Unconfigured Ad Widget

Collapse

الاسـتمـطـار والـتـسـقـية بين النقد والتزكية

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • الشعفي
    مشرف المنتدى العام
    • Dec 2004
    • 3148

    الاسـتمـطـار والـتـسـقـية بين النقد والتزكية


    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا ونبينا وقدوتنا

    محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :

    فقد شرع الله لنا عبادات وخصها بمناسبات أمرنا بها عند حدوثها

    ومن ذلك ما شرعه لنا عند القحط والجدب وانقطاع المطر

    عن الأرض وهي سنة فعلها نبينا صلى الله عليه وسلم

    وصحابته ومن سار على نهجهم إلى يومنا هذا وجعل

    لسقوط الأمطار أسباب إذا تحققت أنزل الله الغيث وجعل

    لانقطاعها عن الأرض أسباب أيضاً إذا ارتكبها الناس

    منع عنهم القطر من السماء وليس هذا مجال ذكرها

    وفي هذا الموضوع سأتناول حادثتين بشيء من التفصيل


    الحادثة الأولى قديمة كانت منتشرة في بعض المجتمعات

    الإسلامية وكانت تعرف وتسمى في منطقة الباحة با لتسقية

    وصفتها أن يصلي الناس صلاة الاستسقاء ثم يطوفون على

    مزارعهم بحسيل (عجل ) يقوده أحد الأشخاص الذي يتفألون

    به ويتطيرون بغيره وهم خلفه يرددون بعض الأدعية والأذكار

    منها (ياحنان يامنان من علينا بالمطران(ويرددون أيضاً :

    (يارحمان يارحيم يالله ) ثم يخصصون مكان لذبح ذلك

    الحسيل ويتقاسمونه بينهم ويطعمون الفقراء وذوي

    الحاجة منهم ويعودون بعدها إلى منازلهم وفي الغالب

    يمن الله عليهم بنزول الغيث والمطر


    ===============
    والسؤال هنا ماحكم هذا العمل ؟

    لأننا سمعنا وقرأنا لبعض الناس من يمدح ويثني على ذلك العمل

    وعلى ذلك الجيل ويذم من ينتقد فعلهم وعملهم ذلك بحجة ان الله

    كان يغيثهم ويستجيب لهم

    وفي المقابل هناك من ينتقد ويذم ذلك العمل ويعتبره من البدع

    المحدثة والبعض يقول بشركيته وقبل الإجابة وتوضيح الحكم

    نذكر ونشير إلى قاعد تين أساسيتين تتعلق بهذا الموضوع


    الأولى : يشترط في العبادات حتى تقبل عند الله عز وجل ويؤجر


    عليها العبد أن يتوفر فيها شرطان :



    الشرط الأول : الإخلاص لله عز وجل ، قال تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء )


    الشرط الثاني : موافقة العمل للشرع الذي أمر الله تعالى أن لا يُعبد إلا

    به وهو متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الشرائع

    فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :

    " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد "


    ولاشك ان ذلك العمل وهوالتسقية قد توفر فيه الشرط الأول

    واختل الشرط الثاني



    القاعدة الثانية : أن الله الله تعالى يغيث المضطر، ويستجيب له ولو كان كافراً وبعض

    الناس قد تخفى عليه هذه الحقيقة فيقول:

    كيف استجاب لهم ؟!

