حفل تواصل زهران .. العزومة كبرت
والله إنا جنود الحق ودروعٌ على مملكتنا
ادعنا يا ملكنا سِلم وإلا حرب وأبشر بنا
* * أولا هذا بيت من قصيدة للشاعر علي البيضاني في حفل " تواصل زهران بمكة " وبعد ذلك سأحاول تقدم قراءة نقدية للحفل , بعد انقضاء نسخته الخامسة , ودعوني بداية أبارك للقائمين عليه نجاحهم .. والواقع أنني راقبت الحفل - من على بعد - طبعا , واحسب انه قد تحول إلى ما يشبه التظاهرة الفكرية , وان على نطاق محدود .
** إن الزخم الثقافي الذي أحاط بالمناسبة وخصوصا في السنوات الثلاث الأخيرة , قد خرج بها من قمقم خصوصيتها , ومن معطف كونها اجتماعا فقط للمباركة بالعيد السعيد .. إلى فضاء أوسع , يكاد يحمل في صورته شيئا من ملامح العمل المؤسسي الممنهج , الذي يتصل بالعنوان الثقافي والفكري والاجتماعي العريض , للحراك الاجتماعي المؤسس في بلادنا .
** المناسبة - وبهذه المثابة - قفزت تلقائيا خارج أطر البعد الفرائحي المحدود بالعيد , إلى حيث الإرهاصات الأولى , أو لعلها محاولات بناء جملة من الأنساق الإبداعية , واقصد هنا ( تثمين الإبداع والمبدعين ) من حيث هو إبداع ومن حيث هم مبدعون للوطن أصلا , في شخوص ثلة ممن أثرى وبرز وتألق , كشخصيات اجتماعية فكرية إبداعية .
** نعم .. المناسبة خرجت الآن عن كونها مجرد (عزومة ) ومباركة بالعيد , يدعو لها صاحبها من يشاء ويحجب عنها من لا يريد ( !! ) .. إلى كونها صارت تظاهرة لتكريم ( النماذج ) من أبناء زهران , الذين برزوا فوق صفحة الوطن الحبيب المعطاء , وله ومن أجله عملوا وتألقوا .
** دعوني بداية أعرّج على الموقع الاليكتروني للمناسبة , والموسوم بـ ( تواصل زهران ) والذي مازال – حقيقة – بحاجة إلى عمل كثير يوازى حجم بالمناسبة , فهو إلى الآن وكما رأيته أقل من عادي , حتى وان كان عمره قصيرا , فالمكرمين مثلا ليس لهم على الموقع حتى كتابتي لهذه السطور أية سيرة ذاتية , ولا ملخص لإبداعاتهم المتنوعة , ولا توصيف للمسوغات المنهجية لتكريمهم , وهذا كما يعلم أهل الاحتراف شيء مطلوب , بل وأمر بدهي , لجهة إشاعة المعرفة عنهم وبهم أولا , ثم جعلهم منطلقا تحفيزيا للآخرين للتنافس والمنافسة بروح رياضية كما يقال .
** ومن الملاحظات ( الخفيفة ) على المناسبة - وأرجو أن يتسع الصدر لقبولها - أن التكريم في حقل التأليف مثلا , قد تأخر عن تكريم ( أول شخصية ) في زهران ألفت كتابا , ولم يُكرّم إلا في حفل النسخة الأخيرة - الخامسة - واقصد الدكتور محمد بن مسفر الطويل , والذي قام بتأليف كتاب ( بلاد زهران في ماضيها وحاضرها ) كأول زهراني يؤلف كتابا عن زهران , منذ كنا - أنا وجيلي - طلابا على مقاعد المرحلة المتوسطة ؟ !! .
** ومن باب المحبة والحرص الشديدين , على المزيد من النجاح لهذا المشروع الحضاري .. أقول :
** أين تكريم المرأة ؟ .. فكم هن أخواتنا من بنات زهران اللواتي سجلن أولوية في الطب مثلا , وأولوية وإبداعا في الكتابية النقدية , والتأليف , وحفظ كتاب الله , والتأهيل الأكاديمي العالي ( الدكتوراه ) وفي الإدارة التربوية , وأولوية في التدريس ونحو ذلك ؟.
