دعت الابنة على أبيها
فقال: آمين ... آمين!!!
كان ممن تأثرت أخلاقهم وأفكارهم بالطفرة المادية ... فأصبح المال محبوبه الأول.. وأعمت المادة بصيرته فلم يعد يبصر إلا من خلال ثقوبها الضيقة.. وأصبح المال ميزانه الذي يزن به الأمور.. وكانت له ابنة بلغت مبلغ الزواج .. وأخذ الخطاب على اختلاف مراتبهم يدقون أبوابه راغبين في الزواج من ابنته.
ولكنه كان يردهم بحجج واهية ظاهرها المصلحة وباطنها المادة.. مع أن من هؤلاء الخطاب أصحاب دين وخلق .. ممن أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بهم ... ولكن كان لسان حاله يقول: أين الذي يدفع أكثر .. والمنافع والمصالح من ورائه أكبر؟
ومرت الأيام .. وظل على أحلامه المادية .. ومرت الأعوام .. وترك قطار الزمن ابنته في محطة العنوسة .. وغادر الخطاب بابه واتجهوا لغيره ممن لديهم بقية دين وخلق ..... ممن يرفضون بيع بناتهم كالنعاج في الحراج.
وذبل شباب ابنته .. وانطفأت نضارتها.. وذوى عودها .. ومع الأيام دب السقم في جوانحها .. وأصيبت بداء عضال أضنى الأطباء شفاؤه .. ونقلت إلى المستشفى ... وحانت لحظاتها الأخيرة .. وأخبر والدها بالأمر .. فأفاق من عالمه المادي وأتى مسرعاً .. ليرى ابنته في ثوب المرض .. بعد أن حرمها منذ زمن من ثوب الزفاف .. نظر إليها مشفقاً عليها .. نظرت إليه بعينين قد اغرورقت بالدمع .. وأخذت تتمتم وتحرك شفتيها ... دنا منها ليسمع ما تريد البوح به في لحظتها الأخيرة .. فوجدها تطلب منه أن يقول آمين .. فقال: آمين .. ثم تمتمت مرة أخرى، وطلبت منه أن يقول آمين .. فقال: آمين .. ثم فعلت ذلك مرة ثالثة، وطلبت منه أن يقول آمين .. فقالها.
وبعد فترة من الصمت المشحون بالأسى .. سألها برفق عن الدعاء الذي طلبت منه أن يؤمن عليه .. فانحدرت دموعها الأخيرة .. وأجابت بعد صمت بصوت واهن مليئ بالأسى .. لقد دعوت الله أن يحرمك الجنة كما حرمتني من الزواج.
وطوى القبر في باطنه مأساة دامية .. وبقي المجرم الذي أعمى الجشع بصيرته .. بقي يندب نفسه وابنته .. ويعض أصابع الندم .. ولات ساعة مندم .. هذه ماساة سمعنا بها وعرفناها فيا ترى كم من المآسي من هذا النوع تمت في صمت ولم نسمع بها .. ما دام الناس في إعراض عن الحياة وفق الشريعة وآدابها .. فلا شك أن هناك الكثير من هذا النوع .. وما خفي كان أعظم.
قلت:
1- دعاء البنت على أبيها فيه سوء أدب مع الوالدين، ينبغي أن تترفع عنه الفتاة المسلمة، وإن ظلمها أبوها .. وإنما ذكرت هذا الموقف .. على ما فيه تحذيراً للآباء والأمهات من إعضال بناتهم.
2- إن العنوسة ابتلاء من الله، ينبغي للمرأة أن تصبر وتحتسب له، وأن ترضى بما كتب الله لها: "ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه" فاختيار الله للعبد خير من اختياره لنفسه.
3- وفي القصة درس مهم وهو لزوم التنبيه والتحذير من السلبية الاجتماعية، والتهاون في المناصحة، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا شك أن هذا الأب له أقرباء وأصدقاء وجيران فلم ينصحوه؟ وإذا نصحوه فلم ينتصح لِمَ لَم يقاطعوه؟ وإذا قاطعوه فلم يرتدع لم لم يعاقبوه؟ غالب الظن في كثير من هذه الحالات أن هؤلاء يغتابونه وينهشون عرضه بذكر مثالبه في المجالس، دون أن يواجهوه ليصلحوه، لو أن كل مخطئ وجد من ينصحه، ووجد مجتمعاً يلومه ويحاصره لما ركب راسه، وحكم هواه كما فعل هذا الأب الجاني.
مع تحيات أبو أنس ((شـــــــويـــــــــــــل))
فقال: آمين ... آمين!!!
