توغلت في سريرتي قناعة مطلقة أن العمل العربي لن يبلغ ذروة تمامه أيا كان الجهد المبذول فيه فربما هذا جزءا من قدر العرب الذين لم ولن يبلغوا الذروة ما لم يعتادوا رسم الاستراتيجيات المقننة لأي عمل ينتج عنهم
( وهذه ليست نظرة سوداوية يا كرام ))
بقدر ما هو واقع مرير وان تنصلنا منه وكابرنا فيه أحيانا ..
** وما زاد من تسليمي المطلق لتلك المسلمة (( لدي )) برنامج شاعر المليون الذي لا أخفيكم سرا أنني احد المتيمين به منذ ساعات ولادته الأولى والتي جاءت بعد مخاض مرير عايشه الوضع الأدبي والشعر النبطي بشكل خاص في المنطقة لذا فرحت ( كما فرح الملايين معي ) بذلك المولود الذي قارب على سن الفطام الآن إلا انه لا يزال يترنح بين (طيحة ) و (قومه) ليثبت على قدميه ويجري بلا حاجة إلى الاتكاء إلى من حوله .. ولعلي أتجاوز كل ما طرح حول البرنامج من نقد واطرأ وان كان الاطرأ غالب الأمر فيه للسبق الذي حازه البرنامج ناهيك عن الرعاية الكريمة التي حظي بها وخاصة من سمو الشيخ محمد بن زايد ومتابعة من هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث وهذه مقومات ندر أن نجدها في عالمنا العربي والشكر موصولا لقطبي الرعاية
** لكن الخلل الكامن في وجهة نظري يقع في الايدولوجيا التي يمارسها السادة أعضاء لجنة التحكيم تجاه المتلقي بظنهم الغير المبرر أن المتلقي العربي لا يمتلك الثقافة التي تخوله من فك طلاسم تلك القصائد والإسقاطات التي ينهجها بعض الشعراء في قصائدهم لذا تراهم يعلقون دوما تحليلاتهم النقدية على شماعة الإفراط في الرمزية وكأن المتلقي قاصر عن فهم تلك الرمزية ولنفترض ذلك جدلا فكان حلي باللجنة الموقرة السعي إلى فك طلاسم تلك الرمزيات وإيصال المضمون السليم لتلك القصائد إلى المتلقي بدلا من التحجج بان القصيدة لن تصل إلى المتلقي وبذلك يصادرون الملكية الفكرية للشاعر بطرح رواءه كيفما شاء ويقتلون جزاء من موهبتة الشعرية ويتجهمون بغير وجه حق على المتلقي ..
** أنا لست ناقد يملك مقومات النقد الأدبي من (( فالك وأخواتها )) ولكني اعتقد أن ثقافة المتلقي باتت تتفوق على ثقافة بعض أعضاء اللجنة أن لم يكن جهلهم لذا فلم تغب عن أغلبة المتلقين البسطاء أمثالي طبعا ( قياسا على نظرة اللجنة ) الرمزية التي اتسمت بها قصيدة ناصر الفراعنة وكذلك قصيدة الشاعر السوري نزهان الشمري ومن قبلهم قصائد عبدالرحمن الشمري وغيرهم ممن نهجوا الرمزية المفرطة والإسقاطات المتعددة سواء السياسية او غيرها إلا اللجنة طالما وقعت في فخ ( الرمزية ) الذي يحيك شراكه حولهم بعض الشعراء المشاركين فتجدهم غالبا ما يعلقون على القصائد بأنها دمغت برمزية غير مستساغة (( لعدم مقدرتهم على فك طلاسمها أحيانا )) فيكون مخرج الطوارئ لهم القراءة خارج النص والتنقيب في قشور خارجية يمكن لطالب الصف الأول الابتدائي الإسهاب فيها إلى جانب المدح المقصود في أصل الشاعر ونسبه وحسبه ناهيك عن فالك ( المليون .. اللجنة .. البيرق ) في جنوح واضح عن صلب المهام المسندة إليهم كلجنة نقد تزيد من جماليات القصيدة او تلغي وجودها في قاموس الشعر النبطي الراقي وبهذا تتربع اللجنة على مقاعد (سنة أولى نقد ) ..
** ربما لهذه الايدولوجيا المتبعة لدى اللجنة مع اغلب الشعراء مبررا يستلهمه الملتقي الفطن يمثل في قصور الثقافة النقدية لدى بعضهم إلا أن تلك الايدولوجيا النكراء ليست مطلقة مع كل ممن جلس على ذلك الكرسي الملتهب فربما أن اللجنة أيقنت أن هناك خطوط حمراء لبعض المشاركين لا يمكن تجاوزها والدليل على ذلك قصيدة ناصر الفراعنة التي كانت غاطسة في الرمزية إلا أن اللجنة وعندما أدركت المأزق الحقيقي لذلك لم تبدي اشمئزازها من القصيدة ولم تستعر شماعة الرمزية ربما تخوفا من ردة فعل الجمهور والنقاد أو لمكانة الشاعر المعروفة إقليميا لذا كانت مخارج الطوارئ مشرعة الأبواب لهم عدا الدكتور الفاطن غسان الحسن الذي بالفعل يعد الوحيد في اللجنة الذي يمتلك مقومات النقد ويقرا النص قراءة نقدية تزيد من جماليات القصيدة لذا كان تعليقه على قصيدة الفراعنة إضاءة فريدة زادت من توهج النص لدى المتلقي ..
أنا لست ضد اللجنة ولكني اطمح في مزيدا من الطرح البناء لنرى شاعر المليون شاب فتيا لا يمكن لا حد صراعه أو مقاومته ..
همسة :
كلنا كالقمر .. له جانب مظلم
تعليق