Unconfigured Ad Widget

Collapse

المقـامَــة الشبـابيّـــة للشيخ عائض القرني حفظه الله

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • شويل
    عضو مشارك
    • Aug 2002
    • 280

    المقـامَــة الشبـابيّـــة للشيخ عائض القرني حفظه الله

    المقـامَــة الشبـابيّـــة
    (( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ))
    بكيت على الشباب بدمع عيني
    فلا نفع البكاء ولا النحيب
    فيا أسفاأسفت على شباب
    نعاه الشيب والراس الخضيب
    عريت من الشباب وكان غضا
    كما يعرى من الورق القضيب
    ألا ليت الشباب يعود يوما
    فأخبره بما فعل المشيب

    قال الراوي : دخلنا على جماعة من الشباب ، قد أسدلوا الشعر وأسبلوا الثياب ، ووقعوا في جدال وسباب ، فقام خطيبنا فقال وأصاب ، وأقسم بمن أنزل الكتاب ، وأجرى السحاب ، وهزم الأحزاب ، أن الشباب أمل الأمة المنشود ، وعلمها المعقود ، وسجلها المحمود ، ثم التفت إلى الشباب فقال ، وقد فاض دمعه وسال : ما لكم خالفتم السنة ، وهجرتم طريق الجنة ، تركتم هدي النبي ، وتشبهتم بالأجنبي ، قال أوسطهم طريقة ، وأعرفهم حقيقة : لماذا وجهت الكلام إلينا ، وماذا تنقم علينا ؟
    قال الخطيب : سبحان الملك القدوس ، ما أغبى هذه النفوس!،أليست أوقاتكم في القيل والقال ، وإضاعة المال ، وهدر الساعات الطوال ، قصَّرتم في الطاعة ، وبالغتم في الإضاعة ، وفرطتم في صلاة الجماعة ، هجرتم القرآن ، وأطعتم الشيطان ، وغرّكم الشباب الفتّان ، ألستم أحفاد المهاجرين والأنصار ، وأبناء الأبرار ، وعليكم تعلق الآمال الكبار . فقام أصغرهم ، وهو في العين أحقرهم ، فقال : أيها الخطيب ، يكفي هذا التأنيب ، فإنهم قالوا : لا ينفع التهذيب في الذيب ، واعلم أنا في عصر الصبا ، كنبت الربى ، وكم من سيف نبا ، وضوء خبا ، وجواد كبا ، فلا تشمت بنا العِدا ، ولا تكثر المرا ، قال الخطيب : عجب ، أيها الخب ابن الخب ، أتيت بعذر أقبح من ذنب ، أتعتذر بالشبيبة ، لعمل كل خيبة ، فهذه مصيبة ، هؤلاء الصحابة ، كلٍّ حفظ شبابه ، وحمل كتابه ، وخاف حسابه ، وهل عندكم عهد وأمان ، من طروق الحدثان ، أم أنكم في لهوكم تلعبون ، ولهواكم تركبون ؟
    قال قائل منهم ، وقد ناب عنهم ، يا عم : ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، وما نزع الرفق من شيء إلا شانه . ونحن في مقتبل العمر ، وفي غفلة من الدهر ، فدعنا نبهج ابتهاج الزهر ، ونقبل على الدنيا إقبال القطر ، كما قال الشاعر :
    أقبل على اللذات ويحك إنه
    تطوى بك الأيام والساعاتُ
    واترك مواعظ من يُخوِّف بالردى
    قبل الردى يا صاحبي أوقاتُ
    قال الخطيب والذي قرّت بحبه العيون ، وأزال بالعلم الظنون ، إنكم في غيّكم تلعبون ، ومن حتفكم تطربون ، أين العقول هل ذهبت ، أين البصائر هل سُلبت ، أما ترون أنه يُساق بكم إلى القبور ، وكل واحد منكم مغرور ، تغترون بالمُهلة ، وتظنون أن الأمور سهلة :

    فلا تقل الصبا فيه أمتهل
    وفكر كم صبي قد دفنتا
    تفر من الهجير وتتقيه
    فهلا من جهنم قد فررتا

