حرية التعبير: هل لها حدود (2/2)
د. عبد الله الصبيح 28/11/1427
19/12/2006
حرية التعبير والسخرية
في التصور الإسلامي هناك فرق بين حق التعبير وبين السخرية، وحق التعبير مكفول بشروطه، أما السخرية فهي ممنوعة، وتمثل اعتداء من الساخر على من سخر به.
وحينما يفصح أي شخص عن رأيه أياً كان هذا الرأي فهو يؤدي إلى حوار، وربما أدى الحوار إلى ظهور الحق أو إلى تفاهم وتقارب بين المتحاورين، أما السخرية فتؤدي إلى شتيمة وإلى تعصب كل فريق برأيه. والرسوم الكرتونية الدنماركية لا تدخل ضمن ممارسة حق التعبير، وإنما ضمن السخرية. مثلاً إحدى الرسوم اتهمت الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالإرهاب، ومن المعلوم أن الرسم الكرتوني لا يتضمن حجة، وإنما يتضمن تهمة، ومن يريد أن يحاور يبحث عن حجة كي يدحضها. وإذا لم يجد حجة فربما بادل التهمة بتهمة، والشتيمة بشتيمة، وهذا ليس حواراً، وليس حرية تعبير يفضي إلى تفاعل اجتماعي سليم بل مشاتمة تفضي إلى مفسدة وفتنة اجتماعية.
و نحن نجد في القرآن و السنة أن الله عز وجل و رسوله -صلى الله عليه وسلم- لم يعيبا على من جاء يطلب الحق مهما كان السؤال الذي يسأله، والرأي الذي يطرحه، أما في مقام السخرية فذم الله -عز وجل- من عمل ذلك، فقال: (ويل لكل همزة لمزة).
وقال: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون).
وقال: (فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم، وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون).
والمسلم مأمور بتبليغ دين الله -عز وجل- وإقامة الحجة على المخالف، ولكن إذا تحول المجلس من الجد إلى الهزل وإلى سخرية بالأدلة والبراهين فحينئذ ينبغي ألاّ يُجلس فيه؛ لأن البلاغ لا يتحقق في جو كهذا الجو، قال تعالى: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره).
وليس سبب النهي عن الجلوس معهم هو الكفر بل هو السخرية، فالسخرية بالحق إن صدرت من مسلم أو كافر مردودة عليه مأمور بتجنبها.
والسخرية مذمومة لأنه يجتمع فيها أمور:
الإصرار على المذهب والتعصب له، والإعراض عن الحق، ولأنها تحوّل الموقف إلى موقف ضاحك هازل، والهزل لا يتفق مع الحوار.
والحوار لا يكون مع من هذا شأنه؛ لأنه لا يعرض حجة ينافح عنها، وإنما يعرض سخرية تؤذي مسامع الآخرين، وشتيمة يترفّع عنها الكرام.
د. عبد الله الصبيح 28/11/1427
19/12/2006
حرية التعبير والسخرية
في التصور الإسلامي هناك فرق بين حق التعبير وبين السخرية، وحق التعبير مكفول بشروطه، أما السخرية فهي ممنوعة، وتمثل اعتداء من الساخر على من سخر به.
وحينما يفصح أي شخص عن رأيه أياً كان هذا الرأي فهو يؤدي إلى حوار، وربما أدى الحوار إلى ظهور الحق أو إلى تفاهم وتقارب بين المتحاورين، أما السخرية فتؤدي إلى شتيمة وإلى تعصب كل فريق برأيه. والرسوم الكرتونية الدنماركية لا تدخل ضمن ممارسة حق التعبير، وإنما ضمن السخرية. مثلاً إحدى الرسوم اتهمت الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالإرهاب، ومن المعلوم أن الرسم الكرتوني لا يتضمن حجة، وإنما يتضمن تهمة، ومن يريد أن يحاور يبحث عن حجة كي يدحضها. وإذا لم يجد حجة فربما بادل التهمة بتهمة، والشتيمة بشتيمة، وهذا ليس حواراً، وليس حرية تعبير يفضي إلى تفاعل اجتماعي سليم بل مشاتمة تفضي إلى مفسدة وفتنة اجتماعية.
و نحن نجد في القرآن و السنة أن الله عز وجل و رسوله -صلى الله عليه وسلم- لم يعيبا على من جاء يطلب الحق مهما كان السؤال الذي يسأله، والرأي الذي يطرحه، أما في مقام السخرية فذم الله -عز وجل- من عمل ذلك، فقال: (ويل لكل همزة لمزة).
وقال: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون).
وقال: (فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم، وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون).
والمسلم مأمور بتبليغ دين الله -عز وجل- وإقامة الحجة على المخالف، ولكن إذا تحول المجلس من الجد إلى الهزل وإلى سخرية بالأدلة والبراهين فحينئذ ينبغي ألاّ يُجلس فيه؛ لأن البلاغ لا يتحقق في جو كهذا الجو، قال تعالى: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره).
وليس سبب النهي عن الجلوس معهم هو الكفر بل هو السخرية، فالسخرية بالحق إن صدرت من مسلم أو كافر مردودة عليه مأمور بتجنبها.
والسخرية مذمومة لأنه يجتمع فيها أمور:
الإصرار على المذهب والتعصب له، والإعراض عن الحق، ولأنها تحوّل الموقف إلى موقف ضاحك هازل، والهزل لا يتفق مع الحوار.
والحوار لا يكون مع من هذا شأنه؛ لأنه لا يعرض حجة ينافح عنها، وإنما يعرض سخرية تؤذي مسامع الآخرين، وشتيمة يترفّع عنها الكرام.
تعليق