Unconfigured Ad Widget

Collapse

إشكاليــة الإرتبـاط..

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • الفنار
    عضو مميز
    • Sep 2003
    • 653

    إشكاليــة الإرتبـاط..

    .
    ..
    ...

    العقل البشري عجيب التكوين
    أبدع فيه خالقه، فجعل منه آيةً كافيةً للدلالة على عظمته
    بأفكاره، بأساليبه، بطرق أخذه للأمور، بزوايا رؤيته للفعال والأقوال، بكل أمر من أموره
    ...

    ومن أمور هذا العقل البشري
    أمر الربط بين مستجدات الأحداث وقديمها
    فمستحيلٌ أن يستوعب العقل البشري أمراً إلا وقد صنع له رابطاً يربطه بحدثٍ ما
    فعندما يقال لك: اشترى محمدٌ تفاحاً وأوصله لمنزله..
    فأنت لا تستوعب الجملة إلا بعد أن تربطها بصورة محمد ومنزله وصورة التفاح حسب معرفتك لهذه الصور
    وهو ترابط يمر بالذهن بسرعةٍ هائلةٍ غير محسوسة..

    لذلك فمما يلجأ له مدربو القدرات البشرية لتقوية الذاكرة
    تقوية الروابط عند طلابهم، وتعليمهم كيفية إتقان الربط بين عشرات الأمور لأجل استيعابها وحفظها بسهولة
    فمن أجاد ربط الأشياء أجاد حفظها..

    وهذا أعلاه حديث تمهيدي نبين به مقصودنا من الارتباط
    وهو نعمة من الله عز وجل، ولكن؛؛ كيف يصيرها البعض إلى إشكالية ونقمه؟
    وكيف تصبح في بعض المواقف مصدر إزعاجٍ وفتنه؟
    ...

    دعونا نأخذ رأي الدين في مسألة الارتباط
    فالدين عندما تناول موضوع تقبل الإنسان لمستجدات الأحداث وجديد الأشخاص
    تناوله بمبدأ ( الظن الحسن) وتقديم رؤية الخير على الشر
    وترك الارتباطات السيئة السابقة جانباً – كمصدر تحذير فقط- دون أن تكون مصدر استبعاد وتنافر
    فإن الارتباطات السيئة إن أضحت مقدمة على العقل أسقطت صاحبها في مسالك الغلو والتشنج
    ولو وقفنا على أمثلةٍ من هذه الأمور لربما اتضحت الصورة أكثر..

    ففي إحدى المنتديات الصحوية – كما يسمونها- أنزل أحدهم مقالاً لأحد المشائخ المعروفين
    وقد ذلل المقال باسم أحد ربان سفن التيار الليبرالي، الذين لا يلقون رواجا إسلاميا
    فجاءت عملية الارتباطات السابقة لتفعل فعلها، ولتتقدم على العقل في منظرٍ مضحكٍ مؤسف
    عندما قامت الجماهير بالنقد والتشنيع على المقال مع أنه في غاية الصواب
    وكل هذا بتأثيرٍ من رؤية الاسم بدون النظر للمضمون

    واحسبنا لو وضعنا مقالاً معقولاً لأحد دعاة الفكر التغريبي بمنتدى ليبرالي
    وذيلناه باسم أحد المشائخ، لرأيت مثل ذلك من تقديم ارتباطات السوء على العقل والبرهان والفكر
    وهذا تدليلٌ على تفشي ظاهرة تقديم الارتباطات على العقول في مجتمعنا
    وترك حسن الظن وصدق التحكيم والعدل جانباً لتسيطر نظرةً مسبقةً على رؤانا كلها
    ...

