Unconfigured Ad Widget

Collapse

كيفية بدء الوحي

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • عبدالله عبدربه الزهراني
    عضو مميز
    • Dec 2001
    • 3637

    كيفية بدء الوحي

    أولاً قم بحفظ الصفحة لأن الموضوع طويل


    بسم الله الرحمن الرحيم

    والصلاه والسلام على سيد المرسليين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

    آجمعين ...

    أما بعد ...

    باب كيفية بدء الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم .

    أول شيء أنزل عليه من القرآن العظيم كان ذلك و له صلى الله عليه

    و سلم من العمر أربعون سنة .

    وحكى ابن جرير عن ابن عباس و سعيد بن المسيب : أنه كان عمره

    إذ ذاك ثلاثاً و أربعين سنة .

    قال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن

    شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها .

    أنها قالت : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه و سلم من الوحي

    الرؤيا الصادقة في النوم،و كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح،

    ثم حبب إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه -و هو التعبد -

    الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله و يتزود لذلك، ثم يرجع إلى

    خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق و هو في غار حراء فجاءه الملك

    فقال اقرأ .

    فقال : ما أنا بقارئ .

    قال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني .

    فقال : اقرأ،

    فقلت : ما أنا بقارئ،

    فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني .

    فقال : اقرأ،

    فقلت : ما أنا بقارئ

    فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني

    فقال :
    { اقْرَأْ بسْمِ رِبِّكَ الذِي خَلَقَ *خَلَقَ الإنْسَانَ مِن عَلَقٍ* اقْرَأْ وَ رَبّكَ الأكَرْمُ

    *الذِي علَّم بالقَلَم**عَلَّم الإنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم }[القلم/ 1- 5]

    فرجع بها رسول الله صلى الله عليه و سلم يرجف فؤاده فدخل على

    خديجة بنت خويلد .

    فقال : زملوني زملوني. فزملوه حتى ذهب عنه الروع .

    فقال لخديجة - و أخبرها الخبر - لقد خشيت على نفسي .

    فقالت خديجة : كلا و الله لا يخزيك الله أبداً . إنك لتصل الرحم و تقري

    الضيف، و تحمل الكل، و تكسب المعدوم، و تعين على نوائب الحق

    فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن

    عم خديجة . و كان امرأ قد تنصر في الجاهلية و كان يكتب الكتاب

    العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب . و كان

    شيخاً كبيراً قد عمي .

    فقالت له خديجة : يا ابن عم ! اسمع من ابن أخيك

    فقال له ورقة : يا ابن أخي ماذا تري

    فأخبره رسول الله صلى الله عليه و سلم خبر ما رأي .

    فقال له ورقة : هذا الناموس الذي كان ينزل على موسى، يا ليتني

    فيها جذعاً، ليتني أكون حياً، إذ يخرجك قومك .

    فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « أوَ مُخْرجيّ هُمْ ؟ »

    فقال : نعم . لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي . و إن يدركني يومك

    أنصرك نصراً مؤزراً .

    ثم لم يَنْشَب ورقة أن توفي و فتر الوحي فترة . حتى حزن رسول الله

    صلى الله عليه و سلم - فيما بلغنا - حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من

    رؤوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه تبدّى

    له جبريل

    فقال: يا محمد إنك رسول الله حقاً فيسكن لذلك جأشه، و تقر نفسه .

    فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا كمثل ذلك .

    قال فإذا أوفى بذروة جبل تبدي له جبريل

    فقال له : مثل ذلك هكذا و قع مطولا في باب التعبير من البخاري .

    قال ابن شهاب : و أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد

    الله الأنصاري قال - و هو يحدث عن فترة الوحي -

    فقال في حديثه : « بينَا أنا أمشِي إذ سمعتُ صوتاً من السماءِ فرفعتُ

    بصرِي فإذا الملكُ الذي جاءَني بحرَاء جالسُ على كرسِيِّ بينَ السماءِ و

    الأرضِ . فرعبتُ منه . فرجعتُ فقلتُ : زملونِي، زملونِي

    فأنزل الله { يا أيهَا المدثرُ، قمْ فأنذرْ، و ربكَ فكبّرْ، و ثيابكَ فطّهْر، و الرجزَ

    فاهجرْ }

    فحمي الوحي و تتابع »

    ثم قال البخاري تابعه عبد الله بن يوسف، و أبو صالح، يعني عن الليث، و

    تابعه هلال بن داود عن الزهري . و قال يونس و معمر: بوادره . و هذا

    الحديث قد رواه الإمام البخاري رحمه الله في كتابه في مواضع منه،

    (((( و تكلمنا عليه مطولاً في أول شرح البخاري في كتاب بدء الوحي

    إسناداً و متناً و للَّه الحمد و المنة .

    وأخرجه مسلم في صحيحه من حديث الليث به، و من طريق يونس و

    معمر عن الزهري كما علقه البخاري عنهما، و قد رمزنا في الحواشي

    على زيادات مسلم و رواياته و للَّه الحمد و انتهي سياقه إلى قول

    ورقة :أنصرك نصراً مؤزراً .

    فقول أم المؤمنين عائشة . أول ما بدئ به من الوحي الرؤيا الصادقة

    فكان لا يري رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح،

    يقوي ما ذكره محمد بن إسحاق بن يسار عن عبيد ابن عمر الليثي أن

    النبي صلى الله عليه و سلم

    قال : « فجاءَنِي جبريلُ و أنَا نائمُ بنمطٍ مِن دِيباج فيهِ كتابُ .

    فقالَ: اقرأ، فقلتُ ما اقرأُ ؟ فغتَّني، حتَّى ظننتُ أنَّه الموتُ، ثمَّ أرسلنِي »

    و ذكر نحو حديث عائشة سواء فكان هذا كالتوطئة لما يأتي بعده من

    اليقظة، و قد جاء مصرّحا بهذا في مغازي موسى بن عقبة عن الزهري

    أنه رأى ذلك في المنام ثم جاءه الملك في اليقظة .

    و قد قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني : في كتابه دلائل النبوة حدثنا

    محمد بن أحمد بن الحسن حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا

    جناب بن الحارث حدثنا عبد الله بن الأجلح عن إبراهيم عن علقمة بن

    قيس .

    قال : إن أول ما يؤتي به الأنبياء في المنام حتى تهدأ قلوبهم ثم ينزل

    الوحي بعد .

    و هذا من قبل علقمة بن قيس نفسه و هو كلام حسن يؤيده ما قبله و

    يؤيده ما بعده . ذكر عمره صلى الله عليه و سلم وقت بعثته و تاريخها

    قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن أبي عدي عن داود بن أبي هند عن

    عامر الشَّعْبي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نزلت عليه النبوة و

    هو ابن أربعين سنة، فقرن بنبوته إسرافيل ثلاث سنين، فكان يعلّمه

    الكلمة و الشيء، و لم ينزل القرآن، فلما مضت ثلاث سنين

    قرن بنبوته جبريل فنزل القرآن على لسانه عشرين سنة عشراً بمكة و

    عشراً بالمدينة . فمات و هو ابن ثلاث و ستين سنة فهذا إسناد صحيح

    إلى الشعبي و هو يقتضي أن إسرافيل قرن معه بعد الأربعين ثلاث

    سنين ثم جاءه جبريل .
    وأما الشيخ شهاب الدين أبو شامة فإنه قد قال : و حديث عائشة لا

    ينافي هذا فإنه يجوز أن يكون أول أمره الرؤيا .

    ثم و كل به إسرافيل في تلك المدة التي كان يخلو فيها بحراء فكان

    يلقي إليه الكلمة بسرعة و لا يقيم معه تدريجاً له و تمريناً إلى أن جاءه

    جبريل . فعلمه بعدما غطّه ثلاث مرات، فحكت عائشة ما جري له

    مع جبريل و لم تحك ما جري له مع إسرافيل اختصاراً للحديث، أو لم تكن

    و قفت على قصة إسرافيل .

    وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن هشام عن عكرمة عن ابن عباس أنزل

    على النبي صلى الله عليه و سلم و هو ابن ثلاث و أربعين فمكث بمكة

    عشراً و بالمدينة عشراً . و مات و هو ابن ثلاث و ستين،

    و هكذا روي يحيى بن سعيد و سعيد بن المسيب ثم روي أحمد عن

    غندر و يزيد بن هارون كلاهما عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس

    قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم و أنزل عليه القرآن،

    و هو ابن أربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة و بالمدينة عشر

    سنين . و مات و هو ابن ثلاث و ستين سنة .

    و قال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أنبأنا عمار بن

    أبي عمار عن ابن عباس قال أقام النبي صلى الله عليه و سلم بمكة

    خمس عشرة سنة سبع سنين يري الضوء و يسمع الصوت و ثماني

    سنين يوحي إليه و أقام بالمدينة عشر سنين .

