الفاعل والمفعول به . في ظل العولمة *
من المعروف أن العولمة هي انفتاح على العالم .فهي حركة متدفقة ثقافيا واقتصاديا وسياسيا وتكنولوجيا .وحيث يتعامل البشر اليوم مع عالم تلاشى فيه تأثير الحدود الجغرافية والسياسية فأما راس مال يتحرك بغير قيود وبشر ينتقلون بغير حدود. ومعلومات تتدفق بغير عوائق حتى تفيض أحيانا عن طاقة استيعاب الكثير . فهذه ثقافات تداخلت وأسواق تقارب أو اندمجت .,
وهذه دول تكتلت فأزالت حدودها الاقتصادية والجغرافية.وشركات تحالفت فتبادلت الأسواق والمعلومات والاستثمارات عبر الحدود .وهذه منظمات مؤثرة عالميا مثل البنك الدولي ووكالات متخصصة للأمم المتحدة تؤثر بدرجة أو بأخرى في اقتصاديات و عملات الدول ومستوى وظروف معيشة الناس عبر العالم. أنها بيئة جديدة ومثيرة غير مسبوقة يتعامل معها العالم اليوم فماذا هم بفاعلين .,
وقد أقبل القرن الحادي والعشرون وقد تكاثرت على المنظمات تحديات عديدة .أفرزتها متغيرات متعددة في عالم سريع التغير .ولعل ظاهرة العولمة التي اكتسبت أبعادا.عديدة من عولمة للأعلام والثقافة والتجارة والإدارة تكاد تشكل صلب التحديات التي تواجهها الإدارة الغربية . وقد تضافرت عدة عوامل لتسبب نشاه وتنامي ظاهرة العولمة ومؤثراتها. فهذه تكتلات إقليمية بين دول متجاورة تهدف لإنشاء سوق مشتركة بينها . وهذه تحالفات لشركات عملاقة تهدف لتوسيع أسواقها لتوسيع أسواقها عالميا . وتلك شركات عالمية متعددة الجنسية تطمح لابتلاع اكبر قدر ممكن من السوق العالمية بقدراتها التنافسية الهائلة .,
وهذه معايير الجودة الإعلامية .ناهيك عن تحديات المنافسة الهائلة التي أفرزتها الاتفاقية العالمية للتعرفة والتجارة (الجات) والتى استهدفت تحرير التجارة العالمية في السلع والخدمات .وكذلك تكنولوجيا المعلومات فقد أسهمت في جعل العالم قرية واحده وربطت اسواقة حتى كادت تمثل سوقا كبيرة يلتقي فيها المشترى والبائع على شبكة الانترنت وشاشات الحاسب الالى .متخطين حواجز اقتصادية وسياسية وجغرافية وثقافية عديدة . وبالإجمال فان تحديات العولمة بالنسبة للعرب تتبلور في منافسة ستتزايد حدتها . بفعل تلك المتغيرات العديدة والمتسارعة .فهل نتعامل معها بمنطق. ( احيينى النهاردة وموتني بكرة ) .,
وهل مبدأ التواكل يجدي الآن؟ بالقطع لا وهل ترضى الدول النامية او الضعيفة أن تكون فريسة للمفاجآت .وهل ترضى أن تكون مفعولا به ويكون الآخرين " الاقوي" فاعلين .أو أن تفعل بهم الأحداث والمتغيرات ؟بالطبع لن ترضى والسلاح في هذا الصدد هو التخطيط الفاعل سواء في الأجل الطويل أو المتوسط أو حتى القصير .,
ومن ثم فهناك ضرورة قصوي للتخطيط الاستيراتيجى (طويل الأجل) اللازم لمعالجة متغيرات بيئة متلاحقة في عالم سريع التغير . ويدخل ضمن التخطيط لمواجهة التحديات المعاصرة .أن تتذوق فكرة التحالف الاستراتيجي مع جهات أخرى مناسبة لاكتساب قدرات تنافسية افعل .لاسيما مع تحول غرماءالامس الى حلفاء اليوم .,
