أب وأم ينتظران عودة ابنهما بعد 22 عاماً من الاختفاء
الخميس, 12 مارس 2009
محمد البيضاني - الباحة
هي ليست حادثة مبكية ولا قصة انسانية موجعة بل موت بطيء برصاصة الغياب ونيران الاختفاء . تلك الرصاصة التي أصابت صدر طفل واحد وأدمت قلوب ذويه طيلة ربع قرن كامل . وعلى الرغم من غرابة سيناريو الفقد والذي تعجز الأقلام المبدعة عن رسم أحداثه إلا أن شاشة الحياة تعرضه اليوم وكأنها تبحث معنا عن الحي الميت . قصة غريبة الأحداث طويلة السنوات بطلها طفل لا يتجاوز السبعة أشهر من عمره فقدته أسرته المكلومة في ساحة الحرم المكي الشريف وتحديدا مع أذان صلاة المغرب قبل 22 عاما ولتبدأ الأسرة منذ ذلك التاريخ رحلة الركض بخطى يحركها الأمل وأخرى يقيدها اليأس بحثا عن “محمد” الطفل الذي ظل لصيق صدر أمه سبعة أشهر ولم يبعده عن هذا الحضن الدافىء إلا صلاة الركعات الثلاث.
ظنون المقربين ترجح وفاته على أيدي سارقيه فيما يؤكد الأمل الساكن في قلب الأم أن صغيرها حي يناديها من بعيد ويسألها الصدر الحنون وان السنوات الطويلة التي مرت سراعا لم تبدل حتى اليوم صوت صرخات الصغير في مسامعها ولم تغير وجه ضحكاته البريئة وانها حتما ستراه وستعرفه من بين ملايين البشر .. وبعيدا عن الفراق وتداعياته التي تمزق أوصال القلوب والغياب الذي جعل من الدموع المنسابة عنوانا لأسرة عبد الرحمن الزهراني أحد سكان جدة الا أن الحكاية تبقى مع الأيام درسا من أعظم دروس الأمل والرجاء بل قولوا الوفاء لوليد الرحم النظيف الذي جاء الى الحياه في حماية أب وأم فنزعه السارق من أحضان حراسه الأوفياء . .. فتعالوا نقرأ الوجع في عيون الأسرة ونتوقف أمام طول الرحلة والملايين التي القاها الأب رخيصة أملا في ان تكون جسرا لاستعادة ابنه ليس هذا فقط بل تعالوا نسمع صوت الأمل من شفاه الأم التي اختزلت كل حياتها في لفظة واحدة “ عد يا وليدي فالأحضان كما تركتها لا زالت تنتظر” الـ DNA
على غير طبيعة السرد المألوفة دعونا نبدأ بهذا المشهد من السيناريو الغريب ونختزل 22 عاما من عمر الحكاية لنؤكد فقط أن الأمل في القلوب لا يموت فلقد تواردت أنباء الى مسامع الأب عبد الرحمن الزهرانى بعد مرور أقل من ربع قرن عن غياب الصغير عن وجود شخص يقارب سن ابنه المفقود ويشابه لون بشرته يعمل لدى مؤسسة تجارية بجدة ويسكن مع أناس من ذوي البشرة السوداء وعلى الرغم من الشعاع الخافت إلا ان تباين اللون وقرب العمر أشعل الأمل في قلب الأسرة كاملة ودفع الأب للذهاب الى موقع عمل الشخص لكي يتمكن من رؤيته ويستوثق من المعلومة ولأن الأحاسيس هي بطاقة التعارف التي لا تكذب لم يستشعر الأب بوخزات القرب التي لا تخطئها القلوب ومع ذلك اتجه الى شرطة جدة وتقدم ببلاغ رسمي وعلى ضوء ذلك تم البحث والتحري عن المذكور وأخذ العينات المخبرية «الحمض النووي» ومن خلال النتائج اتضح ان المذكور ليس محمد الغائب الذي يبحث عنه الأب المكلوم .. المشهد على غرابته يحكي الرغبة الطموح والاصرار الغريب لدى الأب في استعاده ابنه حتى ولو كلفه الأمر استجداء الغير واجبارهم على تحاليل الـ DNA التي يراها بعيونه طوق النجاه ونافذه الأمل .