    قال أبو شامة : و قد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يري عجائب

    قبل بعثته فمن ذلك ما في صحيح مسلم

    عن جابر بن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

    « إنِّي لأعرفُ حجراً بمكَّةَ كانَ يُسلّمُ عَلَيَّ قبلَ أنْ أُبعث. إنِّي لأعرِفُه

    الآنَ » انتهى كلامه . ))))



    وإنما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يحب الخلاء و الانفراد عن

    قومه، لما يراهم عليه من الضلال المبين من عبادة الأوثان و السجود

    للأصنام، و قويت محبته للخلوة عند مقاربة إيحاء الله إليه صلوات الله و

    سلامه عليه . و قد ذكر محمد بن إسحاق عن عبد الملك بن عبدالله بن

    أبي سفيان بن العلاء بن حارثة -

    قال : و كان واعية - عن بعض أهل العلم

    قال : و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يخرج إلى حراء في كل

    عام شهراً من السنة يتنسّك فيه .

    و كان من نسّك قريش في الجاهلية، يطعم من جاءه من المساكين

    حتى إذا انصرف من مجاورته لم يدخل بيته حتى يطوف بالكعبة .

    و هكذا روي عن و هب بن كيسان أنه سمع عبيد بن عمير يحدث عبد

    الله بن الزبير مثل ذلك،

    و هذا يدل على أن هذا كان من عادة المتعبدين في قريش أنهم

    يجاورون في حراء للعبادة و لهذا

    قال أبو طالب في قصيدته المشهورة :


    وثورٍ و مَن أرْسَي ثَبِيراً مَكانَه ***** و راقٍ لِيَرْقي في حِراءَ و نازِلِ


    هكذا صوبه على رواية هذا البيت كما ذكره السهيلي و أبو شامة و

    شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي رحمهم الله، و قد تصحف على بعض

    الرواة فقال فيه : و راق ليرقي في حر و نازل -

    و هذا ركيك و مخالف للصواب و الله أعلم .

    و حراء يقصر و يمدّ و يصرف و يمنع، و هو جبل بأعلى مكة على ثلاثة

    أميال منها عن يسار المارّ إلى منى، له قلة مشرفة على الكعبة منحنية

    و الغار في تلك الحنية و ما أحسن ما قال رؤبة بن العجاج :


    فـلا و ربِّ الآمِنــاتِ القُطَّن *** و ربِّ رُكنٍ من حِراءَ مُنْحني


    و قوله في الحديث : و التحنث التعبد، تفسير بالمعني، و إلا فحقيقة

    التحنث من حنث البنية فيما
    قاله السهيلي الدخول في الحنث و لكن سمعت ألفاظ قليلة في اللغة

    معناها الخروج من ذلك الشيء كحنث أي خرج من الحنث و تحوب و

    تحرج و تأثم و تهجد هو ترك الهجود و هو النوم للصلاة و تنجس و تقذر

    أوردها أبو شامة . و قد سئل ابن الأعرابي عن قوله يتحنث أي يتعبد .

    فقال : لا أعرف هذا إنما هو يتحنف من الحنيفية دين إبراهيم عليه

    السلام .

    قال ابن هشام : و العرب تقول التحنث و التحنف يبدلون الفاء من الثاء،

    كما قالوا جدف و جذف كما قال رؤبة :

    لوْ كانَ أحجارِي معَ الأجذَاف يريد الأجداث .

    قال و حدثني أبو عبيدة أن العرب تقول فُمَّ في موضع ثمَّ .

    قلت : و من ذلك قول بعض المفسرين و فومها أن المراد ثومها .

    و قد اختلف العلماء في تعبده عليه السلام قبل البعثة هل كان على

    شرع أم لا ؟

    و ما ذلك الشرع فقيل شرع نوح و قيل شرع إبراهيم . و هو الأشبه

    الأقوي . و قيل موسى، و قيل عيسى و قيل كل ما ثبت أنه شرع عنده

    اتبعه و عمل به، و لبسط هذه الأقوال و مناسباتها مواضع أخر في أصول

    الفقه و الله أعلم .

    و قوله حتى فجأه الحق و هو بغار حراء أي جاء بغتة على غير موعد كما

    قال تعالى : { وَ مَا كُنتَ ترجُو أنْ يُلقَى إليكَ الكتابُ إِلا رحمةً مِنْ ربِّكَ }

    [القصص : 86 ] الآية .

    و قد كان نزول صدر هذه السورة الكريمة و هي

    { اقرأْ بسمِ ربكَ الذِي خلقَ، خلقَ الإنسانَ منْ علقٍ، اقرأْ و ربُّك الأكرمُ

    الذِي علمَ بالقلمِ، علمَ الإنسانَ ما لمْ يَعْلَمْ } [ العلق : 1- 5 ]

    و هي أول ما نزل من القرآن كما قررنا ذلك في التفسير و كما سيأتي

    أيضًا في يوم الإثنين كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي قتادة أن رسول

    الله صلى الله عليه و سلم : سئل عن صوم يوم الإثنين ؟

    فقال : « ذاكَ يومُ ولدتُ فيِه، و يومُ أنزلَ عليَّ فيِه »

    و قال ابن عباس : ولد نبيكم محمد صلى الله عليه و سلم يوم الإثنين، و

    نبئ يوم الإثنين، و هكذا قال عبيد بن عمير و أبو جعفر الباقر و غير واحد

    من العلماء : إنه عليه الصلاة و السلام أوحي إليه يوم الإثنين، و هذا ما

    لا خلاف فيه بينهم .

    ثم قيل : كان ذلك في شهر ربيع الأول، كما تقدم عن ابن عباس و

    جابر أنه ولد عليه السلام، في الثاني عشر من ربيع الأول يوم الإثنين و

    فيه بعث و فيه عرج به إلى السماء، و المشهور أنه بعث عليه الصلاة و

    السلام في شهر رمضان، كما نص على ذلك عبيد بن عمير و محمد بن

    إسحاق و غيرهما .

    قال ابن إسحاق مستدلاً على ذلك بما

    قال الله تعالى : { شهرُ رمضانَ الذِي أُنزلَ فيهِ القرآنُ هدًى للنَّاسِ } [

    البقرة : 185 ]

    فقيل في عشره . و روى الواقدي بسنده عن أبي جعفر الباقر أنه قال :

    كان ابتداء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم الإثنين،

    لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان و قيل في الرابع و العشرين منه .

    قال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد مولي بني هاشم حدثنا عمران أبو

    العوام عن قتادة عن أبي المليح

    عن و اثلة بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه و سلم

    قال :« أُنزلتْ صحفُ إبراهيمَ في أولِ ليلةٍ من رمضانَ، و أُنزلتِ التوراةُ

    لستِّ مضينَ من رمضانَ، و الإنجيلُ لثلاثِ عشرةَ ليلةٍ خلتْ من رمضانَ، و

    أُنزلَ القرآنُ لأربعٍ و عشرينَ خلتْ من رمضانْ »

    و روي ابن مردويه في تفسيره عن جابر بن عبد الله مرفوعاً نحوه، و لهذا

    ذهب جماعة من الصحابة و التابعين، إلى أن ليلة القدر ليلة أربع و

    عشرين .و أما قول جبريل ( اقرأ )

    فقال : « ما أَنَا بِقارئٍ » فالصحيح أن قوله « ما أَنَا بِقارئٍ » نَفْي أي

    لست ممن يحسن القراءة . و ممن رجحه النووي و قَبْلَه الشيخ أبو

    شامة . و من قال إنها استفهامية فقوله بعيد لأن الباء لا تزاد

    في الإثبات . و يؤيد الأول رواية أبي نعيم من حديث المعتمر بن سليمان

    عن أبيه :

    فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم - و هو خائف يرعد -

    « ما قَرأتُ كِتاباً قطُّ و لا أُحِسنُه و ما أكتُبُ و ما أقرأُ » فأخذه جبريل

    فَغَتّه غتاً شديداً . ثم تركه فقال : له اقرأ . فقال محمد صلى الله عليه و

    سلم « ما أرَى شيئاً أقرأُهُ، و ما أقرأُ، و ما أكتُبُ »

    يروى فغطني كما في الصحيحين و غتني و يروى قد غتني أي خنقني

    « حتَّى بلغَ مني الجهْدُ »

    يروي بضم الجيم و فتحها و بالنصب و بالرفع . و فعل به ذلك ثلاثاً .

    قال أبو سليمان الخطابي : و إنما فعل ذلك به ليبلو صبره و يحسن

    تأديبه فيرتاض لاحتمال ما كلفه به من أعباء النبوة، و لذلك كان يعتريه

    مثل حال المحموم و تأخذه الرحضاء أي البهر و العرق .

