السلام عليكم ورحمة الله وبركااااته
شيخنا الفاضل :اليس من العجيب أنه مازال فى عصرنا من يحزن إذا رزقه الله بأنثى؟
نص السؤال
الدكتور محمد البهى رحمه الله اسم المفتي
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أختنا الفاضلة أكرمك الله وهداك إلى مايحبه ويرضاه وبعد:
بالنسبة لسؤالك يجيب عنه الدكتور محمد البهى عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهرسابقا: يقول فيها:
إنَّ من أماراتِ تخلُّف الإنسان في تصوره للحياة أنْ يرى أنَّ الذكر أفضل من الأنثى بين الأولاد: (وإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وهُوَ كَظِيمٌ) (النحل: 58). فجعل القرآن الكريم ذلك المظهر من الاكتئاب والحزن عندما يبشَّر الوالد بمولود له هو أنثى ـ أمارةً على عدم التحضُّر وعدم الفَهم المستقيم؛ لأن ذاك الذي يفضِّل الذكر على الأنثى في الأولاد هو إنسان يحرص على أنانيته أكثر مِمَّا يحرص على أداء مسؤوليته. فهو يرى في الذكر قوة ينشُدها ليستندَ إليها في حياته، بينما يرى في الأنثى ضعفًا يطلب لها الحماية. مع أن الأمر قد يصير إلى العكس.
وقيمة الإنسان في واقع أمره ليس في أنه ذكر أو أنه أنثى، بل في أنه "إنسان" في تهذيبه وفي سلوكه وحُسْن مُعاملته واستقامة تفكيره. ولعل الأنثى ـ إذا وُجِّهَتْ توجيهًا سليمًا ـ أقربُ إلى ذلك الإنسان المستقيم الناجح من الذكر؛ لأنَّها تجعل بحكم الفطرة استقامة التفكير وحسن السلوك وسيلةً لقَبولها في الأسرة المجتمع.
وهذا القَبول نفسه نوع من الحماية لضعفها أو لما يُظَنُّ أنه ضعف في عضلاتها وفي مِراس هذه العضلات على التحدِّي لمصادمات الحياة.
على أن الإنسان المؤمن يجب أن يؤمن بأن نوع الإنسان في خلقه ـ ذكرًا كان أو أنثى ـ من صُنْع الله وحده، وما يأتي به الله للإنسان خير له في واقع أمره: (للهِ مُلْكُ السَّمواتِ والأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا ويَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وإِنَاثًا ويَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (الشورى: 49ـ 50).
فالله عليم بما يُفيد وينفع وبما هو أنسب وأليق، وقدير على خلْق أي نَوْع من الإنسان فاختياره للذَّكَر أو للأنثى ليس عن عجز في الخلْق، بل لحكمة ولمصلحة تتعلق بمَن أنجب الولد.
وتصوُّر أفضلية الذَّكَر على الأنثى لدى بعض الناس أو كثيرًا من الناس في مجتمعاتنا المعاصرة ليس غريبًا؛ لأنَّ أمارات الجاهلية في السلوك والتصوُّر لا ترتبط بالتخلُّف في الصناعة، إنَّما ترتبط قبل بكل شيء بالتخلُّف في الإيمان بالله على وجهه الصحيح. إذ الإيمان بالله هو إيمان بمستوى الإنسانية في ذاتها و "تقويم" سليم لخصائص الإنسانية في التصور والادراك، والاعتقاد والمعاملة والسلوك.
وليس بلازم ـ إذنْ ـ أن يكون التقدُّم في الإيمان والإنسانية مرتبطًا بالتقدُّم في العلم أو الصناعة.
والله تعالى أعلم.
منقوول شيخنا الفاضل :اليس من العجيب أنه مازال فى عصرنا من يحزن إذا رزقه الله بأنثى؟
نص السؤال
الدكتور محمد البهى رحمه الله اسم المفتي
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أختنا الفاضلة أكرمك الله وهداك إلى مايحبه ويرضاه وبعد:
بالنسبة لسؤالك يجيب عنه الدكتور محمد البهى عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهرسابقا: يقول فيها:
إنَّ من أماراتِ تخلُّف الإنسان في تصوره للحياة أنْ يرى أنَّ الذكر أفضل من الأنثى بين الأولاد: (وإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وهُوَ كَظِيمٌ) (النحل: 58). فجعل القرآن الكريم ذلك المظهر من الاكتئاب والحزن عندما يبشَّر الوالد بمولود له هو أنثى ـ أمارةً على عدم التحضُّر وعدم الفَهم المستقيم؛ لأن ذاك الذي يفضِّل الذكر على الأنثى في الأولاد هو إنسان يحرص على أنانيته أكثر مِمَّا يحرص على أداء مسؤوليته. فهو يرى في الذكر قوة ينشُدها ليستندَ إليها في حياته، بينما يرى في الأنثى ضعفًا يطلب لها الحماية. مع أن الأمر قد يصير إلى العكس.
وقيمة الإنسان في واقع أمره ليس في أنه ذكر أو أنه أنثى، بل في أنه "إنسان" في تهذيبه وفي سلوكه وحُسْن مُعاملته واستقامة تفكيره. ولعل الأنثى ـ إذا وُجِّهَتْ توجيهًا سليمًا ـ أقربُ إلى ذلك الإنسان المستقيم الناجح من الذكر؛ لأنَّها تجعل بحكم الفطرة استقامة التفكير وحسن السلوك وسيلةً لقَبولها في الأسرة المجتمع.
وهذا القَبول نفسه نوع من الحماية لضعفها أو لما يُظَنُّ أنه ضعف في عضلاتها وفي مِراس هذه العضلات على التحدِّي لمصادمات الحياة.
على أن الإنسان المؤمن يجب أن يؤمن بأن نوع الإنسان في خلقه ـ ذكرًا كان أو أنثى ـ من صُنْع الله وحده، وما يأتي به الله للإنسان خير له في واقع أمره: (للهِ مُلْكُ السَّمواتِ والأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا ويَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وإِنَاثًا ويَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (الشورى: 49ـ 50).
فالله عليم بما يُفيد وينفع وبما هو أنسب وأليق، وقدير على خلْق أي نَوْع من الإنسان فاختياره للذَّكَر أو للأنثى ليس عن عجز في الخلْق، بل لحكمة ولمصلحة تتعلق بمَن أنجب الولد.
وتصوُّر أفضلية الذَّكَر على الأنثى لدى بعض الناس أو كثيرًا من الناس في مجتمعاتنا المعاصرة ليس غريبًا؛ لأنَّ أمارات الجاهلية في السلوك والتصوُّر لا ترتبط بالتخلُّف في الصناعة، إنَّما ترتبط قبل بكل شيء بالتخلُّف في الإيمان بالله على وجهه الصحيح. إذ الإيمان بالله هو إيمان بمستوى الإنسانية في ذاتها و "تقويم" سليم لخصائص الإنسانية في التصور والادراك، والاعتقاد والمعاملة والسلوك.
وليس بلازم ـ إذنْ ـ أن يكون التقدُّم في الإيمان والإنسانية مرتبطًا بالتقدُّم في العلم أو الصناعة.
والله تعالى أعلم.
تعليق