.
*****
كنت ابحث عن قائل ثلاثة أبيات من الشعر حول بياض الشعر فوجدت موضوع ممتاز ويستحق النقل مع الإشارة إلى المصدر والكاتب وقبل إيراد الموضوع سوف أقدم الأبيات الثلاثة وهي :
سألتها قبلة يوما وقد نظرت ..... شيبي وقد كنت ذا مال وذا نعم
فأعرضت وتولت وهي قائلة ..... لا والذي أوجد الأشياء من عدم
ما كان لي في بياض الشيب من أرب ..... أفي الحياة يكون القطن حشو فمي
بعنوان
الشيب بعيون الأدباء والشعراء الشعراء يرحبون به والشاعرات يرفضنه ويهربن منه
الشيب ذلك الضيف الذي يزورنا ونحن في غفلة منه عن تقدم العمر بنا,البعض منا يراه ضيفا ثقيلا والبعض الآخر يراه خفيف الظل 00ولكن مما لاشك فيه أن هذه النظرة تختلف من شخص لآخر,ولكننا أثرنا أن نعرف وجهة نظر الأدباء والشعراء من نساء ورجال عن مفهومهم للشيب
خداع للنفس
الشاعر الدكتور عبدالرحمن المحسني أستاذ اللغة العربية بكلية المعلمين بابها يقول :
الشيب ذلك البياض اللؤلؤي الذي تفزع منه الأرواح التي لا تزال ترمق أفق الحياة البعيد
نتحرك في مدى الحياة لكننا لا نلبث أن نرى ذلك البياض الذي يخط ظلام الغشاوة والأمل ليجبرنا صباح مساء أن نتوقف قسرا
بياض الشيب فلسفة يراها البعض مفتاحا للتفاؤل حين يراها البعض كفنا ينشر.. إن البياض يخضع في التعامل معه إلى سيكولوجيات معينة تفرض نوعا من القبول أو الرفض، قبل أن يكون التعامل معه وفق مقررات أخرى فإذا تجاوزنا خلاف العلماء في جواز تغيير البياض من عدمه فسنجد أننا أمام حالات شعورية في تعاملها مع البياض ،،، على غرار ذلك الشاعر العربي الذي نظر للبياض من زاويته الخاصة حين يقول وهو يصارع حالات شعورية معينة تقف الأنثى على هرمها :
خبريني ماذا كرهت من الشيب ... فلا علم لي بذنب المشيب
أضياء النهار ... أم وضح اللؤلؤ ... أم كونه كثغر الحبيب
والشاعر الآخر من وحي صراعه مع الأنثى أيضا يقول :
تعيرني بالشيب وهو وقار ..... ليتها عيرت بما هو عار
ونقف بعد هذين البيتين اللذين يشكلان حالة انزياح مغايرة في النظرة للبياض تنطلق من عمق الضعف باتجاه محاولة تلمس اليقين الذي استنفر له الشاعر مقدراته في إقناع أنثاه بقبول البياض كلون له حضوره المتفائل والقوي في الحياة
وهنا نحتاج إلى وقفة حول تلك المفارقة بين رؤية الأنثى للبياض وهي بلا شك تنفر منه أيما نفور وفي اعتقادي أن لهذا النفور دورا في التأثير على تصورات الرجل، وأنها مارست في تاريخها محاولة نفي هذا اللون وإقناع الرجل بكراهيته والنفور منه، ذلك لأنه في العموم يرتبط في رؤيتها بأخرى تشاركها زوجها، أو تقاربها من عالم بلا طرف آخر، ثم إنها مارست سلطويتها على تصورات الذكر فرأيته في النصين السابقين يصارع من أجل إقٌناع أنثاه بأنه لا يزال شابا، وثمة إذن مفارقة بين رؤية الرجل للشيب وموقفه منه الذي يرتبط في تصوراته بالفناء و بين الأنثى التي تكره البياض لأنه يرتبط لديها وفي تصوراتها بأبعاد أخرى
من أجل ذلك رأينا تلك المواقف التي تنفر من ذلك اللون الجميل الأبيض الذي يخترق سواد الغرور
وبرؤية خاصة، قد لا يضايقني البياض الذي بدأت أتلمسه في مفرقي وأراه يتحرك في صفحة وجهي قدر ما يضايقني الذين يتعمدون أن يلونوا وجوههم وأن يخادعوا أنفسهم
أما الأستاذ أحمد عسيري 0 مدير جمعية الثقافة والفنون بابها فيقول :