    و قال غيره : إنما فعل ذلك لأمور : منها أن يستيقظ لعظمة ما يلقى

    إليه بعد هذا الصنيع المشق على النفوس .

    كما قال تعالى : { إِنَّا سنُلقِي عليكَ قولاً ثقيلاً }[ المزمل : 5 ]

    و لهذا كان عليه الصلاة و السلام إذا جاءه الوحي يحمر وجهه و يغطّ كما

    يغط البكر من الإبل و يتفصّد جبينه عرقاً في اليوم الشديد البرد .

    و قوله فرجع بها رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى خديجة يرجف

    فؤاده .

    و في رواية : بوادره، جمع بادرة قال أبو عبيدة : و هي لحمة بين

    المنكب و العنق .

    و قال غيره : هو عروق تضطرب عند الفزع و في بعض الروايات ترجف

    بآدله و احدتها بادلة . و قيل بادل، و هو ما بين العنق و الترقوة و قيل

    أصل الثدي . و قيل لحم الثديين و قيل غير ذلك .

    فقال : « زمِّلوني زمِّلوني » فلما ذهب عنه الروع

    قال لخديجة : « مَا لي ؟ أيُّ شئٍ عرضَ لي ؟ » و أخبرها ما كان من

    الأمر .

    ثم قال : « لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفسِي » و ذلك لأنه شاهد أمراً لم يعهده

    قبل ذلك، و لا كان في خلده . و لهذا قالت خديجة : ابشر، كلا و الله لا

    يخزيك الله أبداً . قيل من الخزي، و قيل من الحزن،

    و هذا لعلمها بما أجري الله به جميل العوائد في خلقه أن من كان

    متصفاً بصفات الخير لا يخزى في الدنيا و لا في الآخرة ثم ذكرت له من

    صفاته الجليلة ما كان من سجاياه الحسنة .

    فقالت : إنك لتصل الرحم و تَصْدُق الحديث - و قد كان مشهوراً بذلك

    صلوات الله و سلامه عليه عند الموافق و المفارق - و تحمل الكلَّ . أي

    عن غيرك تعطي صاحب العيلة ما يريحه من ثقل مؤنة عياله -

    و تكسب المعدوم أي تسبق إلى فعل الخير فتبادر إلى اعطاء الفقير

    فتكسب حسنته قبل غيرك .

    و يسمى الفقير معدوماً لأن حياته ناقصة . فوجوده و عدمه سواء كما

    قال بعضهم :

    ليسَ مَن مات فاستراحَ بمْيتٍ **** إنما الميْتُ ميِّتُ الأحيـاء

    و قال أبو الحسن التهامي، فيما نقله عنه القاضي عياض في شرح

    مسلم :
    عـدّ ذا الفقـرِ ميِّتاً و كساهُ **** كَفَنــاً بالياً و مـأواه قبـرا

    و قال الخطابي : الصواب ( و تكسب المعدم ) أي تبذل إليه أو يكون

    تكسب المعدم تعطيه مالاً يعيش به . و اختار شيخنا الحافظ أبو الحجاج

    المزي أن المراد بالمعدوم ههنا المال المعطى أي يعطي المال لمن هو

    عادمه . و من قال إن المراد إنك تكسب باتجارك المال المعدوم، أو

    النفيس القليل النظير، فقد أبعد النجعة و أغرق في النزع و تكلف ما

    ليس له به علم، فإن مثل هذا لا يمدح به غالباً، و قد ضعّف هذا القول

    عياض و النووي و غيرهما و الله أعلم .

    و تقري الضيف - أي تكرمه في تقديم قراه، و إحسان مأواه . و تعين

    على نوائب الحق و يروى الخير، أي إذا وقعت نائبة لأحد في خير أعنت

    فيها، و قمت مع صاحبها حتى يجد سداداً من عيش أو قواماً من عيش،

    و قوله : ثم أخذتْه فانطلقتْ به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل . و كان

    شيخاً كبيراً قد عمي . و قد قدَّمنا طرفاً من خبره مع ذكر زيد بن عمرو

    ابن نفيل رحمه الله . و إنه كان ممن تنصَّر في الجاهلية ففارقهم و ارتحل

    إلى الشام، هو و زيد بن عمرو و عثمان بن الحويرث،

    و عبيد الله بن جحش فتنصّروا كلهم، لأنهم و جدوه أقرب الأديان إذ ذاك

    إلى الحق، إلاّ زيد بن عمرو بن نفيل فإنه رأى فيه دخلا و تخبيطاً و تبديلا

    و تحريفاً و تأويلا . فأبت فطرته الدخول فيه أيضا، و بشروه الأحبار و

    الرهبان بوجود نبي قد أزف زمانه و اقترب أوانه فرجع يتطلب ذلك،

    و استمر على فطرته و توحيده . لكن اخترمته المنية قبل البعثة

    المحمدية .وأدركها ورقة بن نوفل و كان يتوسمّها في رسول الله صلى

    الله عليه و سلم كما قدمنا بما كانت خديجة تنعته له و تصفه له، و ما

    هو منطو عليه من الصفات الطاهرة الجميلة و ما ظهر عليه من الدلائل و

    الآيات، و لهذا لما و قع ما و قع أخذت بيد رسول الله صلى الله عليه و

    سلم و جاءت به إليه فوقفت به عليه .

    و قالت : ابن عم اسمع من ابن أخيك ؛ فلما قص عليه رسول الله صلى

    الله عليه و سلم خبر ما رأي قال ورقة : سُبُّوح سُبُّوح، هذا الناموس

    الذي أنزل على موسى، و لم يذكر عيسى و إن كان متأخراً بعد موسى،

    لأنه كانت شريعته متممة و مكملة لشريعة موسى عليهما السلام، و

    نسخت بعضها على الصحيح من قول العلماء

    . كما قال ( و لأحِلّ لكُم بعضَ الذي حُرّم عليْكُم) . [آل عمران : 50 ]

    و قول ورقة هذا كما قالت الجن :

    ( يَا قومَنَا إنَّا سمِعنَا كتاًبا أُنزِلَ منْ بعدِ موسَى مُصدّقاً لما بينَ يديِه

    يهدِي إلى الحقِّ و إلى طريقٍ مستقيمٍ ) [الأحقاف: 30 ].

    ثم قال ورقة : يا ليتني فيها جذعاً أي يا ليتني أكون اليوم شاباً متمكناً

    من الإيمان و العلم النافع و العمل الصالح، يا ليتني أكون حياً حين

    يخرجك قومك يعني حتى أخرج معك و أنصرك ؟ فعندها قال رسول الله

    صلى الله عليه و سلم : « أَوَ مُخرجيَّ هُمْ ؟ »

    قال السهيلي و إنما قال ذلك، لأن فراق الوطن شديد على النفوس،

    فقال : نعم ! إنه لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي، و إن يُدْركني

    يومك أنصرك نصراً مؤزّراً أي أنصرك نصراً عزيزاً أبداً . و قوله « ثم لم ينشب

    ورقة أن توفي » أي توفي بعد هذه القصة بقليل رحمه الله و رضي عنه،

    فإن مثل هذا الذي صدر عنه تصديق بما و جد و إيمان بما حصل من

    الوحي و نية صالحة للمستقبل .

    و قد قال الإمام أحمد حدثنا حسن عن ابن لهيعة حدثني أبو الأسود

    عن عروة عن عائشة . أن خديجة سألت رسول الله صلى الله عليه و

    سلم عن ورقة بن نوفل فقال :

    « قَدْ رأيتُهُ فرأيْتُ عليْهِ ثِيابَ بياضٍ فأحسبُهُ لوْ كانَ مِن أهلِ النَّارِ لمْ يكنْ

    عليه ثيِابُ بياضٍ » .

    و هذا إسناد حسن لكن رواه الزهري و هشام عن عروة مرسلاً فالله

    أعلم . و روي الحافظ أبو يعلى عن شريح بن يونس عن إسماعيل عن

    مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه

    و سلم سئل عن ورقة بن نوفل فقال :

    « قَدْ رَأَيْتُه فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ ثِيابَ بياضٍ أَبْصَرْتُهُ في بُطْنَانِ الجنَّةِ و عليهِ

    السُّنْدُسَ »

    و سئل عن زيد بن عمرو بن نفيل فقال « يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ أُمِّةً وَحْدَهُ »

    . و سئل عن أبي طالب فقال : « أَخْرَجْتُهُ مِنْ غَمْرَةٍ مِنْ جَهَنَّمَ إِلَى

    ضَحْضَاحٍ مِنْهَا »

    و سئل عن خديجة لأنها ماتت قبل الفرائض و أحكام القرآن - فقال :

    « أَبْصَرْتُهَا عَلَى نَهْرِ فِي الجَنَّةِ فِي بَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ وَ لاَ

    نَصَبَ »

    إسناد حسن و لبعضه شواهد في الصحيح و الله أعلم .

