وجاء رمضان
د. مهران ماهر عثمانبسم الله الرحمن الرحيم
فإن إدراك شهر رمضان نعمة تستوجب منَّا شكر الله تعالى، وهذا مقال اشتمل على بعض النقاط المهمة التي تتعلق بهذا الشهر المبارك ..
أولاً : فضل عبادة الصوم
عبادة الصوم من أعظم العبادات التي يتقرب بها المؤمن إلى الله تعالى، قال الله تعالى شاهداً بخيرية الصوم:{ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:184] . وقد جعله الله تعالى في كثير من الكفارات؛ لما له من أثر بليغ في إصلاح النفس وتقويم السلوك . وأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليه الشاب الذي لا يقدر على الزواج ؛ لما يحققه من العفاف . والصوم وقاية من النار ، فعنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :«إِنَّمَا الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنْ النَّارِ» [أحمد] . وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :«مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» [الترمذي] . والصوم يُثاب أصحابه بلا حساب لقول الله تعالى في الحديث القدسي :«كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» ثم قال صلى الله عليه وسلم :«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ» [البخاري ومسلم] . وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ الصيام والقرآن يشفعان يوم القيامة [أخرجه أحمد] وفي الجنة باب الريَّان لا يدخل منه إلا الصائمون [البخاري ومسلم] .
ثانياً : فضل شهر رمضان
هذا الشهر شهر خير وبركة، كثير من النصوص دلت على ذلك، فمن ذلك : أنَّ الله اختاره لإنزال القرآن الكريم، وكفى بذلك فضلاً، قال تعالى :{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة : 185] . ومما جاء في فضائله حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«إِذَا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ» [الشيخان] ، وللترمذي :« إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ» .
وفي هذا الشهر ليلة خير من ألف شهر، يقول سبحانه وتعالى :{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة القدر] .
ثالثاً : فضل صوم رمضان
ومما جاء في فضل صوم رمضان قولُ نبينا صلى الله عليه وسلم :«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [البخاري ومسلم] . وعن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أرأيتَ إن شهدتُ أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليتُ الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته، فممن أنا؟ قال : «من الصديقين والشهداء» [ابن حبان،وابن خزيمة، والبزار] .
ويُكَفَّرُ للعبدِ ما بين رمضان ورمضان إذا اجتنب الكبائر [أخرجه الإمام مسلم] .
رابعاً : أحكام الصيام
هذه نتف من أحكام الصيام ..
صوم رمضان فرض بالكتاب والسنة والإجماع، والذي يُفطر فيه بلا عذر شرعي متوعد بعذاب أليم، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«بينا أنا نائم أتاني رجلان، فأخذا بضبعي، فأتيا بي جبلاً وعراً، فقالا: اصعد. فقلت: إني لا أطيقه. فقالا: إنا سنسهله لك. فصعدت، حتى إذا كنتُ في سواد الجبل إذا بأصوات شديدة ! قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار. ثم انطُلق بي، فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشَقَّقةٌ أشداقُهم، تسيل أشداقهم دماً. قلت: من هؤلاء؟ قالا: الذين يفطرون قبل تحلة صومهم» [أخرجه ابن خزيمة، وابن حبان] .
والصوم له ركنان : الإمساك من الفجر الصادق إلى الغروب ، والنية التي لا بد من تبييتها ليلاً، والنية محلها القلب لا يُتلفظ بها، والصوم واجب على المسلم، البالغ، العاقل، الصحيح، المقيم .
ومن الناس من يُرخَّص لهم في الفطر وتجب عليهم الفدية – إطعام مسكين عن كلِّ يوم، ولا تجزئ القيمة- وهم: الشيخ الكبير، والمرأة العجوز، اللذان لا يطيقان الصوم، والمريض الذي لا يُرجى برؤه ويُجهده الصوم، والمرضع، والحامل، قال ابن عمررضي الله عنه:"الحامل والمرضع تفطر ولا تقضي" [الدارقطني] ، وقال:"تطعم مكان كل يوم مسكيناً[البيهقي]، وبذا أفتى ابن عباس [أخرجه البيهقي]. ومنهم من يفطر ويقضي، وهم : المسافر والمريض، وإن صاما جاز وأجزأ عنهما، والحائض والنفساء، وإن صاما حَرُم، ولم يجزئ عنهما . فإذا حاضت المرأة قبل الغروب بدقيقة وجب عليها الفطر والقضاء. وكل من أفطر بعذر في رمضان عليه أن لا يُظهر ذلك أمام الناس، لا سيما الصغار؛ لئلا يُشوَّش عليهم . والمسافر إذا شقَّ عليه الصوم أثم ، وإن لم يشق جاز له الفطر والأولى الصوم.
