المختصر / التفاؤل في غمرة الأزمات منهج نبوي حيث بشر سراقة بسواري كسرى وهو صلى الله عليه وسلم مطارد من مكة وبشر الصحابة بكنوز كسرى وقيصر أثناء حفر خندق غزوة الأحزاب وتفاؤلنا بمجريات الأحداث في غزة لايعتمد فقط على النصوص الشرعية المبشرة بالنصر ولكن ومن باب ليطمئن قلبي تجد له الكثير من الشواهد الواقعية في الأحداث.
وقبل عرض ملامح النصر نحتاج لبيان ماهية النصر وحقيقته ومستوياته فهناك نصر قريب وآخر بعيد وبينهما درجات ومستويات وقد يختصر مفهوم النصر بنوعين خاص وعام فالخاص والمستوى القريب للنصر هو النصر في معركة والنوع العام للنصر هو نتائج معركة ما وآثارها فقد يهزم جيش في معركة لكنه ينتصر من حيث عدم تحقيق العدو للهدف من المعركة .
وإن أعظم النصر هو فوز المبادئ والقيم ولذا قال الله عن جنة المؤمنين بعد عرض قصة أصحاب الأخدود وماحصل لهم من الإبادة الجماعية حرقا بسبب ثباتهم على دينهم ومبادئهم (ذلك الفوز الكبير) ومن قبلهم الغلام الذي أرشد الملك لكيفية قتله أمام الناس ليدخلوا بعد ذلك في دين الغلام فتنتصر مبادئه على حساب حياته.
ولذا لاتجد من يلوم الجزائريين على التضحية بمليون للتحرر من الاستعمار ولا تجد من يلوم الشعب الليبي على التضحية بنصف الشعب كذلك فكيف يصح بعد ذلك لوم الفلسطينيين على التضحية ب900 شهيد بل إن الشهادة في حد ذاتها مكسب عظيم كيف لا وهي الدرجة الثالثة في الجنة بعد الأنبياء والصديقين ؟
قال تعالى (( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)(
وقال تعالى (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ)
وقال تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ (
وقال تعالى (الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)
إن ثبات أهل غزة في محرقة الأخدود الثانية لشيء عجب ! فقط تأمل كيف يتحدث عوامهم للقنوات وقد قتل لهم قبل ساعات عدة قتلى فلا تجدهم إلا في الأغلب صابرون لدرجة عدم البكاء وإن بكوا فبلا جزع وإذا كان هذا حال العوام فكيف بحال المجاهدين ؟ وهذا الثبات نصر معنوي وسبيل لتحقيق النصر الحربي
وفي صبرهم وثباتهم وحبهم للشهادة قدوة عظيمة للأمة لاسيما مع النقل المباشر وإحياء لقيم طالما سعى الأعداء لإخمادها فحتى لو أصبح مصير أهل غزة كمصير أهل الأخدود فيكفيهم نصرا أن أحيوا أمتهم بدماءهم وهذا الخطر العظيم على الأعداء هو مايدفعهم لسرعة إيقاف المعارك دوليا لا رحمة بأهل غزة
ومن ملامح النصر أن تحشد دولة جيشها الذي يعد الخامس في القوة على مستوى العالم وبطيرانه الرابع على مستوى العالم ودباباته الأحصن وسفنه وغواصاته وعشرات الآلاف من جنوده بالإضافة لقواته الخاصة المدربة تدريبا عاليا فتحشد كل هذا أمام منظمة محاصرة في رقعة صغير لا تساوي نصف مدينة عربية ولا تملك 1% من سلاح عدوها فلا طائرات ولا دبابات ولا سفن ولا مدافع.
قال تعالى {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}.
وقال تعالى( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ)
وما أشبه حال أهل غزة في ضعفهم أمام عدوهم بحال أهل بدر حين وصفهم الله بقوله تعالى: ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون)
وكيف سيفعل الصهاينة لو كانت حماس دولة تملك الطائرات والدبابات ؟
(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)
ومنذ احتلال فلسطين قبل ستين عاما هذه أول معركة حقيقية تجري على أرض فلسطين وستتلوها بأذن الله معارك تحرير كل فلسطين.
لقد اكتسح اليهود عام 67 في أربعة أيام فقط جيوش ثلاث دول عربية واحتلوا مساحات شاسعة من أراضيها والآن يقفون منذ أسبوعين عاجزين أمام منظمة جهادية محاصرة عديدها بضعة الآف وعدتها رشاشات وقذائف صغيرة وألغام فيقف اليهود مترددين خائفين من الدخول حتى للمناطق المكشوفة إلا بعد عشرة أيام من القصف الجوي الهائل (ضٌرِبتْ عليهم الذلة والمسكنة) ،(ولتجدنهم أحرص الناس على حياة) ،(لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر)،(اذهب وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) ولا قيمة للسلاح بيد جبان يحرص على حياته ويستمريء الذل والهوان كي يحافظ عليها
ومن ملامح النصر أن بني صهيون قد أعلنوها حربا على الله عز وجل بتدمير بيوته على رؤوس أولياءه فهدموا حتى الآن 15 مسجدا وقتلوا المصلين حتى من الأطفال ولاتستغرب ذلك منهم ألم يقتلوا نبي الله يحي بن زكريا من قبل وغيره من الأنبياء ؟ ومن قتل نبيا فلن يتورع عن قتل صائم لعاشوراء يصومه فرحا بنجاة أجداد بني إسرائيل مع موسى من ظلم فرعون.
