اليوم أرغبُ برؤية الجزء الممتلئ من الكأس.
فالزميل أحمد قرّان الزهراني الشاعر والمثقف السعودي البارز؛ لم يكن يساوره الشك لحظة بعدم تحقيق حلمه لإكمال دراسته العليا؛ رغم أنه تجاوز الأربعين، ومستقر وظيفيا بعمله؛ لكنه اليوم يتجه للقاهرة بإصرار لنيل الدكتوراه في الإعلام؛ فمنذُ كان صغيرا ويتيما وفقيرا؛ وهو يدرس صباحا، ويقود "التاكسي" مساء؛ يعيل أسرته بعد موت والده، لتزداد مسؤولياته وحاجته للعمل بزواجه وهو في السابعة عشرة من قريبته التي كانت على مقاعد الدراسة بالمرحلة المتوسطة !!
لكن القصة ليست هنا، وإنما في أسرته!! فمع بدء العام الدراسي؛ يستيقظ جميع أفرادها التسعة وهو عاشرهم، منذ الفجر؛ ليتوزعوا في عروق "جدة"؛ وتبقى"الجدَّة" مشنية محمد هدلس التي تجاوزت السبعين، وهي من كان لها دور عظيم في نجاح ابنها واستثنائية أسرته؛ تبقى مع القرآن الكريم تراجع واجباتها المدرسية؛ لأنها ترتاد مدرسة التحفيظ مساء منذ أربع سنوات، فحفظت نصف القرآن، وتحولت من مسنة لا تقرأ ولا تكتب؛ لأخرى متعلمة .
ولأبي جهاد، سبعة أبناء؛ الكبرى وجدان (23 عاما) تعمل بمدرسة خاصة، وهي طالبة جامعية (انتساب) في السنة الثالثة، يصغرها جهاد، يعمل على بند الأجور بإحدى الوزارات؛ وفي سنته الجامعية الأولى (انتساب)، فيما محمد أولى جامعة (انتظام)، وحاتم بالصف الثالث متوسط، وعبد العزيز بالأول متوسط، وشيماء بالثاني ابتدائي، وآخر العنقود أسماء بأولى تمهيدي؛ وجميعهم "مجدّون".
المدهش ليس في جدية الأبناء؛ خاصة (وجدان، وجهاد) فلم يعقهم قلة المقاعد الجامعية كأقرانهم؛ لانتظار العون "الحكومي" وإعالة والدهم، وقضاء وقتهم بالسهر وقرمشة المسليات، كما لم يوقفهم عن العمل الرواتب المتدنية، إنما المُدهش "أم جهاد" (رحمة بخيت الزهراني) التي يتحدث عنها زوجها مفتخرا بتفوقها؛ قائلا لي"سيدة عظيمة"، وهي اسم على مُسمى؛ ففي ظل زواجها المبكر، ومسؤولياتها كزوجة لرجل يعمل ويدرس؛ ورعايتها لوالدته منذ زواجهما؛ وتربية سبعة أبناء تربية صالحة وجادة، فإن رحمة لم تتخل عن حُلمها، وتابعت دراستها بتشجيع زوجها ووالدته؛ تتقدم خطوة وتتعثر خطوات، حتى أصبحت الآن طالبة في كلية التربية للبنات بقسم الشريعة الإسلامية، وفي سنتها الثالثة (انتظام) وهي على مشارف الأربعين من عمرها.
أليست أسرة استثنائية ؟! ـ ما شاء الله عليهم ـ أفرادها يعملون ليتعلموا؛ استطاعت الخروج علينا بطاقتها الإيجابية؛ من فوهة مجتمع مأزوم بطاقاته السلبية؛ من بطالة لقلة المقاعد الجامعية إلى عنف أسري وغيرهما مما تتحفنا به الصحف يوميا، ولو الأمر بيدي، لرشحتُهم لنيل جائزة الأسرة السعودية المثالية على مستوى رسمي ومسؤول، وذلك ما نحتاجه؛ فمثل هذه الجائزة سترينا نماذج أسرية مضيئة ومكافحة؛ وإلى أن نرى ذلك يوما؛ هنيئا لأسرة الزهراني وبالتوفيق جميعا.