ومما يُباح للصائم : الإصباح جنباً، لقوله تعالى :{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} [البقرة:187] ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً في رمضان [متفق عليه] ، ويباح للصائم أن يتمضمض ويستنشق بلا مبالغة، ويُباح له الانغماس في الماء والتبرد به، والكحل، واستعمال البخاخ لمريض الربو، والقطرة في العين وإن وجد طعمها في حلقه، والقُبْلة والمباشرة لمن كان يملك نفسه، والتعطر، ولا بأس بتذوق الطعام مالم يدخل الجوف، وفي الحجامة خلاف، والأحوط تركها حال الصيام.
ويُبطِل الصومَ الأكلُ والشرب عمداً؛ فإن أكل أو شرب ناسياً فلا قضاء ولا كفارة، ويبطله الجماع، وتعمُّد القيء و«من ذرعه القيء فلا قضاء» [الأربعة إلا النسائي]، وما كان في معنى الأكل والشرب بطل الصومُ به كالحقن المغذية، وحيض المرأة ونفاسها.وتجب الكفارة – وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً- على من جامع أهله في نهار رمضان .
خامساً : آداب الصوم
1/ تعجيل الإفطار:
فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ»[البخاري ومسلم] ، والسنة أن يُفطر على رطب، وإلا فتمر، وإلا حسا حسوات من ماء.
والأذان علامة لدخول الوقت، فإذا دخل الوقت أفطر الصائم سواء سمع النداء أم لم يسمع .
2/ الدعاء عند الفطر :
فإنه لا يُرد، قال نبينا صلى الله عليه وسلم :« ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ»[الترمذي] . وتأمل كيف أنَّ الله تعالى أودع آية الدعاء في سورة البقرة بين آيات الصيام. وإذا أفطر الصائم قال : ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله، أو : اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت .
3/ تفطير الصائم :
فمن الناس من يحظى بأجر رمضانات عديدة في الشهر الواحد ، وذلك بتفطير الصائمين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا» [الترمذي] .
تنبيه :
من المخالفات المنتشرة الصلاة في أماكن الإفطار وتعطيل المساجد عن صلاة المغرب في رمضان .
4/ السَّحور :
والحكمة منه أنّ فيه بركةً، فيتقوى به الصائمون، ويصيبون به أجر الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقد نعته النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة في كثير من النصوص ، والسنة تأخير السحور، وللصائم أن يأكل ويشرب حتى يتبيَّن طلوعَ الفجر، فإذا شكَّ في طلوعه جاز له الأكل والشرب .
5/ الكف عما يتنافى مع الصيام :
من قبيح المقال وكريه الفعال . قال النبي صلى الله عليه وسلم :« إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ، وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنْ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ» [البخاري ومسلم] . وعند البخاري :«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»، . وقال صلى الله عليه وسلم :«رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش» [البيهقي] .
6/ السواك :
والسواك مستحب للصائم وغيره؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم :«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» [البخاري ومسلم] . ولا بأس من استخدام (معجون الأسنان) . ولا فرق بين أول النهار وآخره، والسواك لا يذهب بالخلوف؛ لأنّ سبب هذه الرائحة خلوُّ المعدة من الطعام، فهي منبعثة من جوف الإنسان. وهذا ما أكده بعض الأطباء.
7/ الإكثار من قراءة القرآن :
فهذا شهر القرآن { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:85]، فقد نزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ، ثم نزل منجماً بعد ذلك . ولذا كان السلف يجعلون معظم هذا الشهر للقرآن، قال ابن رجب:" و كان الزهري إذا دخل رمضان قال : إنما هو تلاوة القرآن و إطعام الطعام، قال ابن عبد الحكم : كان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث و مجالسة أهل العلم و أقبل على تلاوة القرآن من المصحف" [اللطائف، ص(183)] .
8/ كثرة الإنفاق :
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ" [البخاري ومسلم] .
سادساً : التراويح
سنَّ النبي صلى الله عليه وسلم الاجتماع لصلاة القيام (التراويح) في رمضان، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا :"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ ... وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ "[البخاري ومسلم] .
وقد جاء في موطأ الإمام مالك أنَّ الناس في عهد عمر بن الخطاب كانوا يطيلون هذه الصلاة ويعتمدون على العصي من أجل ذلك [الموطأ(1/115)]. وقال صلى الله عليه وسلم :« مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [البخاري].