أتى ذكر الشيب في ديوان العرب الشعري بصورة تنم عن ضيق شديد أو ألم صارخ أو حزن قاتل ونادرا ما كان للفكاهة أو التندر فالبعض فسره على أنه رحيل العمر وغروب ميعة الشباب وتوديع مراحل الحياة الزاهية بكل أطياف المتعة وجمال الكون لقد أسرف بعض الشعراء في الشكوى من هذا الضيف الثقيل الذي يطرق أبواب العمر ويدق نوافذ الواقع المعاش فيوقظ في دواخلنا ملحمة من الآهات وشلالا من المرارة وقد أعجبني قول أحدهم :
قالت أراك خضبت الشيب قلت لها ..... سترته عنك يا سمعي ويا بصري
فقهقهت ثم قالت من تعجبها ..... تكاثر الغش حتى صار في الشعر
إن حساسية الشعراء ودفء مشاعرهم جعلاهم أكثر الناس حديثا عن هذه الظاهرة الطبيعية لغيرهم والمؤرقة لهم فهم يقبلون على الحياة بكل جوارحهم ويشكلون عالمهم بصورة زاهية وعذبة ولا يفرطون في لحظات العمر الهارب من أيديهم فغنائيتهم وشدو ألحانهم المسكوبة من فيض مشاعرهم تجعلهم يصرخون ضد هذا النذير والمؤشر المزعج يقول الآخر :-
سألتها قبلة يوما وقد نظرت ..... شيبي وقد كنت ذا مال وذا نعم
فأعرضت وتولت وهي قائلة ..... لا والذي أوجد الأشياء من عدم
ما كان لي في بياض الشيب من أرب ..... أفي الحياة يكون القطن حشو فمي
والتعبير عن الشيب من قبل الشعراء والأدباء يأتي نسبيا فمنهم من أتخذ موقفا عدائيا من هذا الضيف ومنهم من جعل منه أسلوبا للسخرية الذاتية والتندر والابتسامة المشحونة بالوجع الخفي والآهة المدفونة والأغرب والمثير للتساؤل أن الرجل هو الأكثر شكوى وألما وإحباطا من هذا القادم الثقيل بينما المرأة غائبة عن هذه السيرة والطرح الشعري من خلال تعاطيها مع هذه الظاهر الخلقية والتي لا يستطيع الإفلات منها الرجل والمرأة على حد سواء
فلماذا يعري الشعراء واقعهم إلى درجة القبح أحيانا وتسكت حواء ولا تشارك في هذه البكائية المريرة
الكاتبة والأديبة مها موسى أبو النجا فتقول :
الشيب بالنسبة للمرأة العربية وبمفهومها يقلل من جمالها ويدل أحيانا على تقدمها بالعمر00فلذا تتهرب المرأة بصفة عامة وربما الكاتبة بصفة خاصة من الخوض فيه ويعود ذلك للموروث الثقافي والفكري لكون الشيب دلا لة لوقار الرجل، ويقلل من جمال المرأة
ولكن ذلك لا يعد مقياسا لدى كافة الشرائح النسائية فهاهي (نوال السعداوي) تفتخر بخصلتها البيضاء ,سواء كتبت عن الشيب أم لم تكتب 00فذلك يعد شجاعة أدبية
فأتمنى من كل امرأة عربية أن تتخطى هذا المفهوم وتتجاوز الموروث وتبحر في هذا الموضوع أسوة بالرجل
أما الأستاذة ذكرى الشعلان فهي ترى أن المرأة بحكم أنوثتها وحبها أن تبقى دائما جميلة فهي تتنكر للشيب ولا تحب أن تذكره في كتاباتها وشعرها لأنه يذكرها بأنها كبرت فهي تتهرب منه لكي تبقى دائما جذابة بعيون الرجل 00وتضيف الأستاذة ذكرى بأن الرجل عندما يشيب شعر رأسه يجذب الأنثى بخصلة شعره الأبيض وتراه وسيما وجذابا لأنه دخل بمرحله من العمر تدعو للوقار والهيبة
أما الأستاذة/أسماء بنت عبد العزيز الجنوبي00محاضرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 00وشاعرة فتقول :
يؤرق موضوع المشيب هاجس كثير من الشعراء من قديم العهد؛ ربما لأنه نذير النهاية، أو لأنه ملازم الكبر والضعف، وقد يرتبط المشيب بفقدان البريق والفتوة التي يتباهى الرجل بها، والتي قد تجذب المرأة على حساب أنَّ المرأة وإن أحبت الشيب يومًا فإنها لن تعشقه بحال