والاتجاه العالمي الى التكتلات الإقليمية بين دول متجاورة لاكساب مزايا تجارية واقتصادية متبادلة . كذلك تأتى المتغيرات التكنولوجية . والتي تأتى بآثار لها شانها على هيكل العمالة في المنظمات وعلى الهياكل التنظيمية .الأمر الذى يستوجب إدراكا وتخطيطا فاعلين إزاء هذه المتغيرات. يهدف التخطيط الاستراتيجي الى التكيف السريع مع المتغيرات فى البيئة المحيطة من خلال حسن توظيف الموارد ونقاط القوة لاقتناص ما تهيئه البيئة من فرص وتوقى أو تخفيف ما تفرضة من تهديدات.,
ومن ثم يمكن بلوغ الأهداف التي صممت الاستراتيجية كسبيل لبلوغها.وتحتاج المنظمات للاستراتيجية لعدة أسباب أهمها تحديد الاتجاة ومجالات التركيز .والتفوق على المنافسين أو على الأقل القدرة على مجاراتهم .والمناورة في بيئة تحفل بمتغيرات أو بقيود وتحديات متنوعة بل ومتسارعة أهمها تلك التي فرضها الضيف الجديد علي العالم . أو التحدي الجديد وهو العولمة ..,
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
حتي لا تنفجر فلسطين*
لا شك أن نظام الاحتلال الإسرائيلي هو الأشد قسوة في التاريخ العربي والعالمي الحديث والقديم . مما جعل المجتمع الفلسطيني يعاني مأساة حقيقية.ولكنه يتحرك الان وبتسارع نحو مأساة أكبر. قد تجعل الحرب الأهلية غير بعيدة الاحتمال. و لأول مرة في تاريخ فلسطين . حيث كانت الحرب الأهلية بعيدة كل البعد عن الشعب الفلسطيني. ولكن الخوف من ما كان بعيد الاحتمال .أصبح. من علامات الخطر الواردة والمحتملة.
. ومن هذه العلامات ازدياد حدة الخلافات و الصراع بين حركتي فتح وحماس الي مستويات تنذر بالخطر وتشدد كلٌ منهم بموقفة وعدم التنازل عنه . وكل محاولة للتوفيق مآلها إلي الفشل . وهو ما أدي إلي تراجع ملحوظ . من قبل العالم العربي والمجتمع الدولي عن حماسه وتحمسه للقضية الفلسطينية . والذي هو فاتر من الأصل.
وقد شجع ذلك الوضع بانفراد العدو الصهيوني بقطاع غزة وأحكام الحصار علي غزة . مما أدي تدهور الوضع وانفجاره بالشكل الذي حدا بأبناء القطاع. إلي اجتياح الحدود المصرية الفلسطينية من قبل أبناء قطاع غزة. اطمئنانا منهم أنهم لن يلقون رد الفعل الذي يتوقعونه من العدو الصهيوني . وهوما حدث بالفعل . ولكن هذا أدي بطبيعة الحال إلي وجود مشاكل سياسية بين الجانب المصري والجانب الفلسطيني . بل مشكل بين الجانب الفلسطيني -الفلسطيني إن جاز التعبير . حيث كان لحماس موقف وحركة فتح موقف آخر.
ومما يزيد من الوضع تأزما وخوفا واحتمال لانفجار أوسع . حملة التجويع المتعمدة عالميا وعربيا. منذ انفراد حركة حماس وحدها بغزة. وربما منذ تولي حركة حماس دورها في الحكم. ونجاحها في الانتخابات . وان كانت حملة التجويع هذه ليس بالعلن الذي نشاهده الآن. والذي بعد الانفراد بالحكم. والظاهر للعيان ان هذا الحصار ليس له هدف سوي تركيع وتجويع الشعب الفلسطيني . ومن ثم إسقاط حماس . ولكن من ناحية أخري. كان لهذا الأسلوب. نتائج عكسية في مسألة تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وبالتأكيد لصالح إسرائيل.أما علي المستوي الداخلي . فالموقف لا يقل احتقانا وحنقا .. لان ظروف هذا التجويع الذي يئن الشعب تحته .. قد يصيبه بالغليان المكبوت القابل للانفجار بين لحظة وأخري فهو لا يعرف أين الخطأ ومن علي صواب. وبدأ يعاقب نفسه بنفسه وان كان جزئيا وقد يظهر هذا عبر ارتكاب الجريمة والمسمي بالفلتان الأمني. كذلك يلاحظ في الوضع الداخلي نتيجة لهذه الظروف ..
