.
*****
13 شهر ربيع الثاني 1432هـ
لماذا أنت يا وطني كبير؟
د. سعيد بن عطية أبوعالي
أتيحت لي الفرصة أن أزور أوطاناً كثيرة , بعضها من أجل الدراسة وأخرى من أجل العمل وكثيرة من أجل الفسحة والراحة , ولكني لم أجد مثلك يا وطني!
استمتعت بأجواء مختلفة بعضها بارد وبعضها معتدل.. وحتى اني زرت بلادا يتزامن فيها الربيع مع قيظ الصيف فيك يا وطني.. فلم أجد مثل حلاوة شتائك, ولا نظير لربيعك ولا مماثل لصيفك ولا مقابل لخريفك.. فما السر فيك يا وطني!
شتاؤك بشير خير، وربيعك انشراح الصدور، وصيفك بسمة على الشفاه.. أما خريفك فهو أمل حياة.. فما أعظمك يا وطني!
كنت يوما – ومعي جميع أفراد أسرتي – أزور بلدا اجنبيا صيفه معتدل.. وشواطئه جميلة.. وبحاره تمخرها المراكب والسفن الصغيرة والكبيرة ولكني وجدت نفسي فيه غريبا فلا اقارب ولا عزوة ولا مسجد ولا أذان وفجأة ازدحم الشارع لأن اثنين يتشاجران وكل يركل الآخر امام الناس ولا نصير ولا حكيم يفض الخلاف فوجدت نفسي أقولها مدوية وأنا في سيارة بين افراد أسرتي: (والله ما مثلك في هالدنيا بلد).. دُهشوا جميعا وبادولني النظرات فسألتهم هل هكذا يجري في بلدنا؟ فما أروعك يا وطني!
***
زرت مصانع عملاقة .. وجُلت في مزارع ممتدة .. وترددت على جامعات شهيرة.. ولكنني وجدت الصناعة والزراعة في بلدي تحفل بالإنسان تدريباً وتوظيفاً وتمد يدها إلى المجتمع بالبر من خلال الزكاة .. والجامعات في وطني تكرس البحث لتعزيز العلوم.. وتؤصل للمعارف بناءً على ما خلفه الأسلاف واستلهاماً لضرورات الحاضر واستشرافاً للمستقبل من أجل سعادة الإنسان.. أما ما يضر الناس فإن جامعاتنا تنهى وتنأى عنه لأن العلم مرتبط بالأخلاق .. هكذا أنت يا وطني عملاق في فكرك.. نبيل في بحثك حفيٌ بالعلم الذي يطور حياة الإنسان.. فما أعظمك يا وطني .
***
سألت وطني في لحظة تأمل: "أخبرني يا وطني ما سر عظمتك التي تتجلى وتبرز واضحة في كل منعطفات التاريخ؟! "نظر إليّ الوطن نظرة رهيبة ومهيبة ثم قال:
(أنت يا بُنيّ هل تذكر يوم افتخر الرومان بقوتهم والفرس بعمرانهم واليونان بشعرهم وفلسفتهم ماذا دار على أرضي؟ لقد أينعت اللغة وهي أساس الفكر والحضارة على أرضي! لقد أخرجت للناس سوق عكاظ يتبارى فيه الفكر باللغة ويبرز العقل بما يوفره للناس من وسائل الحياة !! لقد كان عكاظ حلبة شعر يمجد الكرم والشجاعة ويقوي القربى . بل إن عكاظ كان ملاذاً لأحكام المتخاصمين والمتشاجرين – أفراداً وجماعات – إلى الحكماء من أبنائي فيصدرون إلى بلادهم راضين ومتحابين . لقد كان عكاظ يا بنيّ مكانا تفوق فيه العقل العربي على كل فلسفة وتساءل العربي قس بن ساعدة فقال: يا أيها الناس اجتمعوا واسمعوا وعوا ، من عاش مات ، ومن مات فات ، وكل ما هو آت آت . إن في السماء لخبراً وان في الأرض لعبراً , مهاد موضوع وسقف مرفوع ونجوم تمور وبحور لا تغور ... إن لله دينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه . مالي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون؟ أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا هناك فناموا؟!
هكذا يا بني في الأوطان الأخرى الناس عبدوا الناس والحيوان والشجر وهاموا في أوهام .
أما على أرضي فإن العقل لم يهدأ ولم يستسلم لأوهام لا أساس لها فكان دائم التساؤل .