    لأنهم خرجوا بصدق ولجأوا إلى الله وهم مضطرين ليس حالهم

    كحالنا اليوم نصلي وندعو ولكن بدون صدق واضطرار لأن

    الخزانات ومياه التحلية موجودة فالكثير من الناس يصلي طلباً

    للأجر والثواب وإحياء لهذه السنة لاحاجة واضطراراً وهنا الفرق

    فالمضطر والمظلوم يستجاب له فإذا كان الله تعالى يغيث الكافر

    إذا دعاه فما ظنك بالموحد المذنب وقد يكون من بينهم رجل

    مستجاب الدعوة ؟
    =========


    بعد ذلك نأتي إلى الحكم الشرعي لذلك العمل وأقوال العلماء فيه

    الفتوى الأولى للشيخ ابن باز رحمه الله فقد عرض عليه هذا السؤال


    السؤال :
    يقوم بعض الناس في منطقتنا قبل أن تنتشر الدعوة من جديد بعد

    حكم آل سعود بأخذ الأبقار ويدورون بها حول الجبال وحول

    الأودية وبعد ذلك يذبحون واحدة منها وهم بذلك يريدون

    الاستسقاء، فهل هذا جائز أم لا؟


    الجواب :
    هذا العمل لا أصل له في الشرع المطهر، وهو بدعة منكرة؛ لأن

    النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا

    ذلك، وإنما السنة عند الجدب ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم

    من الاستغاثة في خطبة الجمعة أو غيرها كخطبة العيد أو

    الخروج للصحراء، أو أداء صلاة الاستسقاء أو سؤال الله

    والضراعة إليه بطلب الغوث، كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه

    وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ويجب على المسلمين التوبة إلى

    الله سبحانه من جميع الذنوب؛ لأن الذنوب سبب كل شر في الدنيا

    والآخرة، والتوبة إلى الله سبحانه والاستقامة على الحق سبب كل

    خير في الدنيا والآخرة. ويشرع للمسلمين أن يواسوا الفقراء ويتصدقوا عليهم

    لأن الصدقة يدفع الله بها البلاء، ولأنها رحمة وإحسان والله يرحم من عباده

    الرحماء، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الراحمون يرحمهم

    الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء))، وقال الله عز وجل:

    {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ

    مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[1]، وقال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ

    تُفْلِحُونَ}[2]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

    المصدر:






    وقد حرصت على سماع أقول علماء منطقة الباحة حول هذه

    العادة فوجدت هذه الفتوى للدكتور/ أحمد سعد حمدان الغامدي

    عضو هيئة التدريس بجامعة أمالقرى

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

    كان في الجاهلية عند آبائنا عادة وهي أنه إذا تأخر نزول المطر، وأصاب

    الناسشدة، لجأوا إلى ذبح ثور أو بقرة في مكان معين عندنا، ويقولون إنه ما إن

    ينتهوامن ذبحها حتى ينزل المطر، ويسمون ذلك العمل (نشرة)، فصار الأمر اعتقاد

    عندهم حتى إن المطر إذا تأخر في هذه الأيام، قال الناس سنأخذ بقرة ونذبحها في

    ذلك المكان، مع العلم أن من يطالب بذلك الفعل هم من الشباب المتعلممحتجين بأن

    النية سليمة وإنما الأعمال بالنيات، فضيلة الشيخ/ أرجو الإجابة

    على سؤالين هما:

    (1) ما حكم ذلك العلم إذا صاحبه اعتقاد في أن المطر لا ينـزل إلا إذا ذبحت
    بقرة أو ثور في ذلك المكان.

    (2) يزعم من يقوم بهذا الفعل أن نيته سليمة وليس هناك اعتقاد،
    فما حكم ذلك الفعل إن كانت النية سليمة كما يزعم.

    أرجو التوضيح والتفصيل في هذه المسألة، وبيان السنة عند انحباس

    المطر، حتى نكون على بينة حين نبين للناس حقيقة ذلك الأمر، وجزاكم الله خيراً.



    الفتوى :

    هذا الفعل لم أطلع على أن الجاهلية الأولى كانت تفعله.

