الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
تعيش البيوت المسلمة أزمةً طاحنةً من جرَّاء
الامتحانات التي تطرق الأبواب بين الفينة والأخرىوحالما
يقترب موسم الاختباراتحتَّى ترى كثيراً من البيوت
قد أعلنت عن حالة التأهب القصوى والاستعداد الكامل والاستنفار
المتحفِّز لدخول معمعة الامتحان التي يكرم المرء فيها أو يهان !
ولكننا لو تأملنا هذا الاهتمام المبالغ فيه من أجل هذا الامتحان الهيِّن
الدُّون ثمَّ قلَّبنا البصر إلى ضعف الاستعداد وقلَّة الاهتمام وشدَّة الغفلة عن
ذلك الامتحان الرهيب الذي خلقنا الله تعالى من أجله وأنشأنا له
لرأيت البصر ينقلب إليك خاسئاً وهو حسير .
قال تعالى :( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)
وقال تعالى :
(ولنبلونَّكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم)
(ولنبلونَّكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم)
والفرق واسع والبون شاسع بين امتحان الدنيا وامتحان الآخرة .
وإليك أوجهاً من ذلك التباين والاختلاف بين الامتحانين
أولاً : المـوضـوع
امتحان الدنيا
في جزءٍ من كتاب ، وفي ورقاتٍ معدوداتٍ من دفتر
في مجالٍ من مجالات الحياة
وضربٍ من ضروب العلم .
أمَّا امتحان الآخرة
ففي كتابٍ لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاَّ أحصاها ، قد حوى الأقوال
وأحصى الأفعال ، وأحاط بالحركات والسَّكنات ، وألمَّ بالخطرات والزلاَّت
ثانياً :الأسـئـلة
امتحان الدنيا
أسئلته محدودة في بعض مفردات الكتاب ، فلا يمكن للمعلِّم أن يسأل الطالب عن كلِّ دقيق وجليل من محتويات المنهج ، وربما تدركه الشفقة فيختار لهمن أسهل الأسئلة وأيسرها ، ولعلَّه يراجع مع الطالب
الإجابة قبيل الامتحان بأيام.
الإجابة قبيل الامتحان بأيام.
أما امتحان الآخرة
فالأسئلة حاويةٌ لأطراف الحياة ، شاملة لدقائق العمر ..
أسئلة عن الأفعال ..و أسئلة عن الأقوال ..وأسئلة عن الأموال .
وأسئلة عن النيَّات ..وأسئلة عن المعتقدات ..وأسئلة عن الأوقات ..
وأسئلة عن الأمانات ..
وأسئلة عن النيَّات ..وأسئلة عن المعتقدات ..وأسئلة عن الأوقات ..
وأسئلة عن الأمانات ..
قال تعالى : ( فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون)
ثالثاً : المـكـان
امتحان الدنيا
في جوٍّ مهيأ ، ومكانٍ معدٍّ ، فالكراسي مريحة ، والأنوار ساطعة
والمكيفات باردة ، والأمن والأمان يبسطان رداءهما على المكان .
والمكيفات باردة ، والأمن والأمان يبسطان رداءهما على المكان .
أما امتحان الآخرة
ففي جوٍّ رهيب ، وموقفٍ عصيب ، ومكانِ عجيب ..
قال تعالى :
(يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار)
(يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار)
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" تُحشَرُونَ حُفاةً عُراةً غُرلاً " قالت عائشةُ : فقلتُ : يا رسولَ الله
الرِّجالُ والنِّساءُ ينظُرُ بعضُهُم إلى بعضٍ ؟
فقال :" الأمرُ أشدُّ مِن أن يُهِمَّهُم ذلك "
الرِّجالُ والنِّساءُ ينظُرُ بعضُهُم إلى بعضٍ ؟
فقال :" الأمرُ أشدُّ مِن أن يُهِمَّهُم ذلك "
رابعاً : الزمـان
امتحان الدنيا
إن طال زمانه وامتدَّ أوانه فهو في ساعةٍ من نهار ، وربما أكثر
أما امتحان الآخرة
فهو في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة
قال تعالى (: وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون)
خامساً : المـراقب
المراقب في الدنيا
مخلوقٌ مثلك ، محدود القدرات ، معدود الإمكانات ، ينسى ويغفل
ويسهو ويتنازل ، وليس بالإمكان أن يحيط بقاعة الامتحان !