** وأين تكريم جهابذة الشعر الشعبي في زهران , وعلى رأسهم الشاعر الأسطورة المرحوم محمد بن ثامرة ورفاق جيله ؟.
** وأين نجوم الرياضة .. الذين زاحموا على المنافسة والتألق , على مستوى الوطن بإبداعهم وفنهم وخلقهم الرفيع ؟ .
** وأين تكريم الشباب - وهذا مهم جدا - للفت انتباه الجيل الجديد للمناسبة , ولخلق حالة من المنافسة والتحفيز فيهم , كاتجاه تربوي من الحفل , لإشاعة روح السباق المحمود على الإبداع , كأن أن يتم تكريم شباب وشابات , حققوا أعلى الدرجات في الثانوية , أو البكالوريوس .
** وفي مجال الإعلام لدينا إعلاميون نجوما من زهران في الإعلام المرئي والمسموع , كمذيعين ومخرجين لهم سنوات تراكمية طويلة مع الخبرة النجاح , وكذلك في الصحافة الورقية والاليكترونية , فثمة من أبدع وأسس وصار مخزون خبرة .
** ولدينا أسماء لامعة في موقع وكيل وزارة مساعد , وكذلك ممن عمل وشرف بلاده في سفارات المملكة , ونجوم في الفن , والمسرح , والتشكيل , والنقد , والشعر الفصيح .
** ورب قائل يقول لي انك بهذه المقترحات ( ستخلق زحمة ) داخل الحفل والتكريم .. وأقول ( حتى وان كان ) فيمكن تكريم ( عشرة حقول ) هذا العام , وعشرة أخرى في مجالات مختلفة في العام الذي يليه .. وهكذا , طالما أن الحفل قد اختط منهج التكريم .
** ولان المناسبة قد كبرت وتوسعت .. فقد صار حتميا إعادة صياغة رؤيتها , وأصبحت - في تقديري - بحاجة إلى محاولة الاستئناس برأي شريحة أكبر , وخصوصا عند اختيار المكرمين المبدعين في حفلات السنوات القادمة , بحيث يتم - وهذا مهم - إعادة صياغة شروط ومقاييس التكريم , لتحري ( الشفافية والعدالة والموضوعية ) .. ومراعاة مبدأ ( الأولوية ) المهم جدا , في تقديم هذا المبدع عن أخيه الآخر , وإضافة حقول جديدة أخرى إلى أجندة التكريم .
** وأظن كذلك أن على قيادات الحفل , وضع أو توسيع الهيكل الإداري , واستحداث ( أمانة عامة - للتكريم ) على أن تسند مهمة أمينها العام إلى شخصية أكاديمية توافقية , ذات خبرة فكرية عريضة , ومن القريبين لجغرافية مكان الحفل .
** نقول كل هذا ونحن نفهم أن أي عمل عام , وأي نشاط بشري لابد أن يعتريه بعض النقص , من منطلق القناعة بان الكمال لله تعالى وحده .. لكن يظل المطلوب دائما , هو الترحيب بالرأي الآخر , وقبول الملاحظات , وتلافي السلبيات , واحترام حتى الرؤى المتقاطعة , ثم ترجيح ما تكون به المصلحة .
** ثم أخيرا اسمحوا لي أن أزجي الثناء للقائمين على الحفل , بدء بصاحب فكرة المشروع , الشيخ ( عبدالعزيز بن حنش الزهراني ) لجهده المبارك وعمله الدؤوب .. وإلى الإخوة رجال الأعمال الذين تحملوا نفقات الاحتفالات السابقة .. والى الأعضاء الميدانيين (فريق إقامة الحفل ) ممن عمل وسهر وتابع ..
** وتحية خاصة , مع باقات ورد فواحة , إلى النجوم المبدعين - المكرمين - الذين امتشقوا شامة التميز , فكانوا نبراسا وضوء متوهجا لمن سيأتي من بعدهم .
صحفي وكاتب بجريدة البلاد – جدة
تعليق