لم تعد العناية الصحية قاصرة على مكافحة الأمراض بعد انتشارها كما لم تعد كذلك مقتصرة على معالجة المرضى بعد تبيّن اصابتهم ذلك أن الطب الوقائي أصبح في مقدمة الأولويات التي توليها الأمم اهتمامها فتحرص على اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بمنع وقوع المرض ومكافحة أسبابه وفي ذلك محافظة على سلامة المواطنين وكذلك خفض التكلفة فيما لو كانت العناية الصحية عبارة عن علاج للحالة بعد وقوعها.

ولمّا كان الطب من خلال تقدّمه وتطوّر أبحاثه قد توصل الى اكتشاف جملة من الأمراض الوراثية التي يمكن أن تنتقل الى الأبناء في حالة وجودها في الأب والأم معاً وكذلك بعض احتمالات إصابة أحد الزوجين بعدوى مرض يكمن في الآخر ومن هنا فإن من أهمّ ما يوصي به الطب الوقائي هو اجراء الفحص قبل الزواج وذلك لضمان سلامة الزوجين من ناحية وكذلك للتهيئة من أجل حماية أجيال المستقبل من الأمراض الوراثية التي يمكن أن تنتقل إليهم عند اصابة أحد الوالدين بها.

في هذا الإطار جاء توجيه مجلس الوزراء لوزارة الصحة بتنظيم حملة توعية صحية عبر القنوات الإعلامية توضح فوائد الفحص الطبي قبل الزواج وخطورة الأمراض المعدية والوراثية إضافة الى تجهيز المختبرات وتأهيلها وتوفير الأجهزة والتدريب عليها في جميع المناطق لتسهيل عمليات اجراء الفحوص المخبرية عن الأمراض الوراثية والمعدية, ليس ذلك فحسب وإنما التنسيق مع وزارة العدل من أجل قيام مأذوني الأنكحة بإيضاح فوائد الفحص الطبي قبل الزواج.

إن هذه الخطوة الموفقة لتؤكّد نمو الوعي الصحي لدينا وتكشف عن حرص الدولة على سلامة الأجيال القادمة وكذلك ادراكها الواضح أن الطب الوقائي بكافة جوانبه أسلم وأقل تكلفة من معاناة معالجة الأمراض بعد ظهورها واستشرائها.

غير أن هذه الخطوة لا يمكن لها أن تؤتي ثمارها ما لم يتم تكريس الوعي الاجتماعي بأهمية هذا الفحص, ذلك الوعي الذي يتجاوز المخاوف ووهم (العيب والفضيحة) فصحة أجيال المستقبل هي الأساس الوطيد لسعادة الأسرة وبناء الوطن.

منقول