    وأذكر أني في أحد المنتديات كنت أضع أمام اسم العمل في بياناتي الشخصية كلمة " مبشر"
    لأجد ذات موضوعٍ ما؛ شخصاً يدخل بعيداً عما نتحدث حوله ليغرس في أنيابه
    كيف أقول بكل وقاحةٍ أن عملي هو التبشير؟ وهل الفنار نصرانياً يعترف بذلك بنفسه؟
    ابتسمت عندها على هذا الارتباط القبيح عند صاحبنا لهذه الكلمة الجميلة
    وكيف أوقعها سوء الاستخدام – إضافة لإشكالية تلاعب المصطلحات- فريسة للظن السيئ بلا تدبر ولا تفكر؟!.
    واحسبني لو كتبت " مستعمر" لوجدت أكثر من معترض ومنتقد

    ولا زلت أذكر نقاشاً بيني وبين شاعرٍ كبيرٍ حول موقفنا من أبي العلاء المعري رحمه الله
    فرأيي فيه ولا يزال أنه شخصٌ مسلمٌ نذكر عنه آلاف الومضات الإيمانية
    ورأي محاوري أن شيخ المعرة شيخ سوءٍ وزندقةٍ وأن في شعره من المكفرات ما يخرجه من الملة
    والعجب أنه برغم ما فندت من قوله، وما بينت له من أن أكثر ما ينسب إليه مكذوبٌ عليه، لم يقتنع..
    لأجد في نهاية الأمر أن الارتباط السيئ هو الحائل بين صاحبنا وبين الاعتراف بالحقيقة..
    وهو ارتباطٌ زرعه محبة طه حسين للمعري وتشبيهه نفسه به، فجاء كره أبي العلاء من كره طه حسين..
    وشتان بين الثرى والثريا، وشتان بين الصدق والزيف..
    ...

    إن تقديم الارتباطات على البراهين والأدلة العقلية
    سبيل يرمي بصاحبه إلى فقدان موقعه من الحوار العاقل، وإلى ضياع الحقيقة التي ينشدها كل أريب
    وبهذا؛؛ يصبح الحوار عبثا، ويصبح النقاش نوعاً من الملهاة والسعي بدون هدف
    لتجد شخصاً قد سمع كلمةً معينةً في مقامٍ معينٍ لا يعجبه
    قد أضحت عنده هذه الكلمة رمز سوءٍ حتى لو قالها قائلها في مقام خير وبنية طيبة ولمعنىً مختلف
    أو تجد شخصاً أبصر بإنسانٍ ما في مكانٍ يرى انه قبيح..
    قد أضحى عنده ذات الشخص مثال الشر حتى لو سلك أنظف المسالك برأي العقل والرأي النزيه

    إشكالية الارتباط
    سبيلٌ يودي بصاحبه إلى إشكالية التكبر عن قبول الحقيقة
    وبين هذه وتلك؛؛ يضيع الحجى والرشد، ويضيع العمر في انتفاشٍ على غير دراية.
    ...

    وانتهى القول
    ــــــــــــــــــ
    " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"
  • أبو الجدايل
    موقوف
    • Jul 2004
    • 233

    #2
    روى الحافظ ضياء الدين في المختارة من رواية أحمد بن زياد العتكي ثنا الأسود بن سالم ثنا أبو عبد الرحمن يزيد بن يزيد الزراد عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أمرنا معشر الأنبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم } ثم قال الحافظ الضياء الزراد : لم يذكره ابن أبي حاتم ولا الحاكم أبو أحمد في كتابه الكنى .
    وقال ابن الجوزي : ولا ينبغي أن يملي ما لا يحتمله عقول العوام .

    وقال البخاري قال علي رضي الله عنه : [ ص: 156 ] حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون , أتحبون أن يكذب الله ورسوله .

    وقال ابن مسعود : ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعض , رواه مسلم في المقدمة وعزاه بعضهم إلى البخاري .

    وروى البخاري عن المقداد بن معدي كرب مرفوعا { إذا حدثتم الناس عن ربهم فلا تحدثوهم ما يعزب عنهم ويشق عليهم } وسبق بنحو كراسة الكلام في القصاص وما يتعلق بهم وله تعلق بهذا .

    وروى الحاكم في تاريخه بإسناده عن أبي قدامة عن النضر بن شميل قال : سئل الخليل عن مسألة فأبطأ بالجواب فيها قال : فقلت ما في هذه المسألة كل هذا النظر قال : فرغت من المسألة وجوابها ولكني أريد أن أجيبك جوابا يكون أسرع إلى فهمك قال أبو قدامة : فحدثت به أبا عبيد فسر به .