سابعاً : العشر الأخيرة
إذا دخلت العشر الأخيرة من رمضان فالسنة أن يجتهد الإنسان في عبادة الله تعالى، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :"كَانَ النَّبِيُّ e إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ" [البخاري ومسلم] . وشد المئزر كناية عن اعتزال النساء، أو الاجتهاد في العبادة.
ولمسلم عن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا :"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ" .
ثامناً : ليلة القدر
أنزل الله في شأنها سورة كاملة، والعبادة فيها خير من عبادة ألف شهر، قال ربنا :{ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:3] . وأما عن زمنها فنحن مأمورون بالتماسها في الوتر من العشر الأخيرة، قال صلى الله عليه وسلم:«الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي الْوَتْرِ»[البخاري ومسلم]، وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أنها تتنقل في وترها، وأرجى ما تكون ليلة سبع وعشرين.
وتحري هذه الليلة يكون بالاجتهاد في الطاعة؛ لما في فضل العبادة فيها من الأجر الجزيل، فالمحروم من حُرم خيرَها. ويحرص المسلم على قيام ليلها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [متفق عليه] . ويدعو المسلم فيها بما جاء عن عَائِشَةَ رضي الله عنها، فقد قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟ قَالَ:«تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» [الترمذي وابن ماجه] . ومن علاماتها أنها ليلة طَلِقَة، لا حارة ولا باردة، ولا يُرمى فيها بنجم، وتصبح الشمس صبيحتها حمراء ضعيفة لا شعاع لها، كلُّ ذلك ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
تاسعاً : البرنامج اليومي في رمضان
هذا برنامج مقترح، نأمل أن يُوفَّقَ المسلم لتطبيقه :
إجابة المؤذنين. المحافظة على السنة الراتبة (12) ركعة : ركعتان قبل الفجر، وأربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء.
المحافظة على الصلاة في جماعة. عدم تفويت تكبيرة الإحرام مهما حصل من انشغال. شَغْلُ الانتظار بالذِّكر والاستغفار، فليحرص الإنسان على ملء وقته بالذكر، فيذكر الله وهو في طريقه إلى العمل .. في انتظار إجراء معين .. في العيادة ...إلخ . من البرامج تحديد ورد ثابت لا يتغير -وإن تغير نظام الكون- من القرآن الكريم، وحبذا لو ختم المسلم كتاب الله كل ثلاثة أيام مرة . المكث بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ثم صلاة ركعتين . صلاة الضحى . احتساب النوم، فينوي به أن يتقوى على العبادة . الاهتمام بإرشاد الناس إلى الخير؛ لما عندهم من إقبال على الله في هذا الشهر. الانشغال بالدعاء لا سيما عند الإفطار. المحافظة على التراويح، ولنحرص خلال الشهر على تفطير الصائمين، وصلة الرحم، وتفقد الأرامل واليتامى والمساكين وإدخال السرور عليهم، ورسم البسمة على محياهم، ففي ذلك من الثواب ما لا يعلمه إلا الوهاب. ولو تمكن الإنسان من أداء العمرة فقد أمسك بباب عظيم من أبواب الخير، قال صلى الله عليه وسلم :«عمرةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً معي» [الأربعة إلا النسائي] .
عاشراً :
أيها الأخ الحبيب :إياك وقطاعَ الطريق في رمضان .. وأقصد بذلك : مشاهدة المسلسلات، و(الفوازير) ، والفضائيات، ولعب الورق (الكوتشينة) و(الضمنه)، والسمر مع الأصدقاء، والجلوس في الطرقات، والاستماع للأغاني ... فِبغَضِّ النظر عن حكم الترفيه بذلك، ليكن في بالنا أنَّ الإمام مالك رحمه الله كان يترك كتب الحديث لئلا ينشغل عن القرآن، فما بالك بهذه الأمور !!
همسة :
اعلم –أخانا الحبيب- أنَّ العبد إذا أشرك بصرف شيء من العبادة لغير الله من الدعاء ونحوه لم يجد نفعاً صيام ولا غيره، فحقِّق توحيد الله تعالى، وانبذ الشرك فإنه الظلم الأكبر ، والذنب الذي لا يُغفر .
وفي الختام :
هذا الموسم فرصتك للإقلاع عن : التدخين ، والأغاني ، والمعاكسات، فاصدق الله فيه يصدقك .
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا ، واجعلنا من عتقائك من النار .
اللهم صل وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول من موقع صيد الفوائد ومن أراد الاستزادة فهذا رابط الموقع:
تعليق