أعجبني الموضوع القيم ومايحويه من معلومات عن الماضي الجميل
آمل أن يحوز على رضاكم
دار الزمن.. فتوقفت الرحى


بقلم الاستاذ /محمد البيضاني




تعتبر الرحى من الأدوات المنزلية القديمة، التي عرفها الناس حتى وقت قريب. فهي الطاحون الوحيد الذي يحرص الكثير على اقتنائه، حيث تستخدم لطحن الحبوب وعرفت في تراثنا منذ فترة طويلة، وتعتبر من ضمن الأدوات المهمة لدى الأسر، وهي أداة يومية الاستعمال وليست موسمية كالمحراث مثلا. فالرحى كانت تصنع من حجارة صلبة من نوع خاص، ولها صناعها المتخصصون، وتتكون الرحى من جزئين رئيسين؛ السفلي كما هو معروف دائري الشكل ومثبت بمركزه قضبان معدنية يدور عليها.. والجزء العلوي المتحرك به فتحه كبيرة نسبيا ينفذ من خلالها بحيث ينضغط بين قطعتي خشب لمنع انحراف الجزء العلوي اثناء الدوران، مع الإبقاء على فتحات فراغية في الجانبين لتقيم من خلالها الحبوب.
طريقة الطحن
وكان طحن الحبوب عملا تقوم به المرأة ويعد من شؤون بيتها الأساسية وهو عمل شبه يومي حيث تقوم بوضع جلد خروف تحت الرحى ويسمى “رقعه” وهي كلمة عربية صحيحة وتستقبل تلك الرقعة الإنتاج سواء كان دقيقا أو “دشيشا” ثم يوضع إلى جانبها وعاءً مصنوعا من السعف ويسمى “طبق” وبه كمية الحبوب المراد طحنها، وتقوم المرأة بتحريك الجزء العلوي بحركة دائرية ممسكة بقطعة خشبية مثبتة بمحيط الجزء العلوي وتسمى تلك القطعة “شظ”، وعند بداية الدوران تقوم المرأة بتلقيم الحبوب عبر الفتحة فإذا أرادت دقيقا كانت بطيئة في رحي الحبوب، حيث يتسنى للرحى طحنها جيدا وإذا أرادت “دشيشا” أسرعت في لقم الحبوب في الرحى فتكون الحبوب كثيرة وتتزاحم داخل الرحى ويؤدي تزاحم الحبوب إلى ارتفاع نسبي للجزء العلوي فلا يتم طحن الحبوب جيدا فتخرج من الرحى بفعل الدوران مكسورة فقط، وهي ما تسمى بالدشيشة. وقديما كان يمتهن بعض الناس العمل على الرحى في طحن الحبوب، وتستخدم في طحن القمح خاصة، وهي شبيهة بالمجرشة، وتتكون من قطعتين دائريتين من صخر الجرانيت، وتكون السفلى ثابتة وبها القطب الذي تدور عليه القطعة العليا، ويثبت بأحد أطراف القطعة العليا وتد خشبي لتدويرها ويسكب الحب في بلعوم الرحى فيدخل بين الطبقتين ومع عملية التدوير يخرج الطحين من بين القطعتين ويستخدمها الرجال والنساء. كما ان لها صناعها المتخصصون.
صناعة الرحى
ويقول خميس غرم الله أحد صناع الرحى قديما أن عمل الرحى انتهى ولم يعد له أي خدمة. فالمطاحن الحديثة قد غلبت عليه بالسرعة والراحة، حيث كنا في الماضي نعاني من إعداد الطحن. ويضيف العم خميس أن الرحى تتكون من من حجرين بشكل مستدير الحجر الأعلى يكون أكبر مساحة بقليل عن الحجر الأسفل، وهو الذي يتحرك، أما الحجر الأسفل فيكون ثابتا وفيه فتحة ضيقة في وسطه للسماح بمرور محور خشبي يثبت في وسطه فتدور حجر الرحى، فتكون حبات القمح أو الشعير التي يتم وضعها في الفتحة الدائرية التي في وسط الحجر العلوي، فتطحن تلك الحبات حتى تصبح دقيقا ناعما. وصناعة الرحى تختلف من مكان الى مكان آخر، ففي بعض المناطق تصنع من حجر الصوان الصلب، وهي طبقتان مستديرتان في وسطهما فتحة صغيرة تستوعب إدخال الحبوب من القمح والشعير أو الذرة الذي يتم إرساله منها حتى يتجمع على الجهة السفلية من الرحى وتتم عملية الطحن بتدوير الرحى بواسطة عود يشبه الوتد في أحد أطرافها.
دمتم في حفظ الرحمن