تحدّي الوزير
الثلاثاء, 14 أكتوبر 2008
د. حمود أبوطالب
بعض المسؤولين يعتبروننا مصابين بتخلّف عقليّ، لا يمكّننا من تمييز الأشياء، ولا فهم ما يحدث أمامنا. ربما كنا جميعًا (أكثر من عشرين مليون شخص) قد عانينا، دون أن ندري، نقصًا حادًّا في الأوكسيجين أثناء الولادة، أتلف خلايا المخ وأصبحنا معاقين.. وربما يكون الخيال قد بلغ بهؤلاء المسؤولين أن هذه الملايين كلها مصابة بأمراض وراثية مستعصية دمّرت مراكز الإدراك.
لا يوجد غير هذا الاحتمال، ولا تبرز في ذهن الإنسان غير هذه الفرضية، عندما يقرأ تصريحات بعض المسؤولين، وقبل أن يتّهمني أحد بالمبالغة تفضلوا بقراءة الآتي :
(نفى وزير المياه والكهرباء وجود أي أزمة للمياه في المملكة، وقال: أتحدّى كلَّ مَن يقول إن بعض المدن تعاني من أزمة خانقة في المياه، وطالب بإرسال مكتشفين إلى أشياب المياه للتأكّد من توفر الماء، واستطرد قائلاً: إن مَن يقول هناك مدن عانت كثيرًا في الحصول على المياه في فصل الصيف المنصرم غير صحيح)...( صحيفة المدينة - الأحد 12/10/2008م )..
يا معالي الوزير:
مع بالغ تقديرنا لك، لم يكن صحيحًا استخدام مفردة “التحدّي”.. وإذا كنت تريد التحدّي فعلاً، واعتبرنا أن سكان المملكة 20 مليونًا فقط، فإنّك لا تستطيع تحدي 20 مليون رأس فيها 40 مليون عين، و40 مليون أذن.. ولو استبعدنا نسبة من هذه الرؤوس على اعتبار أنها “مضروبة”، فإن التحدّي يظل ليس في صالحك.. ماذا كان يحدث يا معالي الوزير في جدة، ومكة المكرمة، وعسير، والطائف، والباحة، وهي المناطق التي أشرت إليها بالذات في تصريحك المتحدّي، مع وجود كثير غيرها؟.. هل كان حلم ليلة صيف؟ هل كان كابوسًا لملايين المواطنين نتيجة وجبة عشاء دسمة أثّرت على الدورة الدموية في أدمغتهم؟ هل كان فيلمًا من أفلام الخيال شاهدوه في قاعة سينما، وبعد انصرافهم وجدوا خرير المياه يرحب بهم في منازلهم؟ هل كانت كل الصور والأخبار التي تصدّرت الصحف لأسابيع طويلة مجرد فبركة واختراع؟ هل كانت الطوابير الطويلة تحت الشمس الحارقة هي طوابير تنتظر دورها لدخول مدينة ملاهٍ؟ هل الصهاريج التي تُباع بمئات الريالات (ولا زالت) مليئة بالعطر؛ لأن الناس بلغ بهم الترف هذا الحد؟؟! صعب جدًا يا معالي الوزير تحديك لنا، وأنت تعلم جيدًا أننا قوم بسطاء؛ لذلك لم يكن هناك موجب أبدًا للتحدّي أيًّا كان نوعه، حتّى لو كانت معلوماتك صحيحة، فكيف والناس لا زالت تبحث عن قطرة الماء في السوق السوداء؟؟! كنّا نظنُّ أنّ المسؤولين يخدمون الناس، ولا يتحدّونهم، ولكن كثيرًا ما يتضح لنا لاحقًا أن حساباتنا وظنوننا خاطئة.
كلامك صح يا معالي الوزير !!!
habutalib@hotmail.com
جريدة المدينة
الثلاثاء, 14 أكتوبر 2008
د. حمود أبوطالب
بعض المسؤولين يعتبروننا مصابين بتخلّف عقليّ، لا يمكّننا من تمييز الأشياء، ولا فهم ما يحدث أمامنا. ربما كنا جميعًا (أكثر من عشرين مليون شخص) قد عانينا، دون أن ندري، نقصًا حادًّا في الأوكسيجين أثناء الولادة، أتلف خلايا المخ وأصبحنا معاقين.. وربما يكون الخيال قد بلغ بهؤلاء المسؤولين أن هذه الملايين كلها مصابة بأمراض وراثية مستعصية دمّرت مراكز الإدراك.
لا يوجد غير هذا الاحتمال، ولا تبرز في ذهن الإنسان غير هذه الفرضية، عندما يقرأ تصريحات بعض المسؤولين، وقبل أن يتّهمني أحد بالمبالغة تفضلوا بقراءة الآتي :
(نفى وزير المياه والكهرباء وجود أي أزمة للمياه في المملكة، وقال: أتحدّى كلَّ مَن يقول إن بعض المدن تعاني من أزمة خانقة في المياه، وطالب بإرسال مكتشفين إلى أشياب المياه للتأكّد من توفر الماء، واستطرد قائلاً: إن مَن يقول هناك مدن عانت كثيرًا في الحصول على المياه في فصل الصيف المنصرم غير صحيح)...( صحيفة المدينة - الأحد 12/10/2008م )..
يا معالي الوزير:
مع بالغ تقديرنا لك، لم يكن صحيحًا استخدام مفردة “التحدّي”.. وإذا كنت تريد التحدّي فعلاً، واعتبرنا أن سكان المملكة 20 مليونًا فقط، فإنّك لا تستطيع تحدي 20 مليون رأس فيها 40 مليون عين، و40 مليون أذن.. ولو استبعدنا نسبة من هذه الرؤوس على اعتبار أنها “مضروبة”، فإن التحدّي يظل ليس في صالحك.. ماذا كان يحدث يا معالي الوزير في جدة، ومكة المكرمة، وعسير، والطائف، والباحة، وهي المناطق التي أشرت إليها بالذات في تصريحك المتحدّي، مع وجود كثير غيرها؟.. هل كان حلم ليلة صيف؟ هل كان كابوسًا لملايين المواطنين نتيجة وجبة عشاء دسمة أثّرت على الدورة الدموية في أدمغتهم؟ هل كان فيلمًا من أفلام الخيال شاهدوه في قاعة سينما، وبعد انصرافهم وجدوا خرير المياه يرحب بهم في منازلهم؟ هل كانت كل الصور والأخبار التي تصدّرت الصحف لأسابيع طويلة مجرد فبركة واختراع؟ هل كانت الطوابير الطويلة تحت الشمس الحارقة هي طوابير تنتظر دورها لدخول مدينة ملاهٍ؟ هل الصهاريج التي تُباع بمئات الريالات (ولا زالت) مليئة بالعطر؛ لأن الناس بلغ بهم الترف هذا الحد؟؟! صعب جدًا يا معالي الوزير تحديك لنا، وأنت تعلم جيدًا أننا قوم بسطاء؛ لذلك لم يكن هناك موجب أبدًا للتحدّي أيًّا كان نوعه، حتّى لو كانت معلوماتك صحيحة، فكيف والناس لا زالت تبحث عن قطرة الماء في السوق السوداء؟؟! كنّا نظنُّ أنّ المسؤولين يخدمون الناس، ولا يتحدّونهم، ولكن كثيرًا ما يتضح لنا لاحقًا أن حساباتنا وظنوننا خاطئة.
كلامك صح يا معالي الوزير !!!
habutalib@hotmail.com
جريدة المدينة
تعليق