من تراجع أداء السلطة الفلسطينية . وتقلص مساحة الولاء للقيادة الفلسطينية المتمثلة في الرئيس أبو مازن. والناتجة من ازدواج السلطة . وضعف الموارد الاقتصادية . والخلافات الدائرة بين الحكومة والرئاسة . علاوة علي الضعف الأساسي . الحاصل بسبب الاحتلال وقيود مفروضة علي السلطة . باتفاق اوسلو . الشبيه في تداعياته باتفاق كامب ديفيد. علي الحكومة المصرية . وأثره علي الشعب المصري.
وحتى لا ينفجر الشعب الفلسطيني . ويتمكن من تجنب حدوث أسوأ الاحتمالات .وان كان بمجهود وقدرات داخلية . لابد من دور عربي مساند أكثر شمولية واكبر قوة . لتمكينه من تجاوز الأزمة . وتجاوز حالة الاحتقان الحالية . . علي ألا يتوقف هذا الدور عبر التوسط بين الحركتين حماس وفتح فقط . بل العمل علي خطة جدية لكسر الجمود السياسي الخارجي أولا و الذي يزداد يوما بعد يوما . وفك أو التخفيف من هذا الحصار الظالم الجائر . ولعل مشاركة دول عربية كبيرة ودول غنية في المساهمة في هذا الحصار علي الشعب الفلسطيني يعتبر أسوأ المواقف السياسية للقضية الفلسطينية . من منطلق .
"وظلم ذو القربى اشد غضاضة علي النفس من وقع الحسام المهند"..
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
زعيمة صهيونية تفضح ممارسات إسرائيل!!
شولاميت ألوني.. الزعيمة الصهيونية تفضح ممارسات إسرائيل:
وتصرح :يحق للرئيس مبارك الغضب علينا لحصارنا الفلسطينيين
ودفعهم لعبور الحدود المصرية
إسرائيل عمياء لو نظرت لسيناء كحل لمشكلة اللاجئين
ويجب احترام كل ما يتعلق بمصر
هي ليست أي سياسية وإنما هي واحدة من الآباء المؤسسين لدولة إسرائيل, حيث شاركت في الحركة الصهيونية ككادر منذ ما قبل ميلاد الدولة ثم درست القانون لتصبح محامية ثم شاركت كمقاتلة في حرب عام48 وذلك قبل أن تنتقل إلي العمل السياسي كقيادية حزبية ثم عضو في الكنيست ثم زعيمة لحزب ميريتس ثم وزيرة للعديد من الوزارات والتي كان من أهمها وزارة التعليم والبحث العلمي التي تعتبر وزارة سيادية في إسرائيل لاتقل أهمية عن وزارتي الدفاع والخارجية. شولاميت ألوني تفخر بأنها كانت ومازالت صهيونية ولكنها صهيونية تؤكد براءتها مما وصفته هي بالجرائم التي ارتكبتها وترتكبها إسرائيل. ألوني التي يعتبرها غالبية العرب في الأراضي المحتلة الضمير الغائب عن القيادات الإسرائيلية فتحت النار خلال لقائها مع الأهرام علي ما وصفته بالعار.. وهذا نص الحوار:
هل كنت ومازلت صهيونية؟
{ نعم أنا صهيونية ولكن السؤال: ما الصهيونية!
سنبحث ذلك فيما بعد ولكن المهم هو أنك صهيونية؟
{ ولكنني قبل كل شيء إسرائيلية ولن أقول يهودية, حيث إنني عشت وحاربت من أجل مجتمع مدني ديمقراطي, حيث يتمتع جميع المواطنين بالمساواة بغض النظر عن جنسهم أو دينهم وهو ما ورد في وثيقة الاستقلال. أنا مع ذلك ولست مع مجتمع إثني.