    و قال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة

    عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة . قالت قال رسول الله صلى

    الله عليه و سلم : « لاَ تَسُبُّوا ورقةً فَإِنِّي رَأَيْتُ لَهُ جَنَّةً أَوْ جَنَّتَيْنِ »

    و كذا رواه ابن عساكر من حديث أبي سعيد الأشج عن أبي معاوية عن

    هشام عن أبيه عن عائشة و هذا إسناد جيد . و روي مرسلا و هو

    أشبه .
    و روي الحافظان البيهقي و أبو نعيم في كتابيهما دلائل النبوة من حديث

    يونس بن بكير عن يونس بن عمرو عن أبيه عن عمرو بن شرحبيل أن

    رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لخديجة :

    « إِنِّي إِذَا خَلَوْتُ وَ حْدِي سَمِعْتُ نِدَاءً، وَ قَدْ خَشِيتُ وَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا

    أَمْرُ »

    . قالت : معاذ الله ما كان ليفعل ذلك بك فوالله إنك لتؤدي الأمانة، و تصل

    الرحم، و تَصْدُق الحديث . فلما دخل أبو بكر و ليس رسول الله صلى الله

    عليه و سلم ثم ذكرت له خديجة فقالت : يا عتيق اذهب مع محمد إلى

    ورقة فلما دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم أخذ بيده أبو بكر .

    فقال : انطلق بنا إلى ورقة قال : « وَ مَنْ أَخْبَرَكَ ؟ »

    قال خديجة فانطلقنا إليه فقصّا عليه . فقال رسول الله صلى الله عليه و

    سلم :

    « إِنِّي إذَا خَلَوْتُ وَحْدِي سَمِعْتُ نِدَاءً خَلْفِي : يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَأنْطَلِقُ

    هَارِباً فِي الأَرْضِ »

    . فقال له لا تفعل . إذا أتاك فاثبت، حتى تسمع ما يقول لك ثم ائتني

    فأخبرني . فلما خلا ناداه يا محمد

    قل { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمِ الحَمْدُ للَّه رَبِّ العَالَمِينَ } حتى بلغ {وَلاَ

    الضِّالِّينَ } قل لا إله إلا الله .

    فأتي ورقة فذكر له ذلك، فقال له ورقة : أبشر ثم أبشر . فأنا أشهد إنك

    الذي بشّر بك ابن مريم، و إنك على مثل ناموس موسى، و إنك نبي

    مرسل، و إنك ستؤمر بالجهاد بعد يومك هذا . و لئن أدركني ذلك

    لأجاهدنّ معك . فلما توفي . قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

    « لَقَدْ رَأَيْتُ القِسَّ فِي الجَنَّةِ عَلَيْهِ ثِيَابُ الحَرِيرِ، لأِنهُ آمنَ بِي و

    صدَّقنِي » يعني ورقة .

    هذا لفظ البيهقي و هو مرسل و فيه غرابة و هو كون الفاتحة أول ما

    نزل و قد قدمنا من شعره ما يدل على إضماره الإيمان و عقده عليه و

    تأكده عنده، و ذلك حين أخبرته خديجة ما كان من بأمره مع غلامها

    ميسرة و كيف كانت الغمامة تظلله في هجير القيظ .

    فقال ورقة في ذلك اشعاراً قدمناها قبل هذا، منها قوله :

    بأنَّ محـمداً سيســودُ قومــاً **** ويخصـمُ مـنْ يكـونُ لـهُ حجيجَا

    لججتُ و كنت في الذّكـرى لجوجـاً****لأمـرٍ طـالَ انتظاري منه النّشيجـا

    ووصفٍ مـن خديجةَ بعدَ وصفٍ **** فقد طـالَ انتِظـاري منه يـاخَديجـا

    ببطنِ المكَّتَــينِ على رجائِـي ****حديثَــكِ أن أَرى منـهَ خروجا

    لججت وكنت في الذكر يجوجـا **** لأمرَ طالما بعث النشيجــــا

    بما خبرتِنا مـن قـولِ قَــسٍ **** مـن الرهبـانِ أَكـره أن يَعوجـــا

    ويظهرُ فـي البـلادِ ضياء نـور **** يقيــم بـه البريّـةَ أَنْ تَعُوجــا

    فيلقـي مـن يحاربُهَ خَسـاراً **** و يَلقــي مــن يُسالمــهُ فلوجـا

    فياليتي إذا ما كانَ ذا كـم **** شَهِــدتُ و كنتُ أولهُـــم و لوجا

    ولو جاء في الذي كـرهتْ قريش **** و لو عَجَّـتْ بمكّتِهــا عَجيحــا

    أرجّي بالّـذي كرِهـوا جَميعـاً **** إلى ذي العرشِ إذ سَفَلوا عروجـــا

    فإن يَبقوا و أَبقَ يكـنْ أُمـوراً **** يَضِــجُّ الكافـرونَ لها ضجيجـا


    وقال أيضاً في قصيدته الأخرى :

    و أَخبـارِ صـدقٍ خبَّرتْ عن محمــدٍ **** يخبِّرها عنــهُ إذا غابَ ناصـحُ

    بأنّ ابـنَ عبـدِ الله أحمدَ مرســلٌ**** إلى كلّ مـن ضُمّتْ عليه الأباطـح

    و ظنــي بـه أَنْ سوفَ يُبعَثُ صادِقـاً ****كما أُرسِـلَ العبدان هود و صالـح

    و مـوسـى و إبراهيـمُ حتى يُرى له ****بهاءُ و منشورٌ من الذّكر واضــح

    و يتبعُـه حيّا لؤي بــنُ غالـبٍ **** شبابُهُـم و الأشيَبــونُ الجـحاجـح

    فإن ابـقَ حتى يـدركَ الناسُ دهرُه **** فإنـي به مستبشـرُ الـودِّ فـارح

    وإلا فإنـي يا خـديجــةُ فاعلمـي ***عن أرضِكِ في الأرضِ العريضَة سائح


    وقال يونس من بكير عن ابن إسحاق قال ورقة :

    فإن يـكُ حقاً يا خديجةُ فاعلمـي**** حديثَـكَ إيّانـا فأحمــدُ مــرسَل

    وجبـريلُ يأتيــه و ميكالُ معْهُما **** من اللَّهِ و حيٌ يشرحُ الصّـدرَ مُنْـزَل

    يفـــوزُ بـه مَـن فازَ فيها بتوبةٍ **** و يشقى به العاني الغريـرُ المضلَّـل

    فريقان منهــمْ فرقةٌ في جِنانهِ **** و أُخــرى بأحــوازِ الجحيـمِ تَعلَّـل

    إذا ما دَعوا بالويـلِ فيهـا تتابعـتْ**** مقامــعُ فـي هاماتهمْ ثـمّ تشعل

    فسُبحانَ مــن يُهوي الرياحَ بأمره ***و مـن هو في الأيام مـا شـاء يفعـل

    ومَـن عرشُه فوق السمواتِ كلِّها **** و أقضـاؤُه فــي خَلْـقـِه لا تُبــدَّل



    وقال ورقة أيضا ً :

    يا للرجالِ و صَرْفِ الدهر و القـدرِ **** و ما لشيء قضـاهُ اللَّهُ من غِيـرِ

    حتى خديجةُ تدعوني لأُخبرَهـا **** أمـراً أراهُ سيأتـي الناسَ مـن أخـر

    وخبَّـرْتنـي بأمرٍ قد سمعـتُ به ****فيما مضى من قديم الدهرِ و العُصُــر

    بأنّ أحمــد يأتيـه فيخبُره **** جبــريلُ إنكَ مبعـوثٌ إلى البَشـَر

    فقلتُ عـلَّ الذي ترجين يُنجِـزُه **** لكِ الإلهُ فـرجّـي الخيرَ و انتظرى

    و أرسليـه إلينـا كـي نُسائلَه ****عن آمرِهِ ما يـرى في النوم و السَـهَر

    فقالَ حين أتانا مَنطِقـاً عجبـاً **** يقفُّ منه أعالــي الجلدِ و الشـعَرِ

    إنـي رأيـتُ أمينَ اللّـَه واجَهَني **** في صورةٍ أُكملتْ من أَعظم الصــور

    ثـم استمـر فكاد الخوفُ يُذْعِرِني ****مما يسلِّم مِـنْ حـولي مـن الشجـر

    فقلتُ ظَنّـي و مـا أدري أيصدُقنـي ****إن سوف يُبعَثُ يتلـو مُنْـزَل السُّـور

    و سـوف يبليك إن أعلنت دعوتَهُم**** من الجهـادِ بِـلا مـنًّ و لا كَــدَر



    هكذا أورد ذلك الحافظ البيهقي من الدلائل و عندي في صحتها عن ورقة

    نظر و الله أعلم . و قال ابن إسحاق حدثني عبد الملك بن عبد الله بن

    أبي سفيان بن العلاء بن جارية الثقفي - و كان داعية - عن بعض أهل

    العلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حين أراد الله كرامته

    وابتدأه بالنبوة كان إذا خرج لحاجة أبعد حتى يحسر الثوب عنه و يفضي

    إلى شعاب مكة و بطون أوديتها فلا يمر بحجر و لا شجر إلا قال السلام

    عليك يا رسول الله . قال فيلتفت حوله عن يمينه و عن شماله و خلفه

    فلا يرى إلا الشجر و الحجارة فمكث كذلك يرى و يسمع ما شاء الله أن

    يمكث، ثم جاءه جبريل عليه السلام بما جاء من كرامة الله و هو بحراء

    في رمضان قال ابن إسحاق و حدثني و هب بن كيسان مولي آل الزبير

    قال سمعت عبد الله بن الزبير و هو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة

    الليثي حدثنا يا عبيد كيف كان بدو ما ابتدئ به رسول الله صلى الله

    عليه و سلم من النبوة حين جاءه جبريل قال : فقال عبيد و أنا حاضر -

    يحدث عبد الله ابن الزبير و من عنده من الناس - : كان رسول الله صلى

    الله عليه و سلم يجاور في حراء كل سنة شهراً يتحنث، قال و كان ذلك

    مما يحبب به قريش في الجاهلية و التحنث التبرر فكان رسول الله صلى

    الله عليه و سلم يجاور ذلك الشهر من كل سنة يطعم من جاءه من

    المساكين فإذا قضى جواره من شهره ذلك كان أول ما يبدأ به

    إذا انصرف من جواره الكعبة قبل أن يدخل بيته فيطوف بها سبعاً أو ما

    شاء الله من ذلك، ثم يرجع إلى بيته حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله

    به فيه ما أراد من كرامته من السنة التي بعثه فيها و ذلك الشهر

    رمضان خرج إلى حراء كما كان يخرج لجواره و معه أهله حتى إذا كانت

    الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته و رحم العباد به جاءه جبريل بأمر الله

    تعالى قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

    «فجاءنِي و أنَا نائمُ بنمطٍ منْ ديباجٍ فيهِ كتابُ فقالَ اقرأْ ؟ قلتُ : ما أقرأُ ؟

    قالَ : فغتنِي حتَّى ظننتُ أنه الموتُ، ثمَّ أرسلنِي

    فقال : اقرأْ قلتُ : ما أقرأُ ؟ قال فغتني حتى ظننتُ أنه الموتُ ثم

    أرسلنِي،

    فقال: اقرأْ قلتُ : ما اقرأُ ؟ قال فغتني حتى ظننتُ به الموتَ ثم

    أرسلني .

    فقال : اقرأْ قلتُ : ماذا اقرأُ ؟ ما أقولُ ذلكَ إلا افتداءً منه أن يعودَ لي

    بمثل ما صنع بي فقال :

    {اقرأْ باسْم ربكَ الذِي خلقَ خلقَ الإنسانَ منْ علقٍ، اقرأْ و ربُّكَ الأكرمُ

    الذي علّمَ بالقلمِ علّمَ الإنسانَ ما لمْ يعلمْ }

    قال : فقرأتها ثم انتهى و انصرف عني و هببت من نومٍي فكأنما كتب

    في قلبي كتابا . قال : فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل

    سمعت صوتا من السماء يقول : يا محمد أنت رسول الله و أنا جبريل

    قال : فرفعت رأسي إلى السماء فأنظر فإذا جبريل في صورة رجل صاف

    قدميه في أفق السماء يقول : يا محمد أنت رسول الله و أنا جبريل

    فوقفت أنظر إليه فما أتقدم و ما أتأخر و جعلت أصرف وجهي عنه في

    آفاق السماء فما أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك فما زلت واقفا ما

    أتقدم أمامي و ما أرجع و رائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي

    فبلغوا مكة و رجعوا إليها و أنا و اقف في مكاني ذلك ثم أنصرف عني و

    انصرفت راجعاً إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفاً

    إليها فقالت : يا أبا القاسم أين كنت ؟ فو الله لقد بعثت رسلي في

    طلبك حتى بلغوا مكة و رجعوا إليّ ثم حدثتها بالذي رأيت . فقالت :

    أبشر يا ابن العم و اثبت فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون

    نبي هذه الأمة ثم قامت فجمعت عليها ثيابها » ثم انطلقت إلى ورقة بن

    نوفل فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال

    ورقة : قدوس قدوس و الذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتني يا

    خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى و أنه لنبي هذه

    الأمة و قولي له فليثبت . فرجعت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه

    و سلم فأخبرته بقول ورقة فلما قضى رسول اللَّه صلى الله عليه

    و سلم جواره و انصرف صنع كما كان يصنع، بدأ بالكعبة فطاف بها فلقيه

    ورقة بن نوفل و هو يطوف بالكعبة

    فقال : يا ابن أخي أخبرني بما رأيت و سمعت فأخبره

    فقال له ورقة و الذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة و لقد جاءك

    الناموس الأكبر الذي جاء موسى، و لتكذبنه و لتؤذينه و لتخرجنه و

    لتقاتلنه، و لئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرنّ الله نصراً يعلمه .

    ثم أدنى رأسه منه فقبل يا فوخه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه و

    سلم إلى منزله »

    و هذا الذي ذكره عبيد بن عمير كما ذكرناه كالتوطئة لما جاء بعده من

    اليقظة كما تقدم من قول عائشة رضي الله عنها فكان لا يرى رؤيا إلا

    جاءت مثل فلق الصبح . و يحتمل أن هذا المنام كان بعد ما رآه في

    اليقظة صبيحة ليلتئذ و يحتمل أنه كان بعده بمدة و الله

    أعلم .وقال موسى بن عقبة عن الزهري عن سعيد بن المسيب

    قال : و كان فيما بلغنا أول ما رأى يعني رسول الله صلى الله عليه و

    سلم أن الله تعالى أراه رؤيا في المنام فشق ذلك عليه فذكرها لامرأته

    خديجة فعصمها الله عن التكذيب و شرح صدرها للتصديق

    فقالت أبشر فإن الله لم يصنع بك إلا خيراً ثم إنه خرج من عندها ثم رجع

    إليها فأخبرها أنه رأى بطنه شق ثم غسل و طهر ثم أعيد كما كان قالت

    هذا و الله خير فأبشر ثم استعلن له جبريل و هو بأعلى مكة

    فأجلسه على مجلس كريم معجب كان النبي صلى الله عليه و سلم

    يقول : « أجلسنِي علَى بساطٍ كهيئةِ الدرنوكِ فيه الياقوتُ و اللؤلؤُ

    فبشرهُ برسالةٍ اللهِ عز و جل حتى اطمأنَّ رسول الله صلى الله عليه و

    سلم فقال له جبريل : اقرأ فقال : كيف اقرأ ؟ فقال :

    { اقرأْ باسْم ربكَ الذي خلقَ خلقَ الإنسانَ منْ علقٍ، اقرأْ و ربُّكَ الأكرمُ

    الذي علَّم بالقلمِ علَّم الإنسانَ ما لمْ يعلمْ } .

    قال : و يزعم ناس أن { يَا أيُّها المدَّثرُ } أول سورة نزلت عليه و الله

    أعلم . قال : فقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم رسالة ربه و اتبع ما

    جاءه به جبريل من عند الله فلما انصرف منقلبا إلى بيته جعل لا يمرُّ

    على شجر و لا حجر إلا سلم عليه فرجع إلى أهله مسروراً موقناً أنه قد

    رأى أمراً عظيما فلما دخل على خديجة قال : « أرأيتُكِ التي كنتُ حدثّتُكَ

    أنِّي رأيتُهُ في المنامِ ؟

    فإنَّه جبريلُ اسْتعلَنَ إليَّ أرسلَهُ إليَّ ربِّي عزَّ و جلّ »

    و أخبرها بالذي جاءه من الله و ما سمع منه

    فقالت: أبشر فوالله لا يفعل الله بك إلا خيراً و اقبل الذي جاءك من أمر

    الله فإنه حق و أبشر فإنك رسول الله حقاً . ثم انطلقت من مكانها فأتت

    غلاماً لعتبة بن ربيعة بن عبد شمس نصرانياً من أهل نينوي يقال له

    عداس فقالت له يا عداس أذكرك بالله إلا ما أخبرتني هل عندك علم

    من جبريل فقال : قدوس قدوس ما شأن جبريل يذكر بهذه الأرض التي

    أهلها أهل الأوثان . فقالت : أخبرني بعلمك فيه .