    يا قوم : الأنفاس تكتب عليكم ، والمنايا تزف إليكم ، فقال أحدهم : فماذا نفعل أيها الواعظ ؟ فإني أراك تنتقد وتلوم وتلاحظ ، هل ترانا في حياتنا أخطأنا ، وعن مناد الصلاح أبطأنا ؟ قال الخطيب : أين نور الهداية ، وحسن البداية ، والاستعداد للنهاية ، المساجد منكم مهجورة ، والمقاهي بكم معمورة ،كل منكم ركب لهوه وطيشه،وأقبل على الدخان والشيشة ، تسبلون الإزار ، وتطيلون الأظفار ، وتقلّدون الكفار ، تضيّعون الصلوات ، وتقعون في الشهوات ، وتسهرون الساعات ، وتزجون الأوقات ، لم تفلحوا في دنيا ولا دين ، وأراكم في غيّكم قاعدين ، لستم في صلاح ولا طاعة ، ولا سنة ولا جماعة ، ولا صناعة ، ولا زراعة ، ولا جلب بضاعة .
    شباب الغرب في المصانع عاكفون ، وإلى العمل منصرفون ، وفي التجارة محترفون ، وبالجد والمثابرة متصفون ، المهندس منهم في صناعته ، والفلاح في زراعته ، والتاجـر في متابعة بضاعته ، والطبيب في عيادته .
    وأنتم ماذا فعلتم ، وأروني ماذا عملتم ؟
    أحدكم في الليل جيفة ، وفي النهار ريشة خفيفة ، فَصَلْتم من الجامعة ، وهجرتم القراءة والمطالعة ، وجلستم على القارعة ، كل منكم قد أزعج شارعه، شغلتكم الأغاني والأماني عن المثاني ، للرياضة تشجعون ، وللمنتخب تتابعون ، وللملاعب تسارعون ، وفي اللهو واللغو بارعون ، حياتكم فوضة ، تتابعون آخر موضة ، كأنكم أطفال الروضة.
    متى عهدكم بالقرآن ، هل حفظتم شيئاً من سنة ولد عدنان ، لا تعرفون المؤلفين والمكتشفين ، والمخترعين والبارعين ، ولا تذكرون أحداً من العلماء والحكماء ، والأدباء، والأولياء ، حفظتم عن ظهر قلب أسماء المغنيّين ، واللاعبين ، واللاّهين، والمسرحيّين ، والممثلين ، عققتم الأوطان ، وأطعتم الشيطان .
    هَمُّ أحدكم حذاء وساعة ، وميدالية لمّاعة ، كأنه شمّاعة .
    ما لكم أهداف سامية ، ولا همم عالية ، ولا أخلاق غالية ، ما عندكم عزائم ، أصبتم بإحباطاتٍ وهزائم ، مقصد أحدكم الأفراح والولائم .
    ألستم أحفاد الراشدين ، وأبناء المجاهدين ، وسلالة العابدين .
    صار همّ أحدكم ثياب فاخرة ، وجلسات ساخرة ، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة . كأنكم أطفال يفرح أحدكم بركوب السيارة ، ومشاهدة الطيارة ، ومعايشة السيجارة ، تحفظون أسماء اللاعبين ، وتغفلون عن أسماء العلماء العاملين ، اتركوا الشوارع، واخرجوا إلى الجوامع ، اذهبوا إلى المصانع ، هبوا إلى المزارع ، هيّا إلى الحدادة والنجارة ، هيّا إلى الصناعة والعمارة ، هيّا إلى البيع والتجارة ، هيّا إلى الورشة والنشارة .
    نريد منكم علماء وحكماء وأطباء وأدباء .

    شباب الحق للإسلام عودوا
    فأنتم مجده وبكم يسود
    وأنتم سر نهضته قديما
    وأنتم فجره الباهي الجديد