من المغرب لليمن
ليس هذا فقط هو أبرز مشاهد السيناريو بل قطع الأب الزهراني مسافات طويلة إلى المغرب وبيروت ومصر واليمن وكل مدن المملكة على مدى عشرين عاما من أجل البحث عن صغير الأمس كبير اليوم و خسر أكثر من مليون ريال في السفر والترحال وما زال حتى اليوم - حسب قوله - يقدم قرابين المال من اجل الفوز بحلمه الضائع . الغريب أن الأسرة المكلومة وقعت في مشوار بحثها الطويل فريسة لحيل النصابين في كل وطن ممن يتخذون أوجاع الآخرين جسرا للتربح . فما بين الفترة والأخرى يظهر مدّع كذاب يداعب الأمل الساكن في القلوب ويوهم الأسرة بمعرفته بمكان ابنهم الغائب وعلى الفور وبدون تردد تنساق الأسرة كاملة وراء هذا الشعاع الخادع ويدفعون عزيز المال لينتهي الركض الى سراب و البحث الى ضياع المال وبقاء شبح الخيال.
تداعيات الاختفاء
عام وراء عام وبعد الأمل وطول رحلة البحث يخلفان البصمات الموجعة على الاب والام حتى أصيب الأب بمرض عضال في القلب استدعى اجراءه لعدة جراحات مكلفة فيما عانت زوجته من مرض نفسىي مزمن أقعدها المنزل بل وجعلها حبيسة الفراش . ورغم قسوة المرض التي تعرقل الأقدام الراكضة طيلة الـ 20عاما الا ان للأمل أقداما لا تمرض ولا زالت حتى الساعة تعيد مشوار البحث وكأن محمد الغائب من سنين فقد بالأمس القريب.
شامة على الظهر
الأب المكلوم الذي أرهقه الدين واعياه المرض ما زال ينادي المسؤولين بأعلى صوت ان يساعدوه فى الوصول الى مراكز بحثية وجنائية تستطيع أن ترسم صورة تقريبية لأبنه بناء على صورته وهو في عمر صغير آملا أن تكون الصورة مقاربة او متوقعة لهيئة ابنه الحالية والتي يبلغ من العمر 22 عاما وقال الزهراني اننا لا نبحث عن مال مفقود كي ننساه ولا وديعة ضائعة بل نبحث عن حلم قديم يعيد البسمة لأسرة كاملة ويرد العافية لأم حبسها البكاء وأقعدها غياب الابن الحبيب وبدأ الأب يستعيد ملامح صغيره وهو يبكي قائلا ان شامة بيضاء على ظهر ابني من جهة اليمين تميزه عن غيره كما ان شعره ليس كثيفا يميل الى السواد وعيناه عسليتان .
ألاعيب المشعوذين
ويضيف الزهراني لقد واجهت متاعب جمة في رحلة بحثي عن ابني طيلة عقدين من الزمن وكثيرا ما كانت تأتيني اتصالات من مجهولين يخبرونني ان ابني موجود هنا أو هناك وعندما اذهب الى الأماكن لا أجد الا سرابا.. لا انكر انني لجأت للمشعوذين والسحرة «وفاتحي الفنجان» كما يقولون في أوطان عدة فلم أجن الا النصب والاحتيال والمتاجرة بالأوجاع . نعم لقد كان مشوارا مخيبا للآمال. فالكل يبحث عن المال ولا يأبه بمتاعب اسرة تركض وراء صغيرها الضائع واليوم اتمنى أن يتبنى قضيتي أحد المراكز البحثية الرائدة التي ترصد بعيون التقنية ما لا نراه نحن وتعتمد على الأساليب الحديثة والصور التقريبية ربما تنجح في الوصول الى ابني وتحيي الأمل في أسرة تعيش في أسر الماضي المخيف.
فيلم وثائقي
وأكمل الزهراني لقد استضافتني احدى القنوات الفضائية في برنامج مفتوح وعرضت قصة ابني كاملة وكنت أتمنى أن يتابعها ابني في اي مكان كما أبدت شركة انتاج سعودية استعدادها لعمل فيلم وثائقي يروي قصة البحث التي استغرقت كل هذا الوقت وتصوير الرحلة معي في كل البلدان التي اتجهت اليها ولكني رفضت ذلك العرض فانا الان أعاني معاناة شديدة وحالتي الصحية والنفسية لا تستدعي القيام بذلك العمل كما ان الاماكن التي زرتها في عملية البحث كثيرة جدا هذا بخلاف ان الفيلم لن يرد لي مفقودا فلقد طرقت كل الابواب الموصدة فلم يجبني أحد .