هل ترين القيادات السياسية في إسرائيل يحققون الصهيونية بهذا المفهوم؟
{ لقد خضت وآخرون حرب عام48 بهدف إقامة دولة ديمقراطية نموذجية لا تتعامل مع الناس بناء علي انتماءاتهم العرقية والدينية. والآن وبعد كل هذه التضحيات أنظر إلي القيادات السياسية في إسرائيل وأشعر بالأسي علي نفسي وعلي من حاربوا من أجل هذه القيم والتي في مقدمتها حقوق الإنسان.
لقد كنت من الآباء المؤسسين لدولة إسرائيل الذين زعموا أن الحركة الصهيونية هي حركة تحرر غير عنصرية.. كيف يمكن فهم ذلك في ضوء الشرط المسبق لإسرائيل حاليا بالاعتراف بها كدولة يهودية؟
{ في زمن ما قبل إقامة الدولة كنا واقعين تحت تاثيرات صدمة الهولوكوست في أوروبا وهو الأمر الذي جعلنا نظن خطأ أننا نحارب النازية الألمانية وليس العرب وهو الأمر الذي دفعنا لارتكاب العديد من الأخطاء في حق الفلسطينيين خلال حرب48 بل وإقدامنا علي تعليق أخطائنا علي كاهل هؤلاء الضحايا. إلا أن الأخطاء تضاعفت بعد حرب عام1967, حيث بدأنا في التصرف كإمبرياليين جشعين للأرض والمياه ولكل ييء.
كيف تنظرين إلي حرب عام67 ؟
{ كانت كارثة علي الحركة الصهيونية.
* هل أفقدت هذه الحرب الحركة روحها؟
{ كلا ولكنها أبدلتها بروح أخري تفتقد قيم السعي إلي الديمقراطية والسلام مع جيراننا العرب. لقد أدت حرب67 إلي أن يتبني اليهود التوراة والأساطير كبديل لحلمنا الأصلي بمجتمع مدني. لقد بات الجميع بعد هذه الحرب يتعاملون مع إبراهيم( عليه السلام) علي أنه جدهم هم وحدهم. لقد استبدلنا بعد حرب67 المباديء بالاسطورة وهو للأسف نفس ما فعله الألمان بعد هزيمتهم في الحرب الأولي والذي انتهي بالنازية في الحكم. لقد حولت حرب67 حياة الشعب كي تكون فصلا مكملا لكتاب التوارة الذي يمتلئ بالحروب ضد الشعوب المجاورة. وبدلا من بقاء التوارة تاريخا ومصدرا للقيم تحولنا إلي أن نستكمل فصوله بحروب في سبيل أساطير.
*.. وما التأثيرات السلبية لمطالبة إسرائيل بالاعتراف بها كدولة يهودية في ضوء تحالف اليمين الديني في إسرائيل مع القيادة السياسية المفترض أنها علمانية؟
{ لم ينجح حزب سياسي في إسرائيل في تأمين أغلبية تسمح له بالانفراد بتشكيل حكومة وهو ما أدي إلي لجوء هذه الأحزاب للائتلاف مع الأحزاب الدينية. كما أن المجتمع الإسرائيلي قد شهد في الوقت ذاته في السنوات الأخيرة جنوحا متصاعدا نحو اليهودية ولكن بقيم تختلف عن القيم اليهودية التي أؤمن بها أنا. وبدلا من أن تضع الأحزاب السياسية خطوطا حمراء للأحزاب الدينية فإنها دخلت في مساومات منحت خلالها هذه الأحزاب الكثير من مطالبها. علي سبيل المثال فإن الحكومة الحالية سرحت50 ألفا من الشباب من الجيش بل ومنحتهم رواتب شهرية بدون أن يقوموا بأي عمل لمجرد أنهم متدينون يدرسون الشريعة اليهودية وينتظرون ظهور المسيح اليهودي الذي ليس هو عيسي بالمناسبة!
* هل يمكن أن نسمي ذلك رشوة سياسية؟
{ نعم.