***
ولكن سر الأسرار وموعد الخير والأخيار جاء من الله سبحانه خالق الأحياء والجماد هذا السر وذلك الخير على لسان النبي مجمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم جاء بالإسلام هدى للعالمين في الدنيا والآخرة .. وتفوق الإنسان العربي عندما آمن بالرسالة والرسول وحمل لواء الدعوة إلى الإسلام دين الحق والخير والسعادة في الدنيا والآخرة .
هكذا أصبحت مكة المكرمة قبلة المسلمين ينجه إليها أكثر من مليار مسلم كل يوم خمس مرات .. إلى مكة مهبط الوحي ومنها انطلقت الدعوة .. وشرف الله المدينة المنورة فرحبت بالرسول وفتحت بيوتها وبساتينها لاستقبال المهاجرين من المسلمين .. وإلى المدينة جاء الوحي من السماء . وفي المدينة المنورة قبر الرسول والمسلمين يحجون إلى مكة المكرمة .
***
وسر آخر يا بني لا يقل أهمية من أسرار نجاحي وفلاحي .. ذلك السر هو الإنسان ! الإنسان الذي كان يعيش على أرضي . ألم تر يا بني كيف حمل أجدادك سمو الرسالة التي شرفني الله بنزولها على مهادي وجبالي وقراي ومدني .. حملوا سمو الرسالة وبشائرها ونشروها بين الناس ! ألم تر الإنسان الناصح الداعية الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله مرة أخرى يدعو إلى تأسيس دولة الإسلام . ألم تر الحاكم المصلح محمد بن سعود بن عبدالعزيز رحمه الله يبذل الغالي والرخيص نصيراً للدعوة وحامياً للشيخ الجليل .
ألا تعيش يا بني في ضل حكم آل سعود الذين يخدمون الحرمين الشريفين ويكافحون لتحقيق الأمن والعدل لبني قومهم والمقيمين معهم على ثراي!!
ألم ترهم وتعيش معهم؟؟!!
أجبت بكل فخر : نعم يا وطني .. أنني أعيش على ثراك في ضل نظام جعل القرآن الكريم والسنة المطهرة نبراساً للحياة ودستوراً للتعامل بين الحاكم والمحكوم .. أني أعيش في وطن تتشامخ فيه منارات المساجد وتقوم الجامعات وتنتشر المدارس والمعاهد . إني يا وطني أعيش على ثراك معتزاً بك وأنت تنصر المظلوم وتصون الجار وتعين المحتاج . أعيش تحت قيادة تاريخية تصونك وتصون حماك .. أعيش في وحدة تجمع بين الدين والعلم . وجدة تحترم العمل وتصون حقوق الإنسان . وحدة تعتز بالماضي وثوابته السامية وتعمر الحاضر بالجد والعمل وتستشرف المستقبل بالعلم وإعداد العلماء من أجل الإنسان في كل أنحاء الدنيا وعلى أرضك الطاهرة .
***
هذا أنا مواطن على أرضك يا وطني .. أعيش بقيادة ملك صالح يترسم تعاليم الإسلام ويتبع ما قام به أخواته من قبله على أرضك .. وما أرساه لي ولغيري من المواطنين والوافدين والدهم القائد الفذ رجل التاريخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله . أعيش تحت قيادة الملك العظيم والحاكم الصالح خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الكريم الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظهم الله وأيدهم بتأييده .
***
نعم أنت يا وطني عظيم بتاريخك! وأنت كبير بشعبك وبقيادتك.. فهل لك من نصائح توصيني بها؟
قال لي وطني الكبير: عليكم بتقوى الله وعليكم بالتعاون فيما بينكم وعليكم باحترام أبناء الشعوب الأخرى فأنتم أبناء الإسلام الذي جاء هدى ورحمة لكم ولجميع العالمين.
عليكم بطاعة ولي أمركم وقائدكم.. عليكم باحترام العلماء والالتفاف حولهم.
عليكم بالجد والكفاح والعمل بإخلاص حفظا لدينكم وولاء لقيادتكم وبناءً لوطنكم ، عليكم بتربية أبنائكم وبناتكم وإعدادهم لحياة أفضل .
عليكم بالبر والتقوى.. عليكم بمحاسن الأخلاق .. احترموا أنفسكم يحترمكم الناس .. صونوا وطنكم وكونوا قدوة لغيركم .
وهنا قلت : هذا أنت يا وطني دائماً كبير وعلى مر الأزمان عظيم ...