فلاش باك
وبصوت تحبسه الدموع يستعيد عبدالله عبدالرحمن الزهراني تفاصيل وحكاية اليوم الأخير قائلا أقيمت صلاة المغرب ووقفنا جميعا لاداء الصلاة وعندما انتهيت وجدت عائلتي يبحثون عن الطفل ويعتقدون انه معي وانني اخذته وقت الصلاة لحظتها اصبت بحالة لا ادري ما هي وقمت بإبلاغ الشرطة في ذلك الحين، وبدأت انا وجميع اسرتي وكل اصدقائي واقاربي نبحث في كل ركن من الحرم، وسألنا ابنتي التي كان محمد في حضنها وقت الصلاة فقالت ان امرأة سمراء منقبة اخذته منها، بعد أن سألتها المساعدة حتى تذهب وتشرب وتعود لأخذ اخيها، وعند عودتها من برادة الماء لم تجد شقيقها ويضيف الزهراني لم نخرج يومها من الحرم الا بعد اليوم الثاني بعد ان انهكنا البحث والتعب والتفكير .
بين الحياة والموت
نحن أسرة مؤمنة بقضاء الله وقدره ونعلم جميعا أننا في امتحان صعب ينادي الصابرين ورغم قناعتنا بالأمر الا اننا مازلنا في حيرة هل نبكي صغيرنا ونحتسبه «ميتا» أم ننتظر قدومه في أي لحظة . صدقونا ما بين الموت والحياة دائرة نأمل أن يكون صغيرنا في داخلها يركض مثلما نركض ويبحث عنا مثلما نبحث عنه . كم اتمنى -وهذه أمنية الجالسين على جسر الأمل - ان يستعيد ابني مشهد الشهور السبعة وحضن الأم الدافىء وكوب زمزم والمرأة السوداء ويتذكر اننا نناديه من الباحة .. ليته يسمعنا.
الخميس, 12 مارس 2009
محمد البيضاني - الباحة
هي ليست حادثة مبكية ولا قصة انسانية موجعة بل موت بطيء برصاصة الغياب ونيران الاختفاء . تلك الرصاصة التي أصابت صدر طفل واحد وأدمت قلوب ذويه طيلة ربع قرن كامل . وعلى الرغم من غرابة سيناريو الفقد والذي تعجز الأقلام المبدعة عن رسم أحداثه إلا أن شاشة الحياة تعرضه اليوم وكأنها تبحث معنا عن الحي الميت . قصة غريبة الأحداث طويلة السنوات بطلها طفل لا يتجاوز السبعة أشهر من عمره فقدته أسرته المكلومة في ساحة الحرم المكي الشريف وتحديدا مع أذان صلاة المغرب قبل 22 عاما ولتبدأ الأسرة منذ ذلك التاريخ رحلة الركض بخطى يحركها الأمل وأخرى يقيدها اليأس بحثا عن “محمد” الطفل الذي ظل لصيق صدر أمه سبعة أشهر ولم يبعده عن هذا الحضن الدافىء إلا صلاة الركعات الثلاث.
