يقول صاحب القصة وهي قصه عجيبة ...عجيبة يقول فيها :
سافرت إلى مدينة جدة في مهمة رسمية وفى الطريق فوجئت بحاد ث سيارة يبدو أنه وقع لتوّه, كنت أول من وصل إليه, أوقفت سيارتي واندفعت مسرعاً إلى السيارة المصطدمة, تحسستها بحذر, نظرت إلى داخلها حدقت النظر, خفقات قلبي تنبض بشدة, ارتعشت يداي, تسمرت قدماي, خنقتني العبرة, ترقرقت عيناي بالدموع ثم أجهشت في البكاء, منظر وصورة تبعث الشجن .
* * * * *
كان قائد السيارة ملقى على مقعدها جثةً هامدة وقد شخص ببصره إلى السماء رافعاً سبابته وقد فتر ثغره عن ابتسامة جميلة ووجهه تحيط به لحية كثيفة كأنه الشمس في ضحاها والبدر في سناه, العجيب - والكلام ما يزال له - أن طفلته الصغيرة كانت ملقاة على ظهره محيطة بيديها على عنقه وقد لفظت أنفاسها وودعت الحياة ...لا إله إلا الله لم أرى ميتة كمثل هذه الميتة طهراً وسكينةً ووقاراً, صورته وقد أشرقت شمس الاستقامة على محيّاه, منظر سبابته التي ماتت توحّد الله, جمال ابتسامته التي فارق بها الحياة حلقت بي بعيداً ففكرت في هذه الخاتمة الحسنة ازدحمت الأفكار في رأسي سؤال يتردد صداه في أعماقي يطرق بشده ... كيف سيكون رحيلي ؟ على أي حال ستكون خاتمتي ؟
يطرق بشدة يمزق حجب الغفلة تنهمر دموع الخشية ويعلو صوت النحيب, من رآني هناك ظن أني أعرف الرجل أو أن لي به قرابة, كنت أبكى بكاء الثكلاء, لم أكن أشعر بمن حولي ازداد عجبي أي والله حين انساب صوتها يحمل برودة اليقين, لامس سمعي, ردّني إلي شعوري ... يا أخي لا تبكى عليه إنه رجل صالح, هيا أخرجنا من هناك وجزاك الله خيراً...
التفت إليها, فإذا امرأة تقبع في المقعدة الخلفية من السيارة تضم إلي صدرها طفلين صغيرين, لم يُمسا بسوء ولم يُصابا بأذى, كانت شامخة في حجابها شموخ الجبال, هادئة في مصابها هدوء النسيم, لا بكاء ولا صياح, أخرجناهم جميعاً من السيارة .
* * * * *
من رآني ورائها ظن أني صاحب المصيبة دونها, قالت لنا وهى تتفقد حجابها وتستكمل حشمتها في ثبات الراضي بقضاء الله وقدره ... لو سمحتم احملوا زوجي إلى أقرب مستشفى وسارعوا في إجراءات الغسل والدفن واحملوني وطفلي إلي منزلنا, جزاكم الله خير الجزاء .
بادر بعض المحسنين إلي حمل الرجل وطفلته إلى أقرب مستشفى ومن ثم إلى أقرب مقبرة بعد إخبار ذويه وأما هي فقد عرضنا عليها أن تركب مع أحدنا إلى منزلها فردت في حياء وثبات, لا والله لا أركب إلا في سيارة فيها نساء, ثم انزوت عنّا جانباً وقد أمسكت بطفليها الصغيرين ريثما نجد بغيتها وتتحقق منيتها.
* * * * *
استجبنا لرغبتها, أكبرنا موقفها, مر الوقت طويلاً ونحن ننتظر على تلك الحال العصيبة في تلك الأرض الخلاء, وهى ثابتة ثبات الجبال, ساعتان كاملتان حتى مرت بنا سيارة فيها رجلاً وامرأته, أوقفناه وأخبرناه خبر هذه المرأة وسألته أن يحملها إلى منزلها فلم يمانع .
* * * * *
عدت إلى سيارتي وأنا أعجب من هذا الثبات العظيم ثبات, الرجل على دينه واستقامته في آخر لحظات الحياة وأول طريق الآخرة, وثبات المرآة على حجابها وعفافها في أصعب وأحلك الظروف ثم صبرها صبر الجبال إنه الأيمان ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) انتهى كلامه وفقه الله تعالى .