    وله احتمالات:

    إما أن يريد أهله أن يتقربوا إلى الله عز وجل بصدقة بين يدي الاستسقا

    ء فهذا لا حرج فيه. وإما أن يعتقد خصوصية المكان أو الارتباط بين الذبح

    ونزول المطر فهذا بدعة. والسنة عند انحباس المطر: الخروج للاستسقاء بأداء

    ركعتين ثم خطبة واحدة بعدها، والله الموفق.
    ------------------
    المصدرموقع الإسلام اليومhttp://www.islamtoday.net/questions/show_question_content.cfm?id=25282


    كما أني قمت ببسؤال أكبر علماء منطقة الباحة سناً وعلماً


    وقد عاصر هذه العادة أنه

    الشيخ عبدا لعزيز بن عبدا لله الزهراني صاحب كتاب:

    ( معجم رواة الأحاديث الأماجد من علماء زهران وغامد)


    الذي ربما تجاوز الثمانين من عمره متعه الله بالصحة والعافية


    فقد سألته عن حكم تلك العادة التي تسمى بالتسقية فأجاب وفقه


    الله بأنها بدعة محدثة لأنهم خصصوا الذبح بالصلاة وهو مخالف


    لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاة الاستسقاء

    ======



    ==
    قبل نهاية الكلام حول هذا الموضوع اذكر بقول الله تعالى : "


    وماكان لمؤمنٍ ولامؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون


    لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً


    مبيناً " يالها من آية عظيمة تدعونا إلى تحقيق الإيمان عندما [/B]


    يصطدم أمر الشرع مع هوى النفس وعندما يكون أمر الله


    ورسوله في كفة وحظوظ النفس وعادات الأباء والأجداد في كفة.

    جعلنا الله وإياكم من المخلصين في القول والعمل وحسن

    القصد والتوكل
    =======


    الموضوع الثاني موضوع معاصر وهو ما يسمى

    بالاستمطار
    ==========

    يتبع إن شاء الله
    من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة
  • الشعفي
    مشرف المنتدى العام
    • Dec 2004
    • 3148

    #2
    مفهوم الاستمطار:
    أما مفهوم الاستمطار: فهو محاولة إسقاط الأمطار من السحب الموجودة في السماء، سواء ما كان منها مدراً للأمطار بشكل طبيعي، أم لم يكن كذلك.
    ويمكن أن ندرج تحت هذا المفهوم أية عملية تهدف إلى إسقاط الأمطار بشكل صناعي، بما في ذلك محاولات تشكيل السحب صناعياً، وتنمية مكوناتها(2).
    ويقصد من الاستمطار أحد أمرين:
    1- تسريع هطول الأمطار من سحب معينة، فوق مناطق بحاجة إليها، بدلاً من ذهابها إلى مناطق لا حاجة بها إلى الماء، لظروفها الطبيعية الملائمة للإدرار الطبيعي.
    2- زيادة إدرار السحابة عما يمكن أن تدره بشكل طبيعي(3).

    وأما الطرق العلمية للاستمطار:
    فمن أكثر طرق استمطار السحب شيوعاً ما يلي:
    1 - رش السحب الركامية المحملة ببخار الماء الكثيف، بواسطة الطائرات، برذاذ الماء ؛ ليعمل على زيادة تشبع الهواء، وسرعة تكثف بخار الماء، لإسقاط المطر، وهذه طريقة تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء.
    2 - قذف بلورات من الثلج الجاف (ثاني أكسيد الكربون المتجمد)، بواسطة الطائرات في منطقة فوق السحب؛ لتؤدي إلى خفض درجة حرارة الهواء، وتكون بلورات من الجليد عند درجة حرارة منخفضة جداً، لتعمل على التحام قطرات الماء الموجودة في السحب وسقوطها كما في حالة المطر الطبيعي.
    3 - رش مسحوق إيود الفضة (agj) بواسطة الطائرات، أو قذفه في تيرات هوائية صاعدة لمناطق وجود السحب، ويكون ذلك باستخدام أجهزة خاصة لنفث الهواء بقوة كافية إلى أعلى، ويعد إيود الفضة من أجود نويات التكاثف الصلبة التي تعمل على تجميع جزيئات الماء، وإسقاطها أمطاراً غزيرة على الأرض(4).