كان ممن تأثرت أخلاقهم وأفكارهم بالطفرة المادية ... فأصبح المال محبوبه الأول.. وأعمت المادة بصيرته فلم يعد يبصر إلا من خلال ثقوبها الضيقة.. وأصبح المال ميزانه الذي يزن به الأمور.. وكانت له ابنة بلغت مبلغ الزواج .. وأخذ الخطاب على اختلاف مراتبهم يدقون أبوابه راغبين في الزواج من ابنته.
ولكنه كان يردهم بحجج واهية ظاهرها المصلحة وباطنها المادة.. مع أن من هؤلاء الخطاب أصحاب دين وخلق .. ممن أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بهم ... ولكن كان لسان حاله يقول: أين الذي يدفع أكثر .. والمنافع والمصالح من ورائه أكبر؟
ومرت الأيام .. وظل على أحلامه المادية .. ومرت الأعوام .. وترك قطار الزمن ابنته في محطة العنوسة .. وغادر الخطاب بابه واتجهوا لغيره ممن لديهم بقية دين وخلق ..... ممن يرفضون بيع بناتهم كالنعاج في الحراج.
وذبل شباب ابنته .. وانطفأت نضارتها.. وذوى عودها .. ومع الأيام دب السقم في جوانحها .. وأصيبت بداء عضال أضنى الأطباء شفاؤه .. ونقلت إلى المستشفى ... وحانت لحظاتها الأخيرة .. وأخبر والدها بالأمر .. فأفاق من عالمه المادي وأتى مسرعاً .. ليرى ابنته في ثوب المرض .. بعد أن حرمها منذ زمن من ثوب الزفاف .. نظر إليها مشفقاً عليها .. نظرت إليه بعينين قد اغرورقت بالدمع .. وأخذت تتمتم وتحرك شفتيها ... دنا منها ليسمع ما تريد البوح به في لحظتها الأخيرة .. فوجدها تطلب منه أن يقول آمين .. فقال: آمين .. ثم تمتمت مرة أخرى، وطلبت منه أن يقول آمين .. فقال: آمين .. ثم فعلت ذلك مرة ثالثة، وطلبت منه أن يقول آمين .. فقالها.
وبعد فترة من الصمت المشحون بالأسى .. سألها برفق عن الدعاء الذي طلبت منه أن يؤمن عليه .. فانحدرت دموعها الأخيرة .. وأجابت بعد صمت بصوت واهن مليئ بالأسى .. لقد دعوت الله أن يحرمك الجنة كما حرمتني من الزواج.
وطوى القبر في باطنه مأساة دامية .. وبقي المجرم الذي أعمى الجشع بصيرته .. بقي يندب نفسه وابنته .. ويعض أصابع الندم .. ولات ساعة مندم .. هذه ماساة سمعنا بها وعرفناها فيا ترى كم من المآسي من هذا النوع تمت في صمت ولم نسمع بها .. ما دام الناس في إعراض عن الحياة وفق الشريعة وآدابها .. فلا شك أن هناك الكثير من هذا النوع .. وما خفي كان أعظم.
قلت:
1- دعاء البنت على أبيها فيه سوء أدب مع الوالدين، ينبغي أن تترفع عنه الفتاة المسلمة، وإن ظلمها أبوها .. وإنما ذكرت هذا الموقف .. على ما فيه تحذيراً للآباء والأمهات من إعضال بناتهم.
2- إن العنوسة ابتلاء من الله، ينبغي للمرأة أن تصبر وتحتسب له، وأن ترضى بما كتب الله لها: "ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه" فاختيار الله للعبد خير من اختياره لنفسه.
3- وفي القصة درس مهم وهو لزوم التنبيه والتحذير من السلبية الاجتماعية، والتهاون في المناصحة، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا شك أن هذا الأب له أقرباء وأصدقاء وجيران فلم ينصحوه؟ وإذا نصحوه فلم ينتصح لِمَ لَم يقاطعوه؟ وإذا قاطعوه فلم يرتدع لم لم يعاقبوه؟ غالب الظن في كثير من هذه الحالات أن هؤلاء يغتابونه وينهشون عرضه بذكر مثالبه في المجالس، دون أن يواجهوه ليصلحوه، لو أن كل مخطئ وجد من ينصحه، ووجد مجتمعاً يلومه ويحاصره لما ركب راسه، وحكم هواه كما فعل هذا الأب الجاني.
مع تحيات أبو أنس ((شـــــــويـــــــــــــل))
تعليق