مطار جدة... أستغفر الله!
تركي الدخيل
كتبتُ سابقاً عن مطار جدة، وتردي خدماته، إلى درجة جعلتني أعتبر مستوى التردي هذا، مخجلاً، غير أني بعد سفري قبل يومين عن طريق ذات المطار العظيم، تبين لي بما أزاح الغشاوة عن عيني أني كنت مخطئاً إلى درجة تجعلني أعلن عن استغفاري عن ذنبي ذاك، علناً وعلى الملأ في مقال اليوم.
لقد رأيتُ أن موظفي المطار الكرام (خطوط، أمن، جوازات) كانوا يدخنون في وسط المطار، وأثناء أداء أعمالهم، مع وجود لوحات منع التدخين في كل زاوية وركن، لكني علمت الحكمة من ذلك، فهم، حفظهم الله، كانوا يدخنون لتسلية الركاب المخالفين للنظام، وليقولوا لهم: لا تحسوا بالحرج، أو أنكم تنفردون بالمخالفة وحدكم، فهانحن نؤنس وحشة هتككم للمنع بممارسته معكم. ثم أين كان عقلي يوم أردت أن أستاء من السيجارة وهي تتمخطر في يد الموظف، وهو الحريص على ساعات عمله كاملة، فهو إن خرج ليدخن خارج المطار، سيعطل العمل، ولتحيا المهنية والمواظبة.
أما دورات مياه المطار، أجلكم الله، فهي رديئة ومتسخة، لا لذات الرداءة وعدم النظافة، حاشا لله، بل لحكمة لا يقف عليها إلا من فتح الله عليه، فكيف سنتذكر إخواننا في البلدان الفقيرة، التي أعيتهم الحاجة، وظهرت عليهم بوادر ضيق ذات اليد والرجل معاً، إلا بأن تكون دورات المياه عندنا شبيهة بما لديهم، فيمتد إحساسنا بمعاناتهم ليكون أشبه بالجسد الذي إذا اشتكت منه دورات مياه دولة فقيرة، تداعت له دورات مياه دولة غنية بذات التواضع!
وإن تسأل عن الكراسي الآيلة للسقوط في المطار، فحكمتها ظاهرة، إذ أنها تشجعك على افتراش أرض المطار، لتتذكر أننا خلقنا من الأرض وإليها سنعود، كما أن الافتراش، سيعود بذاكرتك إلى الأماكن المقدسة، أيام الحج والعمرة، فترتبط ذهنياً بتلك الأماكن الروحانية العبقة، حتى وأنت في مطار جدة.
فإن قيل لك ما بال كاونترات الخطوط مهترئة، فقل لهم: وهل أجمل من ذكرى القديم؟! إني أشفق على موظفي الخطوط السعودية من تجديد مكاتبهم، فالجديد سيلغي صلتهم بالقديم، ويفصلهم عن التأريخ، ويعزلهم عن الأصالة.
أستغفر الله عمّا سطرته يدي في نقد مطار جدة، فمطار جدة... غير!
تركي الدخيل
كتبتُ سابقاً عن مطار جدة، وتردي خدماته، إلى درجة جعلتني أعتبر مستوى التردي هذا، مخجلاً، غير أني بعد سفري قبل يومين عن طريق ذات المطار العظيم، تبين لي بما أزاح الغشاوة عن عيني أني كنت مخطئاً إلى درجة تجعلني أعلن عن استغفاري عن ذنبي ذاك، علناً وعلى الملأ في مقال اليوم.
لقد رأيتُ أن موظفي المطار الكرام (خطوط، أمن، جوازات) كانوا يدخنون في وسط المطار، وأثناء أداء أعمالهم، مع وجود لوحات منع التدخين في كل زاوية وركن، لكني علمت الحكمة من ذلك، فهم، حفظهم الله، كانوا يدخنون لتسلية الركاب المخالفين للنظام، وليقولوا لهم: لا تحسوا بالحرج، أو أنكم تنفردون بالمخالفة وحدكم، فهانحن نؤنس وحشة هتككم للمنع بممارسته معكم. ثم أين كان عقلي يوم أردت أن أستاء من السيجارة وهي تتمخطر في يد الموظف، وهو الحريص على ساعات عمله كاملة، فهو إن خرج ليدخن خارج المطار، سيعطل العمل، ولتحيا المهنية والمواظبة.
أما دورات مياه المطار، أجلكم الله، فهي رديئة ومتسخة، لا لذات الرداءة وعدم النظافة، حاشا لله، بل لحكمة لا يقف عليها إلا من فتح الله عليه، فكيف سنتذكر إخواننا في البلدان الفقيرة، التي أعيتهم الحاجة، وظهرت عليهم بوادر ضيق ذات اليد والرجل معاً، إلا بأن تكون دورات المياه عندنا شبيهة بما لديهم، فيمتد إحساسنا بمعاناتهم ليكون أشبه بالجسد الذي إذا اشتكت منه دورات مياه دولة فقيرة، تداعت له دورات مياه دولة غنية بذات التواضع!
وإن تسأل عن الكراسي الآيلة للسقوط في المطار، فحكمتها ظاهرة، إذ أنها تشجعك على افتراش أرض المطار، لتتذكر أننا خلقنا من الأرض وإليها سنعود، كما أن الافتراش، سيعود بذاكرتك إلى الأماكن المقدسة، أيام الحج والعمرة، فترتبط ذهنياً بتلك الأماكن الروحانية العبقة، حتى وأنت في مطار جدة.
فإن قيل لك ما بال كاونترات الخطوط مهترئة، فقل لهم: وهل أجمل من ذكرى القديم؟! إني أشفق على موظفي الخطوط السعودية من تجديد مكاتبهم، فالجديد سيلغي صلتهم بالقديم، ويفصلهم عن التأريخ، ويعزلهم عن الأصالة.
أستغفر الله عمّا سطرته يدي في نقد مطار جدة، فمطار جدة... غير!
تعليق