    الحكم الشرعي للاستمطار:
    يعتبر الاستمطار بالمفهوم المتقدم من القضايا المستجدة في هذا العصر، الذي استطاع فيه الإنسان -بما سخر الله له- أن يصل إلى السحب في السماء، ويطير فوقها، ويبحث في مكوناتها، مما جعله يفكر في مثل هذا التصرف، لعله يستطيع أن يتصرف تصرفاً لم يسبق إليه، يدفعه لذلك الحرص على نفع نفسه، بما وهبه الله من مقدرات ومما أعطاه من هبات.
    والحقيقة أن مثل هذا العمل لا يظهر فيه محذور أو مانع شرعي، إذ الأصل أن كل ما في هذا الكون من مسخرات مباحة للإنسان، فهي تحت تصرفه، يفعل بها ما يشاء، ما دام أن عمله داخل تحت دائرة المباح، الذي لم يرد النص أو الدليل العام أو الخاص بالمنع منه، ويشهد لذلك قول الله سبحانه وتعالى: "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً" [البقرة:29]، وقوله سبحانه: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ" [الأنعام:165].

    لكن يذكر بعض علماء البيئة من الباحثين في علم الاستمطار: إنه من خلال التجارب التي أجريت في مجال زيادة الأمطار فإن النتائج كانت في أغلبها سلبية، وأخفقت العديد من المشاريع خاصة مشاريع بذر السحب، بحيث لم تحقق الهدف الذي تبتغيه، بل كانت النتيجة معاكسة، وهي حدوث تناقص في الهطول، وكانت نسبة التناقص في العديد من المشاريع تفوق نسبة الزيادة المعتادة والمتوقعة قبل إنجاز المشروع(5).
    لذا يعد التحكم في معدل سقوط المطر الاصطناعي، ومكان سقوطه، من أهم المشكلات التي تواجه العلماء المختصين في مجال علم الأرصاد، كما أن عمليات إسقاط المطر لا تزال غير اقتصادية ومكلفة، ولذا لم تخرج إلى حيز التنفيذ الميداني إلا على شكل تجارب بحثية بهدف الدراسة(6).

    ولذلك يرى بعض الباحثين أنه لا فائدة من الاستمطار، بل إنه يجر إلى مشكلات سياسية واقتصادية، ومما يذكره علماء البيئة من السلبيات أو المضار لهذا العمل ما يلي :
    1- أن التكنولوجيا ما زالت غير متطورة تماماً، وهذا مما يجعل النتائج غير مضمونة .
    2- الصعوبات في تقييم النتائج، حيث يتطلب جمع معلومات موثوق بها وقتاً طويلاً، (خمس سنوات على الأقل) .
    3- أن تلك العمليات تعتمد على الأحوال الجوية، وتتوقف فيها النتائج على ما يمكن أن يكون في الجو من ظروف وتغيرات .
    4- المشكلات السياسية ( الحقيقية والتخمينية )، فبعض البلدان قد تتطلب المطر أكثر من غيرها، وقد تتهم بعض الدول التي تجري مثل هذه العمليات باختلاس الموارد الطبيعية من الرطوبة الجوية(7).

    وعلى هذا فيرجع بعض علماء البيئة السبب في عدم التقدم في مجال الاستمطار، أو ما يسميه البعض بعلم زراعة الغيوم إلى الأسباب الاقتصادية والسياسية(8).
    ثم في المشروعات التي كانت فيها نتائج الاستمطار إيجابية، وأعطت من خلال الإحصائيات تزايداً في هطول الأمطار لابد من طرح هذا السؤال:
    هل تعود نسبة الزيادة في الكميات التي تمت فيها تجارب الاستمطار إلى فعل الاستمطار ؟ أليس لقدرة الله سبحانه وتقديره دور في ذلك ؟(9).
    وهل تساوي التكاليف والنفقات التي احتاجتها تلك العمليات ما نتج عنها من ثمرات، أم أن التكاليف تفوق تلك النتائج بكثير؟، مما يعني زيادة العبء الاقتصادي على الدولة التي تتبنى مثل هذا العمل.
    ثم ما يدريهم أن الكمية المتوقعة قبل التجربة كذا وبعد التجربة كذا، لاشك أن هذا تخمين وظن لا يستند في الواقع على أي دليل، بل قد ورد الدليل الشرعي على أن ما ينزل من السماء من مطر فهو بأمر الله وبقدرته، وأنه مقدر من عند الله، وليس للناس فيه أدنى عمل أو تصرف، يقول الله سبحانه: "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ" [الحجر:21]، ويقول -جل جلاله-: "وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ" [المؤمنون:18]، ويقول سبحانه: "وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ" [الزخرف:11].