وقد كتب أحد الصهاينة مستغربا ضعف ردة فعل المسلمين على هذه الجرائم وقد قال عز وجل ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) فنحن نترقب خزيهم في الدنيا.
وقبل ذلك حاربوا الله بانتهاك حرمة السبت التي نهوا عنها وعوقبوا على انتهاكها فكان بداية القصف يوم السبت غير عابئين بجرمهم: قال تعالى : وقلنا لهم لا تعدو في السبت وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً) لكنهم تعدو ونقضوا الميثاق فكان العقاب: ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين) وعقاب ثان : (أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا) وترقبوهم عند الهزيمة وهو ينسبونها لتعديهم على حرمة يوم السبت.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم _ إن الله تعالى قال :-من عادا لي وليا فقد آذنته بالحرب) فإنما حقيقة المعركة بين الله عز وجل وبين بني صهيون.
ومن ملامح النصر ورغم حجم القصف الجوي الهائل الذي وصل حتى الآن إلى 1430 عملية قصف إلا أنهم عجزوا في الضربة المفاجئة الهائلة الأولى عن قتل أي قائد من قادة حماس المدنيين فضلا عن العسكريين ولم يستطيعوا خلال أسبوعين إلا أن يقتلوا قائدا ميدانيا واحدا فكان من عجزهم وعظيم حنقهم أن قصفوا منزل الشيخ نزار ريان ليقتلوه مع 13 طفلا وامرأة ولم يقصفوه في اليوم الأول ولا الثاني بل بعد أكثر من أسبوع مع علمهم بعدم اختفاءه لكن لما عجزوا عن غيره من القادة العسكريين والسياسين لجئوا إلى حيلة العاجز وقد طالب المتحدث العسكري الصهيوني قادة حماس بالظهور إن كانوا شجعانا متهما إياهم بالجبن !!
ومن ملامح النصر استيعاب حماس للضربة الأولى و(الصبر عند الصدمة الأولى) رغم أنها كانت مفاجئة وعنيفة واستهدفت الشرطة المدنية ليختل الأمن بمساعدة المنافقين والعملاء لتنهار سيطرة حماس ويستولي العملاء على غزة لكن كانت مفاجأة حماس لهم بسيطرتها التامة ولبس جنود الشرطة لملابس مدنية مع استمرار العمل.
(كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين)
ومن ملامح النصر عدم إعلان العدو عن أهداف المعركة بشكل واضح وحرصهم على التعميم حين الحديث عن الأهداف وذلك منذ بدء المعركة وهذا دليل على مدى خشيتهم من الفشل في تحقيق أهدافهم إذا حددوها بوضوح لكن يلاحظ أنهم قد وضعوا سقفا عاليا حالما بالقضاء على سلطة حماس ووضعوا حدا أدنى بمنع إطلاق الصواريخ كما فعلوا مع حزب الله قبل سنتين ونجحوا فهم يعيدون تطبيق سيناريوا حرب لبنان الأخيرة ورغم وجودهم المكثف جويا ودخول دباباتهم لمناطق غزة المكشوفة إلا أنهم فوجئوا باستمرار إطلاق الصواريخ بمعدل كبير يوميا يتجاوز 40 صاروخ كما فوجئوا بزيادة مداه ليضاعف عدد اليهود الواقعين تحت مداه إلى أربعة أضعاف ماقبل الحرب (ليحاصر مليون صهيوني مقابل حصارهم لمليون فلسطيني بغزة) وليعطل الحركة الاقتصادية في ذلك المدى وليقصف قواعد عسكرية لم تقصف من قبل مطلقا بل ونجد كل يوم هدف جديد يقصف لأول مرة وليقترب في مداه من تل أبيب ومفاعل ديمونا فلم يبق بينه وبينهما سوى 20 كم فقط وآخر منجزات هذه الصواريخ ضرب قاعدة الصواريخ المضادة للصواريخ !! (وكأنك يا أبو زيد ما غزيت).
وبناء عليه خفض قادة العدو سقف مطالبهم وأهدافهم إلى منع تهريب الأسلحة من مصر.