والرجل يعترف بوجود الشيب، ويتحدث عنه مبررًا وجوده إيجابًا لا سلبًا؛ فقد يتحدث عن الشيب الآسر، أو عن الشعيرات البيض التي ربما تغزو الشباب ولا تقتصر على الشيوخ، وربما يتحدث الشاعر عن شباب الروح الباقي، وإن ظهرت علامات المشيب
وتهرب الشاعرة من الحديث عن الشيب لأنها لا تعترف بوجوده في حياتها، أو لأنها تحس بقدرتها على تجاوز آثار الكبر الظاهرة بزينتها التي جبلت على الاهتمام بها
وقد لا يثير موضوع المشيب المرأة لأنه لا يعد وحده نذير النهاية في حياتها؛ فهناك أمور أكبر وأظهر قد تخبرها عن سنها؛ فالشيب وإن غير لون شعرها فإنه لن يغير هيأتها، أو قدرتها على التواصل مع الحياة
وقد يقول قائل بأن المرأة حين تبتعد عن الخوض في موضوع المشيب فإنها لا تقصي هذا الموضوع وحده عن ساحة تعبيرها؛ فالمواضيع التي تغيبّها المرأة كثيرة؛ وذلك للمحافظة على خصوصيتها تارة، وربما على غموضها المثير- إذا صح التعبير
ولا أظن المرأة تبتعد عن هذا الموضوع لقلة إنتاجها الشعري في مقابل ما يقول الرجل، فلو أهمها الموضوع لقالت فيه شعرًا، وإن كان كل ديوانها قصيدة واحدة، إضافة إلى أن الشاعرة لو تحدثت عن شيبها لكان هذا اعترافًا منها بوجوده في حياتها، واعترافًا بسنها الذي لن تفصح عنه المرأة
ويبدو أن اللغة العربية تجيز للمرأة الشاعرة بعدها عن التعبير عن المشيب، فاللغة لا تنسب الشيب للمرأة إلا إذا تمكن منها تمامًا، فقد يقال: رجل أشيب، ولا يقال للمرأة شيباء
( انتهى )
*****
*****
كنت ابحث عن قائل ثلاثة أبيات من الشعر حول بياض الشعر فوجدت موضوع ممتاز ويستحق النقل مع الإشارة إلى المصدر والكاتب وقبل إيراد الموضوع سوف أقدم الأبيات الثلاثة وهي :
سألتها قبلة يوما وقد نظرت ..... شيبي وقد كنت ذا مال وذا نعم
فأعرضت وتولت وهي قائلة ..... لا والذي أوجد الأشياء من عدم
ما كان لي في بياض الشيب من أرب ..... أفي الحياة يكون القطن حشو فمي
الموضوع ( منقول ) من جريدة الرياض اليومية
الأربعاء 21 ربيع الأول 1427هـ - 19 أبريل 2006م - العدد 13813
أبها - مريم الجابر :
الأربعاء 21 ربيع الأول 1427هـ - 19 أبريل 2006م - العدد 13813
أبها - مريم الجابر :
بعنوان
الشيب بعيون الأدباء والشعراء الشعراء يرحبون به والشاعرات يرفضنه ويهربن منه
الشيب ذلك الضيف الذي يزورنا ونحن في غفلة منه عن تقدم العمر بنا,البعض منا يراه ضيفا ثقيلا والبعض الآخر يراه خفيف الظل 00ولكن مما لاشك فيه أن هذه النظرة تختلف من شخص لآخر,ولكننا أثرنا أن نعرف وجهة نظر الأدباء والشعراء من نساء ورجال عن مفهومهم للشيب
خداع للنفس
الشاعر الدكتور عبدالرحمن المحسني أستاذ اللغة العربية بكلية المعلمين بابها يقول :
الشيب ذلك البياض اللؤلؤي الذي تفزع منه الأرواح التي لا تزال ترمق أفق الحياة البعيد
نتحرك في مدى الحياة لكننا لا نلبث أن نرى ذلك البياض الذي يخط ظلام الغشاوة والأمل ليجبرنا صباح مساء أن نتوقف قسرا
بياض الشيب فلسفة يراها البعض مفتاحا للتفاؤل حين يراها البعض كفنا ينشر.. إن البياض يخضع في التعامل معه إلى سيكولوجيات معينة تفرض نوعا من القبول أو الرفض، قبل أن يكون التعامل معه وفق مقررات أخرى فإذا تجاوزنا خلاف العلماء في جواز تغيير البياض من عدمه فسنجد أننا أمام حالات شعورية في تعاملها مع البياض ،،، على غرار ذلك الشاعر العربي الذي نظر للبياض من زاويته الخاصة حين يقول وهو يصارع حالات شعورية معينة تقف الأنثى على هرمها :