* كقوة محتلة فإن إسرائيل ملتزمة طبقا للقانونين الدولي والإنساني بتوفير كافة احتياجات الشعب الفلسطيني حتي في حالة مقاومته المشروعة للاحتلال.. كيف تصفين بلادك التي تفرض مثل هذا الحصار علي الشعب الفلسطيني.. هل هي دولة مارقة؟
{ دعني أقولها علي الملأ: لقد سرقنا أرض الفلسطينيين ومياههم, لقد سلبناهم من كل شيء. إنه ليس عارا فقط وإنما هو جريمة, وهو ما يقودوني إلي أن أقول إن الخطيئة الكبري في إسرائيل هي أننا منحنا المؤسسة العسكرية سلطات شبه مطلقة وجعلناها كيانا فوق القانون وهو من بين الأشياء التي أخوض مع آخرين حربا ضده. فرجل مثل إيهود باراك قد يصلح كقائد عسكري إلا إنه في رأيي أبعد من أن يكون سياسيا.
* ترددت معلومات بشأن مخططات إسرائيلية لتسوية مشكلة اللاجئيين الفلسطينيين التي أوجدتها هي علي أرض سيناء المصرية.. مامدي صحة هذه المعلومات؟
{ إذا كانت عين إسرائيل علي سيناء في هذا الاتجاه فإنني أقول إنها عين لا تري وإنها عمياء, فمثل هذه التصورات لن تنجح. يجب علي إسرائيل أن تحترم مصر وسيادتها علي أراضيها. علينا أن نبذل قصاري جهدنا للحفاظ علي ودعم علاقات جيدة مع مصر وذلك بالتوازي مع ضرورة السعي للسلام مع لبنان وسوريا. يجب علينا إعادة الجولان لانها ملك لسوريا.
* العديد من المصريين يرون تشديد إسرائيل حصارها لغزة يستهدف دفع الفلسطينيين عمليا إلي خيار سيناء... هل هذا وارد لدي الحكومة الإسرائيلية؟
{ قد يكون لدينا مجانين في الحكومة أو الجيش للظن بأن هذا هو السبيل لحل مشكلة اللاجئين إلا أن ذلك لن يؤدي إلي حل المشكلة وإنما لإيجاد مشاكل أخري ولجلب أشياء فظيعة لنا في إسرائيل. فالسلام مع مصر مهم جدا للدرجة التي تحتم علينا احترام كل ما يتعلق بمصر. وأنا علي يقين أن ما فعلناه بالفلسطينيين مما دفعهم لعبور الحدود مع مصر يجعل للرئيس حسني مبارك الحق في أن يكون غاضبا علي إسرائيل.
* لو كنت مازلت في السلطة.. كيف كنت ستتعاملين مع القضايا التالية.. بمعني آخر ما نصيحتك للحكومة الحالية؟
{ أولا: المسار السوري وذلك في ضوء ما كشفه السياسي يوسي بيلين للأهرام مؤخرا أن أمريكا تضغط علي إسرائيل لعدم الدخول في سلام مع سوريا, ولو كنت في السلطة لم أكن لأذعن للضغوط الأمريكية ولكنت أكدت بالفعل لا بالقول أننا دولة مستقلة تسعي لتحقيق مصالح شعبها وأهم هذه المصالح تحقيق السلام بعد كل هذه الحروب وبعد كل هذه المظالم التي أنزلنها بالشعوب التي حولنا. لو كنت في السلطة لم أكن لآخذ بجميع النصائح الأمريكية فواشنطن لن تتخلي عنا لعدم أخذنا بجميع نصائهحا, خاصة نصائح الرئيس الأمريكي الحالي!
ثانيا: القدس العربية المحتلة, أنا أري أن تكون القدس عاصمة للدولتين الإسرائيلية والفلسطينية وهو الحل القابل للتنفيذ وذلك بتقسيم جانب منها إلي اثنين من الأحياء في حين تدار بقية المدينة بشكل مشترك عربي وإسرائيلي بما في ذلك الأمن.