كما أن توقيت المعركة وأهدافها قد قدمت فيه المصالح الشخصية لعصابة الثلاثة ما بين انتخابية لباراك وليفني وتلميع صورة لأولمرت وعندما يكون الهم في المعارك شخصيا فبشرهم بالفشل
ومن ملامح النصر استهداف الصهاينة للشرطة والمباني الحكومية والمؤسسات ثم التركيز على المدنيين والأطفال ثم المسعفين والأطباء والمساجد ثم الصليب الأحمر الدولي ومدنيي مدارس الأمم المتحدة وأخيرا الصحفيين واستخدام أسلحة محرمة دوليا رغم ما يجلبه كل ذلك عليهم من عداوات إسلامية وعالمية إلا أن حنقهم وعجزهم عن ضرب قادة حماس جعلهم يصبون جام حقدهم على هؤلاء الأبرياء لعلهم يوهنون من عزم حماس حماية للمدنيين حتى كتب أحدهم أن مانفعله يلغي كل جهودنا في إلغاء العداوة لليهود من مناهج العرب الدراسية
ومن ملامح النصر حدوث الخلافات بين قادة هذا العدوان وهم الثلاثي أولمرت وباراك وليفني كما كتبت عن ذلك الصحافة الصهيونية والعجب أن وزير الدفاع يرفض مطالبة أولمرت وليفني بتنفيذ المرحلة الثالثة ودخول مدينة غزة خوفا مما أعدته المقاومة لجنوده (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) ومعركة يقودها ثلاثة حرية بالفشل والبوار.
ومن ملامح النصر ماتبين خلال أسبوعين من المعارك من قدرات وأسلحة المقاومة من صواريخ بعيدة المدى إلى قذائف 29 التي لاتوجد سوى في دولتين عربيتين وأنفاق واضطرار العدو لاستخدام ال إف 16 بدلا من المروحيات خشية من اسقاطها بالإضافة إلى براعة استراتيجية استخدام الصواريخ بمعدل ثابت يوميا وبتوسيع المدى تدريجيا وجر العدو لحرب استنزاف طويلة واختراق إذاعة الجيش الصهيوني ولاسلكيه وغير ذلك من الملامح العسكرية.
وعندما نزل قول الله تعالى: وأعدو لهم ما استطعتم من قوة) دلنا الرسول صلى الله عليه وسلم على تلك القوة بقوله: ألا إن القوة الرمي) وصواريخ القسام خير شاهد واقعي.
ومع بساطة تلك الصواريخ إلا أنك تتعجب من كثرة إصابتها لليهود ومنازلهم لتوقن بقوله عز وجل : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) ثم مع قلة أثرها من حيث عدد القتلى تجد لها أثرا عظيما على مستوى الرعب لتعلم أن أمة ممحد صلى الله عليه وسلم قد منحها الله نصيبا من قوله صلى الله عليه وسلم : نصرت بالرعب مسيرة شهر)
ومن ملامح النصر الانتصار في المعركة الإعلامية لدرجة جعلت المتحدث الإعلامي باسم الجيش الصهيوني يتحدث بعصبية زائدة وبتناقض كثير وقد طالب أحد الصهاينة بطرد الجزيرة متهما إياها بأنها قناة جهادية !!
وفعلا فإن قناة الجزيرة قد خاضت نصف المعركة بجهادها الإعلامي الذي أثر على الملايين من المسلمين
وقارن ردة الفعل على هذه المذبحة بردة الفعل على مجزرة صبرا وشاتيلا التي بلغ قتلاها 1700 ولم يعلم بها العالم إلا بعد انقضائها.
أما قناة الأقصى فقد شنت حربا إعلامية حتى باللغة العبرية ونجحت في عرض أبشع جرائم المجزرة ليراها العالم.
ومن ملامح النصر إعادة القضية إلى بعدها الإسلامي بعدما ضاعت بين القومية والوطنية فهذه معركة جهادية تخوضها منظمة إسلامية يؤيدها مئات الملايين من المسلمين عبر العالم بعدما كاد حكام العرب أن يبيعوها مقابل 20% من أرض فلسطين.
ومن ملامح النصر توحيد الأمة وتضامنها خلف أهل غزة بدرجة لم تعهد من قبل حتى أصبحت ترى مليون متظاهر في المغرب ومليون ثان في تركيا رغم 80 عاما من التغريب ومئات الآلاف في اليمن وغيرها وهذا يشكل جرس إنذار للأعداء بأن أمتنا بدأت تصحو من رقدتها وبدأت تصبوا للجهاد وهو ماقد يعجل بمحاولة إنهاء الحرب من قبل الغرب.
ومن ملامح النصر المسارعة الدولية لإنقاذ بني صهيون من مأزقهم بعدما لاحت نذر الهزيمة فلقد كشفت مصادر إعلامية أن دول الغرب قد منحت الصهاينة أسبوعين لتحقيق أهدافهم وبعدها سيضطرون للتدخل لإيقاف المجزرة وهو ماحصل لكن بعد فشل الصهاينة في تحقيق أهدافهم وهنا تنكشف العقلية الصهيونية التي جلاها الله لنا في قصة البقرة عندما أمرهم بذبح أي بقرة فطالبوا بتحديد سنها فحددها بأنها لافارض ولابكر فطلبوا تحديد اللون فحدده بالأصفر فطلبوا المزيد من التحديد بحجة أن البقر تشابه عليهم فحددها بأنها (لاذلول تثير الأرض ولاتسقي الحرث مسلمة لاشية فيها ) بلم يجدوا هذه المواصفات إلا في واحدة فاضطروا لشرائها بثمن كبير والآن يكررون نفس الخطأ حيث لم يكفهم هذا التدخل الإنقاذي بل رفضوه مطالبين بالمزيد من الإنجاز لهم على يد مجلس الأمن ضد حماس
وقارن بين سرعة تدخل الرئيس الفرنسي لإنقاذ جورجيا من روسيا رغم أن جورجيا هي المعتدية قارنه ببطئ تدخله في غزة لتعلم أي مكيال يكيل لنا به الغرب الصليبي.
