كان مصدراً للذهب العربي إلى الفينيقيين والآشوريين
مغارة سوق الجن تكشف منجم قرية عشم الأثرية
المخواة: ناصر الشدوي
تكتنز مدينة عشم الأثرية الواقعة في الشمال الشرقي بنحو 60 كلم من مدينة القنفذة من الآثار ما يدل على قيام حضارة تقوم تحت الجبال لأعلى مجرى الوادي القريب والمتدفق على مر القرون، لذلك كان استخراج الذهب سببا كافيا كما ذكر اليعقوبي والهمداني وغيرهما من العلماء حتى جاء الباحث حسن الفقيه وألف بحثا عن هذه القرية الأثرية بعنوان (مخلاف عشم) في سلسلة بحوثه عن المواقع الأثرية في تهامة، ولكن جميع من ألف وكتب عن هذه القرية الأثرية لم يعثروا على المنجم الذي كان سكان عشم يستخرجون منه الذهب.
ومما يجدر ذكره هنا قصة أسطورية روها أهل قرية آل ظهيرة عن المنجم، مفادها أن مغارة في أعلى الجبال القريبة من قريتهم الواقعة إلى الشمال من القرية الأثرية يطلق عليها الناس سوق الجن اكتشفها أحد الرعاة قديما بالصدفة عندما هاجم غنمه ضبع فصوب بندقيته نحوه فأصابه ولكن لم يمت وبدأ في الهرب مضرجا بدمائه حتى اختفى أمامه قبل قمة الجبل فتتبع الراعي الدم حتى قاده إلى المغارة التي لم يكن يعرفها من قبل، ولما عاد إلى القرية سأل عن تلك المغارة فقالوا هذا سوق الجن المذكور في قصص الأولين ولو أنك نزلت إلى قاعه لأخفتك الجن إلى الأبد، وكم من داخل فيه لم يعد. وبالفعل توجهت "الوطن" إلى تلك المغارة، كان مشينا في أول المغارة حبوا قرابة الـ9 أمتار بعد ذلك وجدنا درجا مبنيا من الحجارة غير المنتظمة قادنا إلى الأسفل وإلى مسار متسع نمشي فيه ونحن وقوف فما لبثنا غير بعيد حتى وجدنا أمامنا سراديب أو أنفاق متفرعة ينتهي كل منها بصخرة، الجبل - من الجرانيت القوي، الأمر الذي يؤكد أن المغارة نحتت بفعل إنسان.
الباحث حسن فقيه قال لنا: لاشك أن هناك أسباباً كثيرة لقيام هذه القرية أو الحضارة في هذا المكان بالذات، من ذلك أنها تقع على طريق يعتبر من أهم طرق الحج والتجارة بين الحجاز واليمن منذ القدم، والسبب الثاني اقتصادي وربما يكون الأقوى وهو القرب من مكان التعدين، فقد ذكرت كتب التراث عن وجود معدن ذهب عشم ووصفها لجودته وامتياز ذهبه على غيره وغزارته لاسيما أنها تقع في نطاق منطقة (عفير) تلك التي تشير المؤلفات اليونانية والكتب العربية بأنها من أهم مناطق الذهب منذ القدم، فكانت مقصد بعثات تجارية خارجية تصدر عن معادنها بكميات هائلة ونسب ورود ذلك في التوراة.
ويظهر أن قدم (معدن عشم) يضرب في عصر ما قبل الإسلام بقرون فقد أورد المستشرق الألماني (برنارد موريتس) في مقال له عن المعادن في البلاد العربية القديمة نشرته مجلة العرب في 2 محرم 1388هـ, قال فيه: "وأما المصدر الثاني لثروة بلاد العرب فهو ما تحتويه من مناجم لمختلف المعادن, وفي مقدمتها مناجم الذهب، حتى إن الذهب العربي كان مشهورا ومطلوبا قبل الميلاد بنحو 500 سنة عند الشعوب المجاورة؛ كالعبرانيين والفينيقيين والآشوريين؛ مما حمل الملك سليمان على إرسال بعثات تجارية للتنقيب عن الذهب بالقرب من سواحل البحر الأحمر؛ استخرجت كميات هائلة منه تقرب أرقامها من الخيال".
ويقول الدكتور جواد علي عن أجود أسماء مواضع عرفت بوجود خام الذهب: "ويظهر من المؤلفات اليونانية ومن الكتب العربية أن المنطقة التي بين (القنفذة وعتود) كانت معروفة بوجود التبر فيها فكان الناس يشتغلون هناك باستخلاص الذهب منه ولهذا رأى موريتس أن هذه المنطقة هي منطقة أوفير (عفير) ophir التي ورد ذكرها في التوراة على أنها كانت تصدر الذهب".