خبريني ماذا كرهت من الشيب ... فلا علم لي بذنب المشيب
أضياء النهار ... أم وضح اللؤلؤ ... أم كونه كثغر الحبيب
والشاعر الآخر من وحي صراعه مع الأنثى أيضا يقول :
تعيرني بالشيب وهو وقار ..... ليتها عيرت بما هو عار
ونقف بعد هذين البيتين اللذين يشكلان حالة انزياح مغايرة في النظرة للبياض تنطلق من عمق الضعف باتجاه محاولة تلمس اليقين الذي استنفر له الشاعر مقدراته في إقناع أنثاه بقبول البياض كلون له حضوره المتفائل والقوي في الحياة
وهنا نحتاج إلى وقفة حول تلك المفارقة بين رؤية الأنثى للبياض وهي بلا شك تنفر منه أيما نفور وفي اعتقادي أن لهذا النفور دورا في التأثير على تصورات الرجل، وأنها مارست في تاريخها محاولة نفي هذا اللون وإقناع الرجل بكراهيته والنفور منه، ذلك لأنه في العموم يرتبط في رؤيتها بأخرى تشاركها زوجها، أو تقاربها من عالم بلا طرف آخر، ثم إنها مارست سلطويتها على تصورات الذكر فرأيته في النصين السابقين يصارع من أجل إقٌناع أنثاه بأنه لا يزال شابا، وثمة إذن مفارقة بين رؤية الرجل للشيب وموقفه منه الذي يرتبط في تصوراته بالفناء و بين الأنثى التي تكره البياض لأنه يرتبط لديها وفي تصوراتها بأبعاد أخرى
من أجل ذلك رأينا تلك المواقف التي تنفر من ذلك اللون الجميل الأبيض الذي يخترق سواد الغرور
وبرؤية خاصة، قد لا يضايقني البياض الذي بدأت أتلمسه في مفرقي وأراه يتحرك في صفحة وجهي قدر ما يضايقني الذين يتعمدون أن يلونوا وجوههم وأن يخادعوا أنفسهم
أما الأستاذ أحمد عسيري 0 مدير جمعية الثقافة والفنون بابها فيقول :
أتى ذكر الشيب في ديوان العرب الشعري بصورة تنم عن ضيق شديد أو ألم صارخ أو حزن قاتل ونادرا ما كان للفكاهة أو التندر فالبعض فسره على أنه رحيل العمر وغروب ميعة الشباب وتوديع مراحل الحياة الزاهية بكل أطياف المتعة وجمال الكون لقد أسرف بعض الشعراء في الشكوى من هذا الضيف الثقيل الذي يطرق أبواب العمر ويدق نوافذ الواقع المعاش فيوقظ في دواخلنا ملحمة من الآهات وشلالا من المرارة وقد أعجبني قول أحدهم :
قالت أراك خضبت الشيب قلت لها ..... سترته عنك يا سمعي ويا بصري
فقهقهت ثم قالت من تعجبها ..... تكاثر الغش حتى صار في الشعر
إن حساسية الشعراء ودفء مشاعرهم جعلاهم أكثر الناس حديثا عن هذه الظاهرة الطبيعية لغيرهم والمؤرقة لهم فهم يقبلون على الحياة بكل جوارحهم ويشكلون عالمهم بصورة زاهية وعذبة ولا يفرطون في لحظات العمر الهارب من أيديهم فغنائيتهم وشدو ألحانهم المسكوبة من فيض مشاعرهم تجعلهم يصرخون ضد هذا النذير والمؤشر المزعج يقول الآخر :-
سألتها قبلة يوما وقد نظرت ..... شيبي وقد كنت ذا مال وذا نعم
فأعرضت وتولت وهي قائلة ..... لا والذي أوجد الأشياء من عدم
ما كان لي في بياض الشيب من أرب ..... أفي الحياة يكون القطن حشو فمي
والتعبير عن الشيب من قبل الشعراء والأدباء يأتي نسبيا فمنهم من أتخذ موقفا عدائيا من هذا الضيف ومنهم من جعل منه أسلوبا للسخرية الذاتية والتندر والابتسامة المشحونة بالوجع الخفي والآهة المدفونة والأغرب والمثير للتساؤل أن الرجل هو الأكثر شكوى وألما وإحباطا من هذا القادم الثقيل بينما المرأة غائبة عن هذه السيرة والطرح الشعري من خلال تعاطيها مع هذه الظاهر الخلقية والتي لا يستطيع الإفلات منها الرجل والمرأة على حد سواء