وانظر كيف يطالب الغرب بمحاكمة البشير في محكمة العدل الدولية على قتلى دار فور مع عدم ظهور أدلة واضحة على اتهامه وبالمقابل يمنح جائزة نوبل للسلام لرئيس الصهاينة بيريز جزار قانا وغزة
وبوش يعدم صدام على قتله 148 عراقي حاولوا اغتياله ويرفض مجرد إدانة ذبح 900 غزي بل يبرره بأنه دفاعي
ثم يصدر بيان نعي لكلبه أما الغزيون فلا يستحقون حتى مجرد كلام فارغ.
إن هذا السقوط الأخلاقي الكبير للغرب لهو خطوة هامة في طريق عودة كثير من المخدوعين بقيم الغرب الزائفة لأمتهم والتماس طريق العزة الصحيح.
وصدق رسولنا صلى الله عليه وسلم حين قال: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قيل: يا رسول الله! فمن قلة يومئذ؟ قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، يجعل الوهن في قلوبكم، وينزع الرعب من قلوب عدوكم؛ لحبكم الدنيا، وكراهيتكم الموت". [أحمد/صحيح الجامع1359].
ومن ملامح النصر عودة الأمة لعقيدة الولاء والبراء وراقب هذا الولاء الكبير غير المسبوق من عموم المسلمين للمؤمنين في غزة بمشاعرهم واهتمامهم ودعواتهم وأموالهم وراقب صور البراء من الكافرين من يهود وصليبيين : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) لينكشف بذلك زيف السلام المستند على منح 80% من فلسطين ليهود مقابل 20 للفلسطينيين مع التنازل عن حق العودة.
ومن ملامح النصر فشل المنافقين العرب والفلسطينيين في استثمار الحرب لإسقاط حماس شعبيا بتحميلها مسؤولية الحرب وفشلوا في إسقاط سلطتها بغزة على ظهر الدبابات الإسرائيلية وفوجئوا بحجم الرد الفاضح لردتهم المزلزل لعروشهم فسارعوا بعد يومين فقط من بدء العدوان بالتراجع عن تصريحاتهم (ولتعرفنهم في لحن القول) وتبرير مواقفهم التي كشفت حقيقة نفاقهم والدعوة للمصالحة مع حماس وفتح معبر رفح جزئيا( عجبا لمن يعلم أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها ثم لايتورع عن حبس مليون ونصف مسلم) وقد كان لأحبائهم من الصهاينة دور كبير في كشف مواقفهم وكلامهم عبر الصحافة الصهيونية وأنهم طالبوهم بضرب حماس وتأديبها.
وتأمل مقالاتهم وموقفهم لتجدها قد تكررت من قبل كما بين الله ذلك في سورة محمد:
إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (26)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (27)
فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (28)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (29)
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (30)
وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (31)
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (32)
وقد يطالب البعض بتأجيل الخلاف مع المنافقين حتى انتهاء المعركة متناسيا أنهم طابور خامس يحارب مع العدو وتدبر آيات النفاق في القران تجدها قد نزلت في معارك كبرى لتفضحهم وتكف شرهم عن المجاهدين.
ومن ملامح النصر تحول المعركة من معركة عسكرية إلى سياسية عبر مجلس الأمن بعد الفشل العسكري للصهاينة لأنهم قد استنفدوا وسائل إرهاب أهل غزة ولم تجد نفعا ولم يبق إلا انتحار الصهاينة بدخول غزة أو الانسحاب عبر مجلس الأمن والمبادرة المصرية وقد تتوقف الحرب خلال يوم أو يومين والله أعلم.
وقد يكون من أسباب سرعة إصدار مجلس الأمن لقرار وقف الحرب خشية الغرب من انفلات زمام المعركة بعد إطلاق صاروخين من لبنان والذي أعقبه صدور القرار.
ولئن كانت إسرائيل قد حققت غرضها في حرب لبنان عبر التزام حزب الله التام بعدم إطلاق صواريخ خلال عامين وتبريه من صاروخي الأسبوع الماضي ومسارعة حزب الله للموافقة على قرار مجلس الأمن بوقف حرب لبنان لكن إسرائيل تواجه مشكلة مع رفض حماس لقرار مجلس الأمن أو إيقاف الصواريخ قبل تنفيذ مطالبها رغم أن معاناتها أكبر من معاناة حزب الله في حربه السابقه لكن يثبت الله من يشاء.