* هل كنت ستعلين مصالح الولايات المتحدة علي حساب مصالح إسرائيل كما يري العديد من العرب؟
{ للاسف يوجد العديد من الإسرائيليين ممن يظنون أن مصالح الدولتين متطابقة كما يظن آخرون أن الولايات المتحدة هي القوي الكبري المسيطرة علي العالم وأننا دولة صغيرة يجب ان نمشي وراءها وأن نحافظ علي دعم الجالية اليهودية الأمريكية التي لها تأثير كبير علي الحكومة الأمريكية وأنا شخصيا ضد هذه التصورات. ويجب أن نعلم أن الرئيس الأمريكي بوش لا يحكم العالم. أري أننا يجب أن نتصرف بواقعية كدولة شرق أوسطية وان نسعي لأن نكون ديمقراطيين بحق حيث إن الديمقراطية تمنع اضطهاد الشعوب الأخري.
* كيف كنت ستتعاملين مع مبادرة السلام العربية؟
{ كنت سأتلقفها وأتلقف الأيدي العربية الممدودة بالسلام ودعني أقول إن تعامل حكومات إسرائيل مع المبادرة العربية كان غبيا وسخيفا, فهم للأسف لم يردوا عليها بالسلب ولا بالإيجاب وهذا هو العار بعينه. إن المبادرة رائعة وقد كان موقف إسرائيل منها من أفدح أخطائها التي لا يستطيع أحد تبريرها. أما عن تفسير هذا الموقف فإنني أشعر بالخجل من أن أقول إن الحكومة لا تريد السلام وأن هؤلاء في الحكومة يخططون إلي ترانسفير جديد لطرد قسري جماعي للفلسطينيين من الضفة لسرقة أراضيهم لحساب المستوطنين اليهود الذين يتمتعون بقوة سياسية كبيرة ولوجود سياسيين فاشيين أمثال أفيجدور ليبرمان.
* كيف كنت ستتعاملين مع المواد العنصرية التي تمتليء بها المناهج الدراسية الحكومية في إسرائيل؟
{ عندما توليت وزارة التعليم حاربت في سبيل تعديل هذه المناهج ونجحت في إجراء تعديلات بالفعل وهو ما جعل الفلسطينيين يحبونني ليس لأنني امرأة جميلة ولكن لأنني كنت منصفة.
* لكن المناهج مازالت ممتلئة بالمواد العنصرية وهو ما دفع الوزيرة يولي تامير لخوض هذه الحرب.. ما رأيك في ذلك؟
{ أنا صديقة حميمة ليولي وأنا أدافع عنها وأدعمها طوال الوقت وبشكل علني وفي جميع المحافل.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
الترابي... والبحث عن العنقاء
قلة من الإسلاميين يمتلكون علما ودراية وخبرة وتجارب المنظر العقائدي لفكر الإخوان المسلمين في السودان وشمال أفريقيا وربما العالم العربي د. "حسن الترابي"! فقد درس في الخرطوم ونال الماجستير في القانون من جامعة لندن، وحصل على الدكتوراة من جامعة السوربون، فعمل عميداً لكلية الحقوق بجامعة الخرطوم، ثم صار عضواً في البرلمان.
دخل الترابي في تجربة جعفر النميري "الإسلامية"، ذلك أن الترابي أكاديمية كاملة في التنظير والتبرير، والتلاعب بشواهد التراث والنصوص الدينية ومدلولاتها، والدخول في مختلف "التجارب الإسلامية"!
ترك الترابي سفينة النميري قبل أن تغرق. وعندما قاد الجنرال عمر البشير انقلاب 1989 "الإسلامي"، ضد حكومة الصادق المهدي، أصبح د. الترابي المنظر الأيديولوجي لـ "ثورة الانقاذ" التي قادها الجنرال البشير، حيث مارس تأثيراً كبيراً في الحكومة السودانية، وأصبح رئيس البرلمان السوداني. اختلف د. الترابي مع الرئيس عمر البشير في صراع على السلطة عام 2001، فعمل البشير على تجريده من كل مناصبه ووضعه تحت الإقامة الجبرية حتى أكتوبر 2003.