فلماذا يعري الشعراء واقعهم إلى درجة القبح أحيانا وتسكت حواء ولا تشارك في هذه البكائية المريرة
الكاتبة والأديبة مها موسى أبو النجا فتقول :
الشيب بالنسبة للمرأة العربية وبمفهومها يقلل من جمالها ويدل أحيانا على تقدمها بالعمر00فلذا تتهرب المرأة بصفة عامة وربما الكاتبة بصفة خاصة من الخوض فيه ويعود ذلك للموروث الثقافي والفكري لكون الشيب دلا لة لوقار الرجل، ويقلل من جمال المرأة
ولكن ذلك لا يعد مقياسا لدى كافة الشرائح النسائية فهاهي (نوال السعداوي) تفتخر بخصلتها البيضاء ,سواء كتبت عن الشيب أم لم تكتب 00فذلك يعد شجاعة أدبية
فأتمنى من كل امرأة عربية أن تتخطى هذا المفهوم وتتجاوز الموروث وتبحر في هذا الموضوع أسوة بالرجل
أما الأستاذة ذكرى الشعلان فهي ترى أن المرأة بحكم أنوثتها وحبها أن تبقى دائما جميلة فهي تتنكر للشيب ولا تحب أن تذكره في كتاباتها وشعرها لأنه يذكرها بأنها كبرت فهي تتهرب منه لكي تبقى دائما جذابة بعيون الرجل 00وتضيف الأستاذة ذكرى بأن الرجل عندما يشيب شعر رأسه يجذب الأنثى بخصلة شعره الأبيض وتراه وسيما وجذابا لأنه دخل بمرحله من العمر تدعو للوقار والهيبة
أما الأستاذة/أسماء بنت عبد العزيز الجنوبي00محاضرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 00وشاعرة فتقول :
يؤرق موضوع المشيب هاجس كثير من الشعراء من قديم العهد؛ ربما لأنه نذير النهاية، أو لأنه ملازم الكبر والضعف، وقد يرتبط المشيب بفقدان البريق والفتوة التي يتباهى الرجل بها، والتي قد تجذب المرأة على حساب أنَّ المرأة وإن أحبت الشيب يومًا فإنها لن تعشقه بحال
والرجل يعترف بوجود الشيب، ويتحدث عنه مبررًا وجوده إيجابًا لا سلبًا؛ فقد يتحدث عن الشيب الآسر، أو عن الشعيرات البيض التي ربما تغزو الشباب ولا تقتصر على الشيوخ، وربما يتحدث الشاعر عن شباب الروح الباقي، وإن ظهرت علامات المشيب
وتهرب الشاعرة من الحديث عن الشيب لأنها لا تعترف بوجوده في حياتها، أو لأنها تحس بقدرتها على تجاوز آثار الكبر الظاهرة بزينتها التي جبلت على الاهتمام بها
وقد لا يثير موضوع المشيب المرأة لأنه لا يعد وحده نذير النهاية في حياتها؛ فهناك أمور أكبر وأظهر قد تخبرها عن سنها؛ فالشيب وإن غير لون شعرها فإنه لن يغير هيأتها، أو قدرتها على التواصل مع الحياة
وقد يقول قائل بأن المرأة حين تبتعد عن الخوض في موضوع المشيب فإنها لا تقصي هذا الموضوع وحده عن ساحة تعبيرها؛ فالمواضيع التي تغيبّها المرأة كثيرة؛ وذلك للمحافظة على خصوصيتها تارة، وربما على غموضها المثير- إذا صح التعبير
ولا أظن المرأة تبتعد عن هذا الموضوع لقلة إنتاجها الشعري في مقابل ما يقول الرجل، فلو أهمها الموضوع لقالت فيه شعرًا، وإن كان كل ديوانها قصيدة واحدة، إضافة إلى أن الشاعرة لو تحدثت عن شيبها لكان هذا اعترافًا منها بوجوده في حياتها، واعترافًا بسنها الذي لن تفصح عنه المرأة
ويبدو أن اللغة العربية تجيز للمرأة الشاعرة بعدها عن التعبير عن المشيب، فاللغة لا تنسب الشيب للمرأة إلا إذا تمكن منها تمامًا، فقد يقال: رجل أشيب، ولا يقال للمرأة شيباء
( انتهى )
*****
تعليق