فالمعركة الآن سياسية لحرمان حماس من قطف ثمرة انتصارها والعمل على خنقها بعد العجز عن طعنها, وأداء حماس حتى الآن يبشر بمشيئة الله بانتصار سياسي يجني ثمرة انتصارها العسكري.
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ )
وروى ابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك". قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
وقبل عرض ملامح النصر نحتاج لبيان ماهية النصر وحقيقته ومستوياته فهناك نصر قريب وآخر بعيد وبينهما درجات ومستويات وقد يختصر مفهوم النصر بنوعين خاص وعام فالخاص والمستوى القريب للنصر هو النصر في معركة والنوع العام للنصر هو نتائج معركة ما وآثارها فقد يهزم جيش في معركة لكنه ينتصر من حيث عدم تحقيق العدو للهدف من المعركة .
وإن أعظم النصر هو فوز المبادئ والقيم ولذا قال الله عن جنة المؤمنين بعد عرض قصة أصحاب الأخدود وماحصل لهم من الإبادة الجماعية حرقا بسبب ثباتهم على دينهم ومبادئهم (ذلك الفوز الكبير) ومن قبلهم الغلام الذي أرشد الملك لكيفية قتله أمام الناس ليدخلوا بعد ذلك في دين الغلام فتنتصر مبادئه على حساب حياته.
ولذا لاتجد من يلوم الجزائريين على التضحية بمليون للتحرر من الاستعمار ولا تجد من يلوم الشعب الليبي على التضحية بنصف الشعب كذلك فكيف يصح بعد ذلك لوم الفلسطينيين على التضحية ب900 شهيد بل إن الشهادة في حد ذاتها مكسب عظيم كيف لا وهي الدرجة الثالثة في الجنة بعد الأنبياء والصديقين ؟
قال تعالى (( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)(
وقال تعالى (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ)
وقال تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ (
وقال تعالى (الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)
إن ثبات أهل غزة في محرقة الأخدود الثانية لشيء عجب ! فقط تأمل كيف يتحدث عوامهم للقنوات وقد قتل لهم قبل ساعات عدة قتلى فلا تجدهم إلا في الأغلب صابرون لدرجة عدم البكاء وإن بكوا فبلا جزع وإذا كان هذا حال العوام فكيف بحال المجاهدين ؟ وهذا الثبات نصر معنوي وسبيل لتحقيق النصر الحربي
وفي صبرهم وثباتهم وحبهم للشهادة قدوة عظيمة للأمة لاسيما مع النقل المباشر وإحياء لقيم طالما سعى الأعداء لإخمادها فحتى لو أصبح مصير أهل غزة كمصير أهل الأخدود فيكفيهم نصرا أن أحيوا أمتهم بدماءهم وهذا الخطر العظيم على الأعداء هو مايدفعهم لسرعة إيقاف المعارك دوليا لا رحمة بأهل غزة
ومن ملامح النصر أن تحشد دولة جيشها الذي يعد الخامس في القوة على مستوى العالم وبطيرانه الرابع على مستوى العالم ودباباته الأحصن وسفنه وغواصاته وعشرات الآلاف من جنوده بالإضافة لقواته الخاصة المدربة تدريبا عاليا فتحشد كل هذا أمام منظمة محاصرة في رقعة صغير لا تساوي نصف مدينة عربية ولا تملك 1% من سلاح عدوها فلا طائرات ولا دبابات ولا سفن ولا مدافع.
قال تعالى {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}.
وقال تعالى( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ)
وما أشبه حال أهل غزة في ضعفهم أمام عدوهم بحال أهل بدر حين وصفهم الله بقوله تعالى: ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون)
وكيف سيفعل الصهاينة لو كانت حماس دولة تملك الطائرات والدبابات ؟
(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)
ومنذ احتلال فلسطين قبل ستين عاما هذه أول معركة حقيقية تجري على أرض فلسطين وستتلوها بأذن الله معارك تحرير كل فلسطين.
لقد اكتسح اليهود عام 67 في أربعة أيام فقط جيوش ثلاث دول عربية واحتلوا مساحات شاسعة من أراضيها والآن يقفون منذ أسبوعين عاجزين أمام منظمة جهادية محاصرة عديدها بضعة الآف وعدتها رشاشات وقذائف صغيرة وألغام فيقف اليهود مترددين خائفين من الدخول حتى للمناطق المكشوفة إلا بعد عشرة أيام من القصف الجوي الهائل (ضٌرِبتْ عليهم الذلة والمسكنة) ،(ولتجدنهم أحرص الناس على حياة) ،(لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر)،(اذهب وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) ولا قيمة للسلاح بيد جبان يحرص على حياته ويستمريء الذل والهوان كي يحافظ عليها
ومن ملامح النصر أن بني صهيون قد أعلنوها حربا على الله عز وجل بتدمير بيوته على رؤوس أولياءه فهدموا حتى الآن 15 مسجدا وقتلوا المصلين حتى من الأطفال ولاتستغرب ذلك منهم ألم يقتلوا نبي الله يحي بن زكريا من قبل وغيره من الأنبياء ؟ ومن قتل نبيا فلن يتورع عن قتل صائم لعاشوراء يصومه فرحا بنجاة أجداد بني إسرائيل مع موسى من ظلم فرعون.