أمَّا الرقيب على امتحان الآخرة
ـ لله المثل الأعلى ـ فهو الذي لا يضلُّ ولا ينسى ، قد أحاط
بكلِّ شيءٍ علماً لا تخفى عليه خافية ، ولا يعزب عنه
مثقال ذرَّة ، ولا يغيب عن بصره شيءٌ
من الأشياءٍ في الأرض ولا في السَّماء .
بكلِّ شيءٍ علماً لا تخفى عليه خافية ، ولا يعزب عنه
مثقال ذرَّة ، ولا يغيب عن بصره شيءٌ
من الأشياءٍ في الأرض ولا في السَّماء .
سادساً : نسبـةالنّـجـاح
امتحان الدنيا
نسبة النجاح فيه عاليةٌ جداً !
فربما بلغت ثمانين بالمائة ، وربما وصلت إلى تسعين بالمائة
بل وربما بلغت النسبة إلى أعلاها والدرجة إلى منتهاها !
أما امتحان الآخرة
فنسبة النجاح فيه قليلة جداً ! فلا أقول : واحدٌ في العشرة !
ولا أقول : واحدٌ في المائة ! وإنما هي : واحدٌ في الألف !!فيا للهول !
تسعمائة وتسعةُ وتسعون إلى النَّار بعدلٍ من الله وحكمة !و واحدٌ إلى الجنَّة بفضلٍ من الله ورحمة !اللهُمَّ لطفك ! يا لطيف .
سابعاً : النجاح
النجاح في امتحان الدنيا
مؤدَّاه أن يرتقي العبد في مراتبها ويعتلي في درجاتها ..
وأيُّ درجة هذه ؟!
وأيُّ مرتبة تلك ؟!
والدنيا بما فيها من نعيم ولذَّة منذ خلقها الله تعالى وإلى أن يرثها
وهو خير الوارثين نعيمها لا يساوي في نعيم الآخرة إلاَّ كقطرة أخذت
من بحرٍ لُجيٍّ .: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وهو خير الوارثين نعيمها لا يساوي في نعيم الآخرة إلاَّ كقطرة أخذت
من بحرٍ لُجيٍّ .: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
و الله ما الدنيا في الآخرة إلاَّ مثلُ ما يجعَلُ أحدُكُم إصبَعهُ هذه
ـ وأشار بالسَّبَّابة ـ في اليَمِّ ، فلينظر بم ترجعُ ؟ "
ـ وأشار بالسَّبَّابة ـ في اليَمِّ ، فلينظر بم ترجعُ ؟ "
الاخفاق في امتحان الدنيا
هيِّنٌ سهلٌ ، فهو خسارةٌ لدرجة أو مرحلة أو مرتبة من دنيا
لا تساوي عند الله الذي خلقها وسوَّاها جناح بعوضة .
عن سهل بن سعد رضي الله عنه ، قال :
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحُليفَةِ ، فإذا
هو بشاة ميتة شائلة برجلها ، فقال : " أتُرونَ هذهِ هيِّنَةً على صاحبِها ؟
فوالذي نفسي بيده ! للدنيا أهوَنُ على الله ، مِن هذِهِ على صاحِبها
ولو كانتِ الدُّنيا تَزِنُ عِند الله جَناحَ بعُوضَةٍ ، ما سقى كافراً مِنها قطرة أبداً "
لا تساوي عند الله الذي خلقها وسوَّاها جناح بعوضة .
