صديقي ورفيق رحلتي التي طالت / مالك الحزين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أيها الطائر الذي ظل يسكنني زمنا طويلا مسافرا معي هنا وهناك دعني في البداية أن أقطف من بستان ابن القيم بدايت الحوار الذي أدراه ما بين القلب والعين حتى تكون معي منصفا فيما أود أن أخبرك به بعد هذه السنين التي طويناها معا في غربة الروح والجسد .. يقول ابن القيم عليه رحمة الله في كتابه (روضة المحبين ونزهة المشتاقين ) في بابه التاسع في ذكر مناظرة بين القلب والعين ولوم كل منهما صاحبه والحكم بينهما :
(( لما كانت العين رائدا والقلب باعثا وطالبا وهذه لها لذة الرؤية وهذا له لذة الظفر كانا في الهوى شريكى عنان ولما وقعا في العناء واشتركا في البلاء أقبل كل منهما يلوم صاحبه ويعاتبه :
فقال القلب للعين : أنت التي سقتني إلى موارد الهلكات , وأوقعتني في الحسرات , بمتابعتك اللحظات , ونزهت طرفك في تلك الرياض , وطلبت الشفاء من الحدق المراض , وخالفت قول أحكم الحاكمين : (قل للمؤمنين.. ) [النور30] ...
قالت العين : ظلمتني أولا وآخرا وبؤت باثمي باطنا وظاهرا , وما أنا إلا رسولك الداعي إليك ورائدك الدال عليك]... ))أ.هـ
فياصاح لست أريد اليوم عتابك ولا قاصدا يعلم الله أن أسمع عتابك , فكم هي الشواهد تسير بها الركبان أخبار هنا وهناك عن عتاب المحبين حتى في الجسد الواحد فمرة بين القلب والعين وأخرى بين القلب والعقل وثالثة بين الجوارح كلها .. لكني لا أريد أن نكون مثلهم أبدا فقد مشت بنا الدروب حتى وصلنا لمرحلة ينبغي أن يذهب كل منا في طريقه دون أن يظلم صاحبه أو يعاتبه فكل شيء بقضاء الله وقدره وهي حالنا وقدرنا أوليس محكوم علينا الفراق شئنا أم أبينا ؟
مالك الحزين ..
كم استمتعت معك بشتى صنوف الحزن والفرح الحزين وكم رحلت معك من بلدان وكم زرت وإياك من وديان تعطيني وأعطيك وتحملني مرة وأحملك أخرى .. وتصد عني حينا وأصد بدوري عنك صدودا .. تبتسم وعينك يفيض منها الدمع ونفسك تتابع اللهاث فاطبطب على كتفيك وأظمك لصدري بحب وحنان وكذلك كنت تفعل معي .. كم تسامرنا في الليالي .. وكم وجدنا من الهيام شوقا للفرح حينا وشوقا للدمع كثيرا ..
مالك الحزين ..
ها أنا اليوم أخاطبك مخاطبة مودع ومفارق .. لست باكيا لهذا الفراق فهو حتمي كتب بقدر الله .. سأتمنى لك التوفيق وأدعوا الله لك أن يزيل عنك حزنك وألا تجد لك من تحزنه معك أبدا فلك سحر للقلب أخاذ وطريقة تبكي الحجر والصخر فابتعد وحلق بعيدا عن الديار التي يسكنها البشر وعش حيث أنت ولا تقربنا أبدا .. فلكم أرجو أن تعذر صاحبك الذي آن له أن يبتسم تبسم الفائز بعد طول صبر وانتظار ..
صاحبي
استودعك الله فقد آن للفارس أن يختار وقت الراحة والدعة ليتمكن بعدها من مواصلة الصهيل والاقدام نحو الحياة بعقله وقلبه وجميع جوارحه تاركا كلما كان منه فيما مضى متنازلا لك بها تطير بها حيث شئت .. وهذا هو قراري الذي اتخذته فلا تمقني ولكن دعني ان كنت تحبني فعلا فقد قررت تركك للابد ..