سافرت إلى مدينة جدة في مهمة رسمية وفى الطريق فوجئت بحاد ث سيارة يبدو أنه وقع لتوّه, كنت أول من وصل إليه, أوقفت سيارتي واندفعت مسرعاً إلى السيارة المصطدمة, تحسستها بحذر, نظرت إلى داخلها حدقت النظر, خفقات قلبي تنبض بشدة, ارتعشت يداي, تسمرت قدماي, خنقتني العبرة, ترقرقت عيناي بالدموع ثم أجهشت في البكاء, منظر وصورة تبعث الشجن .
* * * * *
كان قائد السيارة ملقى على مقعدها جثةً هامدة وقد شخص ببصره إلى السماء رافعاً سبابته وقد فتر ثغره عن ابتسامة جميلة ووجهه تحيط به لحية كثيفة كأنه الشمس في ضحاها والبدر في سناه, العجيب - والكلام ما يزال له - أن طفلته الصغيرة كانت ملقاة على ظهره محيطة بيديها على عنقه وقد لفظت أنفاسها وودعت الحياة ...لا إله إلا الله لم أرى ميتة كمثل هذه الميتة طهراً وسكينةً ووقاراً, صورته وقد أشرقت شمس الاستقامة على محيّاه, منظر سبابته التي ماتت توحّد الله, جمال ابتسامته التي فارق بها الحياة حلقت بي بعيداً ففكرت في هذه الخاتمة الحسنة ازدحمت الأفكار في رأسي سؤال يتردد صداه في أعماقي يطرق بشده ... كيف سيكون رحيلي ؟ على أي حال ستكون خاتمتي ؟
يطرق بشدة يمزق حجب الغفلة تنهمر دموع الخشية ويعلو صوت النحيب, من رآني هناك ظن أني أعرف الرجل أو أن لي به قرابة, كنت أبكى بكاء الثكلاء, لم أكن أشعر بمن حولي ازداد عجبي أي والله حين انساب صوتها يحمل برودة اليقين, لامس سمعي, ردّني إلي شعوري ... يا أخي لا تبكى عليه إنه رجل صالح, هيا أخرجنا من هناك وجزاك الله خيراً...
التفت إليها, فإذا امرأة تقبع في المقعدة الخلفية من السيارة تضم إلي صدرها طفلين صغيرين, لم يُمسا بسوء ولم يُصابا بأذى, كانت شامخة في حجابها شموخ الجبال, هادئة في مصابها هدوء النسيم, لا بكاء ولا صياح, أخرجناهم جميعاً من السيارة .
* * * * *
من رآني ورائها ظن أني صاحب المصيبة دونها, قالت لنا وهى تتفقد حجابها وتستكمل حشمتها في ثبات الراضي بقضاء الله وقدره ... لو سمحتم احملوا زوجي إلى أقرب مستشفى وسارعوا في إجراءات الغسل والدفن واحملوني وطفلي إلي منزلنا, جزاكم الله خير الجزاء .
بادر بعض المحسنين إلي حمل الرجل وطفلته إلى أقرب مستشفى ومن ثم إلى أقرب مقبرة بعد إخبار ذويه وأما هي فقد عرضنا عليها أن تركب مع أحدنا إلى منزلها فردت في حياء وثبات, لا والله لا أركب إلا في سيارة فيها نساء, ثم انزوت عنّا جانباً وقد أمسكت بطفليها الصغيرين ريثما نجد بغيتها وتتحقق منيتها.
* * * * *
استجبنا لرغبتها, أكبرنا موقفها, مر الوقت طويلاً ونحن ننتظر على تلك الحال العصيبة في تلك الأرض الخلاء, وهى ثابتة ثبات الجبال, ساعتان كاملتان حتى مرت بنا سيارة فيها رجلاً وامرأته, أوقفناه وأخبرناه خبر هذه المرأة وسألته أن يحملها إلى منزلها فلم يمانع .
* * * * *
عدت إلى سيارتي وأنا أعجب من هذا الثبات العظيم ثبات, الرجل على دينه واستقامته في آخر لحظات الحياة وأول طريق الآخرة, وثبات المرآة على حجابها وعفافها في أصعب وأحلك الظروف ثم صبرها صبر الجبال إنه الأيمان ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) انتهى كلامه وفقه الله تعالى .
تعليق