*****
*****
13 شهر ربيع الثاني 1432هـ
لماذا أنت يا وطني كبير؟
د. سعيد بن عطية أبوعالي
أتيحت لي الفرصة أن أزور أوطاناً كثيرة , بعضها من أجل الدراسة وأخرى من أجل العمل وكثيرة من أجل الفسحة والراحة , ولكني لم أجد مثلك يا وطني!
استمتعت بأجواء مختلفة بعضها بارد وبعضها معتدل.. وحتى اني زرت بلادا يتزامن فيها الربيع مع قيظ الصيف فيك يا وطني.. فلم أجد مثل حلاوة شتائك, ولا نظير لربيعك ولا مماثل لصيفك ولا مقابل لخريفك.. فما السر فيك يا وطني!
شتاؤك بشير خير، وربيعك انشراح الصدور، وصيفك بسمة على الشفاه.. أما خريفك فهو أمل حياة.. فما أعظمك يا وطني!
كنت يوما – ومعي جميع أفراد أسرتي – أزور بلدا اجنبيا صيفه معتدل.. وشواطئه جميلة.. وبحاره تمخرها المراكب والسفن الصغيرة والكبيرة ولكني وجدت نفسي فيه غريبا فلا اقارب ولا عزوة ولا مسجد ولا أذان وفجأة ازدحم الشارع لأن اثنين يتشاجران وكل يركل الآخر امام الناس ولا نصير ولا حكيم يفض الخلاف فوجدت نفسي أقولها مدوية وأنا في سيارة بين افراد أسرتي: (والله ما مثلك في هالدنيا بلد).. دُهشوا جميعا وبادولني النظرات فسألتهم هل هكذا يجري في بلدنا؟ فما أروعك يا وطني!
***
زرت مصانع عملاقة .. وجُلت في مزارع ممتدة .. وترددت على جامعات شهيرة.. ولكنني وجدت الصناعة والزراعة في بلدي تحفل بالإنسان تدريباً وتوظيفاً وتمد يدها إلى المجتمع بالبر من خلال الزكاة .. والجامعات في وطني تكرس البحث لتعزيز العلوم.. وتؤصل للمعارف بناءً على ما خلفه الأسلاف واستلهاماً لضرورات الحاضر واستشرافاً للمستقبل من أجل سعادة الإنسان.. أما ما يضر الناس فإن جامعاتنا تنهى وتنأى عنه لأن العلم مرتبط بالأخلاق .. هكذا أنت يا وطني عملاق في فكرك.. نبيل في بحثك حفيٌ بالعلم الذي يطور حياة الإنسان.. فما أعظمك يا وطني .
***
سألت وطني في لحظة تأمل: "أخبرني يا وطني ما سر عظمتك التي تتجلى وتبرز واضحة في كل منعطفات التاريخ؟! "نظر إليّ الوطن نظرة رهيبة ومهيبة ثم قال:
(أنت يا بُنيّ هل تذكر يوم افتخر الرومان بقوتهم والفرس بعمرانهم واليونان بشعرهم وفلسفتهم ماذا دار على أرضي؟ لقد أينعت اللغة وهي أساس الفكر والحضارة على أرضي! لقد أخرجت للناس سوق عكاظ يتبارى فيه الفكر باللغة ويبرز العقل بما يوفره للناس من وسائل الحياة !! لقد كان عكاظ حلبة شعر يمجد الكرم والشجاعة ويقوي القربى . بل إن عكاظ كان ملاذاً لأحكام المتخاصمين والمتشاجرين – أفراداً وجماعات – إلى الحكماء من أبنائي فيصدرون إلى بلادهم راضين ومتحابين . لقد كان عكاظ يا بنيّ مكانا تفوق فيه العقل العربي على كل فلسفة وتساءل العربي قس بن ساعدة فقال: يا أيها الناس اجتمعوا واسمعوا وعوا ، من عاش مات ، ومن مات فات ، وكل ما هو آت آت . إن في السماء لخبراً وان في الأرض لعبراً , مهاد موضوع وسقف مرفوع ونجوم تمور وبحور لا تغور ... إن لله دينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه . مالي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون؟ أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا هناك فناموا؟!
هكذا يا بني في الأوطان الأخرى الناس عبدوا الناس والحيوان والشجر وهاموا في أوهام .
أما على أرضي فإن العقل لم يهدأ ولم يستسلم لأوهام لا أساس لها فكان دائم التساؤل .
