الشاعر السعودي حسن الزهراني: النقد في السعودية متأخر كثيرا عن الإبداع الشعري
قال إن الشعر السعودي ينطلق إلى عصره الذهبي
الشاعر السعودي حسن الزهراني
اغلفة بعض دواوينه
فتح الرحمن يوسف
أصدر الشاعر السعودي حسن الزهراني، حتى الآن، ثمانية دواوين شعرية، ولديه ثلاث مجموعات شعرية أخرى معدة للطبع، وهو يعتقد أن الشعر السعودي ينطلق إلى عصره الذهبي، مشيرا في حوار لـ«الشرق الأوسط» في الرياض إلى وجود حركة شعرية لافتة أشاد بها النقاد العرب وصنفوها في طليعة الحركة الشعرية العربية في هذه المرحلة. وعبر الزهراني في هذا الحوار عن اعتقاده أن النقد لم يقم بدوره المنوط به، في إشارة منه إلى عدم مواكبة النقد للحركة الإبداعية في السعودية، مما جعل الإنتاج الإبداعي يزخر بأدعياء أساءوا للكتابة. وهنا نص الحوار:
* كيف ترى واقع نقد الشعر في الساحة الأدبية السعودية؟
- بكل أسف لا توجد حركة نقدية حقيقية للشعر، وكما لا يوجد نقاد متمكنون في مجال نقد الإبداع الشعري إلا النزر القليل الذي لا يكاد يذكر، فالنقد الشعري يحتاج إلى موهبة وذائقة رفيعة لا تقل عن موهبة الشاعر وذائقته. وأنا أرى أن النقاد لدينا ثلاثة أقسام: قسم منشغل بالتنظير والتقليد الذي لا يضيف شيئا، أو مهتم بكيل المدائح لمن يستحق ومن لا يستحق إما محاباة وإما خوفا من ألسنة الشعراء، أو قسم متخصص في انتقاص كل ما يقع بين يديه من إبداع لا لشيء إلا ليظهر أنه ناقد.
ولأن النقد لم يقم بدوره المنوط به، فقد طفح على السطح أدعياء أساءوا للكتابة. النقد للأسف متأخر كثيرا عن الإبداع الشعري، كما أسلفت، لأن معظم النقاد لا يملكون أدوات النقد التي تؤهلهم لممارسة النقد بحرفية متقنة.
* كيف تقرأ واقع الشعر في السعودية، وموقعه على خارطة الشعر العربي عموما؟
- الشعر السعودي جزء من الإبداع الذي قلت إنه ينطلق إلى عصره الذهبي، فلدينا حركة شعرية لافتة، أشاد بها النقاد العرب، بل صنفوها في مقدمة قافلة الشعر العربي في هذه المرحلة.
* من خلال مسيرتك الشعرية، صدرت لك دواوين («أنت الحب»، و«صدى الأشجان»، و«فيض المشاعر»، و«ريشة من جناح الذل»، و«قبلة في جبين الوطن»).. كيف تنظر لهذه المسيرة؟
- أصدرت ثمانية دواوين شعرية، ولدي ثلاث مجموعات معدة للطبع. أما «أنت الحب» فهو بداية سطرت فيه محاولات المرحلة الثانوية. وكان «صدى الأشجان» بداية الانطلاقة الحقيقية، لتكتمل في ديوان «فيض المشاعر» الذي مكنني من الفوز بجائزة «أبها» الأدبية عام 1992، وخصصت ديوان «ريشة من جناح الذل» لأمي. وتكفيني شهادة الدكتور حسن الهويمل، الذي قال عنه: «إنه ديوان فريد في الشعر العربي». والنسبة لديوان «قبلة في جبين الوطن»، فقد تم اختيار إحدى قصائده لتدريسها في مقرر الصف الثالث متوسط بنين وبنات.
وفي ديوان «تماثل» تحول مساري الشعري للمزاوجة بين العمودي والتفعيلة، واختيرت قصيدة «دانة الأحلام» من ديوان «قطاف الشغاف» ضمن أجمل مائة قصيدة في الشعر العربي الإسلامي المعاصر.
وحزت هذا العام على جائزة «باشراحيل للإبداع الشعري» في دورتها الرابعة.