ظنون المقربين ترجح وفاته على أيدي سارقيه فيما يؤكد الأمل الساكن في قلب الأم أن صغيرها حي يناديها من بعيد ويسألها الصدر الحنون وان السنوات الطويلة التي مرت سراعا لم تبدل حتى اليوم صوت صرخات الصغير في مسامعها ولم تغير وجه ضحكاته البريئة وانها حتما ستراه وستعرفه من بين ملايين البشر .. وبعيدا عن الفراق وتداعياته التي تمزق أوصال القلوب والغياب الذي جعل من الدموع المنسابة عنوانا لأسرة عبد الرحمن الزهراني أحد سكان جدة الا أن الحكاية تبقى مع الأيام درسا من أعظم دروس الأمل والرجاء بل قولوا الوفاء لوليد الرحم النظيف الذي جاء الى الحياه في حماية أب وأم فنزعه السارق من أحضان حراسه الأوفياء . .. فتعالوا نقرأ الوجع في عيون الأسرة ونتوقف أمام طول الرحلة والملايين التي القاها الأب رخيصة أملا في ان تكون جسرا لاستعادة ابنه ليس هذا فقط بل تعالوا نسمع صوت الأمل من شفاه الأم التي اختزلت كل حياتها في لفظة واحدة “ عد يا وليدي فالأحضان كما تركتها لا زالت تنتظر” الـ DNA
على غير طبيعة السرد المألوفة دعونا نبدأ بهذا المشهد من السيناريو الغريب ونختزل 22 عاما من عمر الحكاية لنؤكد فقط أن الأمل في القلوب لا يموت فلقد تواردت أنباء الى مسامع الأب عبد الرحمن الزهرانى بعد مرور أقل من ربع قرن عن غياب الصغير عن وجود شخص يقارب سن ابنه المفقود ويشابه لون بشرته يعمل لدى مؤسسة تجارية بجدة ويسكن مع أناس من ذوي البشرة السوداء وعلى الرغم من الشعاع الخافت إلا ان تباين اللون وقرب العمر أشعل الأمل في قلب الأسرة كاملة ودفع الأب للذهاب الى موقع عمل الشخص لكي يتمكن من رؤيته ويستوثق من المعلومة ولأن الأحاسيس هي بطاقة التعارف التي لا تكذب لم يستشعر الأب بوخزات القرب التي لا تخطئها القلوب ومع ذلك اتجه الى شرطة جدة وتقدم ببلاغ رسمي وعلى ضوء ذلك تم البحث والتحري عن المذكور وأخذ العينات المخبرية «الحمض النووي» ومن خلال النتائج اتضح ان المذكور ليس محمد الغائب الذي يبحث عنه الأب المكلوم .. المشهد على غرابته يحكي الرغبة الطموح والاصرار الغريب لدى الأب في استعاده ابنه حتى ولو كلفه الأمر استجداء الغير واجبارهم على تحاليل الـ DNA التي يراها بعيونه طوق النجاه ونافذه الأمل .
من المغرب لليمن
ليس هذا فقط هو أبرز مشاهد السيناريو بل قطع الأب الزهراني مسافات طويلة إلى المغرب وبيروت ومصر واليمن وكل مدن المملكة على مدى عشرين عاما من أجل البحث عن صغير الأمس كبير اليوم و خسر أكثر من مليون ريال في السفر والترحال وما زال حتى اليوم - حسب قوله - يقدم قرابين المال من اجل الفوز بحلمه الضائع . الغريب أن الأسرة المكلومة وقعت في مشوار بحثها الطويل فريسة لحيل النصابين في كل وطن ممن يتخذون أوجاع الآخرين جسرا للتربح . فما بين الفترة والأخرى يظهر مدّع كذاب يداعب الأمل الساكن في القلوب ويوهم الأسرة بمعرفته بمكان ابنهم الغائب وعلى الفور وبدون تردد تنساق الأسرة كاملة وراء هذا الشعاع الخادع ويدفعون عزيز المال لينتهي الركض الى سراب و البحث الى ضياع المال وبقاء شبح الخيال.
تداعيات الاختفاء
عام وراء عام وبعد الأمل وطول رحلة البحث يخلفان البصمات الموجعة على الاب والام حتى أصيب الأب بمرض عضال في القلب استدعى اجراءه لعدة جراحات مكلفة فيما عانت زوجته من مرض نفسىي مزمن أقعدها المنزل بل وجعلها حبيسة الفراش . ورغم قسوة المرض التي تعرقل الأقدام الراكضة طيلة الـ 20عاما الا ان للأمل أقداما لا تمرض ولا زالت حتى الساعة تعيد مشوار البحث وكأن محمد الغائب من سنين فقد بالأمس القريب.
