لقد وعدت قبل فترة أن أكتب موضوعاً عن المعلم ، صاحب أشرف وأجل مهنة ، والذي يكفيه فخراً قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( انما بعثت معلماً ) .
فتعتبر مهنة التدريس من المهن الفنية الدقيقة ، التي تحتاج إلى جيد يتوفر فيمن يقوم بها ، فهي ليست مجرد أداء آلي يمارسه أي فرد أو كل فرد حسبما توفرت لديه قدرة تعينه ، أو بقدر ماعنده من علم ، ولكنها مهنة لها أصولها وعلم له مقوماته ، وفن له مواهبه ، فضلاً عن أنها عملية تعليمية تربوية تقوم على أسس وقواعد ونظريات ، وهي عملية بناء وتكوين الأجيال المتعاقبة .
ومهنة التدريس لاتعني نقل المعلومات أو توصيلها إلى الناشئين من الأجيال البشرية عن طريق المعلمين ، ولكنها أشمل من ذلك ، إذ أنها عملية أساسية في تكوين هذه الأجيال وإعدادهم للحياة بمجالاتها المتنوعة بما في ذلك الإعداد من تثقيف للعقول ، وتهذيب للنفوس ، وصقل للمواهب ، وتنمية للاستعدادات ، وتوجيه للقدرات ثم تعديل في سلوك الأفراد في الاتجاه الاجتماعي السليم .
وفي هذا اليوم ونحن نحتفل بيوم المعلم نقف إجلالاً لكل معلمينا، ولكل المعلمين .
إنهم المعلمون في كل مكان ، هؤلاء الذين ينيرون الطريق بمشاعل العلم أمام الناس ، ويضيئون الدنيا بنور المعرفة في كل زمان .
إنهم الطاقة التي توجه كوامن انفس البشرية ، إنهم صناع العقول ، وبناة البشر في كل العصور ، أمس ، واليوم ، وغداً إنهم الذين يعطون أكثر مما يأخذون ، وهم الذين يسخون أكثر مما يمنحون ، وهم الذين يبذلون أكثر مما يُردُ لهم .
هؤلاء ، هم المعلمون ، في عملهم جهد ، وفي علمهم فكر ، وفي مهنتهم بناء .
والأمم _ على مدى العصور _ مدينة للمعلمين بالكثير ، وبقدر مالديها من معلمين ، بقدر مالها من مكانة بين الشعوب .
فحري بنا أن نذكر بعض جوانب شخصية المعلم الذي يمثل لنا الأب ، والمعلم ، والمؤدب ، فالإنسان عندما تكون لديه ثروة مال فإنه يسهر على حراستها ويودعها في أحصن البنوك ، بينما المعلم تودع عنده وتوضع بين يديه أثمن وأغلى الودائع ألا وهي فلذات الأكباد لكي يصنع منها جميع شرائح المجتمع .
يقول أحد الشعراء :
عبروا عليه وخلفوه كأنما **** خلق المعلم للتسلق سلما
وأحببت أن أورد هنا بعض أبيات قصيدة أحمد شوقي ، وحيث أنها طويلة جداً وتحتاج لوقت كبير فأحببت أن أختصر بعضاً منها وآمل المعذرة :
قال الشاعر : احمد شوقي :
قمْ للمعلـم وفِّهِ التبجيـلا***كاد المعلمُ أن يكونَ رســولا
أعلمت أشرَفَ، أو أجلَّ مِن الذي** يبني ، ويُنْشِئ أنفُساً وعقولا؟
سبحانك اللِّهُمَّ خيرَ مُعلِّمٍ **علّمتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى
أخرجتَ هذا العقلَ من ظُلُماتِهِ ** وهديتَهُ النورَ المُبِينَ سـبيلا
وطبعتهُ بيدِ المعلم تارةً ** صدِئ الحديد ، وتارةً مصقولا
أرسلتَ بالتِّوراةِ موسى مُرشِداً ** وابن البتـولِ فعلَّم الإنجيـلا
وفجَرت ينبوعَ البيان محمداً *** فسقى الحديث ، وناول التنزيلا