* هل ترى أن هناك فرقا بين تجربتك في كتابة القصيدة «الخليلية» العمودية في بواكير مسيرتك الشعرية، وقصيدة «التفعيلة» التي تكتبها في الفترة الأخيرة؟
- دائما ما تكون البدايات أقل جودة، ولا أخفيك، فقد تعرضت للكثير من الهجوم المبرر وغير المبرر، ولكنني تقبلته وأخذت منه ما يفيد، وتركت الزبد يذهب جفاء، أما شعر التفعيلة الحالي، فأعتقد أنني وصلت فيه إلى حد يرضيني ويحفزني إلى ما هو أجمل وأرقى.
* وهذا ما دفعك للمزج بين الشكلين الشعريين في دواوينك الأخيرة؟
ـ الشاعر المبدع لا تهمه القوالب.. حيث تنساب القصيدة السلسة العذبة بأي شكل. ومن وجهة نظري، أعتقد أن قصيدة «التفعيلة» أقرب إلى الهم الذاتي، والقصيدة العمودية أقرب إلى الهم الجمعي.
* حدثنا عن نص «مساء الموت».
- كل المواقف الإنسانية التي تمر بالشاعر تهز وجدانه وتزلزل شعوره، وكثيرا ما تجد هذا في شعري، وقد اعتبره معظم النقاد الذين قرأوا شعري علامة فارقة فيه. وفي قصيدة «مساء الموت» خرجت من ذاتي إلى ذات ذلك الطفل التائه الذي مات وحيدا بين الجبال في غفلة من ذويه. ومثل «مساء الموت» هناك قصيدة «أبتاه كيف قتلت أمي»، وقصيدة «لجين» وغيرهما.
* اختيرت قصيدتكم «قبلة في جبين الوطن» لتدريسها في منهج الصف الثالث المتوسط.. فهل تتجه لإنتاج المزيد من الشعر التربوي؟
- عندما يكتب الشاعر قصيدة لا يهمه ماذا تكون فيما بعد؟ فأنا عندما كتبت قصيدة «قبلة في جبين الوطن» لم أتخيل في يوم من الأيام أنها ستقرر في المنهج المدرسي، وكان هذا بالنسبة لي حلما بعيدا ليس من السهل تحقيقه، فلجان الاختيار لا تنظر إلى الشاعر، بل تنظر إلى النص.
ولا أعتقد أن كثرة الكتابة في الشعر التربوي تولد قصيدة تصلح لتدريسها في المقررات، فأنا ضد الكتابة المقيدة، فالشعر إن لم ينبع من الذات دون إملاءات جاء باهتا.
* ما علاقتك بالمسرح، وخاصة بعد تحويل عدد من النصوص الشعرية التي كتبتها مثل «أطلال الآمال» إلى نصوص مسرحية؟
- لم يدر بخلدي وأنا أكتب قصيدة «أطلال الآمال» التي تحكي قصة طالب يحمل ملفه بحثا عن وظيفة، أنها ستكون نصا مسرحيا في اليوم ذاته. وقبلها كذلك قصيدة «الأديب الغريب» التي تحكي مأساة الأديب والمثقف في مجتمعنا العربي، فأنا أكتب ما يجيش في نفسي أو أجده من هموم المجتمع أو الأمة، وعلى المتلقي، مسرحيا أو تربويا أو خطيبا أن يختار ما يروق له.
* قلت في فترة سابقة إنك تنوي إصدار مجموعة قصصية.. هل نتوقع اتجاه بوصلتك الشعرية إلى المجال السردي؟
- مجموعتي القصصية كتبتها منذ أكثر من 15 عاما، وعزمت على طباعتها ونشرت بعض قصصها في الملاحق الأدبية، ثم ضاعت حينا من الدهر ووجدتها قريبا. والحقيقة أنني سأحتفظ بها لنفسي ككثير من قصائدي ولن أطبعها، ولو أن لدي من الوقت ما يكفي لكتبت رواية تجول في البال منذ زمن بعيد، وقبل أن ندخل في عصر الراوية الهائج المائج، لأنني أؤمن أن الإبداع ليس له قالب محدد يلتزم به المبدع.