    وفي تاريخ عبد الله بن جعفر السرخسي أبو محمد الفقيه أخبرني محمد بن حامد ثنا عبد الله بن أحمد سمعت الربيع سمعت الشافعي يقول : لو أن محمد بن الحسن كان يكلمنا على قدر عقله ما فهمنا عنه لكنه كان يكلمنا على قدر عقولنا فنفهمه .

    وروى مسلم عن { قزعة قال : أتيت أبا سعيد الخدري وهو مكثور عنده , أي : عنده ناس كثيرون , فلما تفرق الناس عنه قلت : أسألك عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما لك في ذلك من خير . فأعاد عليه فأجابه } . وذكر الحديث قال في شرح مسلم : معناه أنك لا تستطيع الإتيان بمثلها , وإن تكلفت ذلك شق عليك ولم تحصله , فتكون قد علمت السنة وتركتها . وسبق ما يتعلق بهذا في رمي العالم المسألة وسؤال الناس له .

    .

    أقول أخي الكريم إذا أراد المسلم أن يكتب لإخوانه ما يفيدهم فعليه أن يمتثل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيخاطب الناس على قدر عقولهم.

    تعليق

    • حنين
      عضوة مميزة
      • Oct 2004
      • 2439

      #3
      نعاني كثيرا من هذه الإشكالية ، وبشكل غير معقول ، لدرجة أن البعض ( ممن جعلوا الإرتباطات السيئة منهجا لهم ) ، يصرون على مواقفهم وكأنهم العلماء والحكماء ...

      في تصوري أن ذلك يتكرر كثيرا ، وبنسب متفاوته عند البشر ...



      * فمنهم من يجعل هذا الإرتباط قريبا منه ولكنه لا يعتد به بالدرجة الأولى ، إذا كان هناك من الدلائل والبراهين ما تلغي هذا الإرتباط السابق ( وهذه النوعية من البشر تستانس للحديث والتحاور معهم لثقتك باتزانهم في الحوار، وتصل معهم على النتيجة المرجوة ) ..


      *ومنهم من يجهز نفسه وما يحمله من إرتباطات سلبية ، ويدخل محاربا للوهلة الأولى، دون تريث لفهم أي تغييرات أو تفسيرات للمشكلة المطروحة ( وهذه النوعية غالبا ماتكون مشتتة الذهن ، مكابرة ، ومتسلطة ، ويكون الحقد والحسد و(الغيرة ) عنوانا لها في كل مناسبة ..والمحزن في الأمر أن هذه النوعية تتشدق بالمثاليات والحكم عيانا جهارا ولا تعمل بما تقول ....)، ومن معتقداتهم أن طريقتهم في سوء الظن ضرب من الذكاء ، وهذه أدهى وأمر خاصة عندما يتاثر بهم من يعاشرهم ويثق بهم ..

      في رأيي أنها نوعية متأثرة بتربية وبيئة معينة (جعلت منهم كارهين للخير ) ، ومتصيدين لموقف سابق ، وإن كان لا يعتد به ، والمهم في نظرهم أنهم وجدوا ضالتهم ، وباختصار شديد تغلب عليهم صفة ( النية السيئة ) والتفسير المبني على الظن ..


      *والنوع الثالث ، وهو من يلغي الإرتباطات تماما ، ويهمشها في أحكامه ، وهذا النوع يصعب التعامل معه ، لأنك قد تحتاج لإرتباط معين لتذكره في حوارك ، وقد تصل معه لنتيجة مرضية ، ولكنها ليست بمثل طموحك ورغبتك ...



      أستاذي الفنار /

      كنت قد كونت عنك ارتباط معين ، ولكني لم اعتد به الآن لبرهان استجد لدي ..