    وإذا كان نزول المطر بأمر الله وحده، وهو من علم الغيب الذي استأثر الله به كما في قوله سبحانه : "إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ"[لقمان:34]، فالله هو المنفرد بإنزال المطر، وهو الذي يعلم وقت نزوله (10)، إذا كان الأمر كذلك، فقد شرع الله لعباده المؤمنين أمراً هو أرجى من محاولات الاستمطار التي لم يثبت نجاحها، ألا وهو دعاءه سبحانه، وطلب السقيا منه، فالمطر من فضل الله ورحمته، الذي يستجلب بدعائه والتضرع إليه سبحانه، ولقد أصاب الناس على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- قحط، وتأخر نزول المطر عنهم، فطلبوا منه –صلى الله عليه وسلم- سؤال ربه الغيث، فأجابهم لذلك، كما روى البخاري وغيره عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: أصابت الناس سَنة على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- فبينا النبي –صلى الله عليه وسلم- يخطب في يوم جمعة قام أعرابي، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه، وما نرى في السماء قزعة، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره، حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته –صلى الله عليه وسلم-، فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد وبعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى " الحديث(11).
    كما ثبت أيضاً: " أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خرج بالناس يستسقي, فصلى بهم ركعتين وحوّل رداءه , ورفع يديه , فدعا واستسقى, واستقبل القبلة" (12).
    وإلى ما ورد في هذا الحديث وما شابهه من الأحاديث والآثار عن الصحابة ومن بعدهم ذهب أكثر الفقهاء، فنصوا على مشروعية صلاة الاستسقاء إذا أجدبت الأرض وتأخر نزول المطر، فيخرج الناس مع الإمام، كما فعل النبي –صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه من بعده(13).

    وقد جاء في القرآن التذكير بأن نزول المطر وغيره من البركات، يكون بطاعة الله سبحانه واستغفاره، ومن ذلك قوله سبحانه على لسان هود عليه السلام: "وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ" [هود:52]، وقوله سبحانه على لسان نوح: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً"[نوح:10-11] .
    هذا هو الأولى بالناس والمشروع لهم عند حاجتهم إلى المطر، أن يلجئوا إلى الله ويتوبوا إليه، ويكثروا من الاستغفار والعمل الصالح، يقول سبحانه : "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" [الأعراف:96].
    هذا هو حكم الاستمطار - فيما يظهر لي – أنه لا بأس به ولا مانع منه، وإن كان الأولى عدمه، خاصة عند التحقق من عدم فائدته أو ثمرته، فإن المجازفة في ذلك قد تكلف أموالاً طائلة، وأوقاتاً طويلة، لو صرفت في غير ذلك مما هو نافع كان أولى.