جريدة الشرق الأ وسط
الاحد 14\8\1431هـ
قال إن الشعر السعودي ينطلق إلى عصره الذهبي
الشاعر السعودي حسن الزهراني
اغلفة بعض دواوينه
فتح الرحمن يوسف
أصدر الشاعر السعودي حسن الزهراني، حتى الآن، ثمانية دواوين شعرية، ولديه ثلاث مجموعات شعرية أخرى معدة للطبع، وهو يعتقد أن الشعر السعودي ينطلق إلى عصره الذهبي، مشيرا في حوار لـ«الشرق الأوسط» في الرياض إلى وجود حركة شعرية لافتة أشاد بها النقاد العرب وصنفوها في طليعة الحركة الشعرية العربية في هذه المرحلة. وعبر الزهراني في هذا الحوار عن اعتقاده أن النقد لم يقم بدوره المنوط به، في إشارة منه إلى عدم مواكبة النقد للحركة الإبداعية في السعودية، مما جعل الإنتاج الإبداعي يزخر بأدعياء أساءوا للكتابة. وهنا نص الحوار:
* كيف ترى واقع نقد الشعر في الساحة الأدبية السعودية؟
- بكل أسف لا توجد حركة نقدية حقيقية للشعر، وكما لا يوجد نقاد متمكنون في مجال نقد الإبداع الشعري إلا النزر القليل الذي لا يكاد يذكر، فالنقد الشعري يحتاج إلى موهبة وذائقة رفيعة لا تقل عن موهبة الشاعر وذائقته. وأنا أرى أن النقاد لدينا ثلاثة أقسام: قسم منشغل بالتنظير والتقليد الذي لا يضيف شيئا، أو مهتم بكيل المدائح لمن يستحق ومن لا يستحق إما محاباة وإما خوفا من ألسنة الشعراء، أو قسم متخصص في انتقاص كل ما يقع بين يديه من إبداع لا لشيء إلا ليظهر أنه ناقد.
ولأن النقد لم يقم بدوره المنوط به، فقد طفح على السطح أدعياء أساءوا للكتابة. النقد للأسف متأخر كثيرا عن الإبداع الشعري، كما أسلفت، لأن معظم النقاد لا يملكون أدوات النقد التي تؤهلهم لممارسة النقد بحرفية متقنة.
* كيف تقرأ واقع الشعر في السعودية، وموقعه على خارطة الشعر العربي عموما؟
- الشعر السعودي جزء من الإبداع الذي قلت إنه ينطلق إلى عصره الذهبي، فلدينا حركة شعرية لافتة، أشاد بها النقاد العرب، بل صنفوها في مقدمة قافلة الشعر العربي في هذه المرحلة.
* من خلال مسيرتك الشعرية، صدرت لك دواوين («أنت الحب»، و«صدى الأشجان»، و«فيض المشاعر»، و«ريشة من جناح الذل»، و«قبلة في جبين الوطن»).. كيف تنظر لهذه المسيرة؟
- أصدرت ثمانية دواوين شعرية، ولدي ثلاث مجموعات معدة للطبع. أما «أنت الحب» فهو بداية سطرت فيه محاولات المرحلة الثانوية. وكان «صدى الأشجان» بداية الانطلاقة الحقيقية، لتكتمل في ديوان «فيض المشاعر» الذي مكنني من الفوز بجائزة «أبها» الأدبية عام 1992، وخصصت ديوان «ريشة من جناح الذل» لأمي. وتكفيني شهادة الدكتور حسن الهويمل، الذي قال عنه: «إنه ديوان فريد في الشعر العربي». والنسبة لديوان «قبلة في جبين الوطن»، فقد تم اختيار إحدى قصائده لتدريسها في مقرر الصف الثالث متوسط بنين وبنات.
وفي ديوان «تماثل» تحول مساري الشعري للمزاوجة بين العمودي والتفعيلة، واختيرت قصيدة «دانة الأحلام» من ديوان «قطاف الشغاف» ضمن أجمل مائة قصيدة في الشعر العربي الإسلامي المعاصر.
وحزت هذا العام على جائزة «باشراحيل للإبداع الشعري» في دورتها الرابعة.