    فقال أحدهم وقد تسربل بالخجل ، وتكنفه الوجل ، فتكلم على عجل ، فقال : لسنا سبب الضياع ، وإنما آباؤنا الرعاع ، أهملونا من زمن الرضاع ، ما أعطونا من ماء التربة ولو قطرة ، وفي الحديث كل مولود يولد على الفطرة .
    ما كانوا يسألون عنّا ، كأنا لسنا منهم وليسوا منّا ، ربّونا تربية الدواب، وعلمونا تعليم الأعراب ، فنفوسنا من الآداب خراب .
    أشغلونا بالتلفزيون ، والتلفون ، وسيّـبونا في السكك مع شباب يهمزون ويغمزون ، ما أخذونا إلى المساجد ، ما عرّفونا على عالم واحد ، ما حفّظونا الآيات البيّنات ، ما علّمونا الأحاديث النبويّات ، أهملونا للمجلاّت الخليعات ، والأفلام المائعات، والسهرات الضائعات . غرسوا فينا حب الرذيلة ، وكراهية الفضيلة ، علّمونا سوء الأدب ، وكثرة الضحك من غير سبب ، وسرعة الغضب ، وإضاعة الطلب .
    فقال الخطيب : قد سمعت ما قلت ، وأنت بالحق نطقت ، وبررت فيما قلت وصدقت ، ولكن ما عذركم الآن ، وقد وضح لكم الربح من الخسران ، والتوفيق من الخذلان ، وقد قال شاعر أصفهان :
    هب الشبيبة تبدي عذر صاحبها
    ما بال أشيب يستهويه شيطان
    فليس لكم عذر في الآباء ، ولا تزر وازرة وزر أخرى ، أيها الأبناء ،جددوا التوبة، وأصلحوا الأوبة ، وارقعوا بيد الصلاح ما تمزق من ثوب الأعمار،واغسلوا بدمع الندم ما تركته الذنوب من غبار ، واتركوا مصاحبة الفجّار ، ومصادقة الأشرار ، ومرافقة الشطار ، والتشبه بالكفار ، أقبلوا على الحياة السعيدة ، واعكفوا على الكتب المفيدة ، وتخلّقوا بالأخلاق الحميدة ، واحملوا الآداب الرشيدة ، حافظوا على تكبيرة الإحرام ، واجتنبوا الحرام ، وتوبوا من العشق والغرام ، وارتفعوا إلى منازل الكرام ، تذكّروا الموت وسكرته ، والقبر وظلمته ، والحساب ودقته ، والصراط ومزلته ، تفكروا في البعث والنشور ، يوم يبعثر ما في القبور ، ويحصّل ما في الصدور ، وينفخ في الصور ، ويعضُّ على كفه المثبور ، وتقصم الظهور .
    والله لو عاش الفتى في عمره
    ألفاً من الأعـوام مالك أمره
    ما كان ذلك كله في أن يفي
    فيها بأول ليـلة فـي قبـره
    فلما سمعوا كلامه ، وشاهدوا مقامه ، غلبتهم الحسرة والندامة ، ووضع كل منهم على وجهه أكمامه ، وبكوا بكاء من عاين القيامة ، وتذكر لياليه وأيامه .
    فرفع الخطيب يديه ، واجتمعوا عليه ، ودنوا إليه ، فقال: اللهم يا قويّ الأسباب ، يا كريم الجناب ، افتح لعبادك الأبواب ، وتب على من تاب ، وارحم هؤلاء الشباب ، فإنك تقيل العثرات ، وتغفر الزلات ، وتعفو عن السيئات ، وتتجاوز عن الخطيئات ، اللهم أصلح قلوبهم ، واستر عيوبهم ، واحفظ غيوبهم ، واغفر ذنوبهم .
    ثم قال الخطيب : هيّا بنا إلى المسجد ، لنركع ونسجد ، ونصلي ونتعبد ، ونعود إلى الله فالعود أحمد ، ونقتدي بالرسول محمّد .
    فسمعوا نداءه ، وأجابوا دعاءه ، وذهبوا وراءه ، فأصلح الله لهم البال ، ووفقهم لأحسن الأعمال ، وأزكى الأقوال ، وأشرف الأحوال ، فصاروا كالنجوم الزاهرة ، والبدور الباهرة ، بقلوب طاهرة ، وأعمال بالخير ظاهرة .

    مع تحيات أبو أنس شويل

    الهم احفظ الشيخ عائض وانفع بعلمه

    يا أسامة في جبين العز شامة
    لله درك يا أسامة
    شامخ كاطود فينا
    ماحنا للكفر هامة
    لقن الباغين درسا
    شاهرا فيهم حسامة
    معلنا صوتا يدوي
    ليس للكفر شهامة
    ليس للباغين عهد
    كيف والبغي تنامة
    ليس نرضى اليوم ذل
    أو نطأطئ كالنعامة
    نحن في الحرب أسود
    لسنا نرضى بالسلامة
    بل إلى الجنات نمضي
    نبذل الروح علامة
    عصبة لله قامت
    ما ترى فيها السآمة
    نكست رايات كفر
    أعقبت فيهم ندامة
    فأعتلا فيهم صياح
    أوقفوا زحف أسامة
    قد غدوت اليوم رمزا
    لله درك يا أسامة
Working...