أمُعلِّمي الوادي ، وساسة نَشْئِهِ ** والطابعينَ شَبَـابَهُ المأمولا
والحاملينَ _ إذا دُعوا لِيُعلِّموا _***عبءَ الأمانةِ فادِحاً مسْئولا
الجهلُ لاتحيا عليهِ جماعةٌ ***كيف الحياةُ على يدي عِزريلا ؟
رَبُّوا على الإنصافِ فتيانَ الحِمَى*** تجدوهُمُ كهفَ الحقوقِ كهولا
فهو الذي يبني الطباعَ قويمةً ***وهو الذي يبني النفوسَ عُدولا
ويُقيمُ منطقَ كلِّ أعوجِ منطقٍ *** ويُريه رأْياً في الأُمور أصيلا
وإذا الملِّمُ لم يكن عدلاً، مشى *** روحُ العدالةِ في الشبابِ ضئيلا
وإذا المعلِّم ساءَ لحظَ بصيرةٍ ***جاءَت على يدهِ البصائرَ حُولا
وإذا أتى الإرشادُ من سبب الهوى***ومن الغرورِ ، فسمِّه التضليلا
وإذا أُصيب القومُ في أخلاقهم *** فأقم عليهم مأتماً وعويلا
إني لأعذركم وأَحْسبُ عِبْـئَكم *** من بين أَعباءِ الرجالِ ثقيلا
وإذا النساءُ نشأن في أُمِّـيةٍ ***رَضع الرجالُ جهالةً وخُمولا
ليس اليتيمُ من انتهى أبواهُ من **همَّ الحياةِ ، وخلَّـفاه ذليـلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له ***أُماً تخلت ، أو أباً مشغولا
نرجو إذا التعليم حرَّكَ شجوَهُ***أَلا يكون على البلادِ بخيلا
قل للشباب : اليومَ بُورك غرسُكم***دَنَتِ القُطوفُ ، وذُلِّـلَتْ تذليلا
إن المقصِّرَ قد يَحُولُ ، ولن ترى *** لجهالةِ الطبع الغبيِّ محيلا
فكِـلوا إلى اللهِ النجاحَ ، وثابروا -**** -فالله خيرُُ كافلاً ووكيــلا
هذا والله الموفق .
فتعتبر مهنة التدريس من المهن الفنية الدقيقة ، التي تحتاج إلى جيد يتوفر فيمن يقوم بها ، فهي ليست مجرد أداء آلي يمارسه أي فرد أو كل فرد حسبما توفرت لديه قدرة تعينه ، أو بقدر ماعنده من علم ، ولكنها مهنة لها أصولها وعلم له مقوماته ، وفن له مواهبه ، فضلاً عن أنها عملية تعليمية تربوية تقوم على أسس وقواعد ونظريات ، وهي عملية بناء وتكوين الأجيال المتعاقبة .
ومهنة التدريس لاتعني نقل المعلومات أو توصيلها إلى الناشئين من الأجيال البشرية عن طريق المعلمين ، ولكنها أشمل من ذلك ، إذ أنها عملية أساسية في تكوين هذه الأجيال وإعدادهم للحياة بمجالاتها المتنوعة بما في ذلك الإعداد من تثقيف للعقول ، وتهذيب للنفوس ، وصقل للمواهب ، وتنمية للاستعدادات ، وتوجيه للقدرات ثم تعديل في سلوك الأفراد في الاتجاه الاجتماعي السليم .
وفي هذا اليوم ونحن نحتفل بيوم المعلم نقف إجلالاً لكل معلمينا، ولكل المعلمين .
إنهم المعلمون في كل مكان ، هؤلاء الذين ينيرون الطريق بمشاعل العلم أمام الناس ، ويضيئون الدنيا بنور المعرفة في كل زمان .
إنهم الطاقة التي توجه كوامن انفس البشرية ، إنهم صناع العقول ، وبناة البشر في كل العصور ، أمس ، واليوم ، وغداً إنهم الذين يعطون أكثر مما يأخذون ، وهم الذين يسخون أكثر مما يمنحون ، وهم الذين يبذلون أكثر مما يُردُ لهم .
هؤلاء ، هم المعلمون ، في عملهم جهد ، وفي علمهم فكر ، وفي مهنتهم بناء .