وقد كتب أحد الصهاينة مستغربا ضعف ردة فعل المسلمين على هذه الجرائم وقد قال عز وجل ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) فنحن نترقب خزيهم في الدنيا.
وقبل ذلك حاربوا الله بانتهاك حرمة السبت التي نهوا عنها وعوقبوا على انتهاكها فكان بداية القصف يوم السبت غير عابئين بجرمهم: قال تعالى : وقلنا لهم لا تعدو في السبت وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً) لكنهم تعدو ونقضوا الميثاق فكان العقاب: ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين) وعقاب ثان : (أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا) وترقبوهم عند الهزيمة وهو ينسبونها لتعديهم على حرمة يوم السبت.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم _ إن الله تعالى قال :-من عادا لي وليا فقد آذنته بالحرب) فإنما حقيقة المعركة بين الله عز وجل وبين بني صهيون.
ومن ملامح النصر ورغم حجم القصف الجوي الهائل الذي وصل حتى الآن إلى 1430 عملية قصف إلا أنهم عجزوا في الضربة المفاجئة الهائلة الأولى عن قتل أي قائد من قادة حماس المدنيين فضلا عن العسكريين ولم يستطيعوا خلال أسبوعين إلا أن يقتلوا قائدا ميدانيا واحدا فكان من عجزهم وعظيم حنقهم أن قصفوا منزل الشيخ نزار ريان ليقتلوه مع 13 طفلا وامرأة ولم يقصفوه في اليوم الأول ولا الثاني بل بعد أكثر من أسبوع مع علمهم بعدم اختفاءه لكن لما عجزوا عن غيره من القادة العسكريين والسياسين لجئوا إلى حيلة العاجز وقد طالب المتحدث العسكري الصهيوني قادة حماس بالظهور إن كانوا شجعانا متهما إياهم بالجبن !!
ومن ملامح النصر استيعاب حماس للضربة الأولى و(الصبر عند الصدمة الأولى) رغم أنها كانت مفاجئة وعنيفة واستهدفت الشرطة المدنية ليختل الأمن بمساعدة المنافقين والعملاء لتنهار سيطرة حماس ويستولي العملاء على غزة لكن كانت مفاجأة حماس لهم بسيطرتها التامة ولبس جنود الشرطة لملابس مدنية مع استمرار العمل.
(كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين)
ومن ملامح النصر عدم إعلان العدو عن أهداف المعركة بشكل واضح وحرصهم على التعميم حين الحديث عن الأهداف وذلك منذ بدء المعركة وهذا دليل على مدى خشيتهم من الفشل في تحقيق أهدافهم إذا حددوها بوضوح لكن يلاحظ أنهم قد وضعوا سقفا عاليا حالما بالقضاء على سلطة حماس ووضعوا حدا أدنى بمنع إطلاق الصواريخ كما فعلوا مع حزب الله قبل سنتين ونجحوا فهم يعيدون تطبيق سيناريوا حرب لبنان الأخيرة ورغم وجودهم المكثف جويا ودخول دباباتهم لمناطق غزة المكشوفة إلا أنهم فوجئوا باستمرار إطلاق الصواريخ بمعدل كبير يوميا يتجاوز 40 صاروخ كما فوجئوا بزيادة مداه ليضاعف عدد اليهود الواقعين تحت مداه إلى أربعة أضعاف ماقبل الحرب (ليحاصر مليون صهيوني مقابل حصارهم لمليون فلسطيني بغزة) وليعطل الحركة الاقتصادية في ذلك المدى وليقصف قواعد عسكرية لم تقصف من قبل مطلقا بل ونجد كل يوم هدف جديد يقصف لأول مرة وليقترب في مداه من تل أبيب ومفاعل ديمونا فلم يبق بينه وبينهما سوى 20 كم فقط وآخر منجزات هذه الصواريخ ضرب قاعدة الصواريخ المضادة للصواريخ !! (وكأنك يا أبو زيد ما غزيت).
وبناء عليه خفض قادة العدو سقف مطالبهم وأهدافهم إلى منع تهريب الأسلحة من مصر.
