤهله إلى الفوز بالبطولة ، وقد تكون هناك عوامل ثانوية أخرى .
فالتقرير الصائب للفوز هو العمل بقاعدة «مَنْ جدّ وجد» وعلى مقدار الجهد المبذول تأتي النتائج . وهذا بالطبع أمر مستطاع وبإمكان أي شاب آخر أن يصل إليه ضمن نفس الشروط والإمكانات والظروف .
فإذا كانت النتائج الممتازة طبيعية ولا تمثّل معجزة .
وإذا كان تحقيقها من قبل الآخرين ممكناً .
وإذا كان هناك مَنْ حاز على البطولة مرّات عديدة .
فلِمَ الشعور بالغرور والاستعلاء ، وكأنّ ما تحقق معجزة فريدة يعجز عن القيام بها الشبان الرياضيون الآخرون ؟
إذن هناك سبب آخر يدعو إلى الغرور والتكبّر ، وهو أمر لا علاقة مباشرة له بالفوز ، وهو أن هذا اللاعب الذي حاز على البطولة لم يشعر فقط بنشوة النصر أو الفوز ، بل يرى في نفسه أ نّه الأفضل ولذا كان المتفوّق ، وبهذا يستكمل نقصاً ما في داخله ، يحاول أن يستكمله أو يغطيه باظهار الخيلاء والتعالي .
ولو نظرتَ إلى المغرور جيِّداً لرأيت أ نّه يعيش حبّين مزدوجين : حبّاً لنفسه وحبّاً للظهور ، أي أنّ المغرور يعيش حالة أنانية طاغية ، وحالة ملحّة من البحث عن الإطراء والثناء والمديح . وفي الوقت نفسه ، تراه يقدِّم لنفسه عن نفسه تصورات وهمية فيها شيء من التهويل ، فمثلاً يناجي نفسه بأ نّه طالما حاز على البطولة في هذه المباراة ، فإنّه سينالها في كلّ مباراة ، ومهما كان مستوى الأبطال أو الرياضيين الذين ينازلونه .
وهنا يجب التفريق بين مسألتين : (الثقة بالنفس) و (الغرور) .
فالثقة بالنفس ، أو ما يسمّى أحياناً بالاعتدادَ بالنفس تتأتّى من عوامل عدّة ، أهمّها : تكرار النجاح ، والقدرة على تجاوز الصعوبات والمواقف المحرجة ، والحكمة في التعامل ، وتوطين النفس على تقبّل النتائج مهما كانت ، وهذا شيء إيجابي .
أمّا الغرور فشعور بالعظمة وتوهّم الكمال ، أي أنّ الفرق بين الثقة بالنفس وبين الغرور هو أنّ الأولى تقدير للامكانات المتوافرة ، أمّا الغرور ففقدان أو إساءة لهذا التقدير . وقد تزداد الثقة بالنفس للدرجة التي يرى صاحبها ـ في نفسه ـ القدرة على كلّ شيء ، فتنقلب إلى غرور .
ولنأخذ مثلاً آخر ، فالفتاة الجميلة التي تقف قبالة المرآة وتلقي على شعرها ووجهها وجسدها نظرات الإعجاب البالغ والافتتان بمحاسنها ، ترى أنّها لا يعوزها شيء وأنّها الأجمل بين بنات جنسها ، وهذا الرضا عن النفس أو الشكل دليل الفتنة التي تشغل تلك الفتاة عن التفكير بالكمالات أو الفضائل التي يجب أن تتحلّى بها لتوازن بين جمال الشكل وجمال الروح ، ولذا قيل : «الراضي عن نفسه مفتون» كما قيل أيضاً : «الإعجاب يمنع من الإزدياد» .
للأسف يوجد بعض الاعضاء هنا مغترين بنفسهم .. فتم النقل للفائدهـ .. ولمعرفة انه بغروركم تزيدون الناس كرها وتهميشا لكمـ ..
لكم أحترامي
تعليق