قَوْله تَعَالَى " وَمِنْ آيَاته أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا " أَيْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ جِنْسكُمْ إِنَاثًا تَكُون لَكُمْ أَزْوَاجًا " لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا " كَمَا قَالَ تَعَالَى " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا " يَعْنِي بِذَلِكَ حَوَّاء خَلَقَهَا اللَّه مِنْ آدَم مِنْ ضِلْعه الْأَقْصَر الْأَيْسَر . وَلَوْ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ بَنِي آدَم كُلّهمْ ذُكُورًا وَجَعَلَ إِنَاثهمْ مِنْ جِنْس آخَر مِنْ غَيْرهمْ إِمَّا مِنْ جَانّ أَوْ حَيَوَان لَمَا حَصَلَ هَذَا الِائْتِلَاف بَيْنهمْ وَبَيْن الْأَزْوَاج بَلْ كَانَتْ تَحْصُل نُفْرَة لَوْ كَانَتْ الْأَزْوَاج مِنْ غَيْر الْجِنْس ثُمَّ مِنْ تَمَام رَحْمَته بِبَنِي آدَم أَنْ جَعَلَ أَزْوَاجهمْ مِنْ جِنْسهمْ وَجَعَلَ بَيْنهمْ وَبَيْنهنَّ مَوَدَّة وَهِيَ الْمَحَبَّة وَرَحْمَة وَهِيَ الرَّأْفَة فَإِنَّ الرَّجُل يُمْسِك الْمَرْأَة إِمَّا لِمَحَبَّتِهِ لَهَا أَوْ لِرَحْمَةٍ بِهَا بِأَنْ يَكُون لَهَا مِنْهُ وَلَد أَوْ مُحْتَاجَة إِلَيْهِ فِي الْإِنْفَاق أَوْ لِلْأُلْفَةِ بَيْنهمَا وَغَيْر ذَلِكَ " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " .
اِشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَات الْكَرِيمَات الْمُبِينَة عَلَى جُمَل مِنْ الْأَحْكَام الْمُحْكَمَة وَالْأَوَامِر الْمُبْرَمَة فَقَوْله تَعَالَى " وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ" إِلَى آخِره هَذَا أَمْر بِالتَّزْوِيجِ . وَقَدْ ذَهَبَ طَائِفَة مِنْ الْعُلَمَاء إِلَى وُجُوبه عَلَى كُلّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَاحْتَجُّوا بِظَاهِرِ قَوْله " عَلَيْهِ السَّلَام " يَا مَعْشَر الشَّبَاب مَنْ اِسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَة فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَن لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاء " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود وَقَدْ جَاءَ فِي السُّنَن مِنْ غَيْر وَجْه أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " تَزَوَّجُوا الْوَلُود تَنَاسَلُوا فَإِنِّي مُبَاهٍ بِكُمْ الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة " وَفِي رِوَايَة " حَتَّى بِالسِّقْطِ " الْأَيَامَى جَمْع أَيِّم وَيُقَال ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي لَا زَوْج لَهَا وَلِلرَّجُلِ الَّذِي لَا زَوْجَة لَهُ وَسَوَاء كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ ثُمَّ فَارَقَ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّج وَاحِد مِنْهُمَا حَكَاهُ الْجَوْهَرِيّ عَنْ أَهْل اللُّغَة يُقَال رَجُل أَيِّم وَامْرَأَة أَيِّم . وَقَوْله تَعَالَى " إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمْ اللَّه مِنْ فَضْله " الْآيَة قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس رَغَّبَهُمْ اللَّه فِي التَّزْوِيج وَأَمَرَ بِهِ الْأَحْرَار وَالْعَبِيد وَوَعَدَهُمْ عَلَيْهِ الْغِنَى فَقَالَ : " إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمْ اللَّه مِنْ فَضْله" وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مَحْمُود بْن خَالِد الْأَزْرَق حَدَّثَنَا عُمَر بْن عَبْد الْوَاحِد عَنْ سَعِيد - يَعْنِي اِبْن عَبْد الْعَزِيز - قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : أَطِيعُوا اللَّه فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ النِّكَاح يُنْجِز لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ مِنْ الْغِنَى قَالَ تَعَالَى : " إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمْ اللَّه مِنْ فَضْله" وَعَنْ اِبْن مَسْعُود اِلْتَمِسُوا الْغِنَى فِي النِّكَاح . يَقُول اللَّه تَعَالَى " إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمْ اللَّه مِنْ فَضْله" رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ عَنْ عُمَر نَحْوه . وَعَنْ اللَّيْث عَنْ مُحَمَّد بْن عَجْلَان عَنْ سَعِيد الْمَقْبُرِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ثَلَاثَة حَقَّ عَلَى اللَّه عَوْنهمْ النَّاكِح يُرِيد الْعَفَاف وَالْمُكَاتَب يُرِيد الْأَدَاء وَالْغَازِي فِي سَبِيل اللَّه " رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ وَقَدْ زَوَّجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الرَّجُل الَّذِي لَمْ يَجِد عَلَيْهِ إِلَّا إِزَاره وَلَمْ يَقْدِر عَلَى خَاتَم مِنْ حَدِيد وَمَعَ هَذَا فَزَوَّجَهُ بِتِلْكَ الْمَرْأَة وَجَعَلَ صَدَاقهَا عَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّمهَا مَا مَعَهُ مِنْ الْقُرْآن . وَالْمَعْهُود مِنْ كَرَم اللَّه تَعَالَى وَلُطْفه أَنْ يَرْزُقهُ مَا فِيهِ كِفَايَة لَهَا وَلَهُ وَأَمَّا مَا يُورِدهُ كَثِير مِنْ النَّاس عَلَى أَنَّهُ حَدِيث " تَزَوَّجُوا فُقَرَاء يُغْنِكُمْ اللَّه " فَلَا أَصْل لَهُ وَلَمْ أَرَهُ بِإِسْنَادٍ قَوِيّ وَلَا ضَعِيف إِلَى الْآن وَفِي الْقُرْآن غُنْيَة عَنْهُ وَكَذَا هَذِهِ الْأَحَادِيث الَّتِي أَوْرَدْنَاهَا وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .
وقال ( صلى الله عليه وسلم : "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" [الترمذي]
أركان الزواج الصحيح
أولا - أولها الولي: عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"لا نكاح إلا بولي " [أبو داود]
ثانيا- الشاهدان: لقوله صلى الله عليه وسلم : "لانكاح إلا بولي وشاهدي عدل" [ابن حبان]
ثالثا - المهر: أوجبه الشرع الشريف على الزوج وجعله هدية تكريم للزوجة، قال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَة}[النساء: 4]، إلا أنه حث على يُسره وخفته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"خير النكاح أيسره".. فاحذري المنافسة في مغالاة المهر
الأخ أبو هاني
أشكرك على طرحك لهذا الموضوع البالغ الأهميه وهذه مقدمه مأخوذه من الكتاب والسنه وسوف اعود بأذن الله الى الموضوع
أهلا بك وبما أتيت به ..
أبا أحمد :
في انتظار عودتك ، لك مني الشكر..
السوادي
تعليق