(أبعد عن الشر وغني له ) ..
مثل عملت بمعناه منذ الصغر بالرغم من عدم معرفتي بنصه ..
كنت مسالمـًا ولا أزال ، يخطئ غيري و(أتحثلها ) أنا ..
( القوطة ) و (العقرب ) عنوانان لحادثتين تدلان على ما نالني وأنا صغير ، وما لحقني بعد بلوغي سن الرشد إلى اليوم أكبر من الحادثتين وأقسى ..
أذهب بصحبة صديقي ( حامد) بعد صلاة عصر ذلك اليوم الذي ميـّزته من بين أيام حياتي وأطلقت عليه ( يوم القوطة ) متجهينِ إلى مدرستنا للمشاركة في مباراة فريقنا ضد مدرسةٍ أخرى ، إذ كنا من ضمن قائمة الفريق ..
حامد قلب دفاع صلب تتكسر على أقدامه هجمات المنافسين فجسمه يؤهله لاحتلال هذا المركز بجدارة ، والسوادي جناح أيمن يجيد (المراوغة ) والتلاعب بـ ( ظهير ) الفريق المنافس ، فيسجل ويصنع ، جسمه ضئيل لكنه (بارع وماهر) ..!
طريقنا كان يمر بجوار (عمارة ) عمنا (عاطي) ، منزل ( مسلح ) من دورٍ واحد ولغرابة تشييده آنذاك أطلقوا عليه وصف ( عمارة ) فعرف بـ (عمارة عاطي ) إلى يومنا هذا ..!
يحيط بعمارة عمنا عاطي حوش جعله روضة ففيه النخل والنعناع ، والحبق ، والبامية ، و(القوطة ) ..!
قفز حامد من فوق الحوش فعاد وفي يده حبة ( قوطة) من شدة حمارها رجوته أن يقاسمني إياها لكنه كان أنانيـًا على غير عهدي به ، فقد بخل وعليّ بها ضن ..
ناشدته أن يقفز أخرى ليجلب لي نظيرتها فأقسم ألا سواها يوجد ، وقد تبين لي صدقه فيما بعد ..!
انتهت المباراة بفوزنا ، وقد ساهمت في الفوز بتسجيلي هدفين ، وساهم حامد في الحفاظ على مرمى فريقنا نظيفـًا ..!
ودعني صاحبي بساحة منزلنا وذهب ..
وصلت المنزل فكانت المفاجأة ، ( قمةٌ ) تُعقد ، بحضرة وكيل العمارة العم عطية الذي أتى وفي يده مذكرة (شكوى ) سلمها للوالد فجلس ينتظر ( الخاتمة) ، فكانت أسئلة التحقيق جاهزة في انتظار عودتي ، فالقوطة لن تذهب دون معرفة غريمها ..!
أنكرت بشدة ، وأكدتُ عدم صحة ما نسب إلينـا شكلاً ومضمونـًا ، ولم أعلم أن منزل ( حامد ) قد تلقى مذكرة شكوى مماثلة ، إلا حين لمحته قادمـًا بصحبة أبيه ..!
اتخذ أبو حامدٍ ، وحامد مجلسهما ، وبدأ حامد يدلي بإفادته ، فقال :
( نعم ، مررنا بجوار الحوش ، فقفز السوادي بعد أن حاولت معه ألاّ يفعل ، فعاد وفي يده ( حبة القوطة ) ، وقد عرض عليّ نصفها فرفضت ) .
هنا قاطعته ، وقلت : كذب هو من أكلها ، هو من قفز ..!
فصاحوا بي : أسكت أيها الكذوب ، تنكر ، وبعد أن شهد صاحبك تتهمه أما تستحي ؟!
نلت العقاب مضاعفـًا ، على أكل القوطة ، وعلى اتهامي لصاحبي ظلمـًا من وجهة نظرهم ، حتى لقد كان أثره واضحـًا لكل من صادفني ..!
شعرت بمرارة الظلم ، فقررت الانتقام من الصاحب ، لكن حالت بيني وبينه أمي أطال الله في عمرها إذ لمحت سكينـًا في يدي فسألتني : ماذا تريد بها ؟
قلت: سيجيبك حامد غدًا إن شاء الله ، وللأمانة فقد كنت صادقـًا ، فالظلم يجعل العاقل يتهور فما بالكم بصبي لم يرشد بعد ..!
فتأخذها من يدي ويتولى (المصنع ) - الذي علمني الكثير - مهمة التأديب على ( النيـّة) ولو حدث التنفيذ لا أعلم ما الذي كان ينتظرني ..!
عاتبت والدي بعد بلوغي فقلت : هبّ أنني أكلت القوطة ، هل كنت أستحق ذلك العقاب القاسي في نظرك ؟
فكانت إجابته (مذهلة) ، إذا قال : يا ولدي عقابنا لك لم يكن من أجل حبة القوطة التي إلى يومنا هذا تصر على تظلمك وعدم صلتك بها ، إنما كان ردعـًا لك فالقوطة رأينا فيها (الخطوة ) الأولى إلى عالم الانحراف ، فاليوم (قوطة ) وغدًا يتطور الأمر فتصبح السرقة بالنسبة لك أمرًا عاديـًا ..!
رحم الله والدي فقد كانت نظرته أبعد وأشمل ..
هذه حكاية القوطة ، أكلها حامد ، وكان نصيب السوادي منها العقاب المضاعف..
أما حكاية (العقرب) ، فحكايتها حكاية ، رغم غرابتها إلاّ أنها علمتني كثيرًا مما كنت أجهل ، لعلي أجد الفرصة فأطلعكم عليها إن شاء المولى ..!