شامة على الظهر
الأب المكلوم الذي أرهقه الدين واعياه المرض ما زال ينادي المسؤولين بأعلى صوت ان يساعدوه فى الوصول الى مراكز بحثية وجنائية تستطيع أن ترسم صورة تقريبية لأبنه بناء على صورته وهو في عمر صغير آملا أن تكون الصورة مقاربة او متوقعة لهيئة ابنه الحالية والتي يبلغ من العمر 22 عاما وقال الزهراني اننا لا نبحث عن مال مفقود كي ننساه ولا وديعة ضائعة بل نبحث عن حلم قديم يعيد البسمة لأسرة كاملة ويرد العافية لأم حبسها البكاء وأقعدها غياب الابن الحبيب وبدأ الأب يستعيد ملامح صغيره وهو يبكي قائلا ان شامة بيضاء على ظهر ابني من جهة اليمين تميزه عن غيره كما ان شعره ليس كثيفا يميل الى السواد وعيناه عسليتان .
ألاعيب المشعوذين
ويضيف الزهراني لقد واجهت متاعب جمة في رحلة بحثي عن ابني طيلة عقدين من الزمن وكثيرا ما كانت تأتيني اتصالات من مجهولين يخبرونني ان ابني موجود هنا أو هناك وعندما اذهب الى الأماكن لا أجد الا سرابا.. لا انكر انني لجأت للمشعوذين والسحرة «وفاتحي الفنجان» كما يقولون في أوطان عدة فلم أجن الا النصب والاحتيال والمتاجرة بالأوجاع . نعم لقد كان مشوارا مخيبا للآمال. فالكل يبحث عن المال ولا يأبه بمتاعب اسرة تركض وراء صغيرها الضائع واليوم اتمنى أن يتبنى قضيتي أحد المراكز البحثية الرائدة التي ترصد بعيون التقنية ما لا نراه نحن وتعتمد على الأساليب الحديثة والصور التقريبية ربما تنجح في الوصول الى ابني وتحيي الأمل في أسرة تعيش في أسر الماضي المخيف.
فيلم وثائقي
وأكمل الزهراني لقد استضافتني احدى القنوات الفضائية في برنامج مفتوح وعرضت قصة ابني كاملة وكنت أتمنى أن يتابعها ابني في اي مكان كما أبدت شركة انتاج سعودية استعدادها لعمل فيلم وثائقي يروي قصة البحث التي استغرقت كل هذا الوقت وتصوير الرحلة معي في كل البلدان التي اتجهت اليها ولكني رفضت ذلك العرض فانا الان أعاني معاناة شديدة وحالتي الصحية والنفسية لا تستدعي القيام بذلك العمل كما ان الاماكن التي زرتها في عملية البحث كثيرة جدا هذا بخلاف ان الفيلم لن يرد لي مفقودا فلقد طرقت كل الابواب الموصدة فلم يجبني أحد .
فلاش باك
وبصوت تحبسه الدموع يستعيد عبدالله عبدالرحمن الزهراني تفاصيل وحكاية اليوم الأخير قائلا أقيمت صلاة المغرب ووقفنا جميعا لاداء الصلاة وعندما انتهيت وجدت عائلتي يبحثون عن الطفل ويعتقدون انه معي وانني اخذته وقت الصلاة لحظتها اصبت بحالة لا ادري ما هي وقمت بإبلاغ الشرطة في ذلك الحين، وبدأت انا وجميع اسرتي وكل اصدقائي واقاربي نبحث في كل ركن من الحرم، وسألنا ابنتي التي كان محمد في حضنها وقت الصلاة فقالت ان امرأة سمراء منقبة اخذته منها، بعد أن سألتها المساعدة حتى تذهب وتشرب وتعود لأخذ اخيها، وعند عودتها من برادة الماء لم تجد شقيقها ويضيف الزهراني لم نخرج يومها من الحرم الا بعد اليوم الثاني بعد ان انهكنا البحث والتعب والتفكير .
بين الحياة والموت
نحن أسرة مؤمنة بقضاء الله وقدره ونعلم جميعا أننا في امتحان صعب ينادي الصابرين ورغم قناعتنا بالأمر الا اننا مازلنا في حيرة هل نبكي صغيرنا ونحتسبه «ميتا» أم ننتظر قدومه في أي لحظة . صدقونا ما بين الموت والحياة دائرة نأمل أن يكون صغيرنا في داخلها يركض مثلما نركض ويبحث عنا مثلما نبحث عنه . كم اتمنى -وهذه أمنية الجالسين على جسر الأمل - ان يستعيد ابني مشهد الشهور السبعة وحضن الأم الدافىء وكوب زمزم والمرأة السوداء ويتذكر اننا نناديه من الباحة .. ليته يسمعنا.
تعليق