وقفت ذات يوم أمام أبواب الجامعة .. أنتظر قدوم سيارتي للعودة إلى المنزل .. أخذت أتفحص السيارات القادمة .. وأجول ببصري فيها .. وأدعو الله أن يعجل سائقي المجيء فيريحني من عناء يوم دراسي حافل بالآمال والآلام معاً ! سمعت حينها إحدى الفتيات الواقفات بجنبي تشكو لصاحبتها من مصيبتها وتصف لها تفاصيل فاجعة ألمت بها .
حكت بصوت عالٍ جعلني أسمع ما دار بينهما دون تعمد مني.. فقالت :
أتصدقين يا بتول أنني اضطررت لركوب الوانيت لا أعاده الله من يوم حيث توعكت ظروف أخي الصحية فأتاني خالي وبالوانيت
تخيلي لا أستطيع أن أصف لك مدى خجلي من نفسي حينها بل أقول وبحق أني احتقر نفسي وأصابني الاشمئزاز من ذلك الموقف المزري فماذا سيقول الناس عني؟ طالبة جامعية و... تركب الوانيت ؟!!!
يا للعار والشنار!!
أخمد ثورتها واندفاعها ضحكات صاحبتها المتتابعة وسؤالها قائلة هاه أكملي ماذا فعلت بعد ذلك ؟!
فاسترسلت تقول وماذا عساي أن أفعل ؟ غير أني حلفت ألا أركب وانيتا بعد موقفي ذلك وأن لم أخرج من الجامعة طيلة يومي..؟
نظرت إليها في ذهول وقد تملكتني الدهشة مما تقول .. وكتمت ضحكاتي حين تذكرت أبياتا للشيخ عايض القرني فأخذت أرددها في نفسي مما زادني ضحكا وعجبا :-
أنت من أنت يا شبيه الزرافة = يا عظيما في كبره والسخافة
خفف الوطء ما رأيناك شيئا = كلّما زدت كبرة زدت آفة
هل توهمتَ أن جدتك الكبـــــــــرى تولت على الأنام الخلافة
أم لأن العلوم صيغت جميعا = في دماغ ما فيه إلا الخرافة
وفي تلك الأثناء .. وقفت أمامي سيارة صغيرة جميلة لكنها قبيحة بأصحابها !! حيث لمحت السائق الذي لفت انتباهي منظره فوجدته شابا تسريحة شعره غطت وجهه تماماً وصوت الموسيقى قد هز الشارع لصخبه وعلوه ثم أخذ يتمايل بشعره يمنة ويسرة ظانا أن ذلك سيأسرنا فتقع في شباكه إحدانا !!
وفوجئت حين رأيت الفتاة التي سمعت منها تلك المقولة وقد دخلت تلك السيارة الشيك !! التي تستأنس بها على هيئة يرثى لها .. حيث أسدلت غطاءً خفيفا على وجهها ثم أظنها دارت أسواق المنطقة كلها لتنتقي أجمل فستان سهرة فتكمل به سفورها !!! عباءة ضيقة وأكمام خفيفة مزركشة .. عدا رائحة العطر الصادرة منها والسائق النبيل لم تحرك قلبه الغيرة على أخته المتبخترة ولم ينبس بكلمة غير اركبي يا سوسو
هي لم تتعذب وهي تلحظ النظرات إليها من الرجال الأجانب !!!
ولم تتعذب وهي تسمع الموسيقا الصاخبة الصادرة سيرتها !!!
لم تتعذب من منظر أخيها الذي خيل لي في بادئ الأمر أنه سائقة وليس بسائق !!
هي لم تتعذب .... بل أنا التي تعذبتُ لحالها.
حمدت الله حين رأيت الوانيت وقد جاء به والدي ليأخذني !!! أخذت أتأمل الوانيت والسائق ووالدي –رعاه الله – بلحيته البيضاء وعصاه التي يتكئ عليها وقد تحمل المجيء وهو في هذه السن وعبء الدخول في تلك الزحام ولم يجعل اتكاله منكبا على السائق ..
دخلت الوانيت ورأسي مرفوع بشرقي وخلقي وعفتي وحيائي وحجابي معززة مكرمة مصونة أجل...
أنا لا أريد حضارة تغتال إيماني وديني
وتقدما يجتث من أعماق وجداني اليقين
أنا لا أريد سوى الحياة كريمة في ظل ديني ..
في أروقة الجامعة // مقالة لــ // إيمان بنت محمد العسيري .
نشرت في مجلة ( حياة للفتيات) العدد الثاني والعشرون صفحة 38
الناقل:- محبكم/ عبد الله الزهراني /// ودمتم .
حكت بصوت عالٍ جعلني أسمع ما دار بينهما دون تعمد مني.. فقالت :
أتصدقين يا بتول أنني اضطررت لركوب الوانيت لا أعاده الله من يوم حيث توعكت ظروف أخي الصحية فأتاني خالي وبالوانيت
تخيلي لا أستطيع أن أصف لك مدى خجلي من نفسي حينها بل أقول وبحق أني احتقر نفسي وأصابني الاشمئزاز من ذلك الموقف المزري فماذا سيقول الناس عني؟ طالبة جامعية و... تركب الوانيت ؟!!!
يا للعار والشنار!!
أخمد ثورتها واندفاعها ضحكات صاحبتها المتتابعة وسؤالها قائلة هاه أكملي ماذا فعلت بعد ذلك ؟!
فاسترسلت تقول وماذا عساي أن أفعل ؟ غير أني حلفت ألا أركب وانيتا بعد موقفي ذلك وأن لم أخرج من الجامعة طيلة يومي..؟
نظرت إليها في ذهول وقد تملكتني الدهشة مما تقول .. وكتمت ضحكاتي حين تذكرت أبياتا للشيخ عايض القرني فأخذت أرددها في نفسي مما زادني ضحكا وعجبا :-
أنت من أنت يا شبيه الزرافة = يا عظيما في كبره والسخافة
خفف الوطء ما رأيناك شيئا = كلّما زدت كبرة زدت آفة
هل توهمتَ أن جدتك الكبـــــــــرى تولت على الأنام الخلافة
أم لأن العلوم صيغت جميعا = في دماغ ما فيه إلا الخرافة
وفي تلك الأثناء .. وقفت أمامي سيارة صغيرة جميلة لكنها قبيحة بأصحابها !! حيث لمحت السائق الذي لفت انتباهي منظره فوجدته شابا تسريحة شعره غطت وجهه تماماً وصوت الموسيقى قد هز الشارع لصخبه وعلوه ثم أخذ يتمايل بشعره يمنة ويسرة ظانا أن ذلك سيأسرنا فتقع في شباكه إحدانا !!
وفوجئت حين رأيت الفتاة التي سمعت منها تلك المقولة وقد دخلت تلك السيارة الشيك !! التي تستأنس بها على هيئة يرثى لها .. حيث أسدلت غطاءً خفيفا على وجهها ثم أظنها دارت أسواق المنطقة كلها لتنتقي أجمل فستان سهرة فتكمل به سفورها !!! عباءة ضيقة وأكمام خفيفة مزركشة .. عدا رائحة العطر الصادرة منها والسائق النبيل لم تحرك قلبه الغيرة على أخته المتبخترة ولم ينبس بكلمة غير اركبي يا سوسو
هي لم تتعذب وهي تلحظ النظرات إليها من الرجال الأجانب !!!
ولم تتعذب وهي تسمع الموسيقا الصاخبة الصادرة سيرتها !!!
لم تتعذب من منظر أخيها الذي خيل لي في بادئ الأمر أنه سائقة وليس بسائق !!
هي لم تتعذب .... بل أنا التي تعذبتُ لحالها.
حمدت الله حين رأيت الوانيت وقد جاء به والدي ليأخذني !!! أخذت أتأمل الوانيت والسائق ووالدي –رعاه الله – بلحيته البيضاء وعصاه التي يتكئ عليها وقد تحمل المجيء وهو في هذه السن وعبء الدخول في تلك الزحام ولم يجعل اتكاله منكبا على السائق ..
دخلت الوانيت ورأسي مرفوع بشرقي وخلقي وعفتي وحيائي وحجابي معززة مكرمة مصونة أجل...
أنا لا أريد حضارة تغتال إيماني وديني
وتقدما يجتث من أعماق وجداني اليقين
أنا لا أريد سوى الحياة كريمة في ظل ديني ..
في أروقة الجامعة // مقالة لــ // إيمان بنت محمد العسيري .
نشرت في مجلة ( حياة للفتيات) العدد الثاني والعشرون صفحة 38
الناقل:- محبكم/ عبد الله الزهراني /// ودمتم .
تعليق