السوادي
مثل عملت بمعناه منذ الصغر بالرغم من عدم معرفتي بنصه ..
كنت مسالمـًا ولا أزال ، يخطئ غيري و(أتحثلها ) أنا ..
( القوطة ) و (العقرب ) عنوانان لحادثتين تدلان على ما نالني وأنا صغير ، وما لحقني بعد بلوغي سن الرشد إلى اليوم أكبر من الحادثتين وأقسى ..
أذهب بصحبة صديقي ( حامد) بعد صلاة عصر ذلك اليوم الذي ميـّزته من بين أيام حياتي وأطلقت عليه ( يوم القوطة ) متجهينِ إلى مدرستنا للمشاركة في مباراة فريقنا ضد مدرسةٍ أخرى ، إذ كنا من ضمن قائمة الفريق ..
حامد قلب دفاع صلب تتكسر على أقدامه هجمات المنافسين فجسمه يؤهله لاحتلال هذا المركز بجدارة ، والسوادي جناح أيمن يجيد (المراوغة ) والتلاعب بـ ( ظهير ) الفريق المنافس ، فيسجل ويصنع ، جسمه ضئيل لكنه (بارع وماهر) ..!
طريقنا كان يمر بجوار (عمارة ) عمنا (عاطي) ، منزل ( مسلح ) من دورٍ واحد ولغرابة تشييده آنذاك أطلقوا عليه وصف ( عمارة ) فعرف بـ (عمارة عاطي ) إلى يومنا هذا ..!
يحيط بعمارة عمنا عاطي حوش جعله روضة ففيه النخل والنعناع ، والحبق ، والبامية ، و(القوطة ) ..!
قفز حامد من فوق الحوش فعاد وفي يده حبة ( قوطة) من شدة حمارها رجوته أن يقاسمني إياها لكنه كان أنانيـًا على غير عهدي به ، فقد بخل وعليّ بها ضن ..
ناشدته أن يقفز أخرى ليجلب لي نظيرتها فأقسم ألا سواها يوجد ، وقد تبين لي صدقه فيما بعد ..!
انتهت المباراة بفوزنا ، وقد ساهمت في الفوز بتسجيلي هدفين ، وساهم حامد في الحفاظ على مرمى فريقنا نظيفـًا ..!
ودعني صاحبي بساحة منزلنا وذهب ..
وصلت المنزل فكانت المفاجأة ، ( قمةٌ ) تُعقد ، بحضرة وكيل العمارة العم عطية الذي أتى وفي يده مذكرة (شكوى ) سلمها للوالد فجلس ينتظر ( الخاتمة) ، فكانت أسئلة التحقيق جاهزة في انتظار عودتي ، فالقوطة لن تذهب دون معرفة غريمها ..!
أنكرت بشدة ، وأكدتُ عدم صحة ما نسب إلينـا شكلاً ومضمونـًا ، ولم أعلم أن منزل ( حامد ) قد تلقى مذكرة شكوى مماثلة ، إلا حين لمحته قادمـًا بصحبة أبيه ..!
اتخذ أبو حامدٍ ، وحامد مجلسهما ، وبدأ حامد يدلي بإفادته ، فقال :
( نعم ، مررنا بجوار الحوش ، فقفز السوادي بعد أن حاولت معه ألاّ يفعل ، فعاد وفي يده ( حبة القوطة ) ، وقد عرض عليّ نصفها فرفضت ) .
هنا قاطعته ، وقلت : كذب هو من أكلها ، هو من قفز ..!
فصاحوا بي : أسكت أيها الكذوب ، تنكر ، وبعد أن شهد صاحبك تتهمه أما تستحي ؟!
نلت العقاب مضاعفـًا ، على أكل القوطة ، وعلى اتهامي لصاحبي ظلمـًا من وجهة نظرهم ، حتى لقد كان أثره واضحـًا لكل من صادفني ..!
شعرت بمرارة الظلم ، فقررت الانتقام من الصاحب ، لكن حالت بيني وبينه أمي أطال الله في عمرها إذ لمحت سكينـًا في يدي فسألتني : ماذا تريد بها ؟
قلت: سيجيبك حامد غدًا إن شاء الله ، وللأمانة فقد كنت صادقـًا ، فالظلم يجعل العاقل يتهور فما بالكم بصبي لم يرشد بعد ..!
فتأخذها من يدي ويتولى (المصنع ) - الذي علمني الكثير - مهمة التأديب على ( النيـّة) ولو حدث التنفيذ لا أعلم ما الذي كان ينتظرني ..!
عاتبت والدي بعد بلوغي فقلت : هبّ أنني أكلت القوطة ، هل كنت أستحق ذلك العقاب القاسي في نظرك ؟
فكانت إجابته (مذهلة) ، إذا قال : يا ولدي عقابنا لك لم يكن من أجل حبة القوطة التي إلى يومنا هذا تصر على تظلمك وعدم صلتك بها ، إنما كان ردعـًا لك فالقوطة رأينا فيها (الخطوة ) الأولى إلى عالم الانحراف ، فاليوم (قوطة ) وغدًا يتطور الأمر فتصبح السرقة بالنسبة لك أمرًا عاديـًا ..!
رحم الله والدي فقد كانت نظرته أبعد وأشمل ..
هذه حكاية القوطة ، أكلها حامد ، وكان نصيب السوادي منها العقاب المضاعف..
أما حكاية (العقرب) ، فحكايتها حكاية ، رغم غرابتها إلاّ أنها علمتني كثيرًا مما كنت أجهل ، لعلي أجد الفرصة فأطلعكم عليها إن شاء المولى ..!
السوادي
تعليق