      يرتبط الفنار عندي بالفصاحة ، وجزالة الألفاظ وقوتها ، وقدرات عظيمة في تحوير الحروف وتنظيم الكلمات ، وقد تصورتك ( مازلت )كثيرا (ملك الحرف العربي المتواضع ) ، وكنت أهاب حتى عندما أقرأ مقالا كتبته أو قضية معينة أو رأي ..
      وأتخيل أن من يدخل موضوعك لا بد أن يكون بمرتبة ( وزير في مملكتك ) ...

      لكني الآن (مع بقاء الرأي الأول في ذهني ) ، قلت في نفسي :
      تعلمت من هذا الرجل الكثيييير الكثيييير وهو لا يعلم !!! فمن المؤكد أنه سيقبل (بخرابيش تلميذته ) وسيقرأها باهتمام ..وسيعذرها على مجازفتها الخطيرة ( بالنسبة لها ) ، وتبادل الحوار مع ( ملك الحرف ) ...

      بكل صراحة وصدق أستاذي الفنار :
      سألت الله أن يرزق أولادي مارزقك من نعمة العقل ورجاحة التفكير والبلاغة ونقاء الهدف ( حفظك الله ولا قوة إلا بالله )..


      لا خير في وعد إذا كان كاذبا..

      ولا خير في قول إذا لم يكن فعل.

      تعليق

      • حمدان الدايخ
        عضو مميز
        • Jan 2005
        • 1276

        #4
        بارك الله فيك اخي الفنار .. مقال رائع بروعة كاتبة ..
        والسؤال اخي الفنار ..
        اين العقل الباطن هنا فمن خلاله يمكن نفي الارتباط واستيعاب التغيرات ؟
        إذا لم تستطع ان تنظر امامك لان مستقبلك مظلم..
        ولم تستطع ان تنظر خلفك لان ماضيك مؤلم..
        فانظر الى اعلى تجد رباً يحبك..يحميك..
        يسمعك..يراك..ينصرك..يعتنى بك..ما اخذ منك إلا ليعطيك..
        وما حرمك إلا ليتفضل عليك.. وما ابكاك إلا ليضحكك..
        وماابتلاك إلا لأنه يحبك

        تعليق

        • فارس الأصيل
          عضو مميز
          • Feb 2002
          • 3319

          #5
          صديقي الأديب ..
          جميل ما كتبت وإن كان متشعبا جدا وفيه من الدلالات الكثير على أن هناك سر عظيم أودعه الله سبحانه للانسان في هذا العقل وميزه عن غيره من سائر المخلوقات ولذلك لما تنظر إلى العقل تجد أن المراد به ( فكر وفهم ودرى وربط وقيد ) وليس المراد به الدماغ الموجود في كل الكائنات الحية الموجودة على وجه الأرض إذ أن الله سبحانه وتعاى خص الإنسان بالعقل الذي نفث الله فيه من روحه إذ يقول سبحانه ( وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) ومن هنا نجد أن الصيغ الفعلية عقل وفهم وفكر ودرى المرادفة للعقل والتي جاء ذكرها في القرآن مختصة بالانسان ففهمنا أن الله تبارك وتعالى هكذا شاءه يعقل ويفكر ويفهم ويدري ويربط ويقيد وذلك بعد أن نفخ الله فيه من روحه مستنتجين -ربطا بالنصوص- أن الإنسان قبل أن ينفخ الله فيه الروح لم يكن يعقل ولا يفهم ولا يفكر ولا يربط ولا يعقد ولا يدري ...
          لذلك يجب أن نعرف أن العقل ليس هو المقصود به الدماغ وإلا لتساوينا بهذا مع الحيوان ولم يكن هناك فضل للإنسان لأن الحيوان يملك دماغاً فهو يشعر بالحسيات كالإنسان ولكن المقصود هو المراكز الأساسية للعقل وهو مرتبط بالقلب وهو ما سماه الله اللب في قوله ( وليعلموا أنما هو إله واحد وليتذكر أو الألباب )..

          ونظرا لكون الكلام يطول حول هذا ..

