هذه ليست إحدى ( نوفلز )شكسبير الأدبية بل هي نوع من الايدولوجيا التي نخالها واقعا ملموسا رغم البون الشاسع بين الشخصية الرمزية بها ومابين ما قد يشوش على بعض بنات الأفكار لدى المتلقي لكن فقط أحببت المشاركة بشئ من قديم الجعبة لدي والسمووووووحة ...
**********************
صراعي مع عريفة القرية
عندما كنت في أيام الصبا كنت اعشق ( العريفه )..
ولا أظن أحدا لا يعرف ( العريفه ) ..
فهو رجل السلطة الأول في قريتي المتواضعة ..
كان ( العريفه ) بالنسبة لنا كل شئ .. فهو القائد الهمام وسيد القوم المهاب والإمبراطور في بلد اللامبراطورية ..
لم يكن بحاجة للأمر والنهي.. فإشارته ولمحاته بالنسبة لنا اشد وطأ وأدهى ..
صدر المجلس مكانه المعتاد ...وكلامه لا يعلوه كلام ..
* كانت أمنيتي المقدسة .. ( مخاواة ) العريفه .. والسفر معه لا لشئ سوى رغبتي الجامحة للتوغل في شخصيته القيادية ..إلا إن صغر سني حال بيني وبين مبتغاي .. ومع هذا كان ( العريفه ) يراني في الطرقات وأحيانا في المناسبات فيرمقني بنظرات عجلة ثم يغيب .. لم أكن استطيع تمييز تلك النظرات بين نظرة إكبار أو استحقار ..
ولان ( العريفه ) شخصية اعتبارية لم يستطع منعي من متابعته يمنة ويسرة وان كان ذلك يضايقه أحيانا ..إلا انه دائما ما يوحي لي بامتعاضه الشديد من خلال توجيهاته العامة للآباء بعدم اصطحاب الأبناء إلى المناسبات ..
وفعلا .. نجح العريفه في إبعادي عنه حيث حرمت من ( العزائم ) بأمره النافذ الذي لا سلطان لنا به ..
ولان قلبي كان ابيضا كبياض ثياب العريفة الفاقعه ..تلقيت أوامره برضى تام وان كنت لا ملك سوى ذلك أنذالك ..
وانصرفت إلى أقراني العب معهم في الطين والرمال ..
حيث قررنا أن نبني قرية صغيرة منازلها من الطين الذي نلعب فيه دوما
وبالفعل شرعنا في البناء .. كنا مجموعة من الصبيان أصغرنا سنا هو ابن
( العريفه ) الذي كان لا يحب العمل الجماعي ويميل إلى الكسل والنوم ..
أنجزنا المشروع الحلم في لمح البصر وبنينا القرية الصغيرة على تلك الربوة المطلة لنظيرتها الكبيرة ..
كل شي بين القريتين كان متشابها إلا شيئا واحد لم يدرج في قواسمها المشتركة انه ( العريفه ) حيث لا يوجد لدينا عريفه ...
شاورت رفاقي حول هذا النقص المشين .. فلن يبلغ البنيان تمامه دون
( العريفة )
وافقني الرفاق على الفكرة وقررنا تعين (عريفة للقرية) يكون ذا صلاحيات محدودة..
وكانت المفاجأة ..حيث انتخبوني لأكون عريفه القرية الصغيرة ..
طرت فرحا .. بل وكدت ملامسة السماء بأناملي ..فقد أصبحت
( عريفة القرية ) ..
وما هي إلا ساعات من فرحتي وقبل أن أمارس صلاحياتي المحدودة .. تسرب النبأ إلى العريفه الذي هرول إلينا والغضب يحدوه وفي يديه ( الصميل ) .. تعالت صيحات الرفاق الصغار ..
( العريفه جاء .. العريفة جاء )حتى وصل الينا وصرخ قائلا :
من بنى هذه القرية ؟! ..
عم الصمت الوجود . ولم يجبه احد ..كرر السؤال ولكن دون جواب ..
نظر إلى الجميع والخوف يتغشاهم .. وكأنهم يريدون مني ممارسة صلاحياتي الممنوحة لي بالإجماع ..
وبالفعل .. قلت له : نحن و أنا هنا عريفة القرية ..
استشاط غضبا وقال : ولماذا لا يكون ابني عريفتها يا هذا ..
أجبته لم يختاره أحدا .. فثار غضبه وحطم القرية الصغيرة برجليه وبدا يلاحقنا في كل صوب بصميله المتهالك ...
لم نستطع الوقوف في وجهه فهو صاحب الصلاحية المطلقة التي اكتسبها من صمت أنداده بالقرية .. لكننا لم ننسى ذلك ..
ومرت الأيام تلو الأيام ..ورحلت عن القرية حيث استقر بي الحال في المدينة ..
وسط حي مبتدئ ..استطعت فيه أن أحقق أحلامي التي لم نستطع تحقيقها هناك .. بسبب العريفة طبعا ..ونفذت كل أمالي وتطلعاتي حتى اكتسبت شعبية جامحة في ذلك الحي وأصبح صوتي مطاعا بينهم وطلبي ملبا فيهم
ولكن .. لم يدم الحال كثيرا فأثناء تجولي في الحي استوقفني منزلا شبه مهجورا في أقصى جنبات الحي.. سالت عنه .. قيل : ذلك ساكنا جديد بالحي .. فقررت زيارته والتعرف عليه ..
قرعت الباب .. وفتح لي .. فكانت الطامة .. ( انه العريفه ) نعم هو بشحمه ولحمه ..فقد هاجر أبناء القرية التي يحكمها فقرر الهجرة أيضا ..ولأنه يحب السلطة .. ويموت في الفشخرة طلب مني طلبا غريبا ..قال : أريد العمودية في هذا الحي .. فادعمني بعلاقاتك وشعبيتك الجامحة ..
ومابين تفكيري في دعمه للحصول على عمودية الحي بعد ان حرمني من عرافة القرية الصغيرة ايام صباي ..
دق جرس المنبه بجواري لاستيقظ قبل أن انصب العريفة عمدة بالحي .. وأتحرر من (كابوس عريفة القرية ) !!!...
تعليق