قال الهواء :
الحمد لله الذي رفع فلك الهواء على عنصر التراب و الماء أما بعد
فأنا الهواء الذي أولف بين السحاب و أنقل نسيم الأحباب و أهب تارة
بالرحمة و أخرى بالعذاب و أنا الذي سير بي الفلك في البحر كما تسير
العيس في البيطاح و طار بي في الجو كل ذي جناح و أنا الذي يضطرب
مني الماء اضطراب الأنابيب في القنا إذا صفوت صفا العالم و كان له
نضرة و زهوا و إذا تكدرت انكدرت النجوم و تكدر الجو لا أتلون مثل الماء
المتلون بلون الإناء لولاي ما عاش كل ذي نفس و لولاي ما طاب الجو
من بخار الأرض الخارج منها بعد ما احتبس و لولاي ما تكلم آدمي و لا
صوت حيوان و لا غرد طائر على غصن بان و لولاي ما سمع كتاب و لا
حديث و لا عرف طيب المسموع و المشموم من الخبيث فكيف
يفاخرني الماء الذي إذا طال مكثه ظهر خبثه و علت فوقه الجيف و
انحطت عنده اللآلئ في الصدف .
فقال الماء :
الحمد لله الذي خلق كل حي أما بعد
فأنا أول مخلوق و لا فخر و أنا لذة الدنيا و الآخرة و يوم الحشر و أنا
الجوهر الشفاف المشبه بالسيف إذا سل من الغلاف و قد خلق الله
في جميع الجواهر حتى اللآلئ و الأصداف أحيي الأرض بعد مماتها و
أخرج منها للعالم جميع أقواتها و أكسو عرائس الرياض أنواع الحلل و
أنثر عليها لآلئ الوبل و الطلل حتى يضرب بها في الحسن المثل كما
قيل إن السماء إذا لم تبك مقلتها = لم تضحك الأرض عن شيء من
الزهر فكيف ينكر فضلي من دب أو درج و أنا البحر الذي قيل عنه في
الأمثال حدث عن البحر و لا حرج و أما أنت أيها الهواء فطالما أهلكت
أمما بسمومك و زمهريرك و لا تقوم جنتك بسعيرك .
قال الماء :
و أما قولك لولاي ما عاش إنسان و لا بقي على الأرض حيوان فجوابه لو
شاء الله تعالى لعاش العالم بلا هواء كما عاش عالم الماء في الماء و
أنشدك الله أما رأيت ما حباني الله به من عظيم المنة حيث جعلني نهرا
من أنهار الجنة أنا أرفع الأحداث و أطهر الأخباث و أجلو النظر و أزيل الوضر
أما رأيت الناس إذا غبت عنهم يتضرعون إلى الله بالصوم و الصلاة و
الصدقة و الدعاء و يسألونه تعالى إرسالي من قبل السماء و اعلم أنني
ما نلت هذا المقام الذي ارتفعت به على أبناء جنسي إلا بانحطاطي
الذي عيرتني به و تواضعي و هضم نفسي .
ثم كثر بينهما النزاع و الجدال حتى حكم بينهما أمير و قال :-
إن كلا منكما محق فيما يدعيه فما أشبهكما في السماء بالفرقدين
و في الأرض بالعينين إلا أن مرآة الحق أرتني فضيلة تفضل بها أيها
الماء أخاك الهواء و حققت لي بأنكما لستما في الفضل سواء و هي
أن الله تعالى خلق آدم من الماء فاعترف لأخيك بالفضل و الذكاء .
الحمد لله الذي رفع فلك الهواء على عنصر التراب و الماء أما بعد
فأنا الهواء الذي أولف بين السحاب و أنقل نسيم الأحباب و أهب تارة
بالرحمة و أخرى بالعذاب و أنا الذي سير بي الفلك في البحر كما تسير
العيس في البيطاح و طار بي في الجو كل ذي جناح و أنا الذي يضطرب
مني الماء اضطراب الأنابيب في القنا إذا صفوت صفا العالم و كان له
نضرة و زهوا و إذا تكدرت انكدرت النجوم و تكدر الجو لا أتلون مثل الماء
المتلون بلون الإناء لولاي ما عاش كل ذي نفس و لولاي ما طاب الجو
من بخار الأرض الخارج منها بعد ما احتبس و لولاي ما تكلم آدمي و لا
صوت حيوان و لا غرد طائر على غصن بان و لولاي ما سمع كتاب و لا
حديث و لا عرف طيب المسموع و المشموم من الخبيث فكيف
يفاخرني الماء الذي إذا طال مكثه ظهر خبثه و علت فوقه الجيف و
انحطت عنده اللآلئ في الصدف .
فقال الماء :
الحمد لله الذي خلق كل حي أما بعد
فأنا أول مخلوق و لا فخر و أنا لذة الدنيا و الآخرة و يوم الحشر و أنا
الجوهر الشفاف المشبه بالسيف إذا سل من الغلاف و قد خلق الله
في جميع الجواهر حتى اللآلئ و الأصداف أحيي الأرض بعد مماتها و
أخرج منها للعالم جميع أقواتها و أكسو عرائس الرياض أنواع الحلل و
أنثر عليها لآلئ الوبل و الطلل حتى يضرب بها في الحسن المثل كما
قيل إن السماء إذا لم تبك مقلتها = لم تضحك الأرض عن شيء من
الزهر فكيف ينكر فضلي من دب أو درج و أنا البحر الذي قيل عنه في
الأمثال حدث عن البحر و لا حرج و أما أنت أيها الهواء فطالما أهلكت
أمما بسمومك و زمهريرك و لا تقوم جنتك بسعيرك .
قال الماء :
و أما قولك لولاي ما عاش إنسان و لا بقي على الأرض حيوان فجوابه لو
شاء الله تعالى لعاش العالم بلا هواء كما عاش عالم الماء في الماء و
أنشدك الله أما رأيت ما حباني الله به من عظيم المنة حيث جعلني نهرا
من أنهار الجنة أنا أرفع الأحداث و أطهر الأخباث و أجلو النظر و أزيل الوضر
أما رأيت الناس إذا غبت عنهم يتضرعون إلى الله بالصوم و الصلاة و
الصدقة و الدعاء و يسألونه تعالى إرسالي من قبل السماء و اعلم أنني
ما نلت هذا المقام الذي ارتفعت به على أبناء جنسي إلا بانحطاطي
الذي عيرتني به و تواضعي و هضم نفسي .
ثم كثر بينهما النزاع و الجدال حتى حكم بينهما أمير و قال :-
إن كلا منكما محق فيما يدعيه فما أشبهكما في السماء بالفرقدين
و في الأرض بالعينين إلا أن مرآة الحق أرتني فضيلة تفضل بها أيها
الماء أخاك الهواء و حققت لي بأنكما لستما في الفضل سواء و هي
أن الله تعالى خلق آدم من الماء فاعترف لأخيك بالفضل و الذكاء .
تعليق