* هل ترى أن هناك فرقا بين تجربتك في كتابة القصيدة «الخليلية» العمودية في بواكير مسيرتك الشعرية، وقصيدة «التفعيلة» التي تكتبها في الفترة الأخيرة؟
- دائما ما تكون البدايات أقل جودة، ولا أخفيك، فقد تعرضت للكثير من الهجوم المبرر وغير المبرر، ولكنني تقبلته وأخذت منه ما يفيد، وتركت الزبد يذهب جفاء، أما شعر التفعيلة الحالي، فأعتقد أنني وصلت فيه إلى حد يرضيني ويحفزني إلى ما هو أجمل وأرقى.
* وهذا ما دفعك للمزج بين الشكلين الشعريين في دواوينك الأخيرة؟
ـ الشاعر المبدع لا تهمه القوالب.. حيث تنساب القصيدة السلسة العذبة بأي شكل. ومن وجهة نظري، أعتقد أن قصيدة «التفعيلة» أقرب إلى الهم الذاتي، والقصيدة العمودية أقرب إلى الهم الجمعي.
* حدثنا عن نص «مساء الموت».
- كل المواقف الإنسانية التي تمر بالشاعر تهز وجدانه وتزلزل شعوره، وكثيرا ما تجد هذا في شعري، وقد اعتبره معظم النقاد الذين قرأوا شعري علامة فارقة فيه. وفي قصيدة «مساء الموت» خرجت من ذاتي إلى ذات ذلك الطفل التائه الذي مات وحيدا بين الجبال في غفلة من ذويه. ومثل «مساء الموت» هناك قصيدة «أبتاه كيف قتلت أمي»، وقصيدة «لجين» وغيرهما.
* اختيرت قصيدتكم «قبلة في جبين الوطن» لتدريسها في منهج الصف الثالث المتوسط.. فهل تتجه لإنتاج المزيد من الشعر التربوي؟
- عندما يكتب الشاعر قصيدة لا يهمه ماذا تكون فيما بعد؟ فأنا عندما كتبت قصيدة «قبلة في جبين الوطن» لم أتخيل في يوم من الأيام أنها ستقرر في المنهج المدرسي، وكان هذا بالنسبة لي حلما بعيدا ليس من السهل تحقيقه، فلجان الاختيار لا تنظر إلى الشاعر، بل تنظر إلى النص.
ولا أعتقد أن كثرة الكتابة في الشعر التربوي تولد قصيدة تصلح لتدريسها في المقررات، فأنا ضد الكتابة المقيدة، فالشعر إن لم ينبع من الذات دون إملاءات جاء باهتا.
* ما علاقتك بالمسرح، وخاصة بعد تحويل عدد من النصوص الشعرية التي كتبتها مثل «أطلال الآمال» إلى نصوص مسرحية؟
- لم يدر بخلدي وأنا أكتب قصيدة «أطلال الآمال» التي تحكي قصة طالب يحمل ملفه بحثا عن وظيفة، أنها ستكون نصا مسرحيا في اليوم ذاته. وقبلها كذلك قصيدة «الأديب الغريب» التي تحكي مأساة الأديب والمثقف في مجتمعنا العربي، فأنا أكتب ما يجيش في نفسي أو أجده من هموم المجتمع أو الأمة، وعلى المتلقي، مسرحيا أو تربويا أو خطيبا أن يختار ما يروق له.
* قلت في فترة سابقة إنك تنوي إصدار مجموعة قصصية.. هل نتوقع اتجاه بوصلتك الشعرية إلى المجال السردي؟
- مجموعتي القصصية كتبتها منذ أكثر من 15 عاما، وعزمت على طباعتها ونشرت بعض قصصها في الملاحق الأدبية، ثم ضاعت حينا من الدهر ووجدتها قريبا. والحقيقة أنني سأحتفظ بها لنفسي ككثير من قصائدي ولن أطبعها، ولو أن لدي من الوقت ما يكفي لكتبت رواية تجول في البال منذ زمن بعيد، وقبل أن ندخل في عصر الراوية الهائج المائج، لأنني أؤمن أن الإبداع ليس له قالب محدد يلتزم به المبدع.
جريدة الشرق الأ وسط
الاحد 14\8\1431هـ