كانَ في بيداءَ ذئب جائـــــــــع *** أنهكته الريح وأعياه السفـر
فمضى يبحث في الأرجاء عن *** ملجأ يحمية زخات المطــــر
فأتى كوخا بواد مجـــــــــــنب *** في قفار ليس فيها مـــن أثر
فتقت جدرانه ما يمسكـــــــــه *** غير إحســان العزيز المقتدر
قرع الباب يمنيّ نفســـــــــــه *** بطعام وشراب وثمــــــــــــر
- من يدق الباب ؟ ذئب جائــع *** ما بكوخي لغريب مستقــــــر
فعوى الذئب وأقعى ضارعــا *** يذرف الدمع عقودا مــن درر
آه ما أقسى بني الإنسان ، ما*** أضيع الرحمة من قلب البـشر
رق قلب الشيخ لشكواه ومن *** يذق المرّ يعذ به الأمــــــــــــر
وتلوى من أسى عذ بـــــــــه *** طالما عانى وقاسى وصبـــــر
- دونك الكوخَ فما أرضى بأن *** تتلوى تحت زخات المطــــــر
إن في جنبي قلبـــــا لو رأى *** دمعة في عين طفل لانفطـــــر
دلف الذئب إلى الكوخ وقـــد *** مسّه الجوع وأعياه الخــــور
وأتى في الركن نارا يصطلي *** دفئها من زمهرير وقــــــــــر
ثم أقعى في خشوع وتقــــــى *** يشكر الله على لطف القــــدر
فتمطى إذا سرى الدفء بـــه *** وتطاير من مآقيه الشـــــــرر
نظرَ الشيخَ فتاقت نفســــــــه *** لحساء من عظام وزفـــــــــر
غير أن الخير في أعماقـــــه *** قال : حسبك مابذا الرب امــر
قال: يا رباه جنبني هــــــوى *** في عروقي من قديم مستقـــر
وانزع الهم من ذاكرتـــــــــي *** شهوة الذئب إلى لحم البشــر
إن أكن يارب من يأكلــــــــــه *** فبماذا يوم ُأبعثُ أعتــــــــــذر
زمهرير البرد أرحم لــــــــــي *** من عذاب النفس إن قيل غدر
إن شر الخلق من تأمنـــــــــه *** فإذا آنس إحسانا عقـــــــــــر
للشاعر / البيروتي
تعليق