أخي الكريم الشعفي
الإخوة الكرام رواد المنتدى
أعلم أني ربما الوحيد الذي عق هذا المنتدى من المشاركة فيه وما ذلك إلا لانشغالي كثيرا مما يجعلني بعيدا عن الموقع بشكل عام
لكني اليوم سأشارككم بخطبة جمعة القيتها في عدة قرى في المنطقة عسى أن ينفع الله بها
الإخوة الكرام رواد المنتدى
أعلم أني ربما الوحيد الذي عق هذا المنتدى من المشاركة فيه وما ذلك إلا لانشغالي كثيرا مما يجعلني بعيدا عن الموقع بشكل عام
لكني اليوم سأشارككم بخطبة جمعة القيتها في عدة قرى في المنطقة عسى أن ينفع الله بها
بسم الله الرحمن الرحيم
( الخطبة الأولى )
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خالق الخلق ومدبر الأمر له الفضل الكبير وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله الرحمة المهداة والنعمة المسداة والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ... أما بعد :
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ))
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ))
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءً واتقوا الله الذي تساءَلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ))
يا غراساً في ضمير الأفق والحلم الجميل
يا خطاً وثابة تعدو على الدرب الطويل
إنني ألمح في أعينكم ألف دليل
إنني ألمح سر الفجر أعراس النخيل
وأرى جيلا من الإيمان يأتي بعد جيل
يا أحبائي ويا عطر وجودي
يا كنوز الأرض يا أحرف ميلادي الجديد
أنتم المستقبل الوعد وإيقاع النشيد
أنتم النبع الذي يتدفق في كل صعيد
إنني لا أملك اليوم سوى بعض الحروف
صغتها من أجلكم يا برق أنصال السيوف
أيها الأفاضل :
إننا حين نتأمل كثيرا في علاقات المسلمين تنقلب أبصارنا خاسئة حسيرة على روابط تمزقت وعرى تخلخلت لظنون وريب وشكوك وأوهام .. فكثيرا ما يطرق أسماعنا في مجالس المسلمين العامة والخاصة فلان قصد كذا ونوى كذا وأراد من فعله أو قوله كذا سوء ظن مقيت يؤجج مشاعر الحقد والكراهية يهدم الروابط الاجتماعية ويزلزل أواصر الأخوة يقطع بحبال الأقربين ويزرع الشوك بين أفراد المجتمع بل كم رأينا وسمعنا أحداثا جساما وكوارث سود نتيجة سوء ظن جاء في غير محله .. إذا تسرب
سوء الظن إلى النفوس أدى بها إلى الاتهام المتعجل وتتبع العورات وتسقط الهفوات والتجسس الدنيء ولذا نرى من يسيء الظن يقول سأحاول أن أتحقق فيتجسس ويغتاب ويذكر أخاه بسوء فيرتكب ذنوبا مترادفة ومعاصي قاصمة وهنا مكمن الخطورة أن تبنى على أوهام سوء الظن علاقات المسلمين وتؤسس علاقاتهم وولاءاتهم فتغدوا الظنون محور الحب والبغض وهذا وأد لمشاعر الود وهدم لمعاني المحبة إن شيوع سوء الظن يؤدي إلى أن يتراشق الناس بالتهم ثم يسحبون الثقة من بعض فيتباغضون ويتدابرون ويتقاطعون الأمر الذي يؤدي إلى ذهاب ريحنا وفشلنا .
يا عقلاء :
الظن مبني على التخمين بسبب كلمة أو عمل محتمل والظن يجعل صاحبه خاضعا لما في نفسه من تهمة لأخيه المسلم فيتحكم الظن في التسويلات النفسية والاتجاهات القلبية حتى نجد من يظن السوء يحمل لمن يظن به أطنانا من التهم بناها خياله وكلستها أوهامه نتيجة سوء ظنه بأخيه .. بل إن تحية الإسلام إن كانت محفوفة بسوء الظن كانت شتيمة منكرة وإن الإبتسامة إن كانت مقرونة بسوء ظن فسرت استهانة واستهزاء وكذلك العطاء والمدح يفسران على وجه قد يقود إلى المعارك والاصطدام إذا ما قرن بسوء ظن ..
( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ) دل سياق الآية على الأمر بصون عرض المسلم غاية الصيانة لتقدم النهي عن الخوض فيه بالظن فإن قال الظان أبحث لأتحقق قيل له ( ولا تجسسوا ) فإن قال تحققت من غير تجسس قيل له ( ولا يغتب بعضكم بعضا ) ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ) نداء للمؤمنين يأمرهم أن لا يتركوا أنفسهم نهبا لكل ما يهجس فيها حول الآخرين من ظنون وشبهات وشكوك وبهذا يطهر القرآن الضمير من داخله أن يتلوث بالظن السيء فيقع في الإثم ويدعه نقيا بريئا من الهواجس والشكوك أبيض يكن لإخوانه المودة التي لا يعكرها ظن السوء والبراءة التي لا تلوثها الريب والشكوك وما أروع الحياة في مجتمع برء من الظنون ...
حدثنا التأريخ عن سعيد بن المسيب أنه قال : كتب إلي بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا )..
إن هذا المنهج يتأكد مع أهل الفضل والخير وهذا من فقه المقاصد والنيات الذي قد يفوت إدراكه على بعض الناس حين يحكمون على أخطاء الآخرين دون اعتبار حال الشخص ونيته ومقصده فربما تكون زلة لسان ولا يقصد المعنى الخبيث كما بين ذلك ابن القيم رحمه الله حين يقول ( والكلمة الواحدة يقولها اثنان يريد بها أحدهما أعظم الباطل ويريد بها الآخر محض الحق والاعتبار بطريقة القائل وسيرته ومذهبه وما يدعو إليه ويناظر عنه ) ولهذا لم يُحكم بالكفر على الذي أخطأ من شدة الفرح فقالاللهم أنت عبدي وأنا ربك ) لأنه لم يقصد تأليه نفسه .فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان ينقل مقالة بعض المخالفين له ثم يقول (( هذا الكلام فيه إجمال والمحق يحمله محملا حسنا وغير المحق يدخل فيه أشياء )أ.هـ ... فهذا هو المنهج السامق والتجرد الكامل الذي تربى عليه السلف الصالح عدل وإنصاف رسمه للأمة علماؤها لقد حملوا العبارات المحتملة على الوجه الحسن يغذي ذلك صدر سليم وتجرد من الهوى مع سخاء نفس ونصح للأمة فأين نحن من هذا المنهج .. إذ ليس من منهج السلف تأويل الألفاظ وليَّ المعاني والفرح بالعثرات ومعاملة المسلمين بسوء الظن .. ورحم الله القلاعي إذ يقول : ( فقد يوحش اللفظ وكله ود ويكره الشيء وليس من فعله بد هذه العرب تقول : لا أبا لك في الأمر إذا هم وقاتله الله ولا يريدون الذم وويل أمه للأمر إذا تم ومن الدعاء تربت يمينك ولذوي الألباب أن ينظروا في القول إلى قائله فإن كان وليا فهو الولاء وإن خشن وإن كان عدوا فهو البلاء وإن حسن )أ.هـ
ومن سوء الظن يا أيها الناس حمل أقوال الآخرين وأفعالهم على محمل سيء بتضخيم السيئات والنظر إليهم بمنظار الاتهام والإدانه دون البحث عن الأسباب أو التماس المعاذير وتفسير كل قول أو فعل يحتمل وجهين وجه خير ووجه شر بوجه الشر فسبحان الله كيف يحكمون على النيات والمقاصد ؟!!
إن علم خبايا النفوس وأسرارها والمحاسبة عليها من خصائص الله سبحانه وتعالى الذي يعلم السر وأخفى أما الإنسان فليس له من أخيه إلا الظاهر من عمله وهذا ما كان عليه السلف الصالح الذين أشربت قلوبهم تعاليم الإسلام الصافية النقية من كل كدر أخرج عبدالرزاق عن عبدالله بن عتبة بن مسعود قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : ( إن ناسا كانوا يأخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم فمن أظهر لنا خيرا أمنّاه وقربناه وليس إلينا من سريرته شيء والله يحاسبه على سريرته ومن أظهر لنا شرا لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال : إن سريرته حسنه )أ.هـ
فعلى المسلم أن يحاسب نفسه عن كل كلمة يتفوه بها أو حكم يطلقه وليستحضر قوله تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولائك كان عنه مسئولا ) جعلني الله وإياكم ممن حَسُن خُلُقَه كما حَسُن خَلقَه أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
(الخطبة الثانية )
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
فيا مسلمون ..