***
ولكن سر الأسرار وموعد الخير والأخيار جاء من الله سبحانه خالق الأحياء والجماد هذا السر وذلك الخير على لسان النبي مجمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم جاء بالإسلام هدى للعالمين في الدنيا والآخرة .. وتفوق الإنسان العربي عندما آمن بالرسالة والرسول وحمل لواء الدعوة إلى الإسلام دين الحق والخير والسعادة في الدنيا والآخرة .
هكذا أصبحت مكة المكرمة قبلة المسلمين ينجه إليها أكثر من مليار مسلم كل يوم خمس مرات .. إلى مكة مهبط الوحي ومنها انطلقت الدعوة .. وشرف الله المدينة المنورة فرحبت بالرسول وفتحت بيوتها وبساتينها لاستقبال المهاجرين من المسلمين .. وإلى المدينة جاء الوحي من السماء . وفي المدينة المنورة قبر الرسول والمسلمين يحجون إلى مكة المكرمة .
***
وسر آخر يا بني لا يقل أهمية من أسرار نجاحي وفلاحي .. ذلك السر هو الإنسان ! الإنسان الذي كان يعيش على أرضي . ألم تر يا بني كيف حمل أجدادك سمو الرسالة التي شرفني الله بنزولها على مهادي وجبالي وقراي ومدني .. حملوا سمو الرسالة وبشائرها ونشروها بين الناس ! ألم تر الإنسان الناصح الداعية الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله مرة أخرى يدعو إلى تأسيس دولة الإسلام . ألم تر الحاكم المصلح محمد بن سعود بن عبدالعزيز رحمه الله يبذل الغالي والرخيص نصيراً للدعوة وحامياً للشيخ الجليل .
ألا تعيش يا بني في ضل حكم آل سعود الذين يخدمون الحرمين الشريفين ويكافحون لتحقيق الأمن والعدل لبني قومهم والمقيمين معهم على ثراي!!
ألم ترهم وتعيش معهم؟؟!!
أجبت بكل فخر : نعم يا وطني .. أنني أعيش على ثراك في ضل نظام جعل القرآن الكريم والسنة المطهرة نبراساً للحياة ودستوراً للتعامل بين الحاكم والمحكوم .. أني أعيش في وطن تتشامخ فيه منارات المساجد وتقوم الجامعات وتنتشر المدارس والمعاهد . إني يا وطني أعيش على ثراك معتزاً بك وأنت تنصر المظلوم وتصون الجار وتعين المحتاج . أعيش تحت قيادة تاريخية تصونك وتصون حماك .. أعيش في وحدة تجمع بين الدين والعلم . وجدة تحترم العمل وتصون حقوق الإنسان . وحدة تعتز بالماضي وثوابته السامية وتعمر الحاضر بالجد والعمل وتستشرف المستقبل بالعلم وإعداد العلماء من أجل الإنسان في كل أنحاء الدنيا وعلى أرضك الطاهرة .
***
هذا أنا مواطن على أرضك يا وطني .. أعيش بقيادة ملك صالح يترسم تعاليم الإسلام ويتبع ما قام به أخواته من قبله على أرضك .. وما أرساه لي ولغيري من المواطنين والوافدين والدهم القائد الفذ رجل التاريخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله . أعيش تحت قيادة الملك العظيم والحاكم الصالح خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الكريم الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظهم الله وأيدهم بتأييده .
***
نعم أنت يا وطني عظيم بتاريخك! وأنت كبير بشعبك وبقيادتك.. فهل لك من نصائح توصيني بها؟
قال لي وطني الكبير: عليكم بتقوى الله وعليكم بالتعاون فيما بينكم وعليكم باحترام أبناء الشعوب الأخرى فأنتم أبناء الإسلام الذي جاء هدى ورحمة لكم ولجميع العالمين.
عليكم بطاعة ولي أمركم وقائدكم.. عليكم باحترام العلماء والالتفاف حولهم.
عليكم بالجد والكفاح والعمل بإخلاص حفظا لدينكم وولاء لقيادتكم وبناءً لوطنكم ، عليكم بتربية أبنائكم وبناتكم وإعدادهم لحياة أفضل .
عليكم بالبر والتقوى.. عليكم بمحاسن الأخلاق .. احترموا أنفسكم يحترمكم الناس .. صونوا وطنكم وكونوا قدوة لغيركم .
وهنا قلت : هذا أنت يا وطني دائماً كبير وعلى مر الأزمان عظيم ...
*****
تعليق