تحياتي
صاحبك
فارس الأصيل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أيها الطائر الذي ظل يسكنني زمنا طويلا مسافرا معي هنا وهناك دعني في البداية أن أقطف من بستان ابن القيم بدايت الحوار الذي أدراه ما بين القلب والعين حتى تكون معي منصفا فيما أود أن أخبرك به بعد هذه السنين التي طويناها معا في غربة الروح والجسد .. يقول ابن القيم عليه رحمة الله في كتابه (روضة المحبين ونزهة المشتاقين ) في بابه التاسع في ذكر مناظرة بين القلب والعين ولوم كل منهما صاحبه والحكم بينهما :
(( لما كانت العين رائدا والقلب باعثا وطالبا وهذه لها لذة الرؤية وهذا له لذة الظفر كانا في الهوى شريكى عنان ولما وقعا في العناء واشتركا في البلاء أقبل كل منهما يلوم صاحبه ويعاتبه :
فقال القلب للعين : أنت التي سقتني إلى موارد الهلكات , وأوقعتني في الحسرات , بمتابعتك اللحظات , ونزهت طرفك في تلك الرياض , وطلبت الشفاء من الحدق المراض , وخالفت قول أحكم الحاكمين : (قل للمؤمنين.. ) [النور30] ...
قالت العين : ظلمتني أولا وآخرا وبؤت باثمي باطنا وظاهرا , وما أنا إلا رسولك الداعي إليك ورائدك الدال عليك]... ))أ.هـ
فياصاح لست أريد اليوم عتابك ولا قاصدا يعلم الله أن أسمع عتابك , فكم هي الشواهد تسير بها الركبان أخبار هنا وهناك عن عتاب المحبين حتى في الجسد الواحد فمرة بين القلب والعين وأخرى بين القلب والعقل وثالثة بين الجوارح كلها .. لكني لا أريد أن نكون مثلهم أبدا فقد مشت بنا الدروب حتى وصلنا لمرحلة ينبغي أن يذهب كل منا في طريقه دون أن يظلم صاحبه أو يعاتبه فكل شيء بقضاء الله وقدره وهي حالنا وقدرنا أوليس محكوم علينا الفراق شئنا أم أبينا ؟
مالك الحزين ..
كم استمتعت معك بشتى صنوف الحزن والفرح الحزين وكم رحلت معك من بلدان وكم زرت وإياك من وديان تعطيني وأعطيك وتحملني مرة وأحملك أخرى .. وتصد عني حينا وأصد بدوري عنك صدودا .. تبتسم وعينك يفيض منها الدمع ونفسك تتابع اللهاث فاطبطب على كتفيك وأظمك لصدري بحب وحنان وكذلك كنت تفعل معي .. كم تسامرنا في الليالي .. وكم وجدنا من الهيام شوقا للفرح حينا وشوقا للدمع كثيرا ..
مالك الحزين ..
ها أنا اليوم أخاطبك مخاطبة مودع ومفارق .. لست باكيا لهذا الفراق فهو حتمي كتب بقدر الله .. سأتمنى لك التوفيق وأدعوا الله لك أن يزيل عنك حزنك وألا تجد لك من تحزنه معك أبدا فلك سحر للقلب أخاذ وطريقة تبكي الحجر والصخر فابتعد وحلق بعيدا عن الديار التي يسكنها البشر وعش حيث أنت ولا تقربنا أبدا .. فلكم أرجو أن تعذر صاحبك الذي آن له أن يبتسم تبسم الفائز بعد طول صبر وانتظار ..
صاحبي
استودعك الله فقد آن للفارس أن يختار وقت الراحة والدعة ليتمكن بعدها من مواصلة الصهيل والاقدام نحو الحياة بعقله وقلبه وجميع جوارحه تاركا كلما كان منه فيما مضى متنازلا لك بها تطير بها حيث شئت .. وهذا هو قراري الذي اتخذته فلا تمقني ولكن دعني ان كنت تحبني فعلا فقد قررت تركك للابد ..
تحياتي
صاحبك
فارس الأصيل
تعليق