((بقلم بخيت الزهراني -جريدة البلاد السبت 5 /ربيع أول 1425هـ))
هل يمكن أن تجد في هذا الزمان أنسانا يقول لقد أخطأت أنا آسف ؟!!..أنك أن وجدت مثل هذا الإنسان فإن هذا يُعدّ شيئا فريدا وعجيبا ومدهشا.. وما ذاك إلا لندرة من يمكن له أن يفعل هذا..وبعبارة أخرى فإن هذه الفئة النادرة التي صارت تعترف بالخطأ. وترفق معه آلاسف والاعتزاز.. إنما صارت (استثناء).. فيما الغالبية العظمى (تركب رأسها وتصر في عناد واضح على أن الحق معها. والصواب رفيقها . والصدق قولها ..ولو أنصف الناس من أنفسهم لأمكن لكل أحد أن يعترف بخطئه. وأن يقر بزلله.. ولأصبحت هذه هي السائدة والعادة وألا مر الطبيعي ولأصبح الاستثناء هو عدم الاعتراف بالخطأ.. لكن أن يحدث في هذه الأزمان الأخيرة العكس وتنقلب المسألة بحيث يظل الاستثناء هو الأمر الطبيعي..والأمر الطبيعي هو الاستثناء .. فإن لهذا لعمري من عجائب هذا الزمن . بل ومن مفارقاته التي لا تكاد تقف عند حد!!..لقد كان من الطبيعي أن يقف الأب أمام أبنائه ويقول لهم (أنا آسف..لقد أخطأت في حقكم وفي حق أمكم فأرجو السماح).. وأن يقف مدير المدرسة- مثلا – أمام طلابه ويعترف لهم بقصوره وخطئه ويعتذر..وأن يتقدم رئيس البلدية من سكان مدينته معتذرا ومعترفا بتقصيره وبالخلل الموجود في إدارته وألا يتردد مسؤول الطرق عن الاعتذار من الناس والإقرار بالخطأ الذي وقع فيه هو وجهازه عن رداءة هذا الجسر وسوء تنفيذ ذاك الطريق..وأن..وأن..وأن... الخ.. وقدوتنا في ذلك سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما صاح فوق المنبر أمام حشد من الماس دون خجل قائلا (أخطأ عمر.. وأصابت امرأة) ..وقد كان نموذج عمر فرصة لأن يكون مدرسة لنا في فن الإدارة والشجاعة الأدبية وألا اعتراف بالخطأ.. بدلا من انبهارنا الآن ببعض النماذج من الغرب والشرق ممن يدعون الديموقراطية. ويعترفون بالخطأ .. في حين أن النموذج موجود عندنا وقائم في تراثنا وكان يمكن أن هو ديدن أدبياتنا ومعاملاتنا .. وقديما قالوا: ( أن الاعتراف بالخطأ هو أول أساليب بداية النجاح) وقيل الحق أحق أن يتبع وقيل كذلك( أن الاعتراف بالحق فضيلة).. إننا بحاجة ماسة لان نؤسس هذه الثقافة ونؤصلها. وننشرها. ونجعلها هي الأساس, وما عداها هو ألاستثناء أو الشاذ.. فهل نفعل .
تعليق