    قال فإنه أمين الله بينه و بين النبيين و هو صاحب موسى و عيسى

    عليهما السلام . فرجعت خديجة من عنده فجاءت ورقة بن نوفل فذكرت

    له ما كان من أمر النبي صلى الله عليه و سلم و ما ألقاه إليه جبريل .

    فقال لها ورقة : يا بنية أخي ما أدري لعل صاحبك النبي الذي ينتظر

    أهل الكتاب الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة و الإنجيل، و أقسم

    بالله لإن كان إياه ثم أظهر دعواه و أنا حي لأبلين الله في طاعة

    رسوله و حسن مؤازرته للصبر و النصر . فمات ورقة رحمه الله .

    قال الزهري فكانت خديجة أول من آمن بالله و صدق رسول الله صلى

    الله عليه و سلم . قال الحافظ البيهقي بعد إيراده ما ذكرناه و الذي ذكر

    فيه من شق بطنه يحتمل أن يكون حكاية منه لما صنع به في صباه

    يعني شق بطنه عند حليمة و يحتمل أن يكون شق مرة أخرى ثم ثالثة

    حين عرج به إلى السماء و الله أعلم .

    و قد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة ورقة بإسناده إلى سليمان بن

    طرخان التيمي . قال : بلغنا أن الله تعالى بعث محمداً رسولا على رأس

    خمسين سنة من بناء الكعبة و كان أول شئ اختصه به من النبوة و

    الكرامة رؤيا كان يراها فقص ذلك على زوجته خديجة بنت خويلد

    فقالت له : أبشر فوالله لا يفعل الله بك إلا خيراً فبينما هو ذات يوم في

    حراء و كان يفر إليه من قومه إذ نزل عليه جبريل فدنا منه فخافه رسول

    الله صلى الله عليه و سلم مخافة شديدة فوضع جبريل يده على صدره

    و من خلفه بين كتفيه .

    فقال : اللهمَّ احططْ و زرهُ، و اشرحْ صدرهُ، و طهرْ قلبهُ يا محمدُ ابشرْ !

    فإنكَ نبيُّ هذه الأمةِ .

    اقرأْ. فقال له نبي الله: و هو خائف يرعد :

    « ما قرأتُ كتاباً قطُّ و لا أُحْسنُهُ و ما أكتُبُ و مَا أقرأُ »

    فأخذه جبريل فغته غتاً شديداً ثم تركه ثم قال له اقرأ فأعاد عليه مثله

    فأجلسه على بساط كهيئة الدرنوك فرأى فيه من صفائه و حسنه كهيئة

    اللؤلؤ و الياقوت و قال له

    : { اقرأْ باسْم ربكَ الذيِ خلقَ } الآيات

    ثم قال له: لا تخف يا محمد إنك رسول الله ثم انصرف و أقبل على

    رسول الله صلى الله عليه و سلم همه فقال : كيف أصنع و كيف أقول

    لقومي ثم قام رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو خائف فأتاه جبريل

    من أمامه و هو فى صعرته فرأى رسول لله صلى الله عليه و سلم أمراً

    عظيما ملأ صدره فقال له جبريل : لا تخف يا محمد جبريل رسول الله

    جبريل رسول الله إلى أنبيائه و رسله فأيقن بكرامة الله فإنك رسول الله

    فرجع رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يمر على شجر و لا حجر

    إلا هو ساجد يقول : السلام عليك يا رسول الله .

    فاطمأنت نفسه و عرف كرامة الله إياه فلما انتهى إلى زوجته خديجة

    أبصرت ما بوجهه من تغير لونه فأفزعها ذلك، فقامت إليه فلما دنت منه

    جعلت تمسح عن وجهه و تقول لعلك لبعض ما كنت ترى و تسمع قبل

    اليوم فقال : « يا خديجةُ أرأيتِ الذي كنتُ أرى في المنامِ و الصوتَ الذي

    كنتُ أسمعُ في اليقظةِ و أهالُ منه فإنَّه جبريلُ قدْ استعلنَ لي و كلَّمني

    و أقرأنِي كلاماً فزِعتُ منه ثمَّ عاد إليَّ فأخبرنِي أنِّي نبيُّ هذه

    الأمةِ فأقبلتُ راجعاً فأقبلتُ على شجرٍ و حجارةٍ فقلنَ : السلامُ عليكَ يا

    رسولَ اللهِ » .

    فقالت خديجة : أبشر فوالله لقد كنت اعلم أن الله لن يفعل بك إلا خيراً

    و اشهد أنك نبي هذه الأمة الذي تنتظره اليهود قد أخبرني به ناصح

    غلامي و بحيرى الراهب و امرني أن أتزوجك منذ أكثر من عشرين سنة

    . فلم تزل برسول الله صلى الله عليه و سلم حتى طعم و شرب و

    ضحك ثم خرجت إلى الراهب و كان قريبا من مكة فلما دنت منه و

    عرفها . قال : مالك يا سيدة نساء قريش ؟ فقالت : أقبلت إليك

    لتخبرني عن جبريل فقال سبحان الله ربنا القدوس ما بال جبريل يذكر

    في هذه البلاد التي يعبد أهلها الأوثان جبريل أمين الله و رسوله إلى

    أنبيائه و رسله و هو صاحب موسى و عيسى، فعرفت كرامة الله لمحمد

    ثم أتت عبداً لعتبة بن ربيعة يقال له عداس فسألته فأخبرها بمثل ما

    أخبرها به الراهب و أزيد .

    قال : جبريل كان مع موسى حين أغرق الله فرعون و قومه، و كان معه

    حين كلمه الله على الطور، و هو صاحب عيسى بن مريم الذي أيده الله

    به ثم قامت من عنده فاتت ورقة بن نوفل فسألته عن جبريل

    فقال لها مثل ذلك ثم سألها ما الخبر فأحلفته أن يكتم ما تقول له فحلف

    لها فقالت له إن ابن عبد الله ذكر لي و هو صادق أحلف بالله ما كذب و

    لا كذب أنه نزل عليه جبريل بحراء و أنه أخبره أنه نبي هذه الأمة و أقرأه

    آيات أرسل بها . قال : فذعر ورقة لذلك و قال لئن كان جبريل قد

    استقرت قدماه على الأرض لقد نزل على خير أهل الأرض و ما نزل إلا

    على نبي و هو صاحب الأنبياء و الرسل يرسله الله إليهم

    و قد صدقتك عنه فأرسلي إلى ابن عبد الله أسأله و أسمع من قوله و

    أحدثه فإني أخاف أن يكون غير جبريل فإن بعض الشياطين يتشبه به

    ليضل به بعض بني آدم و يفسدهم حتى يصير الرجل بعد العقل الرضي

    مدلها مجنونا ؛ فقامت من عنده و هي واثقة بالله أن لا يفعل بصاحبها

    إلا خيراً فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته بما قال

    ورقة فأنزل الله تعالى : { ن و القلمِ و ما يسطرُونَ ما أنتَ بنعمةِ ربِّكَ

    بمجنونٍ } الآيات .

    فقال لها :« كلا و الله إنّه لَجبريل » فقالت له : أحب أن تأتيه فتخبره

    لعل الله أن يهديه فجاءه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له

    ورقة : هذا الذي جاءك جاءك في نور أو ظلمة ؟ فأخبره رسول الله صلى

    الله عليه و سلم عن صفة جبريل و ما رآه من عظمته و ما أوحاه إليه .

    فقال ورقة : أشهد أن هذا جبريل و أن هذا كلام الله فقد أمرك بشيء

    تبلغه قومك و إنه لأمر نبوة فإن أدرك زمانك أتبعك ثم قال :أبشر ابن عبد

    المطلب بما بشرك الله به . قال : و ذاع قول ورقة و تصديقه لرسول الله

    صلى الله عليه و سلم فشق ذلك على الملأ من قومه قال و فتر

    الوحي فقالوا : لو كان من عند الله لتتابع و لكن الله قلاه فأنزل الله { و

    الضحى } و{ ألم نشرح } بكمالهما .

    وقال البيهقي حدثنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا أحمد بن

    عبد الجبار حدثنا يونس عن ابن إسحاق حدثني إسماعيل بن أبي حكيم

    مولي آل الزبير أنه حدثه عن خديجة بنت خويلد أنها

    قالت لرسول الله صلى الله عليه و سلم فيما بينه مما أكرمه الله به من

    نبوته : يا ابن عم تستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا

    جاءك . فقال : « نعم !» فقالت :

    إذا جاءك فأخبرني . فبينا رسول الله صلى الله عليه و سلم عندها إذ

    جاء جبريل فرآه رسول الله صلى الله عليه و سلم . فقال : « يا خديجةُ !

