الحمد الله الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا
فإن العمر الذي يملكه الإنسان نعمة كبرى بحمد الله عليها ، والحياة أمامه فرصة للنجاح وسبيل لنيل الخير في الدنيا والآخرة ، ولذلك قيل : المؤمن وليده وقته ؛ لأنه يسير في حياته على خطى ونظام ، يستغل من خلالها كل مقدار من وقته دون تسويف أو غبطاء ، ودون تخليط أو اضطراب ؛ فيغالي بوقته مغالاة شديدة ؛ لأن الوقت عمره ، فإذا سمح بضياعه وترك العوادي تنهيه فهو ينتحر بهذا المسلك الطائش .
وإن المسلم الفطن يسعى لاستغلال كل لحظة من لحظات حياته دون ضياع او تفويت ؛ لأنها محسوبة عليه في سجل الآخرة ... بل إنه يعمل في أيام دهره حتى لا تعمل هي فيه ، يقول صلى الله عليه وسلم : " أعذر الله عز وجل إلى امريء أخّر عمره حتى بلّغه ستين سنة " أي : أزال عذره ولم يبق له موضعا للاعتذار ، إذ أمهله مدة مديدة من العمر .
والزمان أيها الاخوة والأخوات أشرف من أن يضيع منه لحظة ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قال سبحان الله العظيم وبحمد غُرست له بها نخله في الجنة " ، فكم يضيع الآدمي من ساعات يفوته فيها الثواب الجزيل ، وهذه الأيام مثل المزرعة ، فكأنه قيل للإنسان : كلما بذرت حبة أخرجنا لك ألف حبة ؛ فهل يجوز للعاقل أن يتوقف في البذر ويتوانى ؟! . كان الحسن يقول : ابن آدم ، نهارك ضيفك فأحسن إليه ، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك ، وأن اسأت إليه ارتحل بذمك وكذلك ليلتك .
فكم من نفس مؤمنة أملت العمل في مواسم الطاعات في لحظة تقصير منها فحيل بينها وبين ما تشتهي ... وكم من نفس مؤمنة أملت صيام رمضان فلم تستطع .. وكم من نفس مؤمنة ترقد على السريير تتمنى أن تعود إلى صحتها لتعمل لآخرتها ... !
أيها الأخوة والأخوات في الله : لقد أدرك أسلاف الأمة رحمهم الله أن الفراغ يدمر ألوف الكفايات والمواهب ويخفيها وراء ركام هائل من الاستهانة والاستكانة ، ويتبع هذا الإهدار الشنيع لقيمة الوقت والعمل مصائب لا حصر لها في كل مناحي الحياة ... لذا سعى السلف رحمهم الله إلى الاتعاظ بالزمن والاهتمام بالوقت ، فسخروا حياتهم لخدمة الدين وعمارة الآخرة .
قال الحسن البصري رحمه الله : ابن آدم ، إنما أنت أيام ، وكلما ذهب يوم ذهب بعضك ، وكان الخليل بن أحمد الفراهيدي يقول : اثقل الساعات عليّ ساعة آكل فيها .
وقال وهيب بن الرود : إن استطعت ألا يشغلك عن الله تعالى أحد فافعل .
وهذا هو الإمام ابن الجوزي يشرح تلك الحال ويحكي لنا كيف استفاد من الوقت في حضو البطالين الفارغين فيقول : لما رأيت أن الزمان أشرف شيء والواجب انتهازه بفعل الخير ، كرهت ذلك وبقيت معهم بين أمرين : إن أنكرت عليهم وقعت في وحشة لموضع قطع المألوف ، وإن تقبلته منهم ضاع الزمان ، فصرت أدافع اللقاء جهدي ، فإذا غلبت قصرت في الكلام لأتعجل الفراق ، ثم أعدت أعمالا لا تمنع من المحادثة لأوقات لقائهم ؛ لئلا يمضي الزمان فارغا ... فجعلت من المستعد للقائهم قطع الكاغد ( أي الورق) وبري الأقلام ، وحزم الدفاتر ، فإن هذه الأشياء لا بد منها ، ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب ، قأرضدها لأوقات زيارتهم لئلا يضيع شيء من وقتي .
