بسم الله الرحمن الرحيم
في إحدى محاضرات المركز الطبي في الظهران التي كانت تلقى علينا أثناء تواجدنا في الدورة ( الفسيولوجية ) الإنعاشية، كان يردد الدكتور المحاضر هذه المقولة :" البيت مضاء لكن لا يوجد فيه أحد " . وقد كان الدكتور يكرر هذا القول بصفة مستمرة طوال المحاضرة التي كانت عن نقص الأكسجين في جسم الطيار أثناء الطيران ، حيث كان المحاضر يرمي إلى أن الطيار عندما يصبح جسماً مشلولاً لاقدرة له على التفكير تصبح الطائرة عند ذلك كالبيت المضاء الذي لا يتواجد فيه أحد . وقد كان بتكراره هذه المقولة يريد أن يرسّخ في أذهاننا أهمية أن يكون الطيار يقظاً ومنتبهاً وواعياً بصفة مستمرة ، ليستطيع اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب . وفي الحقيقة أن محاضرنا نجح إلى حد بعيد في ترسيخ ذلك المفهوم لدينا ، حتى أننا أصبحنا نكرر مقولته تلك وبصفة تلقائية استمرت عدة أيام بعد انتهاء المحاضرة ، ليس ذلك فحسب بل أننا ومن الصدف العجيبة كدنا أن نطبقها عملياً ، فبينما نحن عائدون من الظهران إلى الرياض بعد أنتهاء الدورة المذكورة على متن إحدى طائرات القوات الجوية ، تنبّهت إلى أن هناك إحساساً غير طبيعي بما حولي ، فذهبت إلى مقصورة القيادة وسألت الطيار الذي كان يقود الطائرة عن الضغط داخل الكبينة ، عندها تنبه ولكن ببطء ( نتيجة الانخفاض قي الضغط الذي لم يصبح كافياً لضخ الكمية المطلوبة من الأوكسجين ) تنبه إلى أن ارتفاع الكبينة قريب من ارتفاع الطائرة الذي كان ( 18.000) قدم وذلك نتيجة لخلل في نظام الضغط الذي كان من المفترض أن لا يسمح للضغط بالارتفاع أكثر من ( 8.000) قدم ، وهو الضغط الذي يستطيع جسم الإنسان أن يتحمله ويتصرف فيه بشكل طبيعي ، ولولا فضل الله علينا ولطفه بنا بأن تنبهنا لذلك قبل أن يمر وقت كاف لانعدام وعينا بشكل كامل ، فتنطبق علينا مقولة الدكتور الطيب الذكر ، ويصبح يحاضر عنا لمن بعدنا ، حيث إن أنوارنا كانت مضاءة ولكننا لم نكن متواجدين . وما دام الكلام عن نقص الأوكسجين فسنحاول أن نسلط عليه قليلاً من الضوء .
نقص الأوكسجين ( HYPOXIA ) :
يخطئ من يعتقد أن الأوكسجين يقل مع الارتفاع ، فالأكسجين نسبته واحد في الغلاف الجوي . إلا أن الأوكسجين يرتبط ارتباطاً وثيقاً بكمية الضغط، فكلما قل الضغط قلت كمية الأوكسجين. وبما أن الضغط يقل تدريجياً مع الارتفاع، والعكس صحيح،حتى يبلغ أحسن مستوى له عند سطح البحر، حيث تبلغ نسبته ( 14.7 ) رطل في كل بوصة مربعة ، لذلك فإن الإنسان لا يجد صعوبة في التنفس إلا إذا بدأ في الارتفاع . وصدق جل من قائل عليم حين قال ( فمن يرد الله إن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء ) الآية (125 ) سورة الأنعام .
إن الإنسان لا يستطيع أن يعيش في الارتفاعات العليا ، ما لم يكن الضغط الجوي معقولاً ، بحيث يوفر القدر الكافي من كمية الأوكسجين الذي يحتاجه لو صعد في السماء ، حيث ينخفض الضغط وبالتالي تقل كمية الأوكسجين اللازمة . إنه سيصاب بما يسمى ( بالهايبوكسيا ) أي نقص الأوكسجين ، فما أعراض هذا النقص ؟ .
أولاً : تنمل في الأطراف وخاصة عند المدخنين والمصابين ببعض الأمراض المتعلقة بالدم كالأنيميا .
ثانياً : ألم شديد في الرأس ؛ يشعر الإنسان بثقل في رأسه يصاحبه ألم شديد .
ثالثاً : النعاس ؛ حيث يشعر الإنسان بالرغبة أو الإحساس بالنوم الخفيف .
رابعاً : غياب الوعي . حيث يبدأ الإنسان في فقد وعيه تدريجياً حتى يصاب بالإغماء الكلي .
فهل يا ترى أن هذه الأعراض تتناسب مع مهمة الطيارين الذين يجب أن يكونوا في يقظة وحذر وتنبه بصفة مستمرة ؟ أم أن البيت سيصبح خالياً والأضواء لا تزال مضاءة فيه وتحصل الكارثة التي لا تحمد عقباها لا قدر الله . وقانا الله وإياكم شر النقص في الأوكسجين وغير الأوكسجين.