كما أن توقيت المعركة وأهدافها قد قدمت فيه المصالح الشخصية لعصابة الثلاثة ما بين انتخابية لباراك وليفني وتلميع صورة لأولمرت وعندما يكون الهم في المعارك شخصيا فبشرهم بالفشل
ومن ملامح النصر استهداف الصهاينة للشرطة والمباني الحكومية والمؤسسات ثم التركيز على المدنيين والأطفال ثم المسعفين والأطباء والمساجد ثم الصليب الأحمر الدولي ومدنيي مدارس الأمم المتحدة وأخيرا الصحفيين واستخدام أسلحة محرمة دوليا رغم ما يجلبه كل ذلك عليهم من عداوات إسلامية وعالمية إلا أن حنقهم وعجزهم عن ضرب قادة حماس جعلهم يصبون جام حقدهم على هؤلاء الأبرياء لعلهم يوهنون من عزم حماس حماية للمدنيين حتى كتب أحدهم أن مانفعله يلغي كل جهودنا في إلغاء العداوة لليهود من مناهج العرب الدراسية
ومن ملامح النصر حدوث الخلافات بين قادة هذا العدوان وهم الثلاثي أولمرت وباراك وليفني كما كتبت عن ذلك الصحافة الصهيونية والعجب أن وزير الدفاع يرفض مطالبة أولمرت وليفني بتنفيذ المرحلة الثالثة ودخول مدينة غزة خوفا مما أعدته المقاومة لجنوده (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) ومعركة يقودها ثلاثة حرية بالفشل والبوار.
ومن ملامح النصر ماتبين خلال أسبوعين من المعارك من قدرات وأسلحة المقاومة من صواريخ بعيدة المدى إلى قذائف 29 التي لاتوجد سوى في دولتين عربيتين وأنفاق واضطرار العدو لاستخدام ال إف 16 بدلا من المروحيات خشية من اسقاطها بالإضافة إلى براعة استراتيجية استخدام الصواريخ بمعدل ثابت يوميا وبتوسيع المدى تدريجيا وجر العدو لحرب استنزاف طويلة واختراق إذاعة الجيش الصهيوني ولاسلكيه وغير ذلك من الملامح العسكرية.
وعندما نزل قول الله تعالى: وأعدو لهم ما استطعتم من قوة) دلنا الرسول صلى الله عليه وسلم على تلك القوة بقوله: ألا إن القوة الرمي) وصواريخ القسام خير شاهد واقعي.
ومع بساطة تلك الصواريخ إلا أنك تتعجب من كثرة إصابتها لليهود ومنازلهم لتوقن بقوله عز وجل : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) ثم مع قلة أثرها من حيث عدد القتلى تجد لها أثرا عظيما على مستوى الرعب لتعلم أن أمة ممحد صلى الله عليه وسلم قد منحها الله نصيبا من قوله صلى الله عليه وسلم : نصرت بالرعب مسيرة شهر)
ومن ملامح النصر الانتصار في المعركة الإعلامية لدرجة جعلت المتحدث الإعلامي باسم الجيش الصهيوني يتحدث بعصبية زائدة وبتناقض كثير وقد طالب أحد الصهاينة بطرد الجزيرة متهما إياها بأنها قناة جهادية !!
وفعلا فإن قناة الجزيرة قد خاضت نصف المعركة بجهادها الإعلامي الذي أثر على الملايين من المسلمين
وقارن ردة الفعل على هذه المذبحة بردة الفعل على مجزرة صبرا وشاتيلا التي بلغ قتلاها 1700 ولم يعلم بها العالم إلا بعد انقضائها.
أما قناة الأقصى فقد شنت حربا إعلامية حتى باللغة العبرية ونجحت في عرض أبشع جرائم المجزرة ليراها العالم.
ومن ملامح النصر إعادة القضية إلى بعدها الإسلامي بعدما ضاعت بين القومية والوطنية فهذه معركة جهادية تخوضها منظمة إسلامية يؤيدها مئات الملايين من المسلمين عبر العالم بعدما كاد حكام العرب أن يبيعوها مقابل 20% من أرض فلسطين.
ومن ملامح النصر توحيد الأمة وتضامنها خلف أهل غزة بدرجة لم تعهد من قبل حتى أصبحت ترى مليون متظاهر في المغرب ومليون ثان في تركيا رغم 80 عاما من التغريب ومئات الآلاف في اليمن وغيرها وهذا يشكل جرس إنذار للأعداء بأن أمتنا بدأت تصحو من رقدتها وبدأت تصبوا للجهاد وهو ماقد يعجل بمحاولة إنهاء الحرب من قبل الغرب.
ومن ملامح النصر المسارعة الدولية لإنقاذ بني صهيون من مأزقهم بعدما لاحت نذر الهزيمة فلقد كشفت مصادر إعلامية أن دول الغرب قد منحت الصهاينة أسبوعين لتحقيق أهدافهم وبعدها سيضطرون للتدخل لإيقاف المجزرة وهو ماحصل لكن بعد فشل الصهاينة في تحقيق أهدافهم وهنا تنكشف العقلية الصهيونية التي جلاها الله لنا في قصة البقرة عندما أمرهم بذبح أي بقرة فطالبوا بتحديد سنها فحددها بأنها لافارض ولابكر فطلبوا تحديد اللون فحدده بالأصفر فطلبوا المزيد من التحديد بحجة أن البقر تشابه عليهم فحددها بأنها (لاذلول تثير الأرض ولاتسقي الحرث مسلمة لاشية فيها ) بلم يجدوا هذه المواصفات إلا في واحدة فاضطروا لشرائها بثمن كبير والآن يكررون نفس الخطأ حيث لم يكفهم هذا التدخل الإنقاذي بل رفضوه مطالبين بالمزيد من الإنجاز لهم على يد مجلس الأمن ضد حماس
وقارن بين سرعة تدخل الرئيس الفرنسي لإنقاذ جورجيا من روسيا رغم أن جورجيا هي المعتدية قارنه ببطئ تدخله في غزة لتعلم أي مكيال يكيل لنا به الغرب الصليبي.