    هذا جبريلُ » فقالت : أتراه الآن : قال : « نعم !» قالت :

    فاجلس إلى شقي الأيمن فتحول فجلس فقالت : أتراه الآن ؟ قال «

    نعم !» قالت فتحول فاجلس في حجري فتحول فجلس في حجرها

    فقالت : هل تراه الآن ؟قال : « نعم !» فتحسرت رأسها فشالت

    خمارها و رسول الله صلى الله عليه و سلم جالس في حجرها فقالت :

    هل تراه الآن ؟ قال : « لا» قالت : ما هذا بشيطان إن هذا

    لملك يا ابن عم فأثبت و أبشر ثم آمنت به و شهدت أن ما جاء به هو

    الحق . قال ابن إسحاق : فحدثت عبد الله بن حسن هذا الحديث

    فقال : قد سمعت أمي فاطمة بنت الحسين تحدث بهذا

    الحديث عن خديجة إلا أني سمعتها تقول أدخلت رسول الله صلى الله

    عليه و سلم بينها و بين درعها فذهب

    عند ذلك جبريل عليه السلام . قال البيهقي :و هذا شئ كان من

    خديجة تصنعه تستثبت به الأمر احتياطا لدينها و تصديقا . فأما النبي

    صلى الله عليه و سلم فقد كان و ثق بما قال له جبريل و أراه من الآيات

    التي ذكرناها مرة بعد أخري، و ما كان من تسليم الشجر و الحجر عليه

    صلى الله عليه و سلم تسليما .

    وقد قال مسلم في صحيحه : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى

    بن بكير حدثنا إبراهيم بن طهمان حدثني سماك بن حرب عن جابر بن

    سمرة رضي الله عنه . أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :

    « إنِّي لأعْرِفُ حجراً بمكةَ كانَ يُسلمُ عليَّ قبلَ أنْ أُبعثَ إنِّي لأعرفُهُ

    الآنَ » . و قال أبو داود الطيالسي :

    حدثنا سليمان بن معاذ عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة أن

    رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:

    « إنَّ بمكةَ لحجراً كانَ يُسلمُ عليَّ ليَاليَ بُعثتُ إنِّي لأعْرفُهُ إذا مررْتُ

    عليْهِ » .

    و روي البيهقي من حديث إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير عن

    عباد بن عبد الله عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه . قال : كنا مع

    رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة فخرج في بعض نواحيها

    فما استقبله شجر و لا جبل إلا قال : السلام عليك يا رسول الله . و في

    رواية لقد رأيتني أدخل معه الوادي فلا يمر بحجر و لا شجر إلا قال :

    السلام عليكم يا رسول الله و أنا أسمعه .



    ## فصل في فتور الوحي و حزن الرسول صلى الله عليه و سلم و مدة

    الفترة

    فصل : قال البخاري في روايته المتقدمة : ثم فتر الوحي حتى حزن

    النبي صلى الله عليه و سلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مراراً كي يتردى

    من رؤوس شواهق الجبال فكلما أ و في بذروة جبل لكي يلقي نفسه

    تبدى له جبريل فقال : يا محمد إنك رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه

    و تقر نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا

    أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك . و في الصحيحين

    من حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري : قال سمعت أبا سلمة

    عبد الرحمن يحدث عن جابر بن عبد الله قال :

    سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يحدث عن فترة الوحي قال :

    « فبينمَا أنَا أمشِي سمِعتُ صوتاً من السماءِ فرفعتُ بصرِي قِبلَ السماءِ

    فإذَا الملكُ الذي جاءنِي بحراءَ قاعدُ علَى كرسِيِّ بينَ السماءِ فجثيتُ

    منهُ فرقاً حتُى هويتُ إلى الأرضِ فجئتُ أهلِي فقلتُ :

    زملونِي زملونِي فأنزَلَ اللهُ : { يا أيُّها المدثرُ قمْ فأَنذرْ و ربكَ فكبرْ و ثيابكَ

    فطهرْ و الرجزَ فاهجرْ }

    قال : ثم حمي الوحيُ و تتابعَ فهذا كان أول ما نزل من القرآن بعد فترة

    الوحي لا مطلقا ذاك قوله { اقرأْ باسمِ ربِّكَ الذِي خلقَ } و قد ثبت عن

    جابر أن أول ما نزل { يا أيُّها المدثرُ }

    و اللائق حمل كلامه ما أمكن على ما قلناه فإن في سياق كلامه ما

    يدل على تقدم مجيء الملك الذي عرفه ثانياً بما عرفه به أولا إليه . ثم

    قوله : يحدث عن فترة الوحي دليل على تقدم

    الوحي على هذا الإيحاء و الله أعلم . و قد ثبت في الصحيحين من

    حديث علي بن المبارك و عند مسلم و الأوزاعي كلاهما عن يحيى بن

    أبي كثير قال سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن أي القرآن أنزل قبل ؟

    فقال : { يا أيهَا المدثرُ } فقلت و { اقرأْ باسمِ ربكَ } فقال سألت جابر

    بن عبد الله أي القرآن أنزل قبل فقال : { يا أيهَا المدثرُ } فقلت : و{ اقرأْ

    باسمِ ربكَ } فقال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « إنِّي جاورتُ

    بحراءَ شهراً فلمَّا قضيتُ جوارِي نزلتُ فاستبطنتُ الوادِي فنُوديتُ فنظرتُ

    بينَ يديَّ و خلفِي و عنْ يمينِي و عن شمالِي فلمْ أرَ شيئاً ثَّم نظرتُ إلى

    السماءِ فإذَا هو علَى العرشِ في الهواءِ فأخذتنِي رعدةُ - أو قال و

    حشةُ - فأتيتُ خديجةَ فأمرتُهُم فدثرونِي فأنزلُ اللهُ : { يا أيهَا المدثِر }

    حتى بلغ { و ثيابَكَ فطهِّرْ } - و قال في رواية - فإذا الملكُ الذي جاءنِي

    بحراءَ جالسُ على كرسيِّ بينَ السماءِ و الأرضِ فجثيتُ منهُ » و هذا

    صريح في تقدم إتيانه إليه و إنزاله الوحي من الله عليه كما ذكرناه و الله

    أعلم . و منهم زعم أن أول ما نزل بعد فترة الوحي سورة { و الضحَى و

    الليلِ إذَا سجَى ما ودّعكَ ربُّكَ و ما قَلَى } إلى آخرها . قاله محمد بن

    إسحاق . و قال بعض القراء : و لهذا كبر رسول الله صلى الله عليه و

    سلم في أولها فرحا و هو قول بعيد يرده ما تقدم من رواية صاحبي

    الصحيح من أن أول القرآن نزولا بعد فترة الوحي : { يا أيهَا المدثرُ قمْ

    فانذرْ } و لكن نزلت سورة و الضحي بعد فترة أخرى كانت ليالي يسيرة

    كما ثبت في الصحيحين و غيرهما من حديث الأسود بن قيس عن

    جندب بن عبد الله البجلي . قال : اشتكي رسول الله صلى الله عليه و

    سلم فلم يقم ليلة أو ليلتين أو ثلاثاً فقالت امرأة ما أرى شيطانك إلا

    تركك فأنزل الله { و الضحَى و الليلِ إذَا سجَى ما و دعَكَ ربُّكَ و ما

    قلَى } و بهذا الأمر حصل الإرسال إلى الناس و بالأول حصلت النبوة . و

    قد قال بعضهم كانت مدة الفترة قريبا من سنتين أو سنتين و نصفا، و

    الظاهر و الله أعلم أنها المدة التي اقترن معه ميكائيل كما قال

    الشعبي و غيره، و لا ينفي هذا تقدم إيحاء جبريل إليه أولا { اقرأْ باسمِ

    ربِّكَ الذي خلقَ } [ العلق : 1 ] ثم اقترن به جبريل بعد نزول { يا أيهَا

    المدثرُ قمْ فأنذرْ و ربَّكَ فكبِّر و ثيابكَ فطهرْ و الرجزَ فاهجرْ } [ المدثر : 1 -

    5 ] و ثم حمي الوحي بعد هذا و تتابع - أي تدارك شيئا بعد شئ - و

    قام حينئذ رسول الله صلى الله عليه و سلم في الرسالة أتم القيام و

    شمر عن ساق العزم و دعا إلى الله القريب و البعيد، و الأحرار و العبيد،

    فآمن به حينئذ كل لبيب نجيب سعيد، و استمر على مخالفته و عصيانه

    كل جبار عنيد، فكان أول من بادر إلى التصديق من الرجال الأحرار أبو بكر

    الصديق، و من الغلمان علي بن أبي طالب، و من النساء خديجة بنت

    خويلد زوجته عليه السلام، و من الموالي مولاه زيد بن حارثة الكلبي

    رضي الله عنهم و أرضاهم . و تقدم الكلام على إيمان ورقة بن نوفل بما

    و جد من الوحي و مات في الفترة رضي الله عنه .