في إحدى محاضرات المركز الطبي في الظهران التي كانت تلقى علينا أثناء تواجدنا في الدورة ( الفسيولوجية ) الإنعاشية، كان يردد الدكتور المحاضر هذه المقولة :" البيت مضاء لكن لا يوجد فيه أحد " . وقد كان الدكتور يكرر هذا القول بصفة مستمرة طوال المحاضرة التي كانت عن نقص الأكسجين في جسم الطيار أثناء الطيران ، حيث كان المحاضر يرمي إلى أن الطيار عندما يصبح جسماً مشلولاً لاقدرة له على التفكير تصبح الطائرة عند ذلك كالبيت المضاء الذي لا يتواجد فيه أحد . وقد كان بتكراره هذه المقولة يريد أن يرسّخ في أذهاننا أهمية أن يكون الطيار يقظاً ومنتبهاً وواعياً بصفة مستمرة ، ليستطيع اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب . وفي الحقيقة أن محاضرنا نجح إلى حد بعيد في ترسيخ ذلك المفهوم لدينا ، حتى أننا أصبحنا نكرر مقولته تلك وبصفة تلقائية استمرت عدة أيام بعد انتهاء المحاضرة ، ليس ذلك فحسب بل أننا ومن الصدف العجيبة كدنا أن نطبقها عملياً ، فبينما نحن عائدون من الظهران إلى الرياض بعد أنتهاء الدورة المذكورة على متن إحدى طائرات القوات الجوية ، تنبّهت إلى أن هناك إحساساً غير طبيعي بما حولي ، فذهبت إلى مقصورة القيادة وسألت الطيار الذي كان يقود الطائرة عن الضغط داخل الكبينة ، عندها تنبه ولكن ببطء ( نتيجة الانخفاض قي الضغط الذي لم يصبح كافياً لضخ الكمية المطلوبة من الأوكسجين ) تنبه إلى أن ارتفاع الكبينة قريب من ارتفاع الطائرة الذي كان ( 18.000) قدم وذلك نتيجة لخلل في نظام الضغط الذي كان من المفترض أن لا يسمح للضغط بالارتفاع أكثر من ( 8.000) قدم ، وهو الضغط الذي يستطيع جسم الإنسان أن يتحمله ويتصرف فيه بشكل طبيعي ، ولولا فضل الله علينا ولطفه بنا بأن تنبهنا لذلك قبل أن يمر وقت كاف لانعدام وعينا بشكل كامل ، فتنطبق علينا مقولة الدكتور الطيب الذكر ، ويصبح يحاضر عنا لمن بعدنا ، حيث إن أنوارنا كانت مضاءة ولكننا لم نكن متواجدين . وما دام الكلام عن نقص الأوكسجين فسنحاول أن نسلط عليه قليلاً من الضوء .
نقص الأوكسجين ( HYPOXIA ) :
يخطئ من يعتقد أن الأوكسجين يقل مع الارتفاع ، فالأكسجين نسبته واحد في الغلاف الجوي . إلا أن الأوكسجين يرتبط ارتباطاً وثيقاً بكمية الضغط، فكلما قل الضغط قلت كمية الأوكسجين. وبما أن الضغط يقل تدريجياً مع الارتفاع، والعكس صحيح،حتى يبلغ أحسن مستوى له عند سطح البحر، حيث تبلغ نسبته ( 14.7 ) رطل في كل بوصة مربعة ، لذلك فإن الإنسان لا يجد صعوبة في التنفس إلا إذا بدأ في الارتفاع . وصدق جل من قائل عليم حين قال ( فمن يرد الله إن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء ) الآية (125 ) سورة الأنعام .
إن الإنسان لا يستطيع أن يعيش في الارتفاعات العليا ، ما لم يكن الضغط الجوي معقولاً ، بحيث يوفر القدر الكافي من كمية الأوكسجين الذي يحتاجه لو صعد في السماء ، حيث ينخفض الضغط وبالتالي تقل كمية الأوكسجين اللازمة . إنه سيصاب بما يسمى ( بالهايبوكسيا ) أي نقص الأوكسجين ، فما أعراض هذا النقص ؟ .
أولاً : تنمل في الأطراف وخاصة عند المدخنين والمصابين ببعض الأمراض المتعلقة بالدم كالأنيميا .
ثانياً : ألم شديد في الرأس ؛ يشعر الإنسان بثقل في رأسه يصاحبه ألم شديد .
ثالثاً : النعاس ؛ حيث يشعر الإنسان بالرغبة أو الإحساس بالنوم الخفيف .
رابعاً : غياب الوعي . حيث يبدأ الإنسان في فقد وعيه تدريجياً حتى يصاب بالإغماء الكلي .
فهل يا ترى أن هذه الأعراض تتناسب مع مهمة الطيارين الذين يجب أن يكونوا في يقظة وحذر وتنبه بصفة مستمرة ؟ أم أن البيت سيصبح خالياً والأضواء لا تزال مضاءة فيه وتحصل الكارثة التي لا تحمد عقباها لا قدر الله . وقانا الله وإياكم شر النقص في الأوكسجين وغير الأوكسجين.
-------------
من مقال لي نشر في احدى الدوريات المتخصصة .
تعليق