صعد أمير المؤمنين على بن أبى طالب منبر الكوفة بعد الفتنة وفراغه من النهروان فحمد الله وخنقته العبرة فبكى حتى أخضلت لحيته بدموعه وجرت ثم نفض لحيته فوقع رشاشها على ناس من الناس فكنا نقول إن من أصابه من دموعه فقد حرمه الله على النار ثم قال يا أيها الناس لا تكونوا ممن يرجو الآخرة بغير عمل ويؤخر التوبة بطول الأمل يقول في الدنيا قول الزاهدين ويعمل فيها عمل الراغبين إن أعطى منها لم يشبع وإن منع منها لم يقنع يعجز عن شكر ما أوتى ويبتغى الزيادة فيما بقى ويأمر ولا يأتي وينهى ولا ينتهي يحب الصالحين ولا يعمل بأعمالهم ويبغض الظالمين وهو منهم تغلبه نفسه على ما يظن ولا يغلبها على ما يستيقن إن استغنى فتن وإن مرض حزن وإن افتقر قنط ووهن فهو بين الذنب والنعمة يرتع يعافى فلا يشكر ويبتلى فلا يصبر كأن المحذر من الموت سواه وكأن من وعد وزجر غيره يا أغراض
المنايا يا رهائن الموت يا وعاء الأسقام يا نهبة الأيام ويا ثقل الدهر ويا فاكهة الزمان ويا نور الحدثان ويا خرس عند الحجج ويا من غمرته الفتن وحيل بينه وبين معرفة العبر بحق أقول ما نجا من نجا إلا بمعرفة نفسه وما هلك من هلك إلا من تحت يده قال الله {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا} [ التحريم : 6 ]
جعلنا الله وإياكم ممن سمع الوعظ فقبل ودعا إلى العمل فعمل
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
تعليق