    فصل في منع الجان و مردة الشياطين من استراق السمع حين أنزل

    القرآن لئلا يختطف أحدهم منه و لو حرفا واحداً فيلقيه على لسان و ليه

    فيلتبس الأمر و يختلط الحق فكان من رحمة الله و فضله و لطفه بخلقه

    أن حجبهم عن السماء كما قال الله تعالى إخباراً عنهم في قوله : { و

    أنَّا لمسنَا السماءَ فوجدناهَا مُلئتْ حرساً شديداً و شهباً . و أنَّا كنَّا نقعدُ

    مِنها مقاعدَ للسمعِ فمنْ يستمِع الآنَ يجِد لهُ شِهاباً رصداً، و أنَّا لا ندرِي

    أشرُّ أُريدَ بمنْ في الأرضِ أمْ أرادَ بهِم ربهُم رشَدا } [ الجن : 8 -10 ]. و

    قال تعالى : { و مَا تْنزلت بِه الشياطينُ و ما ينبغِي لهُم و ما يستطيعونِ

    إنهمْ عنِ السمعِ لمعزولُون } [الشعراء :210 -212 ] . قال الحافظ أبو

    نعيم : حدثنا سليمان بن أحمد - و هو الطبراني - حدثنا عبد الله بن

    محمد بن سعيد بن أبي مريم حدثنا محمد بن يوسف الفريابي حدثنا

    إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس . قال :

    كان الجن يصعدون إلى السماء يستمعون الوحي فإذا حفظوا الكلمة

    زادوا فيها تسعاً فأما الكلمة فتكون حقا و أما ما زادوا فتكون باطلاً، فلما

    بعث النبي صلى الله عليه و سلم منعوا مقاعدهم فذكروا ذلك لإبليس و

    لم تكن النجوم يرمي بها قبل ذلك فقال لهم إبليس هذا لأمر قد حدث

    في الأرض فبعث جنوده فوجدوا رسول الله صلى الله عليه و سلم قائما

    يصلى بين جبلين فأتوه فأخبروه فقال هذا الأمر الذي قد حدث في

    الأرض . و قال أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن

    عباس . قال : انطلق رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه

    عامدين إلى سوق عكاظ و قد حيل بين الشياطين و بين خبر السماء و

    أرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا ما لكم ؟

    قالوا حيل بيننا و بين خبر السماء و أرسلت علينا الشهب فقالوا ما ذاك

    إلا من شئ حدث فاضربوا مشارق الأرض و مغاربها فمر النفر الذين

    أخذوا نحو تهامة و هو بنخل عامدين إلى سوق عكاظ و هو يصلى

    بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا هذا الذي

    حال بيننا و بين خبر السماء فرجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا { إِنَّا

    سمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً } [

    الجن :1 -2 ] فأوحي الله إلى نبيه صلى الله عليه و سلم : { قُلْ أُوحِيَ

    إلَّى أنّه استَمَعَ نَفَرُ من الجنِّ } الآية . أخرجاه في الصحيحين و قال أبو

    بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن

    سعيد بن جبير عن ابن عباس . قال : إنه لم تكن قبيلة من الجن إلا و

    لهم مقاعد للسمع فإذا نزل الوحي سمعت الملائكة صوتا كصوت

    الحديدة القيتها على الصفا قال فإذا سمعت الملائكة خروا سجداً فلم

    يرفعوا رؤوسهم حتى ينزل فإذا نزل قال بعضهم لبعض : ماذا قال ربكم ؟

    فإن كان مما يكون في السماء قالوا الحق و هو العلي الكبير، و إن كان

    مما يكون في الأرض من أمر الغيب أو موت أو شئ مما يكون في الأرض

    تكلموا به فقالوا يكون كذا و كذا فتسمعه الشياطين فينزلونه على

    أوليائهم فلما بعث النبي محمد صلى الله عليه و سلم دحروا بالنجوم

    فكان أول من علم بها ثقيف فكان ذو الغنم منهم ينطلق إلى غنمه فيذبح

    كل يوم شاة و ذا الإبل فينحر كل يوم بعيراً فأسرع الناس في أموالهم

    فقال بعضهم لبعض لا تفعلوا فإن كانت النجوم التي يهتدون بها و إلا فإنه

    لأمر حدث فنظروا فإذا النجوم التي يهتدي بها كما هي لم يزل منها

    شئ فكفوا و صرف الله الجن فسمعوا القرآن فلما حضروه قالوا : انصتوا و

    انطلقت الشياطين إلى إبليس فأخبروه. فقال : هذا حدثٌ حَدَثَ في

    الأرض فأتوني من كل أرض بتربة فأتوه بتربة تهامة فقال ههنا الحدث. و

    رواه البيهقي و الحاكم من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب.

    و قال الواقدي : حدثني أسامه بن زيد بن أسلم عن عمر بن عبدان

    العبسي عن كعب قال لم يرم بنجم منذ رفع عيسى حتى تنبأ رسول

    الله صلى الله عليه و سلم فرمي بها فرأت قريش أمراً لم تكن تراه

    فجعلوا يسيبون أنعامهم و يعتقون أرقاءهم يظنون أنه الفناء، فبلغ ذلك

    من فعلهم أهل الطائف ففعلت ثقيف مثل ذلك فبلغ عبد ياليل بن عمرو

    ما صنعت ثقيف . قال : و لم فعلتم ما أري ؟ قالوا رمي بالنجوم فرأيناها

    تهافت من السماء فقال إن إفادة المال بعد ذهابه شديد فلا تعجلوا و

    انظروا فإن تكن نجوما تعرف فهو عندنا من فناء الناس و إن كانت نجوما لا

    تعرف فهو لأمر قد حدث فنظروا فإذا هي لا تعرف فأخبروه فقال الأمر فيه

    مهلة بعد هذا عند ظهور نبي . فما مكثوا إلا يسيراً حتى قدم عليهم أبو

    سفيان بن حرب إلى أمواله فجاء عبد يا ليل فذاكره أمر النجوم فقال أبو

    سفيان : ظهر محمد بن عبد الله يدعي أنه نبي مرسل فقال عبد ياليل

    فعند ذلك رمي بها . و قال سعيد بن منصور عن خالد بن حصين عن

    عامر الشعبي . قال : كانت النجوم لا يرمي بها حتى بعث رسول الله

    صلى الله عليه و سلم فسيبوا أنعامهم و أعتقوا رقيقهم . فقال عبد

    ياليل : انظروا فإن كانت النجوم التي تعرف فهو عند فناء الناس و إن

    كانت لا تعرف فهو لأمر قد حدث فنظروا فإذا هي لا تعرف . قال :

    فأمسكوا فلم يلبثوا إلا يسيراً حتى جاءهم خروج النبي صلى الله عليه و

    سلم و روي البيهقي و الحاكم منطرق العوفي عن ابن عباس

    قال : لم تكن سماء الدنيا تحرس في الفترة بين عيسى و محمد

    صلوات الله عليهما و سلامه . فلعل مراد من نفي ذلك إنها لم تكن

    تحرس حراسة شديدة ويجب حمل ذلك على هذا لما ثبت في الحديث

    من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن علي بن الحسين عن

    ابن عباس رضي الله عنهما بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم

    جالس إذ رمي بنجم فاستنار فقال : « مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ إِذَا رُمِيَ بِهَذَا؟»

    قالوا : كنا نقول مات عظيم، و ولد عظيم فقال : « لاَ وَ لَكِنْ » .

    فذكر الحديث كما تقدم عند خلق السماء و ما فيها من الكواكب في أول

    بدء الخلق و للَّه الحمد .

    ========================


    وفي النهاية تقبلوا تحياتي

    والمعذره على طول الموضوع ..

    أخوكم / ابن عبدربه
    [align=center][align=center]


    ثلاث سنين تعقبها سنه (")ألم وهموم ومواجع تزيد
    zzahrani2121@hotmail.com
    0555876406
    [/align]
    [/align]
  • السيف
    عضو مشارك
    • Feb 2002
    • 291

    #2
    يابن عبدربه الموضوع شيق وطويل باخذ لي استراحه وارجع له...

    جزاك الله خير والله لا يحرمك الاجر انشاء الله .

    اخوك السيف
    بدون توقيع

    تعليق

    • صالح
      عضو مميز
      • Oct 2001
      • 2032

      #3
      حفظته وسوف اقرأه بمشية الله ....جزاك الله خير ووفقك

      تعليق

      • أبو صالح
        عضو مميز
        • Oct 2001
        • 1199

        #4
        موضوع جدير بالقراءة .... جزاءك الله الف خير .
        يمكن أخي عبدالله مثل هذه المواضيع تلخيصها أو الاختصار منها لآن الناس في عالم السرعة اليوم .
        لك تحياتي وتقديري !

        تعليق

        Working...