وانظر كيف يطالب الغرب بمحاكمة البشير في محكمة العدل الدولية على قتلى دار فور مع عدم ظهور أدلة واضحة على اتهامه وبالمقابل يمنح جائزة نوبل للسلام لرئيس الصهاينة بيريز جزار قانا وغزة
وبوش يعدم صدام على قتله 148 عراقي حاولوا اغتياله ويرفض مجرد إدانة ذبح 900 غزي بل يبرره بأنه دفاعي
ثم يصدر بيان نعي لكلبه أما الغزيون فلا يستحقون حتى مجرد كلام فارغ.
إن هذا السقوط الأخلاقي الكبير للغرب لهو خطوة هامة في طريق عودة كثير من المخدوعين بقيم الغرب الزائفة لأمتهم والتماس طريق العزة الصحيح.
وصدق رسولنا صلى الله عليه وسلم حين قال: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قيل: يا رسول الله! فمن قلة يومئذ؟ قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، يجعل الوهن في قلوبكم، وينزع الرعب من قلوب عدوكم؛ لحبكم الدنيا، وكراهيتكم الموت". [أحمد/صحيح الجامع1359].
ومن ملامح النصر عودة الأمة لعقيدة الولاء والبراء وراقب هذا الولاء الكبير غير المسبوق من عموم المسلمين للمؤمنين في غزة بمشاعرهم واهتمامهم ودعواتهم وأموالهم وراقب صور البراء من الكافرين من يهود وصليبيين : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) لينكشف بذلك زيف السلام المستند على منح 80% من فلسطين ليهود مقابل 20 للفلسطينيين مع التنازل عن حق العودة.
ومن ملامح النصر فشل المنافقين العرب والفلسطينيين في استثمار الحرب لإسقاط حماس شعبيا بتحميلها مسؤولية الحرب وفشلوا في إسقاط سلطتها بغزة على ظهر الدبابات الإسرائيلية وفوجئوا بحجم الرد الفاضح لردتهم المزلزل لعروشهم فسارعوا بعد يومين فقط من بدء العدوان بالتراجع عن تصريحاتهم (ولتعرفنهم في لحن القول) وتبرير مواقفهم التي كشفت حقيقة نفاقهم والدعوة للمصالحة مع حماس وفتح معبر رفح جزئيا( عجبا لمن يعلم أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها ثم لايتورع عن حبس مليون ونصف مسلم) وقد كان لأحبائهم من الصهاينة دور كبير في كشف مواقفهم وكلامهم عبر الصحافة الصهيونية وأنهم طالبوهم بضرب حماس وتأديبها.
وتأمل مقالاتهم وموقفهم لتجدها قد تكررت من قبل كما بين الله ذلك في سورة محمد:
إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (26)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (27)
فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (28)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (29)
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (30)
وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (31)
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (32)
وقد يطالب البعض بتأجيل الخلاف مع المنافقين حتى انتهاء المعركة متناسيا أنهم طابور خامس يحارب مع العدو وتدبر آيات النفاق في القران تجدها قد نزلت في معارك كبرى لتفضحهم وتكف شرهم عن المجاهدين.
ومن ملامح النصر تحول المعركة من معركة عسكرية إلى سياسية عبر مجلس الأمن بعد الفشل العسكري للصهاينة لأنهم قد استنفدوا وسائل إرهاب أهل غزة ولم تجد نفعا ولم يبق إلا انتحار الصهاينة بدخول غزة أو الانسحاب عبر مجلس الأمن والمبادرة المصرية وقد تتوقف الحرب خلال يوم أو يومين والله أعلم.
وقد يكون من أسباب سرعة إصدار مجلس الأمن لقرار وقف الحرب خشية الغرب من انفلات زمام المعركة بعد إطلاق صاروخين من لبنان والذي أعقبه صدور القرار.
ولئن كانت إسرائيل قد حققت غرضها في حرب لبنان عبر التزام حزب الله التام بعدم إطلاق صواريخ خلال عامين وتبريه من صاروخي الأسبوع الماضي ومسارعة حزب الله للموافقة على قرار مجلس الأمن بوقف حرب لبنان لكن إسرائيل تواجه مشكلة مع رفض حماس لقرار مجلس الأمن أو إيقاف الصواريخ قبل تنفيذ مطالبها رغم أن معاناتها أكبر من معاناة حزب الله في حربه السابقه لكن يثبت الله من يشاء.
فالمعركة الآن سياسية لحرمان حماس من قطف ثمرة انتصارها والعمل على خنقها بعد العجز عن طعنها, وأداء حماس حتى الآن يبشر بمشيئة الله بانتصار سياسي يجني ثمرة انتصارها العسكري.
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ )
وروى ابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك". قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
تعليق