الترابي رغم كل ثقافته القانونية وتجاربه "وضع ضحية" اثنين من جنرالات جيش السودان في محاولاتهما توظيف الدين لدعم انقلابهما على الديمقراطية!
لم تكن هذه صدمة الترابي الأولى مع تجارب تطبيق الشريعة، فالتجربة الأولى كانت مع الجنرال جعفر النميري، الذي أشاد به مرشد الإخوان في مصر كذلك، مثلاً في مجلة "الأسبوع العربي" 27/4/1984، حيث قال المرشد الأسبق عمر التلمساني:"أسعدنا أن تطبق حكومة السودان شرع الله في عباداتها ومعاملاتها، ونحن لا نجري وراء الشائعات التي تريد أن تشوه جمال هذا الاتجاه، وتحرص على أن تشككنا في كل اتجاه إسلامي تقدم عليه دولة من دول الإسلام. نحن مع هذا الاتجاه ونؤيده ونتمنى نجاحه، وسمعنا عن أحد الصادقين في السودان أنه بعد تطبيق الشريعة الإسلامية، انخفضت نسبة الجريمة في السودان من 87% إلى 40%، وحسبك هذا تقدماً في الخير".
تحالفت الحركة الإسلامية السودانية بعد عام 1977 مع نظام جعفر النميري، وهو حكم دكتاتوري غير ديمقراطي وكذلك "غير إسلامي" بحسب وصف الحركة. ورأت الحركة الإسلامية في إعلان النميري للقوانين الإسلامية في سبتمبر 1983 نجاحاً لاستراتيجيتها، ودليلاً على بعد نظرها مقارنة بالأحزاب الأخرى التي عادت إلى معارضة النظام مرة أخرى. ولكن قوانين سبتمبر الإسلامية جاءت لتمنح الدكتاتورية العسكرية شرعية دينية مقدسة تسكت بواسطتها أية معارضة أو اختلاف. وصرح د. الترابي الذي أشرف على وضع تلك القوانين، بأنه اتفق مع الصادق المهدي بعد عام 1986 على أن يستدعيا علماء دين بقصد تقييم القوانين القائمة. وقد قيم العلماء تلك القوانين وأبدوا جملة من الملاحظات عليها، وطالبوا ببعض التعديلات. ولكن قبل ذلك لم يكن الترابي يقبل أي نقد لهذه القوانين، وبالفعل تمت معاقبة بعض المفكرين والساسة السودانيين بسبب رفضهم هذه القوانين. فقد نقدها الصادق المهدي في عدد من الجوانب، منها:
إن القوانين جاءت مخالفة لكل أقوال الدعاة الإسلاميين وآرائهم. مثال ذلك أنها بدأت بتطبيق الحدود، ولم تسبق الحدود أية إجراءات وقائية، كما تخلت عن وسائل لإثبات الشرعية المتشددة. لذلك أكثرت من إقامة الحدود، فقد قطعت أيدي أكثر من مئة شخص في ظرف عام واحد.
ورغم تأييد مرشد الأخوان الأسبق في مصر وزعيم الإخوان ومنظرهم في السودان لهذا التطبيق المرتجل والمتعجل للشريعة، ولما سمته سلطات النميري بالنظام الإسلامي، فإن بعض أهم مفكري التيار الإسلامي كان يحذر من عواقب مثل هذا التطبيق. ومثل هذه التحذيرات والتنبيهات لإعداد المجتمع، ولصعوبات تطبيق الشريعة ومشاكل إقامة النظام الإسلامي، رغم تداول بعضها في أوساط الجماعات الإسلامية وتظاهرهم بالاقتناع بها، إلا أنهم عادة من أسبق التيارات السياسية إلى تأييد كل انقلاب وكل انتفاضة وكل تجربة تزعم أنها بصدد تطبيق الشريعة وإقامة النظام الإسلامي، بل إنهم يرون في تأييد مثل هذه المحاولات المتخبطة المرتجلة، من باكستان إلى أفغانستان إلى السودان، واجباً شرعياً يؤثمون إن لم يقوموا به، "نصرة" للوليد الجديد! فقد اشتمل قانون العقوبات "الإسلامي" الذي أتى به جعفر النميري على مواد عديدة كانت تخدم تكريس الاستبداد السياسي وتحاول أن تسكت أية معارضة محتملة، وتضمن هذا القانون مواد من قانون أمن الدولة، مثال ذلك المادة (96).
