السبت, 15 مايو 2010
أ.د. سالم بن أحمد سحاب
نشرت هذه الصحيفة الغراء يوم الأحد الماضي خبرا في صفحتها الأخيرة عن تعامل الموظف المسؤول عبد الرحمن الدعيلج (مدير المتابعة في الأحوال المدنية بمنطقة مكة المكرمة) مع مجموعة من المواطنين الذين أرادوا الالتقاء به عند زيارته مكتب الأحوال في قرية (العرضية). الأخ عبد الرحمن أشار إلى أن مهمته لا تتضمن لقاء المواطنين ولا حتى مصافحتهم (ربما تجنبا لتلوث أو عدوى). ويبدو أن سعادته في مهمة خاصة كبيرة جدا لا تتضمن حتى (كلمة طيبة) لأناس بسطاء من أبسط حقوقهم أن يُمتثل فيهم توجيه الحق تبارك وتعالى: (وقولوا للناس حسنا).
وزاد الطين بلة سخريته من المواطنين (الذين استبشروا بوجوده)، وتهديده باستدعاء الشرطة إن لم يتوارى مندوب الصحيفة عن أنظاره الكريمة! أملي ألا تقتصر المهمة الجليلة على قبض بدل الانتداب، وربما تشريف حفل غداء هنا وعشاء هناك.
أما التطوير والمتابعة، فالأولى بهما إدارتا الأحوال في مدينتي جدة ومكة المكرمة القابعتين خلف التاريخ تستنجده إطلاق سراحهما كي يلحقا بالعالم المتحضر الذي نسي تماما مشاهد الطوابير المخجلة والمعاناة المستمرة والصبر الطويل.
تصوروا أن مجرد تغيير مهنة يستغرق أكثر من مشوار: مشوار لأخذ موعد، وآخر لإنجاز المهمة العظمى بعد أسبوع أو 10 أيام. وأما إصدار بطاقة هوية جديدة أو استبدال أخرى قديمة، فلا أقل من أسبوعين أو ثلاثة، وربما شهرين إذا استلزم الأمر إرسال الملف إلى الرياض للتثبت من شخصية زيد، أو للتأكد من تاريخ عبيد.
كل هذه الصور المخجلة من المعاناة التي يعيشها مواطن القرن الواحد والعشرين في بلاد الثراء والنفط يصحبها بخل شديد حتى بالكلمة الطيبة، وبالوعد الحسن حتى لو انتسب إلى عرقوب الذي خلّد بيت شعر ذكراه، ونسي خلفُه الذين أشبعونا من بضاعته أضعاف ما سجّله التاريخ بحقه.
بالله هل لا زلنا عاجزين إلى هذا الحد عن تقديم حلول عملية ميسرة؟ وهل يصعب خصخصة هذه الخدمة (أو حتى نصف خصخصة)، ولو بمقابل مادي يحفظ للمواطن كرامته ووقته ويقضي على قلقه وتوجسه كلما اضطر إلى مراجعة الأحوال المدنية الموقرة!!
أيها المواطن المسؤول: رفقا بالمواطن البسيط المغلوب!!!
جريدة المدينة
السبت, 15 مايو 2010
أ.د. سالم بن أحمد سحاب
نشرت هذه الصحيفة الغراء يوم الأحد الماضي خبرا في صفحتها الأخيرة عن تعامل الموظف المسؤول عبد الرحمن الدعيلج (مدير المتابعة في الأحوال المدنية بمنطقة مكة المكرمة) مع مجموعة من المواطنين الذين أرادوا الالتقاء به عند زيارته مكتب الأحوال في قرية (العرضية). الأخ عبد الرحمن أشار إلى أن مهمته لا تتضمن لقاء المواطنين ولا حتى مصافحتهم (ربما تجنبا لتلوث أو عدوى). ويبدو أن سعادته في مهمة خاصة كبيرة جدا لا تتضمن حتى (كلمة طيبة) لأناس بسطاء من أبسط حقوقهم أن يُمتثل فيهم توجيه الحق تبارك وتعالى: (وقولوا للناس حسنا).
وزاد الطين بلة سخريته من المواطنين (الذين استبشروا بوجوده)، وتهديده باستدعاء الشرطة إن لم يتوارى مندوب الصحيفة عن أنظاره الكريمة! أملي ألا تقتصر المهمة الجليلة على قبض بدل الانتداب، وربما تشريف حفل غداء هنا وعشاء هناك.
أما التطوير والمتابعة، فالأولى بهما إدارتا الأحوال في مدينتي جدة ومكة المكرمة القابعتين خلف التاريخ تستنجده إطلاق سراحهما كي يلحقا بالعالم المتحضر الذي نسي تماما مشاهد الطوابير المخجلة والمعاناة المستمرة والصبر الطويل.
تصوروا أن مجرد تغيير مهنة يستغرق أكثر من مشوار: مشوار لأخذ موعد، وآخر لإنجاز المهمة العظمى بعد أسبوع أو 10 أيام. وأما إصدار بطاقة هوية جديدة أو استبدال أخرى قديمة، فلا أقل من أسبوعين أو ثلاثة، وربما شهرين إذا استلزم الأمر إرسال الملف إلى الرياض للتثبت من شخصية زيد، أو للتأكد من تاريخ عبيد.
كل هذه الصور المخجلة من المعاناة التي يعيشها مواطن القرن الواحد والعشرين في بلاد الثراء والنفط يصحبها بخل شديد حتى بالكلمة الطيبة، وبالوعد الحسن حتى لو انتسب إلى عرقوب الذي خلّد بيت شعر ذكراه، ونسي خلفُه الذين أشبعونا من بضاعته أضعاف ما سجّله التاريخ بحقه.
بالله هل لا زلنا عاجزين إلى هذا الحد عن تقديم حلول عملية ميسرة؟ وهل يصعب خصخصة هذه الخدمة (أو حتى نصف خصخصة)، ولو بمقابل مادي يحفظ للمواطن كرامته ووقته ويقضي على قلقه وتوجسه كلما اضطر إلى مراجعة الأحوال المدنية الموقرة!!
أيها المواطن المسؤول: رفقا بالمواطن البسيط المغلوب!!!
جريدة المدينة