          أحببت أظيف لك هذه وللإخوة القراء علنا أن نجد مزيدا من المداخلات حول ما ذكرت لأن الربط الذي دندنت حوله أنت إنما هو مرتبط بشكل كلي على الفهم والتدبر والعلم وبغيره لا يكون الربط أبدا لأن من الربط ما يكون شكا وهذا يغير في الأمر كثيرا ومنه ما يكون جهلا وهذا قد يودي بصاحبه لخوضه فيما لا يعلم ..

          تحياتي لك
          وفق الله الجميع
          هـذا أنا قـدر تـقـاذفـنــــــــي
          كالبحر عمقاً والفضاء مدى
          مدونتي
          أحمد الهدية

          تعليق

          • الفنار
            عضو مميز
            • Sep 2003
            • 653

            #6
            الأخ الكريم/ أبا الجدايل..

            شكر الله لك كل ما أوردت؛ وجزاك خير الجزاء
            نصيحتك وصلت، ونحن إن شاء الله نسعى جاهدين لها

            بارك الله في حروفك
            وكثر أمثالك
            " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

            تعليق

            • الفنار
              عضو مميز
              • Sep 2003
              • 653

              #7
              الأستاذة الفاضلة/ حنين..

              شكراً لك بعمق ما كتبت من حروف، وبجمال ما رسمت من ألوان
              وهكذا كما أوضحتِ؛؛ بين القرب والبعد عن الارتباطات، والعيش بها والعيش بدونها، تعيش فئام المجتمع
              لتكون عند بعضهم نعمه، وتكون على بعضهم نقمةً تكدر صفو حياته
              ولله في خلقه شؤون
              ...

              أما ثناؤك العاطر
              فلا أملك أمامه إلا سؤال المولى أن أكون عند حسن ظنكم
              وإنما من بعضنا نستفيد، كلنا في مدرسة الحياة سواء، وهي المكارم وحدها تعلو بنا أو تنزل
              وأشهد الله أنك مثالاً للكرم في زمن تعكر القلوب وزيفها
              ....

              لك التقدير والشكر
              " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

              تعليق

              • الفنار
                عضو مميز
                • Sep 2003
                • 653

                #8
                الأخ الكريم/ حمدان ( الغير دايخ)..

                سعيدٌ بمداخلتك، وبسؤالك الجوهري
                والذي أراه أخي الكريم؛ أن العقل الباطن هو مستودع المشاعر
                ففيه تجد قسمان أبيض وأسود، أما الأبيض فهو لكل ما هو طيب من الذكرى وجميل من الأحاسيس
                وأما الأسود ففيه صور السوء وإحساسات النفور اتجاه ما يراه الإنسان منفرا وبغيضا
                وبينهما تتدرج الألوان قرباً لهذا أو ذاك، وقد تتوسط الميدان فلا هي ترتبط بسوء ولا هي ترتبط بحسن

                فإن قلت لك كلمة " التتار" مثلاً؛؛ جاءت انفعالات العقل الباطن لترسم صور الهلاك والدمار
                وكل ذلك بناءً على ما اختزلته من صور مسبقة عن هذه الكلمة وأصحابها.
                ولو قلت كلمة " الجنة" لجاءت انفعالات العقل الباطن ومخزوناته من الأحاسيس لترسم صور النقاء والجمال
                فما العقل الباطن إلا مستودعٌ للمشاعر يستدعي لنا الصور والأحاسيس إزاء ما تدركه حواسنا

                وموضوعي أعلاه
                هو دعوةٌ للعقل المتدبر المفكر أن يأخذ وقته من التأكد والتبصر قبل أن يستدعي ذاكرة السوء
                أو بالأصح؛ قبل أن يجعل الانفعالات المترسبة تسيطر عليه بلا بصيرة
                فقد يكون للأمر الجديد وجهة نظرٍ تختلف عن السابقة السيئة، وقد يكون له مجالاً آخر ينقله لرحاب الجمال
                فلنجنب الارتباطات السابقة مع الوافدات الجديدة، ولنأخذ العدل والعقل الرشيد، وبعدها نطلق أحكامنا
                بعيداً عن سيطرة ذاكرة السوء، فما هيمنت على إنسانٍ إلا أردته المهالك، وأخرجته عن جادة الصواب
                أرجو أن أكون أوضحت ما أقصده

