كثيرة هي الأفكار التي تزدحم في رأس صاحبكم فعندي الكثير مما أعتبره يثقل الكاهل وكل ذلك واقع بين الغياب والحضور ولا أدري والله مالذي يجري أهو مصاب أصبنا به جميعا أم أن بعضنا ممن هم على شاكلتي لا يحس به إلا حين يغفو ليجد نفسه أما نفسه وأفكاره وذكرياته التي كثرت وليس له سبيل إليها إلا الوقوف من بعيد يكتم زفرة حينا وأخرى يطلقها أو يهمس همسة فيبتسم فيحس بالوجود من حوله كله وقد تبسم .
بالأمس كنت على النافذة أفكر في شيء كان يجب أن أكتبه منذ فترة طويله جدا.. وأجلته كان هذا الشيء أن أكتب عن الأشياء الجميلة في حياتنا التي لا ننتبه لها وسط المنغصات.. ثم انتبهت لشيء كنت غافلا عنه, هو أن في كثير من الأحيان يكون في الحياة شيء جميل واحد, وقد يكون تافها في نظر المحيطين ولكن هذا الشيء يعطي من القوة والقدرة الهائلة على السعادة ما لا يعطيه غيره, وتستغرب لأناس لديهم من الأحزان أثقال تشرق وجوههم بالفرح, ويبقى هذا الشيء هو الحد الفاصل, بينما آخرون تضج عوالمهم بالسعادة غير أن منغصا واحدا وإن لم يعتبره الآخرون قد يحيل حياتهم إلى جحيم
كانت تلك الأفكار تزدحم في رأسي فلا أعرف كيف لي أن أحدد وجهتي, أريد أن أكتب عن الأشياء الجميلة في حياتي ـ وما أكثرها ـ ولكن شيئا ما يورثني غصة في قلبي كلما حاولت وكأن لسان حاله يقول سأفرغ الظلام على كل شيء تسعد به دوني ـ وهو يفعل دائما ـ كنت أظنني لن أكترث, ولكن تأجيلي للكتابة لأشهر كان يعترف بوضوح, تأتيني الرغبة كلما خنقتني العبرة فأعود لأقول : لا .. سأكتب عندما أكون في أوقات جميلة .
إنني أكتب عن السعادة إنها تأتي في تلك الأوقات وكأني أسرقها من حرز ليس لي, تختطف مني بضع ثوان وترحل فلا تمكنني من الكتابة علاة على تنفيذها, فلا أجد بد من أجلس جلستي الصامتة المعتادة أمام الشاشة علني أتنفس .
يا سادة :
قرأت مرة عبارة لكارل بنز هكذا قيل لي اسمه ولست أدري عن أصله وفصله حيث قال : (( الطفل في المزرعة يرى الطائرة تحلق فوقه فيحلم بالرحيل, أما المسافر على الطائرة فهو يطل على البيوت في المزارع ويحلم بالوطن )) .
فأذهلتني وأصابتني في مقتل .
فتأملوها أليس بين الطفل والمسافر أبعد ما بين موقع كل منهما ؟!
تعليق