كنت ضمن المدعوين لمناسبة افتتاح صديقي العزيز منزله الجديد. تأخرت قليلا على غير العادة ، حيث تِهْت في زحمة الأفكار البروتوكولية ! رحبّ بي صديقي ترحيبا مبالغا فيه معلنا للضيوف عن اسمي. وما أن أخذت مكاني حتى كرر الترحيب بي كبير المعازيم :" حيّاك الله ياصبي زهران ، هات القصائد تكفى..! "
صدمني طلبه، فوجدتني أردّ عليه فوراً دون تريّث، رغم أنّ مظهره كان يوحي بعلّو مكانته، و سنّه كان يفرض عليّ احترامه وتقديره.
قلت :" ذكّرتني يا شيخ بأهل الغرب ، الأمريكان خصوصا،عندما نزورهم ونتجاذب أطراف الحديث معهم فنسألهم عن بلدنا كيف وجدوه ؟ وما هو انطباعهم عنه ؟ فيجيبون بأن أكثر ما أعجبهم فيه هو الولائم والطعام ! ثم ينطقون كلمة ( كبسة ) بشكل مكبوس وكأنهم لا يزالون يمضغونها في أفواههم " !
عاد الصمت، الذي كان يريد الشيخ الخروج منه بذلك الطلب الذي وجهه إليّ ، ليخيم من جديد على الجميع. فشعرت بخطأي وحاولت أن أصحح الوضع وأتوجه إليه بالحديث فتحفظ بعد أن أبدى أسفه وقال لم تفهم مقصدي يا زهراني!
كان سبب الصمت هو تنوع واختلاف الحضور وعدم معرفتهم لبعضهم البعض. إلا أنه سرعان ما ذاب الجليد واستونف الحديث بعدما أخذ المبادرة شخصية أخرى كان وكيلا لإحدى الوزارات، حيث وجه سؤاله أيضا إليّ ولكن بطريقة مختلفة هذه المرّة إذا كان سؤاله عن الاستمطار بعدما عرف أنني أعمل فيه.
كان من بين الحضور ثلاثة وكلاء وزارة لا يزالون على رأس العمل. لذلك حاولت أن أجيب بطريقة دقيقة ومتحفّظة في الوقت نفسه. وقد كان السؤال عن جدوى البرنامج من عدمها خصوصا كما أضاف الوكيل أننا نعاني من الشح في مصدر الماء !
بدأ الحديث يتسارع ويتخذ أبعادا جديدة في ظلّ ما يتوفر لديهم من المعلومات المفيدة ، فهذا يقول أن المشكلة ليست في شحّ مصادر المياه بقدر ماهي في إسرافنا في استخدامها ويأتي بحقائق وأرقام من واقع خبرته . وذلك يقول أن المشكلة تكمن في عدم إحساس المواطن بمسؤوليته نحو وطنه وثروته ، وآخر يقول مشكلتنا أننا لا نعرف أن نرتب أولوياتنا !
استمر النقاش حتى ساعة متأخرة من الليل، أخذ فيها الحديث أبعادا أخرى، فخرج عن الموضوع الأساس (الاستمطار) م ولم يعد إليه أبداً. وبقيت أنا صامتاً أراقب واستمع إلى تلك المعلومات التي تجعل المرء يتوصل إلى نتيجة أننا مجتمع مستهلك مسرف، لا يعرف كيف يعيش. إلا أن القناعة التي ترسّخت في ذهني بعد ذلك اللقاء هو أننا فعلا لا نعرف كيف نرتب أولوياتنا . إذ لم نتمكن أبدا من ترتيب حديثنا تلك الليلة، رغم ثقافة المتحدثين وخبراتهم ومكانتهم الاجتماعية !.
::: ::::
صدمني طلبه، فوجدتني أردّ عليه فوراً دون تريّث، رغم أنّ مظهره كان يوحي بعلّو مكانته، و سنّه كان يفرض عليّ احترامه وتقديره.
قلت :" ذكّرتني يا شيخ بأهل الغرب ، الأمريكان خصوصا،عندما نزورهم ونتجاذب أطراف الحديث معهم فنسألهم عن بلدنا كيف وجدوه ؟ وما هو انطباعهم عنه ؟ فيجيبون بأن أكثر ما أعجبهم فيه هو الولائم والطعام ! ثم ينطقون كلمة ( كبسة ) بشكل مكبوس وكأنهم لا يزالون يمضغونها في أفواههم " !
عاد الصمت، الذي كان يريد الشيخ الخروج منه بذلك الطلب الذي وجهه إليّ ، ليخيم من جديد على الجميع. فشعرت بخطأي وحاولت أن أصحح الوضع وأتوجه إليه بالحديث فتحفظ بعد أن أبدى أسفه وقال لم تفهم مقصدي يا زهراني!
كان سبب الصمت هو تنوع واختلاف الحضور وعدم معرفتهم لبعضهم البعض. إلا أنه سرعان ما ذاب الجليد واستونف الحديث بعدما أخذ المبادرة شخصية أخرى كان وكيلا لإحدى الوزارات، حيث وجه سؤاله أيضا إليّ ولكن بطريقة مختلفة هذه المرّة إذا كان سؤاله عن الاستمطار بعدما عرف أنني أعمل فيه.
كان من بين الحضور ثلاثة وكلاء وزارة لا يزالون على رأس العمل. لذلك حاولت أن أجيب بطريقة دقيقة ومتحفّظة في الوقت نفسه. وقد كان السؤال عن جدوى البرنامج من عدمها خصوصا كما أضاف الوكيل أننا نعاني من الشح في مصدر الماء !
بدأ الحديث يتسارع ويتخذ أبعادا جديدة في ظلّ ما يتوفر لديهم من المعلومات المفيدة ، فهذا يقول أن المشكلة ليست في شحّ مصادر المياه بقدر ماهي في إسرافنا في استخدامها ويأتي بحقائق وأرقام من واقع خبرته . وذلك يقول أن المشكلة تكمن في عدم إحساس المواطن بمسؤوليته نحو وطنه وثروته ، وآخر يقول مشكلتنا أننا لا نعرف أن نرتب أولوياتنا !
استمر النقاش حتى ساعة متأخرة من الليل، أخذ فيها الحديث أبعادا أخرى، فخرج عن الموضوع الأساس (الاستمطار) م ولم يعد إليه أبداً. وبقيت أنا صامتاً أراقب واستمع إلى تلك المعلومات التي تجعل المرء يتوصل إلى نتيجة أننا مجتمع مستهلك مسرف، لا يعرف كيف يعيش. إلا أن القناعة التي ترسّخت في ذهني بعد ذلك اللقاء هو أننا فعلا لا نعرف كيف نرتب أولوياتنا . إذ لم نتمكن أبدا من ترتيب حديثنا تلك الليلة، رغم ثقافة المتحدثين وخبراتهم ومكانتهم الاجتماعية !.
::: ::::
تعليق