عن سهل بن سعد رضي الله عنه ، قال :
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحُليفَةِ ، فإذا
هو بشاة ميتة شائلة برجلها ، فقال : " أتُرونَ هذهِ هيِّنَةً على صاحبِها ؟
فوالذي نفسي بيده ! للدنيا أهوَنُ على الله ، مِن هذِهِ على صاحِبها
ولو كانتِ الدُّنيا تَزِنُ عِند الله جَناحَ بعُوضَةٍ ، ما سقى كافراً مِنها قطرة أبداً "
أمَّا الرسوب في امتحان الآخرة
خسارة الأبد ، وحسرةُ السَّرمد ، وألم لا ينفذ ، وندم لا ينقطع
وعذاب لا ينتهي ، وعقاب لا ينقضي .قال تعالى :
(قل إنَّ الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين)
خسارة الأبد ، وحسرةُ السَّرمد ، وألم لا ينفذ ، وندم لا ينقطع
وعذاب لا ينتهي ، وعقاب لا ينقضي .قال تعالى :
(قل إنَّ الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين)
ثامناً : فرصة للتعويض
امتحان الدنيا
أسوأ ما يمكن أن يحصل فيه أن يرسب الطالب
ويخفق في الامتحان ..وغالباً يكون لديه فرصةٌ أخرى
وكرَّة ثانية ، بدورٍ ثان أو بإعادة المحاولةسنةٌ أُخرى
حتَّى يتمَّ له النجاح ، أو بتغيير مجال الدراسة والبحث
ولعلَّ في ذلك خيراً كثيراً لا يدركه ، وفضلاً عظيماً لا يعلمه .
ويخفق في الامتحان ..وغالباً يكون لديه فرصةٌ أخرى
وكرَّة ثانية ، بدورٍ ثان أو بإعادة المحاولةسنةٌ أُخرى
حتَّى يتمَّ له النجاح ، أو بتغيير مجال الدراسة والبحث
ولعلَّ في ذلك خيراً كثيراً لا يدركه ، وفضلاً عظيماً لا يعلمه .
أمَّا امتحان الآخرة
فلا فرصة ثانية ولا كرَّة آتية ..وإنما هي رحلة عمل تنتهي لحظاتها
وتنقضي أوقاتها ، ثمَّ تحين ساعة الانتقال إلى العظيم المتعال !
وتنقضي أوقاتها ، ثمَّ تحين ساعة الانتقال إلى العظيم المتعال !
وعند ذلك ينادي المفرِّط المخلِّط في كمد ونك ) ربِّ ارجعون)
لِمَ أيُّها الغافل ؟ (لعلي أعمل صالحاً فيما تركت )
فهل يجاب له سؤله ويحقق له أمله ؟!
( كلاَّ . إنَّها كلمةٌ هو قائلها ومن ورائهم برزخٌ إلى يوم يبعثون)
فهل يجاب له سؤله ويحقق له أمله ؟!
( كلاَّ . إنَّها كلمةٌ هو قائلها ومن ورائهم برزخٌ إلى يوم يبعثون)
تاسعاً : الخـاتمـة
... وبعد :
لم يبق لنا بعد هذه النِّذارة إلاَّ أن نستشعر أننا في امتحانٍ رهيب
في كلِّ ما نأتي ونذر ، وذلك على مدى الدَّهر ، وبطول مسيرة العمر .
... وبعد :
لم يبق لنا بعد هذه النِّذارة إلاَّ أن نستشعر أننا في امتحانٍ رهيب
في كلِّ ما نأتي ونذر ، وذلك على مدى الدَّهر ، وبطول مسيرة العمر .
واليوم عملٌ ولا حساب ، وغداً حسابٌ ولا عمل
فيا معاشر الأباء يا من أعطيتم لامتحان الدنيا الأهمية
والاستعداد مع أبناءكم فلنُرِ اللهَ منَّا خيراً ، نُسرُّ به
يوم أن نُعرض عليه ، ونقف بين يديه
والحمد لله ربِّ العالمين .
اختارها من مواضيع مختلفة مع بعض الاضافات
أبو متعب
واختصرها
الشعفي
تعليق