وكانت "الجبهة الإسلامية القومية"، كما تسمت فيما بعد، تشارك في الانتخابات، وتحرز أفضل النتائج، وتهاجم الديمقراطية في الوقت ذاته، مطالبة بـ "الجهاد من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية لأن الديمقراطية لا تعبر عن تطلعات الشعب الدينية".
ولم يمض على هذه الحملة سوى شهرين، إلا وقد استولت مجموعة من الضباط الموالين للجبهة على السلطة في انقلاب 30 يونيو 1989.
وعندما سئل السيد "مصطفى مشهور" مرشد الإخوان في مصر، عن انقلاب "الجبهة الإسلامية في السودان"، لم يُذكّر السودانيين والمصريين والانقلابيين باحترام الديمقراطية، ودروس تجربة النميري، التي أيديها مرشد الإخوان السابق "عمر التلمساني" بحماس فائق. بل علق "مصطفى مشهور" على هذا الانقلاب قائلاً:"نحن نعلم أن لكل بلد ظروفه، وقبل انقلاب البشير كانت حالة السودان أيام الصادق المهدي سيئة جداً، وكان العجيب حقاً، أن د. حسن الترابي من كبار منظري "الديمقراطية الإسلامية"، وقابلية الإسلام لتبني وإعادة تشكيل المبادئ الحديثة. ويرى أن المسلمين لا يستطيعون الاستمرارية في تجاهل أهمية الديمقراطية التي طرحها الغرب. فلابد أن تكون الديمقراطية جزءاً من تجديد الفكر الإسلامي الحديث، وربطها بالفقه السياسي الإسلامي!
فكر نظري عصري وليبرالي في خارجه كما يبدو. ولكن د. الترابي رغم كل ثقافته القانونية وتجاربه "وضع ضحية" اثنين من جنرالات جيش السودان في محاولاتهما توظيف الدين لدعم انقلابهما على الديمقراطية!
ليست هذه هي القضية في مقالنا هنا، بل القضية الجديدة أن الترابي قبل أسابيع، شنّ من شرق السودان، كما جاء في الصحف، هجوماً عنيفاً على حكومة خصمه اللدود الرئيس السوداني "عمر البشير". وقال "إنها قدمت نموذجاً سيئاً للإسلام"، كما اتهمها مجدداً بالفساد. ووصف بيعة القبائل للرئيس بشير بأنها "تلاعب صريح بالدين"، وقال إن البيعة لله وحده. وقال إن الحكومة مليئة بالفساد والمفسدين، والسودان قد تصدر قائمة الفساد في العالم، ولا حكومة تمارس الفساد، وقال إن الوظائف صارت محتكرة على أقارب المسؤولين من أسرهم وذويهم وأصهارهم. وقال د. الترابي إن الحكومة قدمت نموذجاً سيئاً للإسلام الذي أصبح مجرد شعارات، ووصف الحكومة بأنها متسلطة، وقال المتسلطون من الحكومة فعلوا بنا الأفاعيل، وأوقفوا الشعائر الدينية.
ورفع الترابي من جديد راية الديمقراطية، مطالباً "بإقامة الشورى والعدل والحرية لكل الأحزاب والمواطنين، وتطبيق الحكم اللامركزي، وإيقاف تعطيل الصحف وحجز الصحافيين". واتهم الترابي الحكومة بإهمال الريف السوداني، وقال إن السودان الآن معرض لخطر الانقسام أكثر من أي وقت مضى، وأعرب عن استعداد حزبه للاتحاد مع الأحزاب القائمة على الدين، متى ما رجعوا إلى أصول الدين لأن المد الإسلامي "أصبح يعم العالم". (الشرق الأوسط، 13/1/2008). متى يرتاح د. الترابي بالوصول إلى "النظام الإسلامي" المنشود...ومتى يرتاح منه!
تعليق