مغارة سوق الجن تكشف منجم قرية عشم الأثرية
المخواة: ناصر الشدوي
تكتنز مدينة عشم الأثرية الواقعة في الشمال الشرقي بنحو 60 كلم من مدينة القنفذة من الآثار ما يدل على قيام حضارة تقوم تحت الجبال لأعلى مجرى الوادي القريب والمتدفق على مر القرون، لذلك كان استخراج الذهب سببا كافيا كما ذكر اليعقوبي والهمداني وغيرهما من العلماء حتى جاء الباحث حسن الفقيه وألف بحثا عن هذه القرية الأثرية بعنوان (مخلاف عشم) في سلسلة بحوثه عن المواقع الأثرية في تهامة، ولكن جميع من ألف وكتب عن هذه القرية الأثرية لم يعثروا على المنجم الذي كان سكان عشم يستخرجون منه الذهب.
ومما يجدر ذكره هنا قصة أسطورية روها أهل قرية آل ظهيرة عن المنجم، مفادها أن مغارة في أعلى الجبال القريبة من قريتهم الواقعة إلى الشمال من القرية الأثرية يطلق عليها الناس سوق الجن اكتشفها أحد الرعاة قديما بالصدفة عندما هاجم غنمه ضبع فصوب بندقيته نحوه فأصابه ولكن لم يمت وبدأ في الهرب مضرجا بدمائه حتى اختفى أمامه قبل قمة الجبل فتتبع الراعي الدم حتى قاده إلى المغارة التي لم يكن يعرفها من قبل، ولما عاد إلى القرية سأل عن تلك المغارة فقالوا هذا سوق الجن المذكور في قصص الأولين ولو أنك نزلت إلى قاعه لأخفتك الجن إلى الأبد، وكم من داخل فيه لم يعد. وبالفعل توجهت "الوطن" إلى تلك المغارة، كان مشينا في أول المغارة حبوا قرابة الـ9 أمتار بعد ذلك وجدنا درجا مبنيا من الحجارة غير المنتظمة قادنا إلى الأسفل وإلى مسار متسع نمشي فيه ونحن وقوف فما لبثنا غير بعيد حتى وجدنا أمامنا سراديب أو أنفاق متفرعة ينتهي كل منها بصخرة، الجبل - من الجرانيت القوي، الأمر الذي يؤكد أن المغارة نحتت بفعل إنسان.
الباحث حسن فقيه قال لنا: لاشك أن هناك أسباباً كثيرة لقيام هذه القرية أو الحضارة في هذا المكان بالذات، من ذلك أنها تقع على طريق يعتبر من أهم طرق الحج والتجارة بين الحجاز واليمن منذ القدم، والسبب الثاني اقتصادي وربما يكون الأقوى وهو القرب من مكان التعدين، فقد ذكرت كتب التراث عن وجود معدن ذهب عشم ووصفها لجودته وامتياز ذهبه على غيره وغزارته لاسيما أنها تقع في نطاق منطقة (عفير) تلك التي تشير المؤلفات اليونانية والكتب العربية بأنها من أهم مناطق الذهب منذ القدم، فكانت مقصد بعثات تجارية خارجية تصدر عن معادنها بكميات هائلة ونسب ورود ذلك في التوراة.
ويظهر أن قدم (معدن عشم) يضرب في عصر ما قبل الإسلام بقرون فقد أورد المستشرق الألماني (برنارد موريتس) في مقال له عن المعادن في البلاد العربية القديمة نشرته مجلة العرب في 2 محرم 1388هـ, قال فيه: "وأما المصدر الثاني لثروة بلاد العرب فهو ما تحتويه من مناجم لمختلف المعادن, وفي مقدمتها مناجم الذهب، حتى إن الذهب العربي كان مشهورا ومطلوبا قبل الميلاد بنحو 500 سنة عند الشعوب المجاورة؛ كالعبرانيين والفينيقيين والآشوريين؛ مما حمل الملك سليمان على إرسال بعثات تجارية للتنقيب عن الذهب بالقرب من سواحل البحر الأحمر؛ استخرجت كميات هائلة منه تقرب أرقامها من الخيال".
ويقول الدكتور جواد علي عن أجود أسماء مواضع عرفت بوجود خام الذهب: "ويظهر من المؤلفات اليونانية ومن الكتب العربية أن المنطقة التي بين (القنفذة وعتود) كانت معروفة بوجود التبر فيها فكان الناس يشتغلون هناك باستخلاص الذهب منه ولهذا رأى موريتس أن هذه المنطقة هي منطقة أوفير (عفير) ophir التي ورد ذكرها في التوراة على أنها كانت تصدر الذهب".
تعليق