تقاعل الشعراء والأدباء مع أزمة الماء هذا العام في منطقة الباحة وهذع قصيدة للشاعر /حسن محمد الزهراني بعنوان
مــا مــن مــاء
عصفورةٌ بيضاءْ .
شقّت عتمة الفجر المسربل بالغباءْ ..
غسلت جناحيها بنهر الدّاء ..
تبحثُ عن دواءْ ..
عصفورة بيضاء ..
جاءت على استحياءْ ..
تغرس في ثرى سمعي
قناديل البكاءْ ..
حطّت على كتفي
تتمتم . والشحوب يلفُّ عينيها
ويلمعُ في محيّاها التّوسل والرجاءْ ..
قالت : بصوتٍ ذابل النبرات
يقطر حسرةً دهماء ...
يا سيدي:
إني أموت .. أموت
من عطش فأين الماء ؟؟
أين الماء .. أين الماء ؟؟........
يا سيدي:
طُفْتُ الدّيار
مشارقاً .. ومغارباً ..
ورأيت في أفقي سرابا شاحبا ..
بل كاذبا ..
***
ورحلْتُ أطردهُ
وعدت أضمّ في عينيَّ
حلما خائبا..
وسألت (( عرَّاف )) القبيلة
عن ( غدير ) فيه (( ضحضاحٌ ))..
( وبئرٍ ) يملأ الأقداح .. للأشباح ..
فيهِ لِلعطاش بقيةٌ من ( سعنِ ) ماء ..
حتى السماء ..
سألتها عن غيمةٍ ترتاح
من غضب الرياح
على مرابعنا فَتُهطل
قطرةً أروي بها عطشي
فلم أجد الجواب لديه .
ثم صرخت به : أَمَا مِن ماء .. ؟؟؟
لكنّ عرّاف القبيلة قد تيبّس
نُصبَ عيني مات من عطشٍ
ومتُّ أنا على العراف حزنا
حاق بي كربُ البلاء ..
وضاق بي وسع الفضاء ..
فجئت اسأل
مُستبدّ الجدب :
أين الماء .. ؟؟ أين الماء .. ؟؟
أين الماء ؟؟
***
وتهاوت العصفورة البيضاء ..
من كتفي
إلى كفّي
وألقت نظرة ً سوداء
قد مُزجت بجمر اللوم
والتأنيب
وهي تودّع الدّنيا
على عطشٍ
وأذهلني احتضار صغيرتي البيضاء
فاضت دمعتي
في ثغرها العطشان
فانتفضت .. وقامت
ثم مدت لي جناحيها تحييني
وأغرقني الذهول ...
ماذا أقول .. ؟
ماذا أقول .. ؟
فحمدتُ ربي
إذا أعدت بدمعتي الخرساء
بعد الله
للعصفورة البيضاء
روحا غادرتها
وهي في لجج الشقاء
عادت لتسألني :
أما من ماء ؟؟
قلت : الماء يا عصفورتي البيضاء
يجري من هنا
من تحت أقدامي
أمام الباب
تمتد ( الأنابيب ) العظيمة في الخفاء
اِصغي إليه صغيرتي البيضاء
يُذهلك الهدير
وتعلمين : أَنّا على خيرٍ
بلا خيرٍ
يمرُّ الماء من طرقاتنا للآخرين ..
الماء يا من تسألين ..
يمرُّ تحت بيوتنا
ويمر عبر حقولنا
ونموت – وهي تموت من عطشٍ
ولا تمتدّ أيدينا إليه
وقد شرقنا بالتّوسل والرجاء ..
الماء يا عصفورتي البيضاء
ملءُ بحيرة (( الشرثاء )) (1)
يكفي كل سكان القرى الجدباء ...
لكن بابها الموصود
يمنعنا الوصول إليه
حتى الضوء
لا يخطو إليه
ولا الهواء ...
الماء يا عصفورتي البيضاء
قال القائمون عليه :
للضعفاء
والبسطاء .
والفقراء .
هذا الماء ليس لكم نصيب فيه .. إن الماء ..
((للوجهاء ))...
((والعظماء ))..
((والكبراء ))..
فاندحروا قليلا ..
بل كثيراً .. بل كثيراً ..
للوراء ..
تعليق