من يعارضني إن قلت : كل شيءٍ في الماضي لم يعد هو في الحاضر ، فقد اختلف كليـًا ، فلا الناس هم الناس ، ولا الحيوانات هي ، ولا حتى الحشرات ..؟!
أذهب بصحبة أبي رحمه الله ، وعمي عطية من ( الحجرة ) إلى مكة ، وعلى مقربة منها وبالتحديد في مكان يسمى ( الشعيبة ) نتوقف لكي ننام ..!
نام أبي وعمي ، أما أنا فقد كنت ضيفـًا عزيزًا على ( النامس ) الذي من فرط فرحته بي لم يترك جزءًا من جسدي إلا ومنحه ( قبلة ) احترامٍ وتبجيل ..!
سهر معي ، وقد كنت كريمـًا معه لدرجة أن منحته من دمي ما يجعله يبات في ( شبعٍ ) لم يعتد عليه ، فالجميع هناك يبخلون عليه بدمائهم ويضنون ، أما السوادي محمد فلا ..!
بزغ الفجر ولاح ، وارتفع حي على الفلاح ، فأيقظت ( صاحبيّ ..!
يقترب أبي فيحدق في وجه ابنه الذي أصبح ( أحمر ) وكأنه ( محصوبٌ ) ..!
ما هذا .؟!
ألم تتدثر عن ( النامس ) ..؟!
لا ، فقد أخذ ( اليماني ) غطائي حين شحت الأغطية ليعطيه صاحبه ..!
للحق ، لم ينلني من (نامس) الماضي غير تلك (الحبوب الحمراء ) التي ذهبت خلال أسبوعٍ ، فعلى ما يبدو أنه كان نظيفـًا لا يحمل ( الجراثيم ) التي تسبب الأمراض المعدية ولا عجب فذاك الزمن يتسم بالنظافة ..!
قبل مدة ليست بالطويلة ، وفي طريقي إلى قريتي ، توقفت في المكان ذاته ، هي الذكرى ولا شك التي ألحت عليّ وعزمت ..!
تقع ( ناموسة ) على ذراعي ، فابتسم وأقول في نفسي لا ضير ، فقد أكرمت آبائك في زمن خلا ولم أبخل ، ولن ..!
ابتسامتي تلك ، وكرمي ذاك كادا أن يفقداني ( ذراعي ) ، فقد ( تورّم ) حتى أصبحت لا أقوى على حمله ..!
ثلاثة أيام قضيتها في ( المشفى ) تساوي في ألمها عمري كله ، وأي ألم أقسى من نظراتٍ وتشاورٍ بين الأطباء وتلميحاتٍ بأن (البتر) ربما كان آخر الحلول ..؟!
تعافيت بفضلٍ من الله ، وخرجتُ وأنا أفكر في التغيّر الذي طرأ على ( نامس ) اليوم ، وكيف أضحى يحمل الموت إن لم يكن هو ..؟!
هو (نامس) قد لا نلقي له بالاً ولا نهتم لأمره ؛ لصغره وضآلته ، لكنه غدا أخطر من الثعابين والعقارب ..!
مؤذٍ ورب الكعبة ، مؤذٍ ..!
عجبـًا ، لهذه المتغيرات التي تتخذ المسار الأسوأ ، فحتى النامس به عبثت ..!
السوادي
تعليق