ونقل عن ابن جرير الطبري المفسر المشهور أنه قال لأصحابه : اتنشطون لتفسير القرآن ؟ قالوا : كم يكون قدره ؟ قال : ثلاثون ألف ورقة ، فقالوا : : هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه ، فقال : إنا لله ! ماتت الهمم ، فاختصر في نحو ثلاثة آلاف ورقه .
وحقاّ ما قاله الوزير ابن هبيرة رحمه الله
والوقت أنفس ما عُنيت بحفظه ***** وأراه أسهل ما عليك يضيعُ
ولقد تعدى اهتماهم بالوقت أنفسهم ليصل إلى أبنائهم ، فمن حسن التربية تعويد الأبناء على الاستفادة من الأوقات وعمارتها بما هو مفيد ليتعودوا على ذلك من الصغر ، قال عبدالله بن عبدالملك رحمه الله : كما مع أبينا في موكبه فقال : سبّحوا حتى تلك الشجرة ، فنسبح حتى نأتيها ، فإذا رفعت لنا شجرة أخرى قال : كبّروا حتى تلك الشجرة ن فكان يصنع بنا ذلك .
وكان المجد بن تيمية جد شيخ الإسلام إذا دخل الخلا يأمر خادمه أن يقرأ عليه من كتاب حتى يضيع عليه الوقت في الخـــــلاء .
هكذا كانت نظرتهم للزمن ... فكانت له قيمة عظيمة عندهم ، يعزُّ على الكريم أن يضيع دقيقة في غير طاعة ، أو يفرط في لحظة في غير مصحلة ! .
لسان حال الواحد منهم يقول
إذا كنت أعلم علما يقينا **** بأن جميع حياتي كساعة
فلم لا أكون ضنينا بهــــا **** وأجعلها في صلاح وطاعة
جعلنا الله وإياكم ممن طال عمره وحسن عمله .... وختم لنا ولكم بخير ، ورزقنا الإخلاص في القول والعمل ، إنه جواد كريم .
فإن العمر الذي يملكه الإنسان نعمة كبرى بحمد الله عليها ، والحياة أمامه فرصة للنجاح وسبيل لنيل الخير في الدنيا والآخرة ، ولذلك قيل : المؤمن وليده وقته ؛ لأنه يسير في حياته على خطى ونظام ، يستغل من خلالها كل مقدار من وقته دون تسويف أو غبطاء ، ودون تخليط أو اضطراب ؛ فيغالي بوقته مغالاة شديدة ؛ لأن الوقت عمره ، فإذا سمح بضياعه وترك العوادي تنهيه فهو ينتحر بهذا المسلك الطائش .
وإن المسلم الفطن يسعى لاستغلال كل لحظة من لحظات حياته دون ضياع او تفويت ؛ لأنها محسوبة عليه في سجل الآخرة ... بل إنه يعمل في أيام دهره حتى لا تعمل هي فيه ، يقول صلى الله عليه وسلم : " أعذر الله عز وجل إلى امريء أخّر عمره حتى بلّغه ستين سنة " أي : أزال عذره ولم يبق له موضعا للاعتذار ، إذ أمهله مدة مديدة من العمر .
والزمان أيها الاخوة والأخوات أشرف من أن يضيع منه لحظة ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قال سبحان الله العظيم وبحمد غُرست له بها نخله في الجنة " ، فكم يضيع الآدمي من ساعات يفوته فيها الثواب الجزيل ، وهذه الأيام مثل المزرعة ، فكأنه قيل للإنسان : كلما بذرت حبة أخرجنا لك ألف حبة ؛ فهل يجوز للعاقل أن يتوقف في البذر ويتوانى ؟! . كان الحسن يقول : ابن آدم ، نهارك ضيفك فأحسن إليه ، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك ، وأن اسأت إليه ارتحل بذمك وكذلك ليلتك .
فكم من نفس مؤمنة أملت العمل في مواسم الطاعات في لحظة تقصير منها فحيل بينها وبين ما تشتهي ... وكم من نفس مؤمنة أملت صيام رمضان فلم تستطع .. وكم من نفس مؤمنة ترقد على السريير تتمنى أن تعود إلى صحتها لتعمل لآخرتها ... !