    ومع أن الأصل في مثل هذا العمل هو الجواز والإباحة، إلا أن هذا العمل قد يقترن به بعض المحاذير التي لا بد من التنبيه عليها، ومن ذلك مثلاً اعتقاد من يقوم بهذا العمل، أو غيرهم من عموم الناس أن المطر وجد بهذه الأسباب ولولاها لم يوجد، فالمحذور هو نسبة المطر إلى تلك الأفعال: لأن الله سبحانه هو المنفرد بالخلق والإنشاء، فلا يصح أن ينسب نزول المطر لفعل أحد من الناس كائناً من كان، كما لا يصح نسبة نزول المطر للكواكب والنجوم أو غيرها مما هو تحت تصرف العزيز الحكيم، ولذا جاء الحديث بالتنبيه على هذا المعنى، لأجل حماية معتقدات الناس وسلامتها مما قد يشوبها من شوائب الشرك، فعن زيد بن خالد الجهني –رضي الله عنه- قال : صلى بنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب, وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب" (14).
    وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "ما أنزل الله من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين، ينزل الله الغيث، فيقولون : الكوكب كذا وكذا وفي حديث المرادي بكوكب كذا وكذا"(15).
    ومعنى الحديث كما ذكر الإمام الشافعي وغيره: "أن من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك إيمان بالله، لأنه يعلم أنه لا يمطر ولا يعطي إلا الله عز وجل، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى أنه أمطره نوء كذا فذلك كفر، كما قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، لأن النوء وقت, والوقت مخلوق لا يملك لنفسه, ولا لغيره شيئاً, ولا يمطر, ولا يصنع شيئاً"(16).
    يقول ابن عبد البر: "فإن المعتقد أن النوء هو الموجب لنزول الماء، وهو المنشئ للسحاب، دون الله عز وجل، فذلك كافر كفراً صريحاً، يجب استتابته عليه، وقتله، لنبذه الإسلام، ورده القرآن"(17).

    وقال ابن عباس وغيره من السلف في قول الله عز وجل "وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ"[الواقعة:82]: هو الاستمطار بالأنواء(18).
    فهذه الآية بيان أن ما أصاب العباد من خير فلا ينبغي أن يروه من قبل الوسائط التي جرت العادة بأن تكن أسباباً، بل ينبغي أن يروه من قبل الله تعالى، ثم يقابلونه بشكر إن كان نعمة، أو صبر إن كان مكروهاً، تعبداً له وتذللاً(19).
    وقد نبه الباري سبحانه على هذا المعنى في آيات كثيرة من كتابه، فمن ذلك قوله عز وجل: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ" [فاطر:3].

    وقد بين العلماء أن المحذور في ذلك هو إضافة نزول المطر إلى تلك الأسباب، أما لو جرت العادة بنزول المطر عند نوء من الأنواء، فاستبشر أحد لنزوله عند ذلك النوء، على معنى أن العادة جارية به، وأن ذلك النوء لا تأثير له في نزول المطر، ولا هو فاعل له ولا أثر له فيه، وأن المنفرد بإنزاله هو الله تعالى، لما كفر بذلك, وكذا لو استبشر منتظر المطر إذا رأى الريح التي جرت عادة ذلك البلد أن يمطروا بها، مع اعتقاده أن الريح لا تأثير لها في ذلك، ولا فعل ولا سبب، وإنما الله تعالى هو المنزل للغيث، وقد أجرى العادات بإنزاله عند أحوال يريها عباده(20).

    وبهذا يعلم أن المنهي عنه هو نسبة المطر إلى شيء من تلك الأفعال على أن لها تأثيراً وفعلاً مع فعل الله سبحانه، أما لو نسب نزول المطر إلى ما جرت العادة بأنه ينزل عنده فيقال هذه الريح أو هذا الوقت أو هذا الفعل قد يوجد عنده المطر، وأن تلك الأمور غير مستقلة به من دون قدرة الباري سبحانه وإرادته فهذا لا بأس به.

    وقد تكاثرت النصوص القرآنية الدالة على أن إنزال المطر من السماء من أعظم الأدلة الدالة على قدرة الباري سبحانه، وانفراده بالخلق والتدبير(21).
    استمطار السحاب

    د. عبدالله بن عمر السحيباني
    صيد الفوائد موقع اسلامي شامل للذهاب له استخدم الرابط التالي http://saaid.net

    ===============




    الطائرة بعد نزولها ويظهر بعض العبوات لم تنفجر



    السحابة بعد التهيئة


    السحب بعد العملية


    هذه عملية تفجير العبوات داخل السحاب

    من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة

    تعليق

    Working...