والأمم _ على مدى العصور _ مدينة للمعلمين بالكثير ، وبقدر مالديها من معلمين ، بقدر مالها من مكانة بين الشعوب .
فحري بنا أن نذكر بعض جوانب شخصية المعلم الذي يمثل لنا الأب ، والمعلم ، والمؤدب ، فالإنسان عندما تكون لديه ثروة مال فإنه يسهر على حراستها ويودعها في أحصن البنوك ، بينما المعلم تودع عنده وتوضع بين يديه أثمن وأغلى الودائع ألا وهي فلذات الأكباد لكي يصنع منها جميع شرائح المجتمع .
يقول أحد الشعراء :
عبروا عليه وخلفوه كأنما **** خلق المعلم للتسلق سلما
وأحببت أن أورد هنا بعض أبيات قصيدة أحمد شوقي ، وحيث أنها طويلة جداً وتحتاج لوقت كبير فأحببت أن أختصر بعضاً منها وآمل المعذرة :
قال الشاعر : احمد شوقي :
قمْ للمعلـم وفِّهِ التبجيـلا***كاد المعلمُ أن يكونَ رســولا
أعلمت أشرَفَ، أو أجلَّ مِن الذي** يبني ، ويُنْشِئ أنفُساً وعقولا؟
سبحانك اللِّهُمَّ خيرَ مُعلِّمٍ **علّمتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى
أخرجتَ هذا العقلَ من ظُلُماتِهِ ** وهديتَهُ النورَ المُبِينَ سـبيلا
وطبعتهُ بيدِ المعلم تارةً ** صدِئ الحديد ، وتارةً مصقولا
أرسلتَ بالتِّوراةِ موسى مُرشِداً ** وابن البتـولِ فعلَّم الإنجيـلا
وفجَرت ينبوعَ البيان محمداً *** فسقى الحديث ، وناول التنزيلا
أمُعلِّمي الوادي ، وساسة نَشْئِهِ ** والطابعينَ شَبَـابَهُ المأمولا
والحاملينَ _ إذا دُعوا لِيُعلِّموا _***عبءَ الأمانةِ فادِحاً مسْئولا
الجهلُ لاتحيا عليهِ جماعةٌ ***كيف الحياةُ على يدي عِزريلا ؟
رَبُّوا على الإنصافِ فتيانَ الحِمَى*** تجدوهُمُ كهفَ الحقوقِ كهولا
فهو الذي يبني الطباعَ قويمةً ***وهو الذي يبني النفوسَ عُدولا
ويُقيمُ منطقَ كلِّ أعوجِ منطقٍ *** ويُريه رأْياً في الأُمور أصيلا
وإذا الملِّمُ لم يكن عدلاً، مشى *** روحُ العدالةِ في الشبابِ ضئيلا
وإذا المعلِّم ساءَ لحظَ بصيرةٍ ***جاءَت على يدهِ البصائرَ حُولا
وإذا أتى الإرشادُ من سبب الهوى***ومن الغرورِ ، فسمِّه التضليلا
وإذا أُصيب القومُ في أخلاقهم *** فأقم عليهم مأتماً وعويلا
إني لأعذركم وأَحْسبُ عِبْـئَكم *** من بين أَعباءِ الرجالِ ثقيلا
وإذا النساءُ نشأن في أُمِّـيةٍ ***رَضع الرجالُ جهالةً وخُمولا
ليس اليتيمُ من انتهى أبواهُ من **همَّ الحياةِ ، وخلَّـفاه ذليـلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له ***أُماً تخلت ، أو أباً مشغولا
نرجو إذا التعليم حرَّكَ شجوَهُ***أَلا يكون على البلادِ بخيلا
قل للشباب : اليومَ بُورك غرسُكم***دَنَتِ القُطوفُ ، وذُلِّـلَتْ تذليلا
إن المقصِّرَ قد يَحُولُ ، ولن ترى *** لجهالةِ الطبع الغبيِّ محيلا
فكِـلوا إلى اللهِ النجاحَ ، وثابروا -**** -فالله خيرُُ كافلاً ووكيــلا
هذا والله الموفق .
تعليق