إن لسوء الظن أسباب أبرزها : نشوء الفرد في بيئة معروفة بسوء الخلق وسوء الظن سواء من بيت أو أصدقاء فيصبح سيء النية خبيث الطوية فمن اتبع هواه وقع في الظنون الكاذبة لأن حب الشيء يعمي ويصم فإذا مال الإنسان بهواه إلى آخر فإن هذا الميل ينسيه أخطاءه ويحمله على تحسين الظن به وإن كان مخطئا في الواقع وإذا أبغض إنسان آخر فإنه لا يميل إليه بهواه فيحمله هذا على سوء الظن وما يتبعه من التماس العثرات وتصيد الأخطاء وإن كان مصيبا في الواقع فبعض الناس يغتر بشخصه ويعجب بنفسه فيرى نفسه دائما على حق والآخرين على باطل ويزكي نفسه ويحتقر الآخرين فيورثه ذلك سوء ظن مقيت .
إن ظاهرة إساءة الظن بالمسلمين قد استشرت في زماننا وأصبحت آفة تهدد الترابط والوحدة بين أفراد المجتمع المسلم وهذا يؤثر سلبا على قوة المجتمع وقدرته على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية .. إن الظن السيء والاتهام والتسرع روع به أناس وظلم به أقوام وهجر به صلحاء دون مسوغ شرعي كما قال الأول ( وأرى العداوة لا أرى أسبابها ) كل ذلك بسبب أخبار مكذوبة وإشاعات مغرضة وظنون آثمة فغيبة نكراء فبهتان وافتراء قال تعالى ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) .
فإذا تقرر لدينا أحبتي الكرام أن سوء الظن آفة مهلكة فلا بد من العمل على العلاج لئلا يستشري الداء ويهلك الحرث والنسل إذ لا بد من علاج سوء الظن
فعلينا إحسان الظن بالناس وتجنب سوء الظن بهم ولذلك من الواجب علينا أن نفكر طويلا قبل أن نحكم أو نتهم فلئن نخطيء بحسن الظن خير وأفضل من أن نخطئ بالتسرع بسوء الظن قال عمر رضي الله عنه ( ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيرا وأنت تجد لها في الخير محملا )...
وعلينا التماس العذر للناس وترك تتبع العورات والبحث عن الزلات كما أدعوكم لتنشئة الأجيال على الالتزام بتعاليم الإسلام وآدابه في الحكم على الأشياء
والأشخاص بالاعتماد على الظاهر وترك السرائر إلى الله وحده الذي يعلم السر وأخفى قال تعالى ( وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ) ..
عباد الله :
صلوا وسلموا كثيرا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعه إلى يوم الدين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وأبرم لهذه الأمة أمرا رشدا يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك يؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلحنا وذرياتنا وردنا إليك ردا جميلا اللهم خذ بنواصينا للبر والتقوى وزك أنفسنا أنت خير من زكى اللهم أعنا يا معين واجعلنا من أوليائك الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك .
اللهم أصلح ولاة أمرنا وأمور المسلمين لما فيه خير لهم ولنا اللهم وفقهم لتحيكم كتابك وسنة نبيك اللهم وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تعينهم على الخير وتدلهم عليه
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى وباسمك الأعظم أن تنصر إخواننا في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال وغيرها من بلاد عاش فيها مسلمون اللهم كن لهم مؤيدا ونصيرا اللهم ارحم ضعفهم واجبر كسرهم وفك أسرهم وفرج همهم ويسر أمرهم واكشف كربتهم , اللهم ارحم الأطفال الرضع والشيوخ الركع والنساء الثكالى اللهم إنهم حفاة فاحملهم وعراة فاكسهم ومظلومون فانتصر لهم اللهم اجمع كلمتهم ووحد صفهم وثبت أقدامهم وسدد رميهم اللهم إن اليهود والنصارى طغوا وتجبروا وبغوا وأسرفوا فاللهم شتت شملهم ومن شايعهم وناصرهم وفرق جمعهم وزلزل الأرض من تحت أقدامهم اللهم انزل على إخوتنا من الصبر أضعاف ما نزل بهم من البلاء يا رب العالمين ..
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
@@@@@@@@@@@@
تعليق