                شكراً لك وتقديراً من أخيك
                " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

                تعليق

                • الشعفي
                  مشرف المنتدى العام
                  • Dec 2004
                  • 3148

                  #9
                  الأخ الفاضل الفنار وفقه الله :
                  ماشاء الله موضوع رائع واسلوب جذاب أروع واسمح لي بهذه المداخلة

                  نعلم أن الله وهب الله الإنسان نعمة العقل والتفكير والحكم على الأشياء

                  لكن هذه النعمة قد يؤثر عليها بمؤثرات خارجة تحجب عنه الرؤية الصحيحة

                  من ذلك ما ذكرت أخي الفنار عقدة الارتباطات السابقة والتي تتبلور في الذهن

                  وتنعكس مباشرة عند أول مؤثر وهذه الارتباطات الفاسدة تتراكم بعد ة وسائل

                  لامجال لذكرها هنا خذ مثال لذلك : الدعوة الوهابية في شبه القارة الهندية شوهت

                  سمعتها وحوربت حتى مجرد رؤية الاسم على الكتاب فقام أحدهم بنزع الغلاف

                  من الكتاب وقدمه إليهم بغلاف واسم آخر فأعجبوا به وقالوا هذا كتاب يحتوي

                  على نصوص من الكتاب والسنة ومفيد فلما علموا انه للشيخ محمد بن عبد الوهاب

                  تغيرت النظرة عند بعضهم وعلموا أن ما ارتبط في أذهانهم عن الدعوة الوهابية

                  وصاحبها كان مغلوط

                  فالعقل قد يغيب وتعتريه ركامات تغطي عليه لكنه يصحو ويعود إلى الصواب

                  بعد تجارب وأحداث كثيرة أما إذا عرف الحقيقة وتجاهلها فقد يتحكم في العقل الهوى

                  وهي آفة تفسد العقل وتعطله ووصلني رسالة عبر الجوال

                  يقول مصطفى الرفاعي في محتواها : "يحمل الإنسان في نفسه نقيضين هما عقله

                  وهواه فإذا أطلقهما معاً أفسداه وإذا قيدهما معاً أفسداه كذلك . ولكن تمام الإنسان

                  أن يطلق العقل ويحد الهوى فيصفي بعضه في بعض فإذا هو قد خلص وتحرر "


                  أما ما يتعلق بإصدار الأحكام على الأشياء قد يكون العقل محق في ذلك

                  ولكن قد يكون العيب في عدم وصول الرسالة واضحة كاملة فالنظر يقع

                  على شيء أو الأذن تسمع كلمة لم يكتمل معناها فترسلها للعقل فيصدر

                  الحكم على ما سمع أو رأى واذكر في أحد المنتديات كتبت موضوع

                  وجعلت له عنوان مخالف لمحتواه فكانت الردود على العنوان دون النظر

                  على المحتوى والفكرة وهذا الخلل الذي وقع لا يتحمله العقل ولكن في عدم

                  وصول الرسالة كاملة لديه لذا سرعان ما يتم الاعتذار والتأسف من صاحبه


                  أما إذا وضحت الرسالة يأتي دور القناعات والمعتقدات والثقافات

                  في تأثير الرؤية والحكم الصادر عن العقل فقد يسلم العقل وينقاد

                  لتلك المؤثرات وأحيانأ لا يكون عنده إلا لونين فقط أسود وأبيض فلا يرى

                  غيرهما ولا وسط بينهما وهنا يشبه الحيوانات في قضية الرؤية فقد اثبت

                  الطب الحديث أن الحيوانات لا تميز بين الألوان فلا ترى إلا أسود

                  وأبيض فقط ولا تعرف غيرهما وهذا من الصعب إقناعه ببقية الألوان

                  شكراً أخي الفنار على ما سطرت من إبداع

                  محبكم الشعفي
                  من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة

                  تعليق

                  • أبو سمية
                    عضو مشارك
                    • Sep 2006
                    • 156

                    #10
                    الغالي الفنار

                    ان البحث عن الوجود قد انطلق مع ادراك الانسان لكونه جزءا من منظومة متحركة هو جزء منها

                    وكثيرا ما ينطلق الشيء ويتحفز مما هو نقيضا له , وليس مما هو منسجم معه

                    بارك الله فيك وسدد خطاك

                    تعليق

                    • الفنار
                      عضو مميز
                      • Sep 2003
                      • 653

                      #11
                      الأخ الحبيب/ فارس..