المصدر
فالزميل أحمد قرّان الزهراني الشاعر والمثقف السعودي البارز؛ لم يكن يساوره الشك لحظة بعدم تحقيق حلمه لإكمال دراسته العليا؛ رغم أنه تجاوز الأربعين، ومستقر وظيفيا بعمله؛ لكنه اليوم يتجه للقاهرة بإصرار لنيل الدكتوراه في الإعلام؛ فمنذُ كان صغيرا ويتيما وفقيرا؛ وهو يدرس صباحا، ويقود "التاكسي" مساء؛ يعيل أسرته بعد موت والده، لتزداد مسؤولياته وحاجته للعمل بزواجه وهو في السابعة عشرة من قريبته التي كانت على مقاعد الدراسة بالمرحلة المتوسطة !!
لكن القصة ليست هنا، وإنما في أسرته!! فمع بدء العام الدراسي؛ يستيقظ جميع أفرادها التسعة وهو عاشرهم، منذ الفجر؛ ليتوزعوا في عروق "جدة"؛ وتبقى"الجدَّة" مشنية محمد هدلس التي تجاوزت السبعين، وهي من كان لها دور عظيم في نجاح ابنها واستثنائية أسرته؛ تبقى مع القرآن الكريم تراجع واجباتها المدرسية؛ لأنها ترتاد مدرسة التحفيظ مساء منذ أربع سنوات، فحفظت نصف القرآن، وتحولت من مسنة لا تقرأ ولا تكتب؛ لأخرى متعلمة .
ولأبي جهاد، سبعة أبناء؛ الكبرى وجدان (23 عاما) تعمل بمدرسة خاصة، وهي طالبة جامعية (انتساب) في السنة الثالثة، يصغرها جهاد، يعمل على بند الأجور بإحدى الوزارات؛ وفي سنته الجامعية الأولى (انتساب)، فيما محمد أولى جامعة (انتظام)، وحاتم بالصف الثالث متوسط، وعبد العزيز بالأول متوسط، وشيماء بالثاني ابتدائي، وآخر العنقود أسماء بأولى تمهيدي؛ وجميعهم "مجدّون".
المدهش ليس في جدية الأبناء؛ خاصة (وجدان، وجهاد) فلم يعقهم قلة المقاعد الجامعية كأقرانهم؛ لانتظار العون "الحكومي" وإعالة والدهم، وقضاء وقتهم بالسهر وقرمشة المسليات، كما لم يوقفهم عن العمل الرواتب المتدنية، إنما المُدهش "أم جهاد" (رحمة بخيت الزهراني) التي يتحدث عنها زوجها مفتخرا بتفوقها؛ قائلا لي"سيدة عظيمة"، وهي اسم على مُسمى؛ ففي ظل زواجها المبكر، ومسؤولياتها كزوجة لرجل يعمل ويدرس؛ ورعايتها لوالدته منذ زواجهما؛ وتربية سبعة أبناء تربية صالحة وجادة، فإن رحمة لم تتخل عن حُلمها، وتابعت دراستها بتشجيع زوجها ووالدته؛ تتقدم خطوة وتتعثر خطوات، حتى أصبحت الآن طالبة في كلية التربية للبنات بقسم الشريعة الإسلامية، وفي سنتها الثالثة (انتظام) وهي على مشارف الأربعين من عمرها.
أليست أسرة استثنائية ؟! ـ ما شاء الله عليهم ـ أفرادها يعملون ليتعلموا؛ استطاعت الخروج علينا بطاقتها الإيجابية؛ من فوهة مجتمع مأزوم بطاقاته السلبية؛ من بطالة لقلة المقاعد الجامعية إلى عنف أسري وغيرهما مما تتحفنا به الصحف يوميا، ولو الأمر بيدي، لرشحتُهم لنيل جائزة الأسرة السعودية المثالية على مستوى رسمي ومسؤول، وذلك ما نحتاجه؛ فمثل هذه الجائزة سترينا نماذج أسرية مضيئة ومكافحة؛ وإلى أن نرى ذلك يوما؛ هنيئا لأسرة الزهراني وبالتوفيق جميعا.
المصدر
تعليق