" تعال يا ذئب، رح يا ذئب..، وخلّك ذئب....".
كلمات وجدتها تتردد على مسمعي منذ الصغر، عرفت منها أن الذئب هو أحد رموز الرجولة !
كَبرْتُ وكَبِرَتْ معي تلك العبارات وترسخ مفهومها، فالذئب هو رمز الأنَفَة والفروسية والكبرياء.
القصص والأمثال وأبيات الشعر ، كلها تؤكد أن الذئب له صفات سامية ، ففي القرآن الكريم جاء متهما برئيا ، وفي الأمثال العربية الأصيلة كان التأكيد على الحرص والمبادرة :
" إن لم تكن ذئبا ، أكلتك الذئاب " !
وفي الفخر والعزوة جاءت القصيدة :
" أيني ذئب وليد الذئب
اسمع هرجي ياكل لبيب " .
***
لاحظت عند اختلاطي مع الغرب أنهم لا يذكرون الذئب أو يمجدونه كما نفعل ، بل على العكس من ذلك ، فإذا ما أرادوا الإشارة إلى مهارة رجل في الخداع والمناورة قالوا : " ثعلب" !
كانت تلك من أهم الصدمات الثقافية التي صدمتها في حياتي، فالمدح لا يكون للثعلب ولا للرجل الذي يشبهه مهما كان ناجحا في المناورة والخداع.
عدت بالذاكرة إلى زمن القرية الذي كان الذئب فيه هو الرمز لا الثعلب ، فبدأت أقارن ، لعلي أجد مبررا للاختلاف الذي أصابني بالصدمة بين ثقافتنا التي تمجد الذئب وتحتقر الثعلب ، وثقافة الغرب التي ترسخ العكس !
***
أول ما تذكرته هو ثعلب آل مصطفى ، فمنذ أن وعيت وأنا اسمع به ، أسرة قد وسع الله عليهم ، يحيط بمنزلهم الكبير سورا لا يمكن اختراقه أو تسلقه ، أسفله بروج صغيرة لخروج الماء ، استغل احدها " أبو الحصين " ليدخل رأسه منه بصعوبة ، ويضغط على باقي جسمه ليجد نفسه وسط حظيرة الدجاج التي تنعم بما يجود به عليها أصحاب البيت العامر ، يأكل منها حتى يمتلئ بطنه فينتفخ ، فلا يستطيع الخروج من أي من تلك البروج ، فيتمدد ويتظاهر بأنه ميتا ، ليظنه أصحاب البيت كذلك . صدقوا وسحبوه إلى الخارج وقذفوه بغضب إلى قعر "الدمنة " ، ففاجأهم وهو يقفز هاربا بعد أن ضمن السلامة والشبع ! فذهبت قصته مثلا قذرا لسكان القرى المجاورة الذين لا يرون في ذلك أي سمة إيجابية .(قصة حقيقية).
ثم تذكرت قصتة التي قرأتها في الابتدائية في كتاب القراءة ، حيث أعجبته قطعة الجبن التي في فم الغراب ، فطلب منه أن يغني ليستمتع بجمال الصوت وعذوبته ، صدّقه الغراب ففعل ! فسقطت الجبنة ، فظفر بها " أبو الحصين " ..!
***
لم تكن تعجبني لا قصة "حصين "آل مصطفى ، ولا قصة "حصين " الجبنة والغراب ، فلم أجد فيهما ما أخذه معي ، إلا الخديعة والجبن والخسة والنذالة .
شخصيا عانيت كثيرا من محاربة الذئاب، لكنني لم أكرهها في يوم من الأيام، بل على العكس فمع أنني كنت أحذر منها وأحرص، إلا أنني أعجبت منها وبها. أما مع الثعالب فإنني لا أملك إلا أن أردد مع غازي القصيبي:
من ذا يحارب والغريم الثعلب ؟! .
كلمات وجدتها تتردد على مسمعي منذ الصغر، عرفت منها أن الذئب هو أحد رموز الرجولة !
كَبرْتُ وكَبِرَتْ معي تلك العبارات وترسخ مفهومها، فالذئب هو رمز الأنَفَة والفروسية والكبرياء.
القصص والأمثال وأبيات الشعر ، كلها تؤكد أن الذئب له صفات سامية ، ففي القرآن الكريم جاء متهما برئيا ، وفي الأمثال العربية الأصيلة كان التأكيد على الحرص والمبادرة :
" إن لم تكن ذئبا ، أكلتك الذئاب " !
وفي الفخر والعزوة جاءت القصيدة :
" أيني ذئب وليد الذئب
اسمع هرجي ياكل لبيب " .
***
لاحظت عند اختلاطي مع الغرب أنهم لا يذكرون الذئب أو يمجدونه كما نفعل ، بل على العكس من ذلك ، فإذا ما أرادوا الإشارة إلى مهارة رجل في الخداع والمناورة قالوا : " ثعلب" !
كانت تلك من أهم الصدمات الثقافية التي صدمتها في حياتي، فالمدح لا يكون للثعلب ولا للرجل الذي يشبهه مهما كان ناجحا في المناورة والخداع.
عدت بالذاكرة إلى زمن القرية الذي كان الذئب فيه هو الرمز لا الثعلب ، فبدأت أقارن ، لعلي أجد مبررا للاختلاف الذي أصابني بالصدمة بين ثقافتنا التي تمجد الذئب وتحتقر الثعلب ، وثقافة الغرب التي ترسخ العكس !
***
أول ما تذكرته هو ثعلب آل مصطفى ، فمنذ أن وعيت وأنا اسمع به ، أسرة قد وسع الله عليهم ، يحيط بمنزلهم الكبير سورا لا يمكن اختراقه أو تسلقه ، أسفله بروج صغيرة لخروج الماء ، استغل احدها " أبو الحصين " ليدخل رأسه منه بصعوبة ، ويضغط على باقي جسمه ليجد نفسه وسط حظيرة الدجاج التي تنعم بما يجود به عليها أصحاب البيت العامر ، يأكل منها حتى يمتلئ بطنه فينتفخ ، فلا يستطيع الخروج من أي من تلك البروج ، فيتمدد ويتظاهر بأنه ميتا ، ليظنه أصحاب البيت كذلك . صدقوا وسحبوه إلى الخارج وقذفوه بغضب إلى قعر "الدمنة " ، ففاجأهم وهو يقفز هاربا بعد أن ضمن السلامة والشبع ! فذهبت قصته مثلا قذرا لسكان القرى المجاورة الذين لا يرون في ذلك أي سمة إيجابية .(قصة حقيقية).
ثم تذكرت قصتة التي قرأتها في الابتدائية في كتاب القراءة ، حيث أعجبته قطعة الجبن التي في فم الغراب ، فطلب منه أن يغني ليستمتع بجمال الصوت وعذوبته ، صدّقه الغراب ففعل ! فسقطت الجبنة ، فظفر بها " أبو الحصين " ..!
***
لم تكن تعجبني لا قصة "حصين "آل مصطفى ، ولا قصة "حصين " الجبنة والغراب ، فلم أجد فيهما ما أخذه معي ، إلا الخديعة والجبن والخسة والنذالة .
شخصيا عانيت كثيرا من محاربة الذئاب، لكنني لم أكرهها في يوم من الأيام، بل على العكس فمع أنني كنت أحذر منها وأحرص، إلا أنني أعجبت منها وبها. أما مع الثعالب فإنني لا أملك إلا أن أردد مع غازي القصيبي:
من ذا يحارب والغريم الثعلب ؟! .
تعليق