                      العقل؛؛ أمرٌ من المعجزات الإلهية تذهل أمامه النفوس وتدهش
                      ألا يكفي أننا الساعة نستخدم العقل لنفكر في أمر هذا العقل؟! أنظر لهذا الأمر واعجب..

                      قرأت مرةً للعقاد يقول:
                      لو أخذنا طفلاً يحبو ووضعناه على سطح منزلٍ غير مسور
                      ووضعنا معه قطاً صغيراً للتو أبصر النور واستطاع الحركة
                      لوجدنا أن الطفل ( الإنسان) يسقط عن السطح بينما القط يبقى ويحذر محافظاً على نفسه!.

                      وكأني بالعقاد يريد أن يقول في مثاله الجميل
                      إن الحيوان إذ يولد فهو مولودٌ بأجهزة وعي وغريزة تقيه من المصائد والشرور
                      وإن كان ولاشك تنقصه بعض الخبرات التي يتعلمها مع الحياة أو التدريب الأبوي
                      لكن الكائن البشري حين يرى الحياة مولودا
                      يكون غفلاً من كل غريزة، خالياً من أي معلومةٍ مسبقةٍ إلا مص الثدي للبقاء حيا
                      ومع السنين؛ ينمو جانبه الغريزي مع جانبه العقلي، وليستمر نموهما إلى النهاية

                      الغريزة التي ترافقه تماما، هي ثمرة مشاهداته وادراكاته
                      وتستطيع القول؛ أنها الارتباطات التي تتكون عنده وتنغرس في زوايا عقله وفكره
                      بينما العقل الذي قد يرافقه وقد يتأخر عنه وقد يتجاوزه
                      هو التدبر والفهم والتفكر الذي شرحه قلمك الجميل، وبين مزاياه وعظيم النعمة الحاصلة به
                      ...

                      حياة الإنسان أعظم تعقيدا؛ ودوره في الكون أكبر وأعظم
                      فإن أشعل الإنسان فتيل عقله فقد ارتقى، على اختلاف بين الناس في مقدار الشعلة ومقدار الارتقاء
                      وإن أطفأه الإنسان واستعاض عنه بغريزته وحدها، فقد أخلد إلى الأرض وقارب الحيوان سلوكا
                      وإن كان الحيوان يعذر، وابن آدم لا يعذر

                      شكراً لقلمك المحفز، فقد أنار لي مسالك أخرى حول موضوعنا
                      لك المحبة والتقدير
                      " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

                      تعليق

                      • الفنار
                        عضو مميز
                        • Sep 2003
                        • 653

                        #12
                        الأستاذ الكريم/ الشعفي..

                        أحسن الله إليك
                        فقد أحسنت دخولاً للموضوع وتبسيطاً له
                        وأجدت طرحاً للأمثلة والتشبيهات المقترنة بما ندندن حوله

                        ولاشيء أجده – والله- لأضيفه على ردك المتكامل
                        لأدعه كما هو، وكفى به لمن يبحث عن زبدة قولنا

                        بارك الله فيك
                        " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

                        تعليق

                        • أبو أحمد
                          عضو مميز
                          • Sep 2002
                          • 1770

                          #13
                          الحقيقة ليس لدي مااضيفه بعد هذة المداخلات القيمة فقد وفو وكفو ولكنني اشكرك اولا اخي الفنار واشكر جميع المشاركين واسأل الله ان يلهمنا الرشد وان يجعلنا ممن يستمع القول ويتبع احسنة

                          تعليق

                          Working...