أيها الأخوة والأخوات في الله : لقد أدرك أسلاف الأمة رحمهم الله أن الفراغ يدمر ألوف الكفايات والمواهب ويخفيها وراء ركام هائل من الاستهانة والاستكانة ، ويتبع هذا الإهدار الشنيع لقيمة الوقت والعمل مصائب لا حصر لها في كل مناحي الحياة ... لذا سعى السلف رحمهم الله إلى الاتعاظ بالزمن والاهتمام بالوقت ، فسخروا حياتهم لخدمة الدين وعمارة الآخرة .
قال الحسن البصري رحمه الله : ابن آدم ، إنما أنت أيام ، وكلما ذهب يوم ذهب بعضك ، وكان الخليل بن أحمد الفراهيدي يقول : اثقل الساعات عليّ ساعة آكل فيها .
وقال وهيب بن الرود : إن استطعت ألا يشغلك عن الله تعالى أحد فافعل .
وهذا هو الإمام ابن الجوزي يشرح تلك الحال ويحكي لنا كيف استفاد من الوقت في حضو البطالين الفارغين فيقول : لما رأيت أن الزمان أشرف شيء والواجب انتهازه بفعل الخير ، كرهت ذلك وبقيت معهم بين أمرين : إن أنكرت عليهم وقعت في وحشة لموضع قطع المألوف ، وإن تقبلته منهم ضاع الزمان ، فصرت أدافع اللقاء جهدي ، فإذا غلبت قصرت في الكلام لأتعجل الفراق ، ثم أعدت أعمالا لا تمنع من المحادثة لأوقات لقائهم ؛ لئلا يمضي الزمان فارغا ... فجعلت من المستعد للقائهم قطع الكاغد ( أي الورق) وبري الأقلام ، وحزم الدفاتر ، فإن هذه الأشياء لا بد منها ، ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب ، قأرضدها لأوقات زيارتهم لئلا يضيع شيء من وقتي .
ونقل عن ابن جرير الطبري المفسر المشهور أنه قال لأصحابه : اتنشطون لتفسير القرآن ؟ قالوا : كم يكون قدره ؟ قال : ثلاثون ألف ورقة ، فقالوا : : هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه ، فقال : إنا لله ! ماتت الهمم ، فاختصر في نحو ثلاثة آلاف ورقه .
وحقاّ ما قاله الوزير ابن هبيرة رحمه الله
والوقت أنفس ما عُنيت بحفظه ***** وأراه أسهل ما عليك يضيعُ
ولقد تعدى اهتماهم بالوقت أنفسهم ليصل إلى أبنائهم ، فمن حسن التربية تعويد الأبناء على الاستفادة من الأوقات وعمارتها بما هو مفيد ليتعودوا على ذلك من الصغر ، قال عبدالله بن عبدالملك رحمه الله : كما مع أبينا في موكبه فقال : سبّحوا حتى تلك الشجرة ، فنسبح حتى نأتيها ، فإذا رفعت لنا شجرة أخرى قال : كبّروا حتى تلك الشجرة ن فكان يصنع بنا ذلك .
وكان المجد بن تيمية جد شيخ الإسلام إذا دخل الخلا يأمر خادمه أن يقرأ عليه من كتاب حتى يضيع عليه الوقت في الخـــــلاء .
هكذا كانت نظرتهم للزمن ... فكانت له قيمة عظيمة عندهم ، يعزُّ على الكريم أن يضيع دقيقة في غير طاعة ، أو يفرط في لحظة في غير مصحلة ! .
لسان حال الواحد منهم يقول
إذا كنت أعلم علما يقينا **** بأن جميع حياتي كساعة
فلم لا أكون ضنينا بهــــا **** وأجعلها في صلاح وطاعة
جعلنا الله وإياكم ممن طال عمره وحسن عمله .... وختم لنا ولكم بخير ، ورزقنا الإخلاص